شددت الإدارة الأمريكية من لهجتها تجاه العراق مع إعلان الرئيس الأمريكي جورج بوش صراحة عن رغبته في التخلص من الرئيس العراقي صدام حسين مع تفاقم الأزمات التي تتعرض لها الإدارة الأمريكية وقرب انتخابات الكونجرس ومجلس الشيوخ,. وكانت الإدارة الحالية وإدارة الرئيس السابق بيل كلينتون قد ترددتا في ضرب العراق في الماضي بسبب ارتفاع أسعار النفط في تلك الفترات وعدم توافر طاقة إنتاجية إضافية في الدول النفطية. وأفادت التقارير أن إدارة كلينتون تراجعت أكثر من مرة عن توجيه ضربة عسكرية كبيرة للعراق بسبب ارتفاع أسعار النفط في عام 2000 وعدم تمكن دول الخليج في ذلك الوقت من تعويض صادرات العراق النفطية.

وسواء كانت التهديدات الحالية تهديدات خاوية أم أنها ستترجم في أرض الواقع إلى هجوم عسكري على العراق, فإن أسعار النفط سترتفع, حتى لو لم تنخفض إمدادات النفط في الأسواق. وعادة ما يقوم المضاربون بإجراء عقود مستقبلية معقدة تؤدي إلى رفع أسعار النفط بشكل يفوق السعر الناتج عن القوى الحقيقية للعرض والطلب, كما يقوم البعض باحتكار النفط وبيعه عند ارتفاع الأسعار. وفي حالة اجتياح عسكري أمريكي للعراق فإنه يتوقع أن يزيد عدد حاملات النفط الموجودة في البحار دون أن تصل إلى موانئ الدول المستهلكة بسبب بيع المضاربين المستمر للنفط الذي تحمله هذه الناقلات الذي يتطلب في بعض الأحيان تغيير وجهتها من ميناء إلى آخر كما حدث في السبعينيات. وسيؤدي هذا بدوره إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط.
ولكن لا يتوقع أن ترتفع الأسعار إلى المستويات التي وصلت إليها أسعار النفط في السبعينيات أو أثناء الغزو العراقي للكويت وحرب الخليج التي تلتها للأسباب التالية:

تكرر توقف صادرات النفط العراقية في الماضي والذي جعل المتعاملين يستعدون مسبقاً لمثل هذا التوقف. ويدل على ذلك عدم ارتفاع أسعار النفط بعد التوقف الكامل لتلك الصادرات ولمدة شهر لصادرات في إبريل, إلا أن الأسعار ارتفعت على كل حال بسبب المشكلات السياسية في فنزويلا في تلك الفترة.

عدم وجود عقود طويلة الأمد بين شركات النفط العالمية والعراق, الأمر الذي مكن الشركات من اعتبار النفط العراقي نفطاً "إضافيا" لن يؤثر على الخطط طويلة الأجل للشركات.

قيام الحكومة الأمريكية ببيع كميات كبيرة من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي في حال ضرب العراق, على الرغم من نداءات بوش المتكررة بعدم استخدام الاحتياطي الاستراتيجي إلا في حالات الطوارئ الناتجة عن نقص حقيقي في الإمدادات. وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) أول من قام باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي للضغط على أسعار النفط أثناء حرب الخليج.

يتوقع أن تقوم الكويت بتخزين المزيد من النفط إذا علمت بأنه سيتم ضرب العراق, الأمر الذي سيخفف من أثر ضرب العراق على أسواق النفط العالمية. وكانت الكويت قد تمكنت من الوفاء بالتزاماتها النفطية من هذا المخزون على الرغم من الانفجار الكبير في حقل الروضتين الذي أدى إلى توقف إنتاج 600 ألف برميل في الحقول الشمالية لعدة أيام في آخر شهر يناير الماضي.

توافر طاقة إنتاجية إضافية ضخمة في دول أوبك الأخرى والتي تبلغ ضعفي الصادرات العراقية وتقدر بأكثر من 5 ملايين برميل يومياً. وقد تم استخدام هذه الطاقة الإنتاجية الإضافية أخيراً عندما قامت عدد من دول الخليج بزيادة إنتاجها للتعويض عن النفط العراقي والفنزويلي, الأمر الذي منع أسعار النفط من الارتفاع إلى 30 دولاراً للبرميل, خاصة بعد الانقلاب الذي أطاح بالرئيس الفنزويلي هيوغو شافيز ثم عودته للحكم بعد يومين من ذلك.
ويوضح الجدول المرافق توقعات بعض الخبراء لحجم الطاقة الإنتاجية الإضافية في دول أوبك (باستثناء العراق) في الربع الثاني من العام الميلادي الحالي الذي انتهى منذ أيام. وتوضح البيانات أن أغلب الطاقة الإنتاجية الإضافية موجودة في السعودية تليها الإمارات ثم فنزويلا والكويت وإيران.

وسواء وافقت دول الخليج على ضرب العراق أم لا, فإنه من صالحها زيادة إنتاجها بسبب ارتفاع أسعار النفط إذا تم ضرب العراق. وستواجه دول الخليج مشكلة كبيرة فيما بعد تتمثل في كيفية إجبار هذه الدول على تخفيض إنتاجها بعد انتهاء العمليات العسكرية في العراق.