التنافس السلبي في العمل التجاري في المملكة
التاريخ: 5/9/2001 م
* هناك ظاهرة فريدة في العمل التجاري في المملكة قد لا تجد لها مثيلا في مكان آخر في العالم وهي ضخامة عدد الوحدات الممارسة لنشاط تجاري معين مقارنة بحجم الطلب الفعلي على خدماتها. فعلى سبيل المثال تنتشر المجمعات التجارية في مدن المملكة وتزداد اعدادها رغم معاناة معظم القائم منها من تدن في اعداد المتسوقين اجبر المحلات التجارية فيها على الاغلاق. وفي شوارع مدن المملكة الرئيسية تنتشر المحلات التجارية بكثافة غير عادية بحيث ان شارعاً قد لا يزيد طوله على كيلو متر واحد قد تجد فيه العديد من المحلات التموينية.. حتى المصانع التي يفترض انها تقام بناء على دراسة جدوى اقتصادية اكثر تقدما نجدها هي الاخرى تعاني من الظاهرة نفسها، ففي حين نجد ان المملكة قد تستورد كل حاجتها من منتج معين نجد المصانع المنتجة لسلعة اخرى تبلغ طاقتها الانتاجية اضعاف حجم الطلب المحلي.
هذه الظاهرة بالاضافة لما تمثله من هدر لموارد البلاد المتاحة للاستثمار فانها ايضا تحمل انعكاسات سلبية على العمل التجاري وقوة ومتانة وحدات القطاع الخاص. فتدني هامش الربح يجعل تلك الوحدات في موقف لا تستطيع معه الاستمرار الا من خلال الاعتماد الكامل على العمالة الاجنبية منخفضة الاجر وتهيئ بيئة مناسبة لانتشار التستر التجاري. واضطرار المحلات التجارية لتعويض القصور في حجم الطلب من خلال زيادة ساعات العمل اليومية او حتى العمل على مدار الساعة اوجد بيئة عمل غير مقبولة للمواطن السعودي وجعل من غير الممكن سعودة وظائف تلك الوحدات.
والحقيقة ان المنافسة المترتبة على العولمة ستحمل لا محالة تحديات كبيرة للوحدات الانتاجية في الدول النامية ومنها المملكة. فمهما بذلت هذه الوحدات من جهود لرفع كفاءتها الانتاجية وقدرتها التنافسية فانه من غير المحتمل ان تصبح قادرة على المنافسة على قدم المساواة مع شركات عالمية عملاقة تمتاز باقتصاديات الحجم الكبير ولا تألو جهدا في الرفع من كفاءتها من خلال الاندماجات المتتالية بين العديد من كبريات الشركات العالمية. وانضمام المملكة الى منظمة التجارة العالمية يتوقع ان يؤدي الى منافسة غير متكافئة بين المنتج السعودي والاجنبي لما قد يترتب على هذا الانضمام من تخفيض في الرسوم الجمركية وحد لقدرة المملكة على توفير الحماية لمنتجاتها الوطنية.
ومن ثم فانه من المؤكد ان تواجه المنتجات السعودية منافسة اكثر حدة ليس فقط على المستوى العالمي وانما ايضا على المستوى المحلي. مما يعني ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة غير الاقتصادية وبذل جهد مضاعف لرفع كفاءة الوحدة الانتاجية في المملكة، وقد يكون هناك حاجة ملحة لقيام المصانع السعودية التي تنتج سلعا متماثلة بالاندماج فيما بينها مما يرفع من حصتها في السوق المحلية ويزيد من قدرتها التنافسية ويجعلها في موقف افضل في مواجهة تحديات العولمة.
ان التنافس السلبي في العمل التجاري في المملكة يحمل دلالات واضحة على وجود موارد ضخمة متاحة للاستثمار لم تجد القنوات المناسبة لاستغلالها مما يتطلب وضع الخطط الكفيلة بتوجه تلك الموارد نحو مجالات استثمارية ذات جدوى اكبر ووقف هذا النزف الخطير في موارد الاستثمار في المملكة، كما تؤكد ضرورة تدخل الجهات المعنية بوضع الضوابط الكفيلة للحد من التنافس غير المبرر في الانشطة المتماثلة وتقديم المشورة للمستثمرين مما يحميهم من الضرر المترتب على هذا الاجتهاد الاستمثاري غير المدروس والمفتقر الى الابداع والذي اصبح يمثل عائقا امام تطور ونمو القطاع الخاص وسيحد من قدرة الاقتصاد السعودي على المنافسة عالميا.
|
 |
 |
|||
 |
 |
||||
المفضلات