الشركات تترقب صدور اللائحة التنفيذية لنظام سوق المال لتيسير تمويل التوسعات

التاريخ 28-1-1425
الموافق 19-4-2004
العدد 1006
شئون اقتصادية

المصدر : تركي فدعق (جدة)

يترقب المجتمع الاقتصادي صدور اللائحة التنفيذية للسوق المالي خلال الاسابيع القادمة والتي سيكون لها اثر ايجابي على البيئة الاقتصادية وسوق رأس المال.
وتأتي هذه الدراسة لتلقي الضوء عن الاسواق المالية من خلال ثلاثة عناوين رئيسية هي:
-نشأة الأسواق المالية وتطورها.
- عناصر ومكونات السوق المالي
-الأدوات الاستثمارية المتداولة في الأسواق المالية.
اولا: نشأة الأسواق المالية وتطورها.: يقصد بالسوق في الاصطلاح الاقتصادي المكان الذي ينشأ عندما تلتقي فيه قرارات البائعين والمشترين بشأن تبادل سلعة أو خدمة او مورد وعندما تتفاعل فيه قوي العرض مع قوي الطلب لتحديد الأسعار ولا يهم ان كان المشترون والبائعون ينظرون الى بعضهم بعضاً من خلال حواجز تفصل بينهم أو يتحدثون هاتفيا أو عن طريق التلكس أو الفاكس أو شبكة الانترنت أو يستخدمون الحمام الزاجل في ابرام صفقاتهم.
وبالتالي فلا يوجد سوق واحد لجميع السلع والخدمات أو الموارد. وانما يوجد سوق خاص لكل سلعة أو خدمة أو مورد, اذا توفر مشترون يطلبون السلعة أو الخدمة أو المورد وبائعون أو منتجون يعرضونها, وبهذا يمكن القول بأنه يوجد في الحياة الاقتصادية الواقعية عدة أنواع من الاسواق وفقاً لنوع السلعة التي تتعامل بها مثل: سوق الخضار والفاكهة, وسوق الملابس, وسوق القمح, وسوق البترول وسوق البن, وسوق الذهب, وسوق السيارات, وسوق العمل, وسوق رأس المال, وسوق العملات.
ولما كان السوق المالي هو موضوع هذا البحث, فانه لابد من وضع تعريف موجز له: حيث يؤخذ من مجموع الأراء المكتوبة للعلماء والباحثين الاقتصاديين أن السوق المالي: ما هو الا المكان الذي يهيئ الفرصة للأرصدة النقدية الفائضة عن حاجة مالكيها لكي توضع في متناول أيدي الباحثين عنها من أصحاب الخبرة والمهارة من المنتجين وأصحاب المبادرات الصناعية والتجارية ويتم ذلك من خلال الوسطاء. يذكر التاريخ الاقتصادي أن أشهر وأهم الأسواق المالية التي عرفت في أوروبا بل في العالم
(وكان التعامل معها يتم بالسندات والكمبيالات والسندات الأذنية والمعادن النفيسة) هي أسواق البندقية وجنوه في ايطاليا وسوق فرانكفورت وكانت تلك الأسواق من أكثر الأسواق المالية الأوروبية تعاملاً مع منطقة الشرق الأوسط التي شهدت في تلك الفترة نشاطاً تجارياً هائلاً باعتبارها مركز اتصال بين الشرق الأقصى وأوروبا. وفي أعقاب الثورة الصناعية وتطور الفكر الاقتصادي الرأس مالي القائم على مبدأ التخصص وتقسيم العمل, بدأ تغيير هيكلي في أنماط النشاط الانتاجي وأدواته, وأصبح انتاج السلع المختلفة يحتاج الى أدوات انتاجية جديدة, والى موارد مالية ضخمة تفوق القدرة الفردية للمستثمر الفرد, كل تلك الأمور كانت نقطة البدء في تطور مفهوم الشركات المساهمة التي تقوم على أساس مشاركة عدد كبير من المساهمين في ملكية الشركة, تاركين للادارة التي ينتخبونها ممارسة العمل, ورسم السياسة العامة للشركة.
ومع نهاية القرن السابع عشر كثرت البنوك وازداد عددها في ايطاليا أولاً ثم في بريطانيا, فعلى سبيل المثال ارتفع عدد البنوك من (12) بنكاً في عام 1750م الى سبعمائة وواحد وثمانين بنكاً في عام 1821 م, وبذلك تبوأت ''لندن '' في القرن التاسع عشر مركزاً مالياً دولياً بسبب التجارة الواسعة عبر البحار مع المستعمرات وتوابعها, وكانت قبل ذلك '' البندقية '' في القرن الثامن عشر و'' امستردام '' في القرن السابع عشر بينما أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية من أكبر الاقتصاديات في العالم في القرن العشرين. أما الأسواق المالية فقد نشأت بحكم الضرورة التي تطلبها التوسع الكبير في انشاء الشركات المساهمة والمشاريع التجارية والاستثمارية التي بدأت تبحث عن مدخرات الأفراد وتعبئتها.
وبهذا وجد المدخرون في الترتيبات الجديدة التي قامت بها الشركات المساهمة وضعاً مناسباً لتوظيف أموالهم وتوفيراً للوقت والجهد, وتحقيقاً للمكاسب, الأمر الذي دفع الحكومات الى اصدار التشريعات والقوانين المنضمة لهذا النوع الجديد من الشركات لضمان حقوق المساهمين الذين لم يكونوا يعرفون في كثير من الأحيان شيئاً عن نشاط تلك الشركات. وحتى تستطيع تلك الشركات اجتذاب مدخرات الأفراد وتشجيعهم على الاكتتاب بالأسهم والسندات الجديدة, كان لا من ايجاد الوسيلة المناسبة لتمكينهم من التصرف بتلك الأوراق (الأسهم والمستندات) التي تثبت ملكيتهم في مشاريع قائمه أو تثبت ديونهم التي في ذمة المقترضين, وبتالي توفير السيولة النقدية لأوراقهم المالية (الأسهم والمستندات) في أي وقت يشاءون, وقد تمثلت تلك الوسيلة بالأسواق المالية المنظمة, والتي نشأت نتيجة لتطور اقتصادي واجتماعي, فكانت بورصة ''باريس '' التي نشأت في عام 1724م, وبورصة ''لندن''في عام 1773م, والملاحظ في نشأة مثل هذه البورصات أنها بدأت جميعها في المقاهي متخذة منها مكاناً للاجتماع والتداول, وابرام الصفقات.
الا أن البورصات على اختلاف أنواعها لم تتبوأ مكانتها المرموقة في الحياة الاقتصادية الا منذ أواسط القرن التاسع عشر, عندما نشطت حركة تقدم العلوم والاختراعات الجديدة حيث تم استغلال هذا التقدم استغلالا عملياً في مختلف الميادين الاقتصادية (الزراعية- التجارية- الصناعية),وفي تحسين وتطوير وسائل النقل والمواصلات, واستغلال الموارد الطبيعية, وقد أتاح ذلك التطور, والتقدم العظيم انقلاباً اقتصادياً تمثل في الأمور التالية:
- تركز الأموال في المؤسسات المالية والتجارية والصناعية الضخمة التي تحتاج الى أموال هائلة كالبنوك الكبرى, والمتاجر الضخمة وشركات النقل والتأمين والاتصالات.
- نمو الانتاج الزراعي والصناعي والتعديني نمواً هائلاً, رافقه توسع في الاستهلاك بشكل لا مثيل له من قبل.
- اتساع دائرة التبادل بين شعوب العالم, نتيجة للعلاقات الاستعمارية وقد شمل هذا التبادل, جميع السلع الأولية والمواد الخام من البلدان الخاضعة للاستعمار, والدول التابعة في آسيا وافريقيا الى دول المركز في أوروبا, وانسياب المنتجات الصناعية من الدول الاستعمارية الى أسواق المستعمرات. وقد رافق ذلك التقدم والتطور زيادة في لجوء الحكومات الى الاقتراض الداخلي من شعوبها أو الاقتراض الخارجي من الدول الغنية لتغطية النفقات المتزايدة لها, في غياب أجهزة رقابية ونظم ضريبية ملائمة, وبسبب الحروب والمغامرات التي كان يقوم بها الحكام آنذاك, وبهذا أصبحت سندات الدين طويلة الأجل, وأذونات الخزانة في مقدمة الأدوات الاستثمارية التي تتجه اليها الأموال طلباً للتوظيف, وكانت السندات تشغل حيزاً من نشاط السوق المنظم للأوراق المالية,كما أصبحت السوق المنظمة للأوراق المالية جزءاً أساسياً من آلية الاقتصاد الحديث للاعتبارات التالية:
- تسهيل اقتراض الحكومة, ومشروعات القطاع الخاص.
- اعلان أسعار الأوراق المالية وتمكين جمهور المستثمرين من متابعة حظوظ استثماراتهم, ومن ثم البحث عن القنوات الاستثمارية المناسبة لمدخراتهم.
- حماية جمهور المستثمرين من عمليات النصب والاحتيال.
- ابراز التوقعات الاقتصادية للبلد الموجود فيه السوق المنضمة للأوراق المالية, حيث تعمل حركة السوق كمؤشر للوضع الاقتصادي العام.
في ضوء ما تقدم يمكن القول أن الأسواق المالية في الدول المتقدمة تطورت تاريخياً بصورة متزامنة مع التغيرات التكنولوجية, وتنامي حجم الانتاج, ووحدات الأعمال الكبيرة بصورة أسرع من الوسائل المتاحة للتمويل الذي تحتاجه الاستثمارات من الثروات الخاصة, الأمر الذي ترتب عليه زيادة عدد الأسواق المالية في دول العالم زيادة كبيرة, وزيادة نشاطها زيادةً هائلة حيث وصل عدد الأسواق المالية في الولايات المتحدة الى ''أربعة عشر'' بورصة في الوقت الحاضر, وأهمها وأكبرها بورصة نيويورك, وفي بريطانيا اندمجت كل الأسواق المالية منذ عام 1913م في جهاز واحد هو بورصة لندن, وفي اليابان تعمل في الوقت الحاضر ثماني بورصات أهمها بورصة طوكيو والتي تستأثر بحوالي 75% من مجموع المضاربات في اليابان, وفي ألمانيا توجد ثماني بورصات أيضاً أهمها بورصة فرانكفورت والتي تستأثر بحوالي 45% من مجموع المضاربات في ألمانيا وفي فرنسا يوجد سبع بورصات أهمها بورصة باريس وفي سويسرا يوجد سبع بورصات أيضاً أهمها بورصة جنيف وبورصة بال.

ثانيا: عناصر ومكونات السوق المالي:
- ان قيام السوق المالي وممارسته لنشاطه بفعالية وكفاءة يحتاج لتوفر عدة عناصر تعتبر أركانا أساسية للسوق المالي الفعال وهذه العناصر هي كالتالي:
أ- التنوع:
- ويقصد به توفر تشكيلة متنوعة من الأوراق المالية وأوجه الاستثمار تهيئ لكل مستثمر اختيار الجهة المناسبة له من حيث أداة الاستثمار والتكلفة التي يتحملها والعائد من الاستثمار ودرجة المخاطرة.
ونظراً لأهمية هذا العنصر في زيادة فعالية وكفاءة السوق المالي فقد اتجهت الهيئات المشرفة على الأسواق المالية في مختلف الدول الى تقسيم السوق المالي الى عدة أقسام يتخصص كل قسم بتوفير مجموعة مختلفة من الأدوات الاستثمارية وفيما يلي توضيح لهذه الأسواق والأدوات الاستثمارية التي يتم تداولها في كل سوق:
- سوق الأوراق المالية:
حيث يتم تداول الأدوات الاستثمارية التالية: الأسهم والسندات بأنواعها.
- السوق النقدي:
في هذا السوق يتم تداول أدوات استثمارية متعددة اهمها: شهادات الايداع القابلة للتداول, الكمبيالات المصرفية, الأوراق التجارية, اتفاقيات اعادة الشراء.
- سوق العملات الأجنبية:
هذا السوق يتيح للمستثمرين بيع وشراء العملات الأجنبية وتحقيق ربح من الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء علما بأن العملات الرئيسية المتداولة في هذا السوق هي الدولار الأمريكي, الجنيه الاسترليني, اليورو, الين الياباني.
- سوق العقود المستقبلية:
في هذا السوق يتم تداول ادوات استثمارية متعددة اهمها:أذونات الخزانة المستقبلية, العقود المستقبلية للسلع, سندات الخزانة المستقبلية, عقود العملات الأجنبية المستقبلية.
ب- المنافسة:
يقصد بالمنافسة أن يكون جميع من ينتظر منهم البيع و الشراء في السوق على علم مستمر بالأسعار التي تتم بها الصفقات, وعلى علم بما يعرضه البائعون وما يطلبه المشترون وأن يكون هناك سعر واحد في كافة أنحاء السوق, وأن تتوفر للمتعاملين حرية الدخول و الخروج من السوق.
ويرى عدد من الخبراء الماليين أن السوق المالي يعتبر سوق منافسة كاملة اذا كان باستطاعة كل مستثمر في جميع الأوقات أن يعرف أفضل الأسعار التي يستطيع بها أن ينجز عمليات البيع والشراء.
ج- تكنولوجيا المعلومات:
يقصد بهذا العنصر ضرورة أن يتوفر في السوق المالي ما يلي:
1- منظومة متكاملة من المعلومات المالية توفر للمتعاملين معلومات دقيقة وفورية حول أسعار الأدوات المالية المتداولة, وحجم عمليات التداول بالاضافة الى مؤشرات عن العرض و الطلب في الحاضر والمستقبل, وحركة الأسعار اليومية التي تصدر عن السوق.
2- شبكة الكترونية تظهر لحظة بلحظة أسعار بيع الأوراق المالية المتداولة وأسعار شرائها في السوق وحركة المؤشر الرئيسي للسوق المالي, بالاضافة الى التقارير الدورية الصادرة عن الشركات لحظة الاعلان عنها وكافة الأخبار والبيانات النقدية و المالية والاقتصادية المهمة والتي لها تأثير في اتخاذ القرار الاستثماري.
د- التكامل الاقليمي والدولي:
ويقصد بذلك توحيد قوانين السوق المالي و النظم المحاسبية و معايير التداول مع القوانين والمعايير العالمية.
وتجدر الاشارة هنا الى أن حجم السوق السعودي يمثل 42% من حجم السوق في الشرق الأوسط مما يعد ميزة قوية للاقتصاد الوطني ليكون نواة فعلية لأي تجمع اقتصادي عربي في المنطقة.
هـ- المتعاملون في السوق المالي:
ينحصر المتعاملون في السوق المالي في الشخصيات الاعتبارية والطبيعية التالية:
1- الشركات المساهمة العامة:
وهي الشركات التي يتم تداول أسهمها في السوق المالي أو سنداتها التي تطرحها لتمويل مشاريعها التوسعية او الجديدة.
2- البنك المركزي '' مؤسسة النقد العربي السعودي'':
يعتبر البنك المركزي من المشاركين الرئيسيين في السوق المالي في كافة الأسواق المالية العالمية من خلال بيع وشراء العملات العالمية لتكوين احتياطي نقدي يدعم العملة المحلية وتزويد البنوك المحلية بحاجتها من العملات الأجنبية بالاضافة الى بيع وشراء بعض الأوراق المالية مثل سندات الدين العام للتخفيف من حدة التضخم أو الكساد.
3- البنوك التجارية والصناعية وبنوك الاستثمار والمؤسسات المالية المتخصصة:
وذلك من خلال قيامها بتسويق الاصدارات الجديدة في السوق الأولى (سوق الاصدار) كما تقوم بوظيفة متعهد التغطية حيث تكتتب بالأوراق المالية التي لم يكتتب بها الجمهور بالاضافة الى قيام بعضها بوظيفة الوسيط المالي في سوق الأوراق المالية.
4- الوسطاء الماليون:
الوسيط المالي هو الشخص المرخص بموجب أحكام قانون السوق المالي يقوم بأعمال محددة تجعله حلقة الوصل بين جمهور المستثمرين و والجهات المصدرة للأوراق المالية وبعبارة أخرى فان الوسطاء الماليون هم عبارة عن أشخاص طبيعيين او معنويين يشكلون حلقة الوصل بين الأموال الباحثة عن الاستثمار وبين الاستثمار الباحث عن الأموال.
5- صناديق الاستثمار:
هي صناديق يتم انشاؤها بهدف تجميع الأموال من الأفراد أو المؤسسات مقابل اصدار وثائق استثمار, واستخدام حصيلة تلك الأموال في الاستثمار في الأوراق المالية بما يحقق التنويع الجيد والعائد المناسب لحملة الوثائق.
وهي اما أن تكون خاصة كالصناديق الاستثمارية التي تنشئها البنوك او تكون عامة كصندوق التأمينات الاجتماعية أو صندوق الاستثمارات العامة.
ويرى بعض الخبراء أن وظيفة صانع السوق في الأسواق الناشئة كالسوق السعودي من الأجدى أن تناط بصناديق الاستثمار العامة اضافة بالطبع الى مؤسسة النقد لما له من نفع عام للمجتمع.
6- الأفراد والمؤسسات والشركات الخاصة (المستثمرون):
يتعامل الأفراد والمؤسسات مع السوق بشكل كبير من خلال الحسابات الجارية والودائع لأجل هذا بالاضافة الى تعاملهم الواسع في سوق الأوراق المالية كمستثمرين او مضاربين.
ثالثا: الأدوات الاستثمارية المتداولة في الأسواق المالية:
مع تطور الأسواق المالية أصبحت الأدوات التي يتم اصدارها والتعامل بها متعددة, لذلك قمنا بتقسيم الأدوات الاستثمارية التي يتم تداولها في الأسواق المالية الى التالي:
1- أدوات الملكية.
2- أدوات المديونية.
3 - عقود الخيار.
4- العقود المستقبلية.
ونتناول كل انواع هذه الادوات بشيء من التفتصيل في حلقة قادمة

tfadak@hotmail.com
00000000000000000000000000000000000000000
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
جدة: 6760000