المضاربون.. بكتيريا السوق النافعة


يصف البعض مضاربي سوق الأسهم السعودية ببكتيريا السوق الضارة، مستندين في ذلك إلى ظن خاطئ بأن المضاربين في مقدورهم تحريك السوق وفق رؤيتهم الخاصة ومصالحهم الضيقة، وهذا الظن غير صحيح جملة وتفصيلا لعدة أسباب منها، أن المضاربين ، وإن كان في مقدورهم تحريك سهم أو أسهم في نطاق معين فهم ليسوا في كل الأحوال قادرين على ذلك كل الوقت لأنهم ليسوا اللاعب الوحيد في السوق، فهناك المحافظ الاستثمارية أيا كان نوعها بنكية أو خاصة تدار من قبل البنوك أو فردية، وهذه المحافظ متى رأت السهم تجاوز سقفا معينا لا يتناسب مع عطاء الشركة أرباحها، العائد على السهم مقابل السعر السوقي، مكرر الربح، قائمة التدفقات المالية باختصار التحليل المالي، إضافة إلى التحليل الفني فإنها تسعى لتصفية محافظها من هذا السهم لأن مخاطره أصبحت عالية، مما يرهق المضاربين وقد يكبدهم الخسائر.

إضافة إلى اختلاف مصالح المضاربين كل وفق سير محفظته الاستثمارية مما يجعل كل واحد منهم قلقا من الآخر، سواء في حالة ارتفاع السعر والتخوف من البيع أو في حالة تراجع السهم والبدء بجمعه من جديد، وإذا افترضنا تنسيق كبارهم في أوقات معينة فان نقض الاتفاق وخيانة أحدهم للآخر إذ جاز التعبير وارد، وهذا في مصلحة السوق في النهاية لأنه يعيد توازنه، ودخول صغار المضاربين على الخط مما يفسد خطط كبار المضاربين الذين يؤجلون خططهم أحيانا، وقد تتغير الظروف مع هذا التأجيل فيجدون أنفسهم في مأزق. ورغم كل ذلك فأنا لست من مؤيدي عملية المضاربة في السوق ذلك أن الدراسات على الأسواق أثبتت أن الاستثمار طويل الأمد أجدى من المضاربة ولكن وفق تخطيط سليم للمحفظة يراعي أوزان أسهم الشركات وقطاعاتها. وأنا اختلف مع تعريف المضاربين بالبكتيريا الضارة لأنني اعتبر المضاربين بكتيريا السوق النافعة لعوامل عدة، أولها أن المضاربين هم من يضع التسعيرة للسوق ولو خلت السوق منهم لوجدنا عروضا بدون طلبات أو طلبات بدون عروض، مما يخلق حالة شلل لسوقنا لا يتمناها أحد، ذلك أن المستثمرين مهما بلغت سعة محافظهم سنجدهم يشترون ما يريدون من السوق ثم يخرجون منه، ولنفترض أن مستثمرا (ما) أراد أن يشتري مليون سهم في شركة (س) فانه سيشتري ما يريد في أسبوع أو شهر ثم يغادر السوق، وثانيا أنه وضع طلبات في شركة واحدة، فمن سيضع طلبات للشركات الأخرى أنهم المضاربون. ثالثا أن المضاربين ركن من أركان أي سوق أسهم والسوق السعودية إحداها ووجودهم مفيد لماذا؟ لأنهم يقرأون أحداث السوق ويبحثون عنها وكبارهم يجري دراسات مستقبلية على البيانات التاريخية للشركات ويتوقعون سعرا معينا للسهم يصله متى واكبت أحداث الشركة رؤيتهم. رابعا أنهم ليسوا في كل الأحوال الجلاد فهم أحيانا ضحايا تقلبات السوق ونحن نعرف مضاربين خرجوا من السوق أما لسوء تقديرهم وإما لسوء تصرفهم وعدم معرفتهم بآلية السوق(والحديث هنا ليس من باب التشمت) ولكنهم حالة حدثت في السوق يجب أن لا تغفل بل يجب الاستفادة منها.

وبقي أن نقول إن البكتيريا النافعة لها مضار معينة مثلها مثل الدواء وأعراضه الجانبية منها اختلاق الشائعات بهدف التأثير على السهم سلبا أو إيجابا، فقد ردد المضاربون شائعة منح «سافكو» اسهم مجانية، لكن الشركة ردت بالنفي وهم لا يزالون مصرون على شائعتهم، ومثل ذلك يقال عن شركة الراجحي التي يردد المتعاملون توجهها للمنح منذ ثلاث سنوات وهو ما لم يحدث، إضافة إلى نفي شركة سيسكو الأخير. ولو افترضنا أن شركة نفت ثم منحت فهل يعني ذلك صدق المضاربين لا أنه يعني صحة قراءتهم فقط لأنهم جهلوا التوقيت وهو المهم في مثل هذه الحالات لأن الاستثمار عبارة عن مال مقابل زمن.


علي المزيد