مـقالة كتبت في 19/06/1999م الموافق 05/03/1420هـ

الشركات المساهمة . . وأزمــة المشـــاريع
إن وقفة تحليل للنتائج السلبية التي أظهرتها أسهم الشركات المساهمة السعودية مؤخراً يدفعنا إلى إثارة العديد من الإستفسارات والأسئلة ووضع علامات إستفهام عديدة عن الأسباب ؟

إنهيار مؤلم .. حيث وصلت أسعار بعض الأسهم لبعض الشركات بما يساوي سعر السهم نصف أجرة تاكس من مطار الملك عبد العزيز بجدة إلى وسط المدينة. والبعض وصل إلى قيمة وجبة مُفردة بأحد مطاعم الأكل السريع الحديثة.

نتائجٌ سلبية ووضعٌ مؤسف وحالةٌ صعبة على حملة الأسهم المحدودة من صغار المساهمين . وأفضل عذرٍ ومخرج من هذا هو التعلل بالظروف الإقتصادية الصعبة حيث تمثل أفضل شماعة تعلق عليها النتائج السلبية .ويظل الأمل معقود على تحسن الظروف .

وإن كانت الحقيقة كما يراها البعض أنها أزمة مشاريع إقتصادية ناجحة . وأزمة أجواء مشجعة لنجاح المشاريع . ويستسلم البعض للوضع القائم ويتجرأ أحياناً البعض الآخر بمحاولة إتخاذ قرارات إستراتيجية مصيرية . مثل قرارات دمج الشركات التي تعاني مع بعض الشركات الناجحة أو قرارات جريئة مثل قرارات التصفية الطوعية وإعادة المتبقي من رأس المال لأصحابه من المساهمين .

أو قرارات مرتبطة بإستراتيجية جديدة نحو الإستثمار في مشاريع إستثمارية إقتصادية مدروسة سواءاً لمشاريع جديدة أو لمشاريع قائمة شريطة عدم إعتماد هذه المشاريع الجديدة على الدعم الحكومي كأساس لنجاحها مثل المشاريع الزراعية التي حققت في الماضي أرباحاً على أكتاف الدعم الحكومي ، وفي غياب الدعم نظراً للظروف الإقتصادية وصلت أسهم هذه الشركات إلى المستوى الذي وصلت إليه اليوم . نظراً لعدم إقتصاديات مشاريعها الزراعية ، في الوقت الذي وصلت فيه أسعار طن الماء أضعاف سعر طن المحصول .

وأصبحت أسطورة الشركات الزراعية أسطورة من ضمن أساطير أيام الطفرة .

نعم إنها أزمة تعيشها بعض الشركات المساهمة ورغم أن البعض يصر على ربط الأزمة بالظروف الإقتصادية إلا أنني أؤوكد بأن الظروف الإقتصادية قد تكون أحد الأسباب وليست كلها . إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في أزمة المشاريع .. وأزمة القرارات الحكيمة لهذه المشاريع . نعم أن هناك أزمة في المشاريع الإستثمارية الإقتصادية الناجحة في المملكة . وفي غياب مطوري المشاريع تبحث العديد من الشركات المساهمة على المشاريع الإستثمارية الناجحة للمساهمة فيها. ورغم غياب صانعي القرار في بعض مجالس إدارات الشركات المساهمة . إلا أن الأعضاء الذين أصيبوا بالإحباط والملل لازالوا متمسكون بمقاعدهم في العضوية أملاً في المعجزات . والبعض منهم يُعتبر أحد حجار العثرة في هذه المجالس .

إن أزمة بعض الشركات المساهمة تحتاج إلى قرارات جريئة أما الإندماج أو التصفية أو قرارات قوية مدروسة للتوسع في الإستثمار المستقبلي وبنظرة طموحة وبإرادة وعزيمة قوية . إنها حقيقة تواجهها وواقع تعيشه العديد من الشركات المساهمة . وهو نقد ذاتي يستهدف المصلحة العامة . وعلى وجه الخصوص مصلحة المساهمين أصحاب الأسهم المحدودة الذين ينظرون بكل أمل إلى عوائد إستثماراتهم بعد طول إنتظار ويعتقد بعض المساهمين أن على الجهات الرسمية المعنية التدخل لمعالجة الموقف في الشركات المساهمة التي تنهار أسهمها يوماً بعد يوم . ويرى البعض أن على مجالس إدارتها إتخاذ القرار الإستراتيجي لوقف نزيف الإنهيار . وأرى شخصياً بضرورة تعاون كل الأطراف لمعالجة الموقف وإن إستمرار إنهيار أسهم بعض الشركات المساهمة سوف يضعف ثقة المساهمين مستقبلاً للمساهمة في شركات مساهمة جديدة أو الموافقة على زيادة المساهمة في زيادة رأس المال في الشركات القائمة .

إن غياب الدراسات الإقتصادية الجيدة وإن غياب مطوري المشاريع الإستثمارية المستقبلية سيخلق أزمة المشاريع .

وإن غياب المشاريع سيؤدي إلى مزيد من التجميد لرؤوس الأموال في البنوك أو قد يؤدي إلى خروج هذه الأموال إلى خارج نطاق الحدود .

إنها أزمة مشاريع ! وأزمة قرارات جريئة مثل قرارات التصفية أو قرارات الدمج أو التوسع في الإستثمار المدروس .

وهي كلمة للمساهمين … إن من يلتزم الصمت سيكون آخر من يعلم .. وأضعف من يعترض .. وأول من يعاني ..

وأوؤكد لكم بأنه لا توجد حقوقٌ ضائعة . . . وإنما يوجد أناسٌ يضيعون حقوقهم .

وهي رسالة لأعضاء مجالس الإدارات في بعض الشركات المساهمة ، إن من لا طموح له سوى كرسي العضوية وبروتكول العضوية . فأكرم وأشرف له أن يترجل ويتيح الفرصة لجيل جديد من المساهمين الطموحين في العمل الصادق التوجه.