مـقالة كتبت في 21/08/1999م الموافق 10/05/1420هـ

إرتفاع أسعار النفط . . نعمة أم نقمة؟
لم تشعر الدول المنتجة والمصدرة للبترول بالإطمئنان والإستقرار الإقتصادي منذ حوالي 21 شهر إلا في الشهور الأخيرة عندما وصل سعر البرميل الواحد ولأول مرة إلى 20 دولار . وأرتفع معدل سعر نفط برنت الذي ينتج من بحر الشمال وتستند إليه معظم البلدان المصدرة للنفط (أوبيك) لقياس معدل سعر نفطها إلى 20.50 دولار للبرميل الواحد في سوق التبادل الدولي للبترول في لندن الأسبوع الماضي وهو أعلى مستوى تشهده الأسعار منذ نوفمبر 1997م.

وجاءت هذه المتطورات السريعة في الأسعار مفاجئة إيجابية لم يتوقعها الإقتصاديون المتخصصون في شئون البترول ولم تتوقعها الدول المصدرة نفسها حيث كانت التوقعات أن يصلوا إلى هذا السعر في نهاية العام وهي توقعات تكهن بها وزير الطاقة الأمريكي قبل عام ورغم هذه المفاجئة السارة ورغم جميع الجهود التي تُبذل من بعض الدول المستوردة وبعض الدول الصناعية نحو الضغط على الأسعار ومحاولة إغراق الأسواق والرجوع بالأسعار إلى أدنى مستوى ، إلا أن سياسية دول الأوبيك ودول أخرى منتجة من خارجها أثبتت أنها قادرة على السيطرة على تدهور أسعار النفط وقادرة على التحكم في العرض ليسهم في زيادة الطلب عليه وهي السياسة التي أستطاعت أن تعالج مشكلة إغراق السوق رغم أثرها السلبي على حجم الإيرادات نظراً لإنخفاض الكميات . إلا أنها في المقابل أستطاعت أن تصل بالأسعار إلى 21 دولار في النصف الأول من هذا العام . ويتوقع الخبراء أن يستمر هذا الوضع إلى الحد 19 وعشرين دولار في النصف الثاني .

ويُتوقع أن تشهد الأسعار المزيد من الضغط نتيجة قيام روسيا بوقف تصدير المنتجات النفطية حالياً ، بالإضافة إلى إعلان الأوبيك حرصها على إستمرار قرارها بإتفاق مارس الماضي بتخفيض الإنتاج حتى مارس عام 2000م .

ولقد كان لإرتفاع أسعار النفط إلى 20 دولار أثر كبير على إرتفاع أسعار المنتجات النفطية بشكل غير طبيعي ومستغرب في سوق روتردام حيث أرتفع سعر الطن الواحد من البنزين الأوربي الرفيع إلى 214 دولار أي بزيادة بنسبة 95% مقارنة ببداية العام . وأرتفع سعر الديزل إلى 163 دولار للطن أي بزيادة بواقع 55% خلال نفس الفترة ويتوقع بعض الخبراء الإقتصاديين في مجال تصنيع السيارات في الولايات المتحدة ، بأنه لو أستمرت الأسعار بهذا المستوى سيكون العام القادم عام نكسة إقتصادية على السيارات الكبيرة الحجم الأمريكية وسيؤثر ذلك على حجم مبيعاتها داخلياً وخارجياً . وسيكون هناك أسواق أكبر للسيارات أربعة سلندر .

ويعلق أحد الإقتصاديين على إرتفاع أسعار البترول . هل ياترى ستعمل دول الخليج على إستثمار هذه الزيادة في الأسعار الإستثمار الجيد الذي ينعكس على حركة التنمية في هذه المنطقة وعلى وجه الخصوص تطوير البنية الأساسية وتغطية الإحتياجات الأساسية ؟

وهل إرتفاع الأسعار الذي نعتبره نعمة على الدول المنتجة والمصدرة هل هو نقمة على الدول الصناعية ستعمل على وضع الخطط الجديدة لتخفيض الأسعار.

أو وضع الخطط للإستفادة القصوى من زيادة دخول الدول المنتجة لحسابها ؟ مثل رفع أسعار المنتجات المصنعة والمصدرة لأسواقنا أو رفع أسعار الخدمات المقدمة لأسواقنا .

حيث تعودنا على أن تدفع أسواقنا ضريبة إرتفاع أسعار النفط ولا تستفيد أسواقنا من ميزة أنخفاض أسعار النفط عالمياً .