منتديات أعمال الخليج
منتديات أعمال الخليج

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: د. وليد عرب هاشم وأسعار النفط

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    2-Aug-2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    7,713

    د. وليد عرب هاشم وأسعار النفط

    ارتفاع اسعار النفط


    ( الجمعة - 25/3/1425هـ ) الموافق 14 / مايو/ 2004 - العدد 1062

    المصدر : د. وليد عرب هاشم

    لاشك أن ارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية ووصول هذه الاسعار الى مستويات قياسية حيث ان برميل النفط العربي الخفيف وتجاوز حد (40$) للبرميل يوم الاربعاء الماضي. لاشك ان هذا الارتفاع في اسعار النفط له آثار قوية مختلفة على الاقتصاد العالمي, ولكن الذي يهمنا نحن هو ما هي آثاره على الاقتصاد السعودي?
    هذا لايعني ان هناك فصلا تاما ما بين الاقتصاد العالمي والاقتصاد السعودي, فالذي يصيب الاقتصاد العالمي سوف يؤثر عاجلا أم آجلا على الاقتصاد السعودي, ولكن لنأخذ أولا الاقتصاد السعودي ولنر ما هي الآثار المباشرة لارتفاع أسعار النفط هنا.
    الأثر الاول والواضح هو ان ارتفاع اسعار النفط سيؤدي الى ارتفاع ايرادات الدولة, فكل دولار زيادة في سعر النفط يعني حوالى (12) مليار ريال زيادة سنويا في ايراداتنا, وحتى لو خصمنا منها تكاليف استخراج النفط وشحنه وكل ما له علاقة باطراف ثالثة, فإن معظم هذا المبلغ سيصب في ايرادات الدولة, ونحن نعلم ان تكاليف استخراج النفط في السعودية هي من اقل التكاليف في العالم, اذ نفطنا يخرج ببساطة من على فوق سطح الارض او من تحت مياه الخليج الضحلة وتكاليف استخراجه هذه تكاليف بسيطة خصوصا عندما نقارنها بالتكاليف التي تدفعها المملكة المتحدة لاستخراج نفطها من اعماق بحر الشمال او التكاليف التي تدفعها الولايات المتحدة الامريكية لاستخراج وتوصيل نفطها من أقصى البقاع في ولاية الاسكا.
    وبالتالي فإن معظم إيرادات المملكة العربية السعودية من النفط سوف تصل الى الدولة, وعلى اساسه فإن أي زيادة في الاسعار ستترجم معظمها الى زيادة في إيرادات الدولة.
    وصحيح ان هناك عقودا طويلة المدى, حيث تم تحديد اسعار النفط في هذه العقود وهذه الاسعار لاتتغير عندما يتغير السوق, بالتالي لانستفيد من ارتفاع اسعار النفط كما اننا لانتضرر من انخفاض أسعاره.
    لكن ايضا صحيح ان السعودية هي من الدول القليلة التي لديها طاقة لانتاج كميات اكبر من النفط, وبالتالي يمكن ان تزيد من انتاجها عند ارتفاع الاسعار, وهذا لايعني انها تحصل فقط على دولار او دولارين زيادة عندما يرتفع سعر البرميل, وإنما يعني انها تحصل على كامل سعر البرميل. بالتالي فإن ارتفاع أسعار النفط لاشك انها ستؤدي الى زيادة ايرادات الدولة وبمليارات عديدة.
    والمسألة التي تهّمنا هي مردود هذه المليارات على الاقتصاد السعودي اذ لكل قرار أثر مختلف.




    اسعار النفط (2)


    ( الجمعة - 2/4/1425هـ ) الموافق 21 / مايو/ 2004 - العدد 1069

    ارتفاع اسعار النفط سوف يفيد جميع الدول المنتجة للنفط, فأي برميل يتم انتاجه سوف يكون باستطاعة هذه الدول ان تبيعه بسعر أعلى, وتحصل بالتالي على إيراد أعلى, الا ان كانت هناك عقود بيع سابقة وتم فيها تحديد سعر ثابت لبرميل النفط, وهنا فإن تغيير السعر في الاسواق لن يؤثر على الايراد, إذ ان السعر محدد سابقا, ولكن ان كان بالامكان ان يتغير السعر في هذه العقود -لأنه مرتبط بسعر السوق, او ان لم توجد عقود أصلا- فإن ارتفاع اسعار النفط سوف يفيد الدول المنتجة بشكل مباشر. ولكن بالاضافة الى الايرادات الاضافية لزيادة الاسعار فإن هناك فائدة اضافية تخص اي دولة منتجة للنفط يكون عندها القدرة ان تزيد من انتاجها عند ارتفاع اسعار النفط, وهذا ينطبق بالذات على السعودية, فهي تكاد تكون الدولة الوحيدة التي بإمكانها ان تزيد انتاجها من النفط, بالتالي فإنها لن تستفيد فقط من بيع ما تنتجه بأسعار اعلى, وانما سوف تستفيد ايضا من قيامها بإنتاج كميات اكبر وبيعها الاخرى بالاسعار المرتفعة.
    والاستفادة من زيادة الانتاج اهم واكبر من الاستفادة من زيادة الاسعار, فعلى سبيل المثال لو زادت السعودية انتاجها بمليون برميل من النفط يوميا وكان سعر النفط الحالي هو 40 دولارا للبرميل فإنها سوف تحصل على ايرادات اضافية تقارب 55 مليار ريال في السنة, بينما لو ارتفع سعر ما تبيعه حاليا من النفط بمقدار 1 دولار للبرميل فإنها ستحصل على حوالى 12 مليار ريال اضافية, ولا شك ان كلا من المبلغين ضخم الى درجة يصعب علينا استيعابهما, ولكن من الواضح ان المبلغ الاول اضخم بكثير من المبلغ الثاني.
    وكذلك فإن هناك فائدة اكبر من زيادة الانتاج, فهذه الزيادة سوف تستغل ظروف السوق الحالية وتستفيد استفادة بالغة من ارتفاع الاسعار, وحتى لو كانت الزيادة مؤقتة واستمررنا في انتاج مليون برميل اضافي لمدة شهر واحد فإن الايرادات ستزيد بعدة مليارات من الريالات.
    ولزيادة الانتاج فائدة اضافية على المدى الطويل وليس فقط استفادة فورية من الاسواق الحالية, فالمملكة لديها أكبر احتياطيات نفط في العالم, وبالتالي من مصلحتها على المدى الطويل ان يستمر الطلب على سلعة النفط كسلعة اساسية والا تكون هناك بدائل قريبة من هذه السلعة تجذب اليها المستهلكين وتتنافس معها في الاسواق.





    اسعار النفط (3)


    ( الجمعة - 9/4/1425هـ ) الموافق 28 / مايو/ 2004 - العدد 1076

    كما ذكرت في المقالين السابقين فإن ارتفاع اسعار النفط سوف يزيد من ايرادات الدول المصدرة للنفط وبالذات المملكة التي هي من اكبر منتجي ومصدري النفط في العالم-وهذا شيء واضح, فارتفاع الاسعار يعني انه بإمكان بيع نفس الكميات المنتجة بأسعار اعلى وتحصيل ايرادات اعلى, كما انه يعني اننا نستطيع ان نزيد من انتاجنا ونبيع كميات اكبر, وهذا ايراد جديد.
    ولكن المملكة ليست فقط أكبر منتج ومصدر للنفط, ولكنها هي ايضا اكبر مخزون للنفط في العالم, ومن مصلحتها ان يكون هناك طلب مستمر على النفط -ليس في الوقت الحالي فحسب- وانما لعشرات السنوات المقبلة بإذن الله, وهذا يعني انه من الضروري ان تركز المملكة العربية السعودية على زيادة انتاجها من النفط عندما ترتفع الاسعار, وهذا ليس فقط لكي تستفيد استفادة مضاعفة من هذه الزيادة في الاسعار, ولكن ايضا لكي تحافظ على الاسعار في حدود المعقول ولا تسمح لها بالارتفاع الشديد او المستمر.
    وذلك لأنه كلما ارتفع سعر برميل النفط, وكلما دفعت الدول الصناعية مليارات من الدولارات اكثر لشراء هذه السلعة, تولدت لديها رغبة اكبر في البحث عن بدائل للنفط, وكان لديها تبرير لاستثمار المليارات في تطوير هذه البدائل, كالطاقة الشمسية او الطاقة الجوفية, او الطاقة الذرية, او خلافها من بدائل كبيرة محتملة للنفط.
    وبما ان المملكة يمكن ان تستمر بإذن الله في انتاج النفط لحوالي 50 سنة قادمة -وبنفس المعدلات التي تنتجها حاليا- فإنه من المهم لها ان تحافظ على استقرار اسواق النفط واستمرارها مما يعني الا تسمح للاسعار ان ترتفع ارتفاعا شديدا مما يدفع اكبر مستهلكي النفط -كأمريكا واوروبا واليابان- الى البحث عن بدائل والاستثمار فيها, لأن ذلك سوف يطور مصادر اخرى للطاقة, وقد نجدها تنافسنا في المستقبل القريب.
    نحن والحمدلله لسنا كبعض الدول الاخرى التي قد ينضب مخزونها في خلال 10 سنوات او اقل, وبالتالي ليس مهما لها ان يتم البحث او الاستثمار في مصادر اخرى للطاقة لانه عندما يتم تطوير المصادر الاخرى وتأتي لتنافس النفط في الاسواق فإن هذه الدول لن تكون موجودة كمصدرة للنفط, بالعكس ربما تصبح مستهلكة له.
    لذلك فإن هناك اختلافا في المصالح ما بين الدول المصدرة للنفط -وبالذات فيما بين الدول الاعضاء في منظمة اوبك- فبعض هذه الدول ليس لديها مخزون كبير من النفط, وبالتالي حتى وان كانت من اكبر المنتجين والمصدرين حاليا للنفط, الا ان مخزونها سينفذ خلال سنوات معدودة, وقد تنتقل من مصدر الى مستورد للنفط في خلال هذه الاعوام, وبالتالي فإن من مصلحتها ان ترفع اسعار النفط بأكبر مقدار ممكن حاليا, وتستفيد هي اكبر فائدة ممكنة من هذه الاسعار, ولا يهمها او يؤثر عليها ما قد يحدث في اسواق النفط بعد 10 او 20 عاما من اليوم.
    بينما هناك دول اخرى وعلى رأسها المملكة العربية السعودية, التي تتمتع باحتياطات ضخمة من النفط, وبالتالي سوف يؤثر عليها اي تغيير في اسواق النفط, سواء حدث اليوم او حدث بعد 30 عاما, وليس من مصلحتنا ان يتحدث الرئيس جورج بوش كما فعل قبل ايام قليلة عن نقص امدادات النفط, وعن خطورة السحب من المخزون الاستراتيجي الامريكي لتعويض هذه الامدادات, وعن هذا الإجراء الذي قد يعرض الامن القومي الامريكي للخطر (كما ذكر في حديثه), فمثل هذه التصريحات من اكبر دولة في العالم تستهلك النفط, قد تؤدي الى قرارات استراتيجية للابتعاد عن استيراد النفط, وايجاد بديل, ولو نجح السوق الامريكي في ذلك, فإنه سيؤثر على مستقبل اسواق النفط واسعاره, ويؤثر علينا كدولة مستمرة في انتاج هذه السلعة لعشرات السنوات القادمة (بإذن الله).

  2. #2

    النفط

    النفط مسجل في الميزانية 15 الى 16 دولار لا تعليق اكثر من ذلك

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    24-Dec-2002
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    3,862
    د.هاشم أثار نقاط مهمة جداً ومحورية:

    في المقال الأول:

    (والمسألة التي تهّمنا هي مردود هذه المليارات على الاقتصاد السعودي اذ لكل قرار أثر مختلف.)

    في المقال الثاني:

    (ولزيادة الانتاج فائدة اضافية على المدى الطويل وليس فقط استفادة فورية من الاسواق الحالية, فالمملكة لديها أكبر احتياطيات نفط في العالم, وبالتالي من مصلحتها على المدى الطويل ان يستمر الطلب على سلعة النفط كسلعة اساسية والا تكون هناك بدائل قريبة من هذه السلعة تجذب اليها المستهلكين وتتنافس معها في الاسواق.)

    المقال الثالث:

    (لذلك فإن هناك اختلافا في المصالح ما بين الدول المصدرة للنفط -وبالذات فيما بين الدول الاعضاء في منظمة اوبك- فبعض هذه الدول ليس لديها مخزون كبير من النفط, وبالتالي حتى وان كانت من اكبر المنتجين والمصدرين حاليا للنفط, الا ان مخزونها سينفذ خلال سنوات معدودة, وقد تنتقل من مصدر الى مستورد للنفط في خلال هذه الاعوام, وبالتالي فإن من مصلحتها ان ترفع اسعار النفط بأكبر مقدار ممكن حاليا, وتستفيد هي اكبر فائدة ممكنة من هذه الاسعار, ولا يهمها او يؤثر عليها ما قد يحدث في اسواق النفط بعد 10 او 20 عاما من اليوم.)

    (وليس من مصلحتنا ان يتحدث الرئيس جورج بوش كما فعل قبل ايام قليلة عن نقص امدادات النفط, وعن خطورة السحب من المخزون الاستراتيجي الامريكي لتعويض هذه الامدادات, وعن هذا الإجراء الذي قد يعرض الامن القومي الامريكي للخطر (كما ذكر في حديثه), فمثل هذه التصريحات من اكبر دولة في العالم تستهلك النفط, قد تؤدي الى قرارات استراتيجية للابتعاد عن استيراد النفط, وايجاد بديل, ولو نجح السوق الامريكي في ذلك, فإنه سيؤثر على مستقبل اسواق النفط واسعاره, ويؤثر علينا كدولة مستمرة في انتاج هذه السلعة لعشرات السنوات القادمة (بإذن الله).

    ------------------------------------

    إستراتيجاً من الأفضل المحافظة على نطاقات سعرية مقبولة من الطرفين المنتج والمستهلك..

    وهناك جانب آخر ربما لم يتطرق له د.هاشم وهو تأثير إرتفاع النفط على الإقتصاد العالمي بشكل عام وعلى السعودية بشكل غير مباشر بسبب تأثير إرتفاع النفط على أسعار المنتجات والسلع الأخرى خاصة أن السعودية من الدول المستهلكة لمعظم السلع..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    15-Oct-2002
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    6,969
    السؤال المهم ... لأخوي " ابومحمد "
    ما فائدة ارتفاع اسعار النفط على سوق الاسهم السعودية ، خاصة للشركات غير ذات العلاقة بالنفط !؟


  5. #5
    تاريخ التسجيل
    2-Aug-2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    7,713
    الاخت الفاضله بنت النور

    مواضيع الدكتور وليد دائماً تكون طويلة وعلى حلقات وكل جمعة في عكاط ودائماً يكتب بطريقة تجعل من الموضوع يأخذ فترة طويلة لكن يغطي تقريباً كل جوانب الموضوع الذي يقوم بالتطرق له وكان له موضوع سابق عن عن توقعاته لعام 2004 وأستمر لعدة أسابيع

    http://www.thegulfbiz.com/vb/showthr...threadid=47031

    وكذلك موضوع عن الأسهم المحلية وبنفس الطريقة

    http://www.thegulfbiz.com/vb/showthr...threadid=41439

    وكذلك إجمالي الناتج القومي

    http://www.thegulfbiz.com/vb/showthr...threadid=44295

    والكثير من المواضيع الممتازة ولكنه يعطي المواضيع بالتقسيط لكن جميعها تستحق أن تتابعها فعلاً وأنا اتابعها بشكل منتظم .

    هذا الموضوع أعتقد سوف يكمله خلال الاسابيع القادمة لكن أعاننا الله على اسلوبه في التقسيط وأعتقد سوف يتطرق لجميع آثار إرتفاع الأسعار سواء على الاقتصاد السعودي أو العالمي .

    فيما يتعلق ببدائل الطاقة نسمع به منذ سنوات ولكن لاأعتقد انهم ممكن يجدون بديل للنفط بتكلفة قريبة من التكلفة الحالية وحتى لو حدث هذا أو لو كانوا يستطيعون فلن يكون إنخفاض قيمة النفط دافعاً لتوقفهم عن البحث عن البديل . على أي حال ليس لدي علم بهذا ولكن هناك موضوع قيم بهذا الخصوص لأنور علي أبو العلا
    في الوطن .

    http://www.thegulfbiz.com/vb/showthr...threadid=49436

    وهذا موضوع آخر ايضاً لـ د.فهد بن صالح السلطان

    http://www.thegulfbiz.com/vb/showthr...threadid=49044

    أخي العزيز أبوعلي

    أعتقد إن جميع القطاعات تستفيد سواء بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة ولا أعتقد أن هناك شركات لاترتبط بالنفط ولكن قد يكون هذا الارتباط غير مباشر، ودعنا ننتظر قد يكون هذا الموضوع له تكملة كما أسلفت وقد يتطرق لهذا الخصوص .

  6. #6
    يتم وضع د. وليد عرب هاشم تحت المتابعة حسب توصية أبي محمد، والموضوع في المفضلة

    أبو محمد جزاك الله خير، وسأقرأ الموضوعات وإن شاء الله لو حاولو يبحثون عن بديل للنفط وهيهات سنحاول نجد بديل لطائراتهم وهذي أسهل.

    عموماً سوف يحلل المحللون أما زيادة إنتاج المملكة من النفط فأفضل مايفسره هو ضغوط سياسية وأقتصادية.

    يعطيك العافيه أبو محمد

  7. #7
    فيه فكرة وهي :
    اذا ارتفعت الاسعار الى هذه المستويات تقوم السعودية برفع الانتاج الى اقصى الحدود اي 10.5 مليون برميل وبهذا تستفيد من الاسعار وااذا انخفضت الاسعار تقوم الى تخفيض الانتاج الى6.5 مليو برميل وبهذا ترفع الاسعار مرة اخرى
    مارأيكم في هذه الفكرة ومدى تأثيرها على الدول اللمنتجة الاخرى والسوق العالمية (حيث ان السعودية هي الجوكر في السوق السعودية بغياب العراق)

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    2-Aug-2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    7,713
    اسعار النفط (4)


    الى متى الاعتماد على النفط


    المصدر : د. وليد عرب هاشم


    من الواضح ان الاقتصاد السعودي يعتمد اعتمادا كبيرا على انتاج النفط وتصديره, ومن الواضح ان اي انتعاش في الاسواق النفطية العالمية سوف ينعكس وبسرعة على الاقتصاد السعودي, والعكس صحيح فعندما تدهورت أسعار النفط في النصف الثاني من الثمانينات وتقلص فوق ذلك الطلب على النفط السعودي بحيث انخفض انتاجنا من هذه السلعة, وانخفضت اسعارها آنذاك, واجهنا عجزا شديدا في الموازنة, واضطرت الدولة الى تخفيض انفاقها بحوالى النصف, ومع ذلك لم تكن الايرادات كافية لتغطية هذا الانفاق - وبالرغم من تخفيضه - وبدأت الدولة تقترض لتغطي مصاريفها واستمر هذا الاقتراض الى ان وصل الدين الحكومي الى ما هو عليه من مئات المليارات (رقم الدين الحكومي يتغير دوما حسب ايرادات ومصروفات الدولة, ولكن لا أتوقع انه الان اقل من 500 مليار ريال).

    وعندما بدأت أسعار النفط في التحسن خلال العامين الماضيين, وارتفع الطلب على النفط السعودي انعكس ذلك على انتعاش عام في اقتصادنا, ولسمنا آثاره سواء في زيادة الانتاج القومي, او بصفة مباشرة لمسناه في ارتفاع اسعار الاسهم السعودية, وفي ارتفاع العقارات والمشاريع التي تم طرحها أمامنا.

    وبالطبع هناك من ينتقد اعتمادنا على النفط حيث انه بعد اكثر من 50 عاما على اكتشاف النفط يظل هذا الاعتماد الكبير بحيث لانستطيع ان نعزل اقتصادنا وايراداتنا عن اي ارتفاع او انخفاض في قطاع النفط, وتظل تلعب هذه السلعة الحيوية دورا كبيرا وهاما في اقتصادنا وفي حياتنا, فلماذا لم يتم تنويع هذا الاقتصاد بحيث تكون هناك مصادر اخرى مختلفة عن انتاج النفط وتعطينا ايرادات تعوضنا ولو بشكل قليل عن اي انخفاض في ايرادات النفط, وقد يرى البعض ان الاقتصاد السعودي لايزال بعد 50 عاما من اكتشاف وتصدير النفط, وبعد الحصول على آلاف المليارات من الدولارات (أو ما يسمى بالترليونات) لازال يصدر النفط كأي اقتصاد جديد, ويعتمد عليه اعتمادا كليا.ولكي نحلل هذا الوضع دعونا نبدأ ببعض الاساسيات:

    فأولا لاتوجد هناك اي مشكلة في ان يلعب النفط دورا كبيرا وأساسيا في اقتصادنا, أو ان تشكل ايرادات النفط جزءا هاما من ايرادات الدولة وتمول جزءا كبيرا من مصروفاتها, هذه ليست مشكلة بل هي نعمة, فالله سبحانه وتعالى قد انعم علينا بمورد النفط, كما أنعم على الاقتصاد الماليزي في أول تاريخه بمورد (المطاط), وانعم على الاقتصاد المصري بنهر النيل العظيم, وأنعم على الاقتصاد الأمريكي باكتشاف الذهب في ولاية كاليفورنيا, مما ادى لنمو وتنمية كل المنطقة.وهذه أمثلة بسيطة لنعم لاتعد ولا تحصى في جميع الدول, ولاشك ان وجود الثروة الهائلة من النفط لدينا - حيث أننا نمتلك ربع احتياطي العالم من هذه السلعة الحيوية - لاشك ان هذه نعمة كبيرة وليست مشكلة, بل إني اتوقع اننا محسودون على هذه النعمة التي يتمناها الكثير.وبالتالي كون أنه لدينا ثروة ضخمة من النفط مما يجعله يلعب دورا اساسيا في تمويل ايراداتنا ومصروفاتنا, هذا بحد ذاته شيء طبيعي, بل شيء جيد نحمد الله عليه وندعو الله ان يستمر النفط في لعب دور هام او دور اساسي في تمويل ايرادات ومصروفات الاقتصاد السعودي.

    بالتالي المشكلة لاتكمن في كون ان لدينا ايرادات كبيرة من النفط (والحمدلله) فهذه نعمة وارجو من الله أن تستمر, ولكن المشكلة تكمن في أنه بعد 50 عاما من هذه الايرادات فإننا لازلنا نستخرج النفط ونصدره في شكله الخام الى حد كبير, ونعتمد اعتمادا كبيرا عليه.

    بعد اكثر من 50 عاما من استخراج النفط, فاننا نظل الى حد كبير نعتمد على ايراداته, ونستخرجه ونصدره في شكل خام بحيث يصبح دورنا هوفقط نقل هذا المورد - الذي انعم الله علينا به - من جوف الارض الى جوف البواخر التي تنقله الى اسواق العالم, ولازال اقتصادنا الى حد كبير يعتمد على ايراد بيع هذه السلعة, فإذا ارتفعت ايرادات مبيعاتها انتعش اقتصادنا, وإن انخفض هذا الإيراد, انخفض اقتصادنا.

    فلماذا لم يتم استخدام ايرادات هذه السلعة لتنويع ايراداتنا, او لتكوين احتياطي يمكن ان يعتمد عليه في حالة انخفاض ايرادات النفط?

    فما الذي يحدث للاقتصاد السعودي لو تم اكتشاف بديل للنفط, وبدأ ينتشر بسرعة ويستخدم بدلا من النفط?

    هل نعود مرة اخرى الى سلسلة العجوزات في الايرادات والمصروفات والى الاستدانة من جديد ونحن نعلم ان هناك حدا لما يمكن ان تستدينه كل دولة?

    وهنا نواجه عدة خيارات, ومنها تكوين ما يسمى بصندوق الاستثمار فبالإمكان ان نقوم بتوفير نسبة معينة من ايرادات النفط سنويا واستثمارها في صندوق, ونضيف لها كل سنة الى ان يصبح هذا الصندوق هو بحد ذاته موردا لنا, وهذا الخيار قامت به الى حد كبير دولة الكويت, حيث لديهم صندوق استثماري يتم تغذيته من ايرادات النفط, ويقوم باستثمار ما لديه في الاقتصاد العالمي على اساس ان يكون هناك مورد للدولة بديلا عن النفط, او ان يكون صندوق لاجيال المستقبل بعد نفاد النفط, وبالطبع لو تم استثمار فقط 10% من ايرادات النفط سنويا في هذا الصندوق, فإنه خلال 10 سنوات سيصبح حجم الصندوق موازيا لايرادات النفط في تلك السنة, وهذا بدون حساب اي عائد لهذا الصندوق - والمفروض ان يكون هناك عائد - بالتالي بالامكان ان ينمو هذا الصندوق ليدر ايرادات قد توازي ايرادات النفط, أو على الاقل تساعد بحجم كبير لو انخفضت هذه الايرادات.

    هذا الخيار بسيط, وهو لايختلف عن خيار أي فرد منا في توفير جزء من دخله واستثماره ليكون لديه ايراد عند التقاعد او عند اي طارئ, ولكن هذا الخيار يفرض التزاما - سواء كان ذلك على الفرد, أو على الدولة - بأنه يجب ادخار جزء من الايرادات, فالشخص الذي يصرف كل ايراداته فإنه سيجد نفسه عند التقاعد بدون اي استثمار يعتمد عليه, ناهيك ان يكون استثمارا ضخما الى درجة يعطيه عائدا يعوض به ولو جزءا من دخله الذي كان يحصل عليه أبان عمله, وبالتالي لابد ان يكون هناك إلتزام بتحديد نسبة معينة من الدخل او الايرادات سنويا بتغذية صندوق الاستثمار, وألا يتم المساس بهذه النسبة, أو بالادخارات التي تكونت في صندوق الاستثمار الى حين ان تنمو الى درجة تستطيع ان تعطينا عوائد تساهم في دخل الدولة, او تعوض اي انخفاض قد يحصل من ايرادات النفط.

    وصندوق الاستثمار هذا يختلف عن الاحتياطيات العادية التي تحتفظ بها الدول, فعادة هناك احتياطيات في البنوك المركزية لتغطية عملات الدول او لتمويل واردات الدول من السلع الاجنبية, وتختلف هذه الاحتياطات من دولة لاخرى, ولكن بصفة عامة هناك دول مشهورة بإكتنازها باحتياطيات ضخمة مثل اليابان او تايوان والتي تحتفظ بمئات المليارات من الدولارات في شكل عملات صعبة او مخزون من الذهب أو خلافه.

    أما صناديق الاستثمار فهي مخصصة للاستثمار, كمل يدل على ذلك اسمها, وهدفها ان تحصل على عائد مجزٍ, وبالتالي فإنه يتم الادخار فيها ليس بغرض وضعها كاحتياطي لتمويل الواردات او للدفاع عن عملة البلد وإنما يتم الادخار فيها بغرض الاستثمار في اصول مختلفة حول العالم, وبهدف ان يكون هناك على المدى الطويل عوائد من هذا الاستثمار, وهذا هو احد الخيارات البسيطة لتنويع مصادر ايراداتنا والابتعاد عن الاعتماد على النفط, ولكنه يتطلب - ليس فقط ألا يكون هناك عجز في ميزانيات الدولة - ولكن يتطلب أن يكون هناك فائض ليتم استثماره, وأن يستمر هذا الاستثمار سنويا, فهذا الصندوق يتم بناؤه على عشرات السنوات, وبالتالي يتطلب التزاما شديدا ولسنوات طويلة قبل ان يعطي العائد المستهدف, ولكن في النهاية فإنه يسمح بتقليل الاعتماد على ايرادات الدولة من النفط ويعطينا بديلا آخر - وهذا خيار - وهناك خيارات أخرى.

    صحيح ان النفط يلعب دورا اساسيا وهاما في الاقتصاد السعودي, ويشكل جزءا كبيرا من ايرادات الدولة, وهذا شيء طبيعي ونعتبره نعمة انعمها الله علينا ونحمده عليها, ولكن ليس صحيحا انه يجب علينا ان نعتمد على النفط ونظل تابعين لاي تحركات في الاسواق العالمية بحيث يتجه اقتصادنا الى الاعلى او الاسفل حيثما اتجهت اسواق النفط العالمية.

    ولكسر سلسلة التبعية هذه لدينا عدة خيارات ومنها ان نؤسس صندوقا استثماريا ونوجه اليه جزءا من ايرادات النفط سنويا, ونستثمر هذا الصندوق في عدة استثمارات دولية بحيث لا يكون لها علاقة قوية بما يحدث في اسواق النفط العالمية, وتدريجيا عبر السنوات نتوقع ان يكبر حجم هذا الصندوق وتزداد ايراداته الى ان يصل الى مرحلة يكون فيها هو ذاته مصدر دخل بديل عن النفط.

    وصحيح ان هذا الخيار يحتاج الى التزام ومتابعة طويلة المدى ولن يعطي ثماره المرجوة الا بعد عشرات السنوات الا انه خيار متاح لايجاد بديل عن ايرادات النفط, ولو كنا بدأنا فيه عندما تم اكتشاف هذه الثروة قبل اكثر من خمسين عاما لربما كان قد وصل الآن الى حجم يسمح له بأن يكون بديلا فعليا عن النفط.

    وبما ان كلمة (لو) تفتح بابا من ابواب الشيطان فدعونا نبحث عن خيارات اخرى, وربما وجدنا انها خيارات افضل من تأسيس مثل هذا الصندوق الاستثماري, لأن هذا الصندوق كما ذكرنا اولا يتطلب التزاما على مدار سنوات طويلة قبل ان يعطي ثماره, وثانيا فإن مثل هذا الصندوق الاستثماري لا يساهم بتاتا في تنمية الاقتصاد الوطني, فهو موجه اساسا للاستثمار في الاسواق الدولية ومن الافضل ان يتم استثمار امواله في استثمارات ليس لها علاقة قوية بالنفط, وبالتالي تكون بعيدة عن التذبذبات في هذه الاسواق وتصبح فعلا بديلة عنها.

    اما الخيارات الاخرى فمنها ان يتم الاستثمار في داخل الاقتصاد الوطني, وذلك لتطوير صناعات او انشطة اقتصادية بديلة عن النفط, ولكن ليست بالضرورة مستقلة عنه, بالعكس فإنه من البديهي ان نبدأ صناعات بما هو ملائم لمواردنا الطبيعية, وبالتحديد ان نبني صناعات على النفط.

    فهنا عندنا خيارات متعددة منها ان نركز على صناعات جديدة ليس لها علاقة بالنفط, ومنها ان نركز على الصناعات التي تعتمد على النفط, ومنها ان نركز على الصناعات التي توفر لنا بعض السلع التي نستوردها.. وهذه خيارات مختلفة وكل واحد منها له مزايا كما ان لكل منها نقاط ضعف, وسوف نتناولها لاحقا, ولكن لا يفوتني ان اشير الى خيار أخير وهو التركيز على اهم ثروة لدينا -وهي ليست ثروة النفط- وانما هي ثروة البشر, فلو كنا اخذنا طفلا حديث الولادة منذ خمسين عاما ودربناه وعلمناه كل علوم وفنون صناعة النفط, هل يا ترى كنا الآن في حاجة الى خبراء غير سعوديين, سواء كان هذا في مجال النفط او في اي مجال آخر? ولكن كما ذكرت فإن كلمة لو تفتح بابا من ابواب الشيطان.

    هناك كثير من الدول بدأت بدون اي موارد طبيعية تذكر, ومع الوقت اصبحت من اهم الدول الصناعية واصبحت من اغنى الدول واكثرها دخلا, ويمكن ان نضرب امثلة عديدة على ذلك مثل كوريا الجنوبية واليابان وتايوان وسنغافوره, وهناك دول كان لها موارد طبيعية جيدة ولكن مع الوقت ابتعد العالم عنها ووجدت نفسها مضطرة لايجاد بديل لتعوض به ايراداتها التي كانت تحصل عليها من تصدير مواردها الطبيعية ومع الوقت نجحت في ذلك واصبح لديها اقتصاد قوي لا يعتمد على تصدير مواردها الطبيعية, ونضرب مثالا على ذلك بماليزيا التي كانت تعتمد على تصدير المطاط الطبيعي الى ان تم اختراع وتطوير المطاط الصناعي, بالتالي ليس من الصعب على اقتصاد غني بموارده الطبيعية كالاقتصاد السعودي ان يبحث عن بدائل ويستثمر فيها بحيث تنمو هذه البدائل مع الوقت لتصبح بحد ذاتها مصادر هامة لايرادات الدولة والاقتصاد, بل انه من المهم جدا ان تكون هذه استراتيجية اساسية في الاقتصاد السعودي, فالنفط هو مورد طبيعي محدود, وسوف ينضب عاجلا ام آجلا بالرغم من مئات المليارات من البراميل التي لدينا في داخل جوف ارضنا والحمدلله, هذا خلاف ان النفط يستخدم اساسا كمصدر للطاقة, ونحن نعلم ان كثيرا من الدول الصناعية-ان لم تكن كلها- تبحث بجد واستمرار عن مصادر بديلة للطاقة, وإن نجحوا في ايجاد مثل هذه البدائل فإن اسعار النفط قد تنهار ونعود مرة اخرى الى سلسلة من العجز في ميزانياتنا ويتراجع اقتصادنا.

    لذا فإنه من المهم -ان لم نقل من الضروري- ان يتم البحث عن مصادر اخرى للايرادات وتنميتها والاستثمار فيها, وتستغل ايرادات النفط لتأسيس قاعدة اقتصادية مختلفة نعتمد عليها بعد الله سبحانه وتعالى سواء نضب النفط ام استمر. وهذه الاستراتيجيات واهميتها لم تغب عن الاقتصاد السعودي, حيث بدأت الدولة -ومنذ عشرات السنوات- في توجيه المليارات للاستثمار في انشطة مختلفة, وبدأت البحث عن بدائل, كما بدأت في تكوين بدائل, فعلى سبيل المثال كان هناك مسح للموارد الطبيعية للاراضي السعودية لتحديد ما اذا كان هناك موارد اخرى كالمعادن مثل الذهب وخلافه, والتي يمكن ان تحل بديلا عن النفط, كما كان هناك الاستثمار الضخم في ا لمدن الصناعية مثل مدينتي ينبع والجبيل كما كانت هناك الصناديق الاستثمارية والعقارية لدعم القطاع الخاص, وكانت هناك الاستثمارات في القطاع الزراعي.

    هذه الاستثمارات الضخمة وغيرها جميعها تدل على قناعة الدولة بأهمية الانشطة الاقتصادية المختلفة سواء كانت انشطة صناعية او زراعية ليكون هناك بديل عن ايرادات النفط, ولكن نحتاج بعد مرور سنوات كثيرة على هذه الاستثمارات ان نقوم بتقييمها وان نضع معايير لهذه الاستثمارات بحيث ندعم الاستثمارات التي اثبتت جدواها او كان هناك دليل على جدواها, ونبتعد عن الاستثمارات الاخرى .

    فعلى سبيل المثال لا اعتقد ان هناك خلافا على اهمية الاستثمارات في مجال الصناعات البتروكيماوية, فنحن نمتلك اكبر مخزون من النفط الخام في العالم, وبدلا ان نصدره مقابل 20 او 30 دولارا لبرميل النفط الخام, يمكننا ان نحوله لمنتجات مختلفة بحيث نحصل على اكثر من مائة دولار من نفس البرميل بعدما نقوم بتحويله وتظل هذه المائة دولار داخل اقتصادنا, ولذلك قامت الدولة بإنشاء مدينتي ينبع والجبيل العملاقتين, فهذه خطوة لا اعتقد ان هناك خلافا في جدواها, فهي تستغل مواردنا الطبيعية وتقوم بتحويل المنتج الخام الى سلع مختلفة تدر علينا ايرادات مضاعفة وتستخدم فيها الايدي العاملة السعودية, بحيث يزيد الدخل القومي وفي نفس الوقت يتدرب هؤلاء الشباب على تقنية متقدمة ويكتسبون مهارات وخبرة على مر السنوات.

    وللحديث بقية....



    وللحديث بقية,,,

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    2-Aug-2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    7,713
    الى متى الاعتماد على النفط (5)


    المصدر : د. وليد عرب هاشم


    كما ذكرت في المقال السابق فانه من الطبيعي ان تتجه دولة غنية بمورد النفط كالمملكة الى الاستثمار في الصناعات التي تستخدم هذا المورد وبالتحديد في صناعات البتروكيماويات, فتقوم هذه الصناعات الضخمة فوق حقول الخام التي تستخدمه وهي مطمئنة على ان هناك امداداً كبيراً ومستمراً بدون انقطاع (ان شاء الله) وتعمل على تكريره وتصفيته وتحويله الى منتجات عدة بحيث بدلاً من ان يصدر الاقتصاد السعودي براميل الخام ولا يقوم ببيعها سوى بـ20 او 30 دولاراً للبرميل فانه يصدر عوضاً عن ذلك منتجات من النفط بعد التصفية والتكرير تدر عليه اضعاف قيمة اسعار النفط. كما انها توظف عشرات الآلاف من العمالة وتعطيهم خبرة وتدريباً عالياً.
    بالاضافة لذلك فانه من المتوقع ان القاعدة الضخمة للصناعات البتروكيماوية سوف تمكننا من تأسيس وتطوير صناعات اخرى مختلفة, وقد تصبح هذه الصناعات على مر الزمان هي بحد ذاتها صناعات قوية ولا تحتاج الى قاعدة صناعات البتروكيماويات, او حتى الى مورد النفط الخام لكي تستمر, وللتوضيح لنفترض ان دولة ما استثمرت المليارات في تأسيس مصافي النفط وتم تطوير هذه المصافي واستقدام عمالة مدربة واستقدام تقنية متطورة, ومع الوقت اصبحت مصافي التكرير هذه من افضل المصافي واكفئها في العالم, هل عندما تصل هذه الصناعة الى هذه المرحلة المتطورة تحتاج بعد ذلك ان تكون قريبة من المورد الخام او النفط لكي يكون هناك جدوى من هذه المصافي? بمعنى آخر لو نضب النفط هل تصبح هذه المصافي بدون جدوى? او ان بامكاننا استيراد نفط خام وتكريره وتصفيته بنفس الكفاءة التي كانت عليها سابقاً?
    هناك امثلة كثيرة من دول متعددة حيث توجد مصافي ومصانع تكرير للنفط تعمل وتنتج باستخدام نفط خام مستورد أي بدون ان تكون لهذه الدول أي قدرة على انتاج النفط الخام. وان كان يمكن لمصافي النفط ومعامل تكريره ان تستمر في العمل وبجدوى اقتصادية بدون ان يكون لدينا المورد الخام او النفط وتقوم باستيراده, فانه ايضاً من الطبيعي ان تكون هناك صناعات اخرى وقتما تم تأسيسها وتطويرها تصبح بعد ذلك قائمة بحد ذاتها بدون ان تعتمد على المورد الاساسي الذي قامت عليه عند تأسيسها.
    الم تكن هناك صناعات ضخمة للغزل والنسيج والاقمشة, في انجلترا وهي دولية لاتنتج نباتاً واحداً من القطن, ولم تعد لديها مستعمرات القطن الضخمة التي كانت تحكمها في السابق في مصر والسودان, والا توجد هناك صناعات ضخمة للصلب في اليابان وهي دولة لاتنتج كيلو واحداً من الفحم?
    لو قمنا باختيار صناعات معينة وقمنا بتأسيسها وتطويرها ودعمها, واستخدمت الآن المورد الطبيعي الذي لدينا الكثير منه وهو النفط واستغلت انها بقرب اكبر مخزون لهذا المورد في العالم, فانه ليس بعيداً انه مع مرور السنوات قد تصبح هذه الصناعات قائمة بحد ذاتها, وقد تقوم عليها صناعات اخرى وتصبح هي بدورها قائمة بحد ذاتها, وهنا تتحقق عدة اهداف اولها بالطبع ان تزيد ايراداتنا, لاننا لم نعد نصدر مورد خام طبيعي, وانما نصدره على الاقل بعد ما يتم تصفيته وتكريره.
    اما ان تجاوزنا ذلك وتطورنا الى تصنيعه في اشكال وسلع مختلفة مثل الصناعات المصنوعة من البلاستيك كالاقمشة والدهانات, والمواد العازلة وغيرها من عشرات السلع التي ممكن ان تستخرج من النفط فهذا يؤدي مرة اخرى الى مضاعفة الايرادات والى مضاعفة اعداد العمالة التي ممكن ان نوظفها في هذه الصناعات.
    وللحديث بقية



    الى متى الاعتماد على النفط (6)



    كما ذكرت في المقالات السابقة فإن تأسيس وتطوير صناعات البتروكيماويات, والصناعات الثانوية التي تعتمد عليها هو اتجاه منطقي وطبيعي لدولة غنية بمواردها النفطية مثل المملكة العربية السعودية, والاتجاه هذا له عدة فوائد, منها مضاعفة ايراداتنا, فبدلاً من تصدير نفط خام بعشرات الدولارات للبرميل, ممكن ان نقوم بتصدير نفس البرميل بعد تصفيته وتصنيعه الى منتجات عدة بمئات الدولارات لنفس حجم البرميل من النفط.
    وخلاف مضاعفة الايرادات فإن تأسيس وتطوير هذه الصناعات البتروكيماوية يؤدي الى استيعاب عشرات الاضعاف من العمالة التي نستخدمها عندما نقوم فقط باستخراج النفط والتنقيب عنه وبالتالي فإن تأسيس وتطوير مثل هذه الصناعات سوف يساعد على توظيف اعداد مضاعفة من العمالة, كما انه يساعد على تدريبهم واعطائهم مهارات عالية لأن صناعات البتروكيماويات تستخدم تقنيات حديثة وتساعد على نقل التقنية المتطورة الى اقتصادنا وتدريب عمالتنا عليها.
    ولكن هذه الاستراتيجية قائمة على تأسيس وتطوير صناعات تعتمد على النفط كمورد اساسي, وبالتالي يبدو لنا انها سوف تؤدي الى زيادة اعتمادنا على النفط وليس تخفيض هذا الاعتماد, كما هدفنا من عنوان هذه المقالات.
    هذا التصور ليس بالضرورة صحيح, فبالاضافة الى الفوائد التي ذكرناها اعلاه, فإن سياسة الاستثمار في البتروكيماويات سوف تؤدي ايضاً الى تنويع الايرادات وتقليل الاعتماد على النفط, وان كان لا يبدو ذلك واضحاً لأن هذه الصناعات هي اساساً صناعات بتروكيماوية او صناعات ثانوية قائمة على صناعات بتروكيماوية, والتي هي اساساً قائمة على النفط, وبالتالي يبدو ان اعتمادنا على النفط ما زال مستمراً, ولكن في الواقع فإن العكس صحيح -حتى وان لم يبدو كذلك- ونوضح ذلك بافتراض اننا تحولنا من دولة منتجة لسلعة النفط في شكلها الخام الى دولة تقوم بتكريره وتصفيته الى منتجات عدة, او دولة تقوم بتصنيعه الى عشرات السلع, ونقارن ما بين الحالتين:
    في الحالة الاولى, نحن نعتمد على تصدير سلعة خام فإننا معرضون لأي تحرك في سعر هذه السلعة? فارتفاع سعر برميل النفط او انخفاضه بدولار واحد في الاسواق العالمية سوف يؤدي الى ارتفاع او انخفاض ايراداتنا بمليارات الدولارات في العام, او بعشرات المليارات من الريالات سنوياً, ولا يخفى علينا اثر مثل هذه التذبذبات على الميزانية العمومية, وعلى اقتصادنا, بينما لو كنا نصدر منتجات النفط بعد تكريره وتصفيته, فهل يعقل انه في نفس اللحظة ستتغير جميع اسعار هذه المنتجات وبنفس الاتجاه? هل سيتغير سعر بنزين السيارات والكيروسين ووقود الطائرات والزفت ووقود التدفئة جميعها في نفس اللحظة? وبنفس المقدار? وفي نفس الاتجاه? هذا شيء مستبعد.
    أما لو دخلنا في مرحلة السلع الثانوية التي تعتمد على المنتجات البتروكيماوية مثل الاقمشة والبلاستيك والدهان والمواد العازلة, فإنه سيكون لدينا عشرات السلع ولا يمكن ابداً ان تتحرك اسعارها في نفس الوقت وبنفس الاتجاه, بالتالي فإن التنويع في انتاج السلع يجعل اقتصادنا اقل عرضة واقل تأثراً بالتذبذب في اسعار النفط, واقل اعتماداً عليه, وبالاضافة الى ذلك فإنه كما ذكرنا سابقاً من المتوقع ان تتطور هذه الصناعات البتروكيماويات والصناعات الثانوية لتصبح قائمة بحد ذاتها او على الاقل ليصبح جزء منها قائماً بحد ذاته, هذا يعني انه يمكن ان تستمر وبجدوى اقتصادية -حتى لو نضب او توقف توفير السلعة الخام الأساسية وهي النفط- واضطررنا لاستيرادها, او وجدنا بديلاً آخر لها.




    إلى متى الاعتماد على النفط (7)




    لا أعتقد أن هناك اختلافاً حول أهمية تطوير صناعة البتروكيماويات واستغلال مواردنا الطبيعية ومخزوننا الهائل من النفط, واعتقد ان هذا التطوير سيعطينا بديل لهذه السلعة الخام ويقلل اعتمادنا عليها, كما انه سيوفر قاعدة من الصناعات التي تدر علينا ايرادات اضافية, وتوفر لنا فرصاً وظيفية وتسمح بقيام صناعات اخرى, وبالتالي هذه من اهم السياسات أمامنا, والمفروض ان ندعمها ونستمر فيها.
    بالطبع هناك خيارات اخرى, فبالامكان في نفس مجال الصناعة ان نقوم بتأسيس وتطوير صناعات غير صناعات البتروكيماويات, كما ان هناك انشطة اخرى غير الانشطة الصناعية التي يمكن ان نطورها, ومنها نشاط الخدمات وبالذات السياحة الدينية, فلا أحد يشك ايضاً ان هناك مكاناً خاصاً للمملكة العربية السعودية وأنها تحظى بأقدس بقعتين في العالم, وانه كان ولا يزال -وبإذن الله سوف يستمر- تدفق الملايين من المسلمين للحج والعمرة والزيارة, فهذه ميزة اخرى, بل ربما تكون هي الميزة الأساسية في المملكة العربية السعودية التي كان اقتصادها قائماً عليها منذ مئات السنين.
    وبالامكان ان نقوم حالياً بتطوير صناعة خدمات الحج والعمرة والزيارة لتصبح مستمرة على مدار العام, ولكي نستفيد من هذه الاعداد الضخمة من الزوار بحيث لا تقتصر مدة اقامتهم على ايام قليلة لأداء المناسك, فكل دول العالم تقريباً تسعى لجذب الزوار اليها وتحاول ان تستفيد منهم بقدر الامكان, ولو قمنا نحن بنفس الاسلوب واستطعنا ان نمدد اقامة هؤلاء الزوار بحيث بدلاً ان يمكث الزائر الواحد اسبوعاً أو اسبوعين كمتوسط استطعنا ان نجعله يمكث اسبوعين او اربعة اسابيع, فإن هذا الاجراء له نفس الاثر على اقتصادنا كما لو اننا ضاعفنا عدد الزوار, وبالتالي ضاعفنا انفاقهم داخل المملكة العربية السعودية.
    وعلى أساسه.. فإني أوصي ان يتم دراسة ما هي الفائدة التي نجنيها داخل اقتصادنا من زيارات العمرة او الحج ونحاول ان نركز على كيفية الاستفادة من هذه الزيارات, وكيف يمكن ان نوزع هذه الفائدة على المناطق المختلفة, فالزائر او الحاج عندما يأتي الينا او يقيم لدينا, فإن هناك انشطة اقتصادية عديدة تستفيد, وربما استطعنا لو درسنا هذا الوضع بدقة, ان نضاعف من عدد المستفيدين او اماكن الاستفادة, هذا خلاف ان هناك عدداً كبيراً من مسلمي العالم الذين لهم القدرة المالية والرغبة القوية في الاقامة قرب المشاعر المقدسة, ويحلمون بأن يكونوا في مكان يستيقظون ليروا امامهم الكعبة المشرفة ويتشرفون بالزيارة يومياً وهذا شرف وفخر اكبر بكثير من ان يكون المرء امام مناظر طبيعية كالريف السويسري, او المحيط الهادي, ومع ذلك نرى (هاواي او جنيف), تحظى بأعداد هائلة من المستثمرين وتوفر لهم المساكن الخلابة, وتحصل عليهم. بل ان هناك دولاً مثل دولة الامارات العربية المتحدة قد نجحت في جذب استثمارات عقارية وسياحية ضخمة وبالمليارات, بينما كنا نعتقد ان ليس لها اي مقومات لجذب مثل هذه الاستثمارات الضخمة.
    وبالتالي بالامكان ان نجذب استثمارات كبيرة في مجال العقار وبالذات بقرب المشاعر والمناطق المقدسة, واعتقد انه مؤخراً بدأ التفكير بذلك وتم تأسيس اول مشروع يسمح للمستثمر الاجنبي بأن يستثمر في وحدة سكنية امام الحرم, واعتقد ان هذا المشروع لقي رواجاً كبيراً.
    واخيراً ولكن ليس آخراً, فإن هناك الاستثمار في الثروة البشرية, وهي اهم ثروة في أي اقتصاد, وبإمكاننا القيام بتعليم وتدريب وتأهيل اليد العاملة السعودية لتكون فعلاً منتجة, وهنا يكمن في رأيي نجاح موضوع السعودة, فهذا الهدف النبيل لا يتحقق مهما كانت وراءه من قوانين صارمة وانظمة ملزمة, وانما يتحقق لو كان الشاب السعودي فعلاً مدربا ومؤهلاً ولديه القدرة والعزيمة على العمل, وفي هذه الحالة لا نحتاج الى قوانين او انظمة لكي تتم السعودة. بالعكس عندما نجد ان هناك اكثر من 4 ملايين عامل اجنبي داخل اقتصادنا, بينما عدد العمال السعوديين لا يتجاوز المليون وبالاضافة لذلك نجد اننا نحتاج الى انظمة صارمة وقوانين اجبارية لكي يتم تعيين العمالة السعودية, فهذا دليل واضح ان هناك مشكلة واننا اخفقنا في تدريب او تأهيل العمالة السعودية لكي تدخل مجال العمل.
    وللحديث بقية..

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
المنتدى غير مسؤول عن أي معلومة منشورة به ولا يتحمل ادنى مسؤولية لقرار اتخذه القارئ بناء على ذلك