التلمود

يدَّعي اليهود أن التلمود هو مجموعة التعاليم الشفوية التي تلقاها موسى – عليه السلام – من الله يوم تلقى التوراة, فأما التوراة فمكتوبة, وأما هذه التعليمات فبقيت شفوية يتناقلها الأحبار جيلا عن جيل عن موسى, حتى ظهر الحاخام – يوحناس سنة 189 م – فدون هذه التعاليم في كتاب أطلق عليه اسم – المشنا – مدعيا أنه يخاف عليها من الضياع, ومعنى المشنا : المتنى والمكرر لأنها تعتبر تكملة للتوراة وتكرار وتثنية لها, ثم أضاف إليها الأحبار بعد ذلك شروحا وتعليقات, وقسموها إلى سبعة أبواب هي : الزراعة والأعياد والتعويضات والنساء والذبائح والوقوف والطهارة, ثم شرحت هذه المشنا باللغة الأرامية وسموا شرحها – الجمارة – أي التكملة, وقام بالشرح المذكور مدرستان :

1- مدرسة أحبار بابل, وسمي هذا الشرح التلمود البابلي.

2- مدرسة أحبار فلسطين, ويسمى الكتاب المكون من المنشا والجمارة الفلسطينية, تلمود أورشليم, وبعد إتمام شرحه أصبح عبارة عن موسوعة تتضمن الشريعة والتأملات المتيافيزيقية, والتاريخ والآداب, والعلوم والزراعة والصناعة والمهن والتجارة, والربا والضرائب وقوانين الملكية والري والميراث وأسرار الأعداد والفلك والتنجيم وغيرها حتى العلاقات الخاصة بين الرجل وزوجته.

وتلمود بابل مقدس عند اليهود وأفضل من التوراة ومن تلمود أورشليم, وتبلغ صفحاته نحو ستة آلاف صفحة, وفي كل صفحة نحو أربعمائة كلمة.

وقد دون اليهود في التلمود من الأحكام والتعليمات ما يبرز وضعهم الاجتماعي والسياسي, وما يغرس في نفوسهم ونفوس أجيالهم اللاحقة احتقار المجتمع البشري, ويشحنها بالحقد عليه وحب الانتقام منه وتبرر أكلهم أموال الناس والسطو على أرواحهم وأعراضهم.

نماذج من التعليمات الواردة في التلمود :

يعتقد اليهود أن التلمود وجد فبل الخليقة, ولولاه لزال الكون خالفه يموت, ومما جاء في التلمود – أن الله قد منح السلطة لليهود, وعلى جميع ممتلكات كل الشعوب – وأن الله سخر لشعبيه المختار الحيوان والإنسان لأنه يعلم أن اليهود يحتاجون لنوعين من الحيوان, نوع أخرس كالدواب والطير ونوع الناطق كالغوييم – وهم البشر غير اليهود – وقد خلقها الله على هيئة اليهود ليسهل عليهم تسخيرها ومنه : - أن أموال غير اليهود, تعتبر المال المتروك الذي يحق لليهود الاستيلاء عليه – ومنه : - لولا اليهود لارتفعت البركة من الأرض, واحتجبت الشمس, وانقطع المطر-.

ومنه : لا يمكن نقض تعاليم الحاخامات ولو بأمر من الله.

ويؤكدون هذه الوصية بأنه سبق أن وقع خلاف بين الله من ناحية وبين حاخامات اليهود من ناحية أخرى, وبعد أن طال الأخذ والرد, تقرر إحالة الموضوع برمته إلى أحد الحاخامات ليصدر حكمه النهائي في الأمر الذي جاء في صالح الأحبار, مما اضطر الله إلى الاعتراف بخطئه والاعتذار للحاخامات.

ومن تعليمات التلمود أيضا :

1- النعيم مأوى أرواح اليهود, ولا يدخل الجنة إلا اليهود.

2- الأجانب – غير اليهود – كالكلاب, والكلب أفضل من الأجنبي لأنه مصرح لليهود أن يطعم الكلب ومحرم عليه إطعام الأجنبي.

3- يجب على اليهود أن يبذل جهده لمنع امتلاك باقي الأمم في الأرض لتبقى السلطة لليهود وحدهم.

ولا بد في النهاية من الإشارة إلى أن التلمود أخطر كتب اليهود على الإطلاق, وهو كما رأينا مستقل بذاته على التوراة وعن أسفار العهد القديم.

أسفار العهد القديم :

أما أسفار العهد القديم فهي مجموعة من المقالات الدينية والأناشيد الحماسية, كتبها أنبياء إسرائيل بعد سنوات السبي البابلي وخراب بيت المقدس في بداية سنة 597 قبل الميلاد إلى سنة 70 ميلادية.

وأهم هذه الأسفار هي : سفر عزرا – سفر نحميا – سفر أخبار الأيام – سفر أشيعا – سفر يونان الرمزي – سفر زكريا – سفر المزامير – سفر رؤيا باروخ – سفر أسدراس الثاني.... وغيرها.

ففي سفر الأحبار مثلا يتحدث الكاتب عن مملكة – يهوذا – بعد الغزو البابلي قائلا : لقد سبي الجيش البابلي قائلا : لقد سبى الجيش البابلي كل ما حوته مملكة يهوذا من ثروة فكرية وفضائل خلقية, وأن المصيبة لم تقتصر على تجريد يهوذا من أهلها بل أن البقية منهم أنساهم اختلاطهم بالشعوب الفلسطينية الأخرى – وكلهم في نظره وثنيون – أنساهم هذا الاختلاط – يهود - وأضلهم عن الإيمان, وقربهم إلى الوثنية قربا أفقدهم كل قيمة ووزن من الناحية الدينية... أما – الدم الأزرق – فقد احتفظ بنقائه في بابل وهو يدعوهم إلى التشبث بالإله – يهود – وعدم الزيغ عن دين موسى.

وفي سفر عزرا دعوة حارة للتمسك بناموس موسى وجعله دستورا للدولة المجددة.

كما نجد أن أحد أبنائهم وهو – حزقيال – يكتب في أحد الأسفار المذكورة أن إله بني إسرائيل, هو الإله الواحد والحق الأعظم, وأن الكارثة التي حلت بصهيون والتي تنبأ لها الأنبياء من قبل ليست دليلا على ضعفه ولكنها عقاب لأنام شعبه أثبت بها عدله وبره للذين لا يتزحزح منهم أبدا.

وتستمر الأسفار كلها في النسيج على هذا المنوال في محاولة أعباء لتخفيف أعباء كارثة الغزو والدعوة لإعادة بناء المدينة المخربة, والتمسك بشريعة موسى كما جاءت في التوراة.

ولكن اليهود عكفوا على كتاب التلمود, يتخذونه منهجا ويحرصون على تطبيق وصاياه بكل فخر واعتزاز.

وعن طريق فهم اليهود ومعتقداتهم, ندرك البعد الحقيقي للعمليات المتواصلة, في الاعتداء على المسجد الأقصى عدة مرات ....

فطالما ظل الصهاينة يحتلون القدس, فإن مصير المسجد الأقصى مهدد بالتخريب لأنهم يعتقدون أنه بني على أنقاض هيكل سليمان, والأحزاب الدينية تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتدمير المسجد, فإذا كان ادعاء إسرائيل بأن الذي أحرق المسجد كان معتوها, فلن تعدم إسرائيل معتوها آخر يمكن أن يضع الديناميك في أركانه.

لهذا فإن تعاليم التلمود هي أخطر وصايا الأحبار على الإطلاق !