لرأي الاقتصادي

تريليون دولار

التريليون يساوي ألف بليون (مليار) او يساوي مليون مليون, وهذا رقم خيالي يصعب أن يتم استيعابه او تصوره, ولكنه يمثل آخر تقدير للاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية, وذلك حسب ما ورد مؤخرا في مقال بصحيفة الـ(وول ستريت جورنال) المحترمة.

ولو لم يكن لدينا ثقة كبيرة في هذه الصحيفة وما يصدر فيها لما صدقنا مثل هذا النبأ, تريليون دولار تساوي حوالي عشرة اضعاف إجمالي الناتج المحلي للاقتصاد السعودي, وتساوي اكثر من اجمالي ايراداتنا من النفط لحوالي عشرين عاما, ولو تم توزيعها على عشرة مليون سنة من سكان المملكة لكان نصيب كل رجل وإمرأة وطفل حوالي اربعمائة الف ريال.

هذا الرقم المهول لابد وان يستفزنا لعدة تساؤلات - على رأسها اذا كانت هذه الاستثمارات هي في الولايات المتحدة الامريكية فقط, فيا ترى ما هو اجمالي الاستثمارات السعودية في كافة دول العالم, ولماذا لاتعود هذه الاستثمارات الضخمة الى وطنها, وما الذي سوف يحدث لو عادت هذه الاموال او حتى جزء بسيط منها إلينا?

هذه أسئلة بسيطة, وهناك الكثير غيرها الذي يجول في نفس اي قارئ لخبر مثل هذا, ولنرى الآن ان كان بالإمكان الاجابة على بعضها, اولا ليس غريبا ان يكون هناك استثمارات للسعوديين في الخارج, وفي نفس الوقت ليس غريبا ان يكون هناك استثمارات للاجانب في السعودية, فحركة الاستثمارات مثلها مثل حركة التجارة, تتحرك في اتجاهين متضادين في نفس الوقت, اي انه مثلما يرغب بعضنا في فرص استثمارية لأموالهم في خارج المملكة, هناك من هو في الخارج ويرى فرصا استثمارية داخل الاقتصاد السعودي ويأتي ليستثمر لدينا, هذا تحرك طبيعي للأموال في الاقتصاديات الحرة.

ولكن لاشك ان الميزان يميل بشدة لخروج الاستثمارات من الاقتصاد السعودي, حيث خرجت من عندنا استثمارات للخارج باضعاف اضعاف ما دخل الينا من استثمارات اجنبية, فما هي الاسباب التي ادت لذلك?.

أول وأهم سبب يكمن في حجم الاقتصاد السعودي فهو ومع كل التقدير لما شهده من نمو كبير في العقود الماضية الا انه يظل اقتصادا يافعا ولا يقارن ليس فقط بالاقتصاد الامريكي, بل لايصل لمستوى اقتصاد الكثير من الولايات الأمريكية, بل ان بعض الولايات الأمريكية مثل ولاية كاليفورنيا او ولاية نيويورك او ولاية تكساس أكبر حجما اقتصاديا من اقتصاد المملكة, ومجمل اقتصاديات الدول العربية مجتمعة, وبالتالي ليس هناك امكانية ان تستوعب هذه الاقتصاديات عودة التريليون دولار ولابد ان تظل في الخارج.

ولكن ان لم يكن بالإمكان ان نستقبل كامل المبلغ, أليس في الإمكان ان نستقبل جزءا منه, ولو جزءا بسيطا?

وألا يكفينا هذا الجزء البسيط?



وللحديث بقية...





أستاذ الاقتصاد المشارك



د. وليد عرب هاشم