مـقالة د/ عبدالله صـادق دحــلان ليوم السبت 01/01/2000م الموافق 24/09/1420هـ

توقعات إقتصادية لعام 2000م
دراسات عديدة وأبحاث متعددة من قبل بعض الإقتصاديين المحترفين نتج عنها توقعات إقتصادية لعام 2000 أو بالأحرى للقرن الأول في الألفية الثالثة . وإن كنا نحن الإقتصاديين نعتمد في كثير من توقعاتنا على البيانات والأرقام والتحليلات الإقتصادية للنتائج السابقة ونعتمد على تركيب الأرقام لتعطينا مدلولات نستطيع من خلالها نبني توقعاتنا المستقبلية ، إلا أن جميع التوقعات تظل في علم الغيب نظراً لعدم قدرتنا على فصل التوقعات الإقتصادية المعتمدة على الأرقام والتحليل الإقتصادي عن الظروف الغير طبيعية التي قد تحدث وتغير جميع التوقعات ، مثل الحروب والزلازل والأعاصير والجفاف والأزمات السياسية والأمراض والتقلبات في الأنظمة والقوانين .

ومع هذا فإنني ومن خلال قرائتي المتعددة في بعض من الأبحاث أطرح على القراء اليوم بعض من هذه التوقعات لبعض من جوانب الأعمال في الألفية الثالثة ومع ثبات الظروف الغير طبيعية أقدم ملامح نستطيع أن نستقرئ منها مستقبل بعض هذه القطاعات والتي نشرتها بعض مراكز الأبحاث ولخصتها مجلة المجلة السعودية . والتي سأقتبس منها بعض هذه التوقعات .

حيث يرى بعض الإقتصاديين بأن الإقتصاد العالمي سيشهد توسعاً متواصلاً في عام 2000 . ففي بلدان منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD سيكون معدل النمو حوالي 3% بينما تتمتع الأسواق الناشئة بنسبة 4% . وفي أمريكا ثمة دلائل جيدة تشير إلى توسع مطرد . وفي كل مكان آخر سوف تستمر الحكومات في إتباع سياسات الحوافز الإقتصادية ، وتبدو اليابان والصين في حالة ضعف . وسوف يعتري القلق وول ستريت (مركز السوق المالية في الولايات المتحدة) .

ويتوقع أن تكون هناك فترة توعك تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر فيما يستعيد العالم وضعه السوي بعد إرتباك الأجهزة الإلكترونية بحلول سنة 2000 . وسوف تعمم موجة من الدعاوي القضائية وتزيد حالات إفلاس الشركات بسبب مشاكل السيولة النقدية الناجمة عن التخزين الإحتياطي خلال سنة 1999.

وسوف يؤدي التقارب والإلتقاء بين تقنيات المعلومات والإتصالات إلى تغيير الصناعات كافة ، ونحن نمر بعصر تحولات جذرية ، وسوف تصبح المعاملات المتبادلة بين المشروعات المختلفة هي العنصر الغالب على التجارة الإلكترونية ، إذ ستبلغ قيمتها 1.3 تريليون دولار بحلول سنة 2003 . ولن تبقى سوى شركات قليلة من دون عمليات في كلا العالمين الواقعي والإفتراضي .

وسوف يشهد عام 2000 مفاوضات جديدة بشأن منظمة التجارة العالمية . ويريد الإتحاد الأوروبي أن يشمل جدول الأعمال موضوعات الإستثمار وقواعد المنافسة وصيانة البيئة . وتتذمر الولايات المتحدة من أنهم يناقـشون أي شـئ ما عدا الزراعة .

أما قطاعات انتاج الصناعات الجوية تنتظرها أخبار مفرحة وأخرى سيئة ، فسوق الطائرات التجارية الجديدة خلال السنوات العشر المقبلة تبلغ قيمتها 585 بليون دولار ، وحتى سنة 2009 سوف تدخل الخدمة 8600 طائرة لنقل الركاب و225 طائرة لنقل البضائع . وسوف يتمثل النمو الحقيقي في صناعة الطائرات النفاثة الخاصة بالرحلات الإقليمية وذات الممر الواحد بين مقاعدها ،وذلك لأن شركات الخطوط الجوية تريد التقليل من عدد المقاعد الخالية التي تزيد من الخسارة . وبالتالي فسوف تنكمش سوق النفاثات الضخمة ذات الممرات المزدوجة بين صفوف المقاعد .

رغم هذه الأخبار السارة فإن صناعة الطيارات مقبلة على أوقات عصيبة ، فيما يواجه الصناع إنخفاضاً دورياً في حجم الطلب مع بقاء أسعار النفط في مستوى مرتفع . وسوف تحتاج شركتا " بوينج" و "إيرباص" إلى مزيد من خفض النفقات .

وأنتهت تقريباً عملية توحيد صناعة الدفاع الأمريكية وآن الأوان لإعادة إبتكار العلامات التجارية ودمج المخلفات ، وخطط الإدارة الأمريكية الرامية إلى زيادة الإنفاق العسكري بمقدار 100 مليون دولار على مدى ست سنوات قوبلت بالمعارضة في الكونجرس .

وهناك ثلاث طائرات تكتيكية قيد الإنتاج في الولايات المتحدة وهي الطائـرة F--22 وطائرة بوينج F/A 18E/F والطائرة المقاتلة المعدة للعمليات الهجومية المشتركة، وسوف يجري تخفيض الميزانيات .

أما الشركة الأوروبية الجديدة للطيران والدفاع والفضاء (EADS) التي تشكلت من إندماج شركتي إيروسباسيال وداسا ، سوف تتحدى منافستيها الأكبر منها ، وهما شركة "بوينج" وشركة لوكهيد مارتن" وتحويل مشروع "إيرباص" إلى شركة يمكن أن يتم بسهولة نظراً لأن الشركة الأوروبية للطيران والدفاع والفضاء تملك نسبة 80% من أسهم الإتحاد المالي المؤسس للمشروع ، أما شركة الخطوط الجوية البريطانية التي تشارك بنسبة 20% فيمكن أن تتخلى عن حصتها وتسعى إلى إقامة إرتباط عبر المحيط الأطلسي . وسوف تبدأ محطة الفضاء الدولية في عمليات مستمرة بطاقم من ثلاثة أشخاص . وتقوم مركبات الرحلات المكوكية الأمريكية والروسية حالياً بنقل 100 من الأجزاء الرئيسية إلى الفضاء إستعداداً لإنجاز المهمة في سنة 2004 .

أما عن الزراعة فهو عام رديء للمزارعين . ففي بريطانيا سوف تظل الأسعار منخفضة إلى حد مهلك ، ويضطر كثير من المزارعين إلى بيع أملاكهم تحت وطأة الإفلاس ، ولابد أن يحدث هذا في أوروبا أيضاً حيث تخفض ميزانيات دعم المزارع ، وفي أمريكا سوف يتأثر المصدرون بسبب إنخفاض الأسعار وإمتناع العالم عن قبول مبدأ التجارة الحرة في المنتجات الزراعية ، وسوف يقل إستهلاك الناس للحوم في شتى بلدان الغرب .

ويشكل موضوع الزراعة جزءاً من جدول الأعمال الثابت للجولة التالية التي تستغرق ثلاثة سنوات من محادثات منظمة التجارة العالمية ومن المتوقع حدوث توترات ومنازعات مستمرة طوال سنة 2000 . فالولايات المتحدة سوف تلح على توفير المزيد من حرية التجارة بينما يسعى الإتحاد الأوروبي واليابان إلى ضمان الإعتراف بمبدأ تعددية وظائف الزراعة بمعنى أهميتها للحياة الإقتصادية الريفية وصيانة البيئة وتوفير الأمن الغذائي . وسوف يؤدي إنخفاض أسعار المحاصيل إلى زيادة المتاعب التي يعاني منها قطاع الكيمياويات الزراعية إذ يعمد المزارعون إلى شراء كميات أقل وأرخص ثمناً من الأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية ، على أن دمج المشروعات الزراعية سوف يكون بطيئاً بسبب الأنظمة المضادة للإحتكارات وقلة المشترين ، ويمكن توقع حلول جديدة تأتي بها مصارف الإستثمار ،كإقامة المشاريع المشتركة أو مقايضة الموجودات أو غير ذلك .

ولن يحدث أي إنتعاش في أسعار البن أو الشاي أو السكر حتى سنة 2001 . ويمكن توقع المزيد من إنخفاض الأسعار فيما تتراكم الفوائض . وإنتاج الكاكاو يتوسع بضعف معدل إرتفاع الإستهلاك ، ومن ثم فإن الأسعار سوف تهبط طيلة العامين المقبلين ، والشاي أيضاً مقبل على مزيد من إنخفاض الأسعار أما الحبوب فسوف تكون في ظروف أفضل سنة 2000 مع قلة المخزون من الرز بالذات ، وسوف ترتفع أسعار القمح والذرة إلى 153 دولاراً و 120 دولاراً للطن على التوالي بحلول عام 2004 . وسوف يزداد إنتاج البذور المفرزة للزيت بنسبة 5% كما تنتعش أسعارها .

وأما عن المعركة الدائرة حول موضوع الأغذية المعدلة وراثياً . السوق مستمرة في الإتساع في كثير من بلدان العالم النامي وفي أمريكا حيث يجري بالفعل إستنبات 50% من الصويا والقطن من بذور معالجة بوسائل الهندسة الوراثية ، ولكن هذا التيار أخذ في التحول ، فالجماعات الداعية إلى صيانة البيئة ، مثل جماعة "السلام الأخضر " سوف تشدد معارضتها لهذه الصناعة في أوروبا ، والبرازيل لن ترفع الحظر المفروض عليها ، والناشطون في أمريكا سوف يقاضون الشركات المشتغلة بما يسمى علوم الحياة حيث يتهمونها بخلق إحتكار في سوق البذور الزراعية ، وسوف تنجر منظمة التجارة العالمية أيضاً إلى ساحة النزاع فيما تسعى الشركات الأمريكية إلى دخول الأسواق الأوروبية فمرحباً بكم إلى قرن حافل بسياسة العوامل الوراثية .

وفيما يخص السيارات فإن هذا عصر تحولات بالنسبة إلى صناع السيارات فسوف يفوق الإنتاج العالمي للسيارات 14 مليون سيارة . وما زالت أوروبا تصنع من السيارات عدداً أكبر بنسبة 20% مما تستطيع بيعه ، كما أن شركات الإنتاج الوطنية فيها أكثر من اللازم ، وإذا لم يتحقق النمو لشركتي بيجو وفيات عن طريق إنتقال الملكية أو التحالف فإنهما سوف تقعان فريسة للمنافسين .

وسوف تحاول كل من جنرال موتورز / سوزوكي وفورد / مازدا صنع سيارة آسيوية صغيرة كهدف إستراتيجي قبل نهاية العام . وشركة ديملر كريزلر أيضاً تبحث عن شريك في المنطقة ، وربما تسعى إلى مشاركة ميتسوبيشي أو سوبارو. وتبدأ المرحلة الأولى من الإجراءات التي وضعها الإتحاد الأوروبي للتنفيذ على مرحلتين بقصد الحد من التلوث . وقد ترتفع التكاليف إلى مبلغ 60 بليون دولار بالنسبة إلى صناعة السيارات والصناعة النفطية معاً لتحقيق الأهداف المنشودة في عامي 2000 و 2005 . وقد وافق الصناع الأوروبيون طوعاً على خفض مواد التلوث المنبعثة من السيارات بنسبة 25% بحلول سنة 2008 وذلك على أساس المستويات التي كانت سائدة في عام 1995 .

والسيارات التي تعمل بخلايا الوقود سوف تطرح في الأسواق تجارياً سنة 2004 . وسوف ينطلق أسطول من هذه السيارات على سبيل التجربة في إنحاء ولاية كاليفورنيا الأمريكية في عام 2002 . وتنفق كل من الشركات الكبرى مبلغ بليون دولار على الأبحاث خلال السنوات الخمس المقبلة . والميثانول هو الوقود الذي وقع عليه الإختيار الآن . وسوف تأخذ السيارات الكهربائية نسبة 15% من سوق السيارات بحلول سنة 2020 ولكنها سوف تواجه منافسة حادة من أنواع السيارات المختلطة التي تعتمد على البنزين المنخفض التلوث وعلى المحركات الكهربائية . وسيارة بريوس Prius هي أول نوع من هذه السيارات يجري إنتاجه بالجملة ويضع للبيع في أوروبا وأمريكا .

وسوف يباشر الإتحاد الأوروبي التحقيق في قضية الإستثناء بالجملة ، وهو النظام الذي يسمح لشركات السيارات بتملك الموزعين ، فبعد سنة 2002 من المتوقع أن يصبح بإمكان وكلاء السيارات إختيار مورديهم ، وبالتالي يبدأ نمو وكالات ضخمة تملك صلاحية تحديد الأسعار ولكن الفروق بين أسعار السيارات سوف تستمر في بلدان الإتحاد الأوروبي طالما أستمر عدم التناسق بين الضرائب .

لقد ولى الزمن الذي كان فيه عمل شركات السيارات يقتصر على تجميع السيارات فهي الآن تريد القيام بالتمويل والصيانة وإعادة تدوير منتجاتها أيضاً وسوف تشرع الشركات الكبرى في شراء شركات التصليح والتأمين وتكليف شركات أخرى بأعمال التجميع النهائي وسوف يسعى صناع قطع الغيار إلى الإستقلال عنها .

ومن المتوقع أن تعم الأسواق موجة من المنتجات الأصغر والأسرع والأرخص بعد حالة الإرتباك التي يخشى أن تصيب أجهزة الكومبيوتر في مطلع سنة 2000 . فالعصر الذهبي لتقنية المعلومات يقترب سريعاً وسوف يدخل سوق الجملة عما قريب جيل جديد من الأجهزة الذكية التي تحمل باليد غالباً وتشتغل بغير برامج ما يكروسوفت ، ومن المنتظر ظهور أجهزة هاتفية ذكية وكومبيوترات يدوية أذكى من الأنواع السابقة وتعمل بأنظمة تشغيل من طراز "بالم " وفايزور وعلب توضع فوق الجهاز لربط الأدوات المنزلية بشبكة إلكترونية تشغل ببرامج سوني .

وسوق الكومبيوترات اليدوية تبلغ قيمتها 3 بلايين دولار وهي تتضاعف كل سنة، وتملك شركة 3 Com نسبة 40% من السوق وهي سوف تحول قسمها المختص بأجهزة بالم . وسوف يواجه بالم منافسة شديدة من منتجات هانسبيرنج ومنها تشكلية فايزر التي سوف تتيح توصيل الهواتف النقالة بالكهرباء في عام 2000 . وسوف تطرح تقنيات "بلوتوث" تجارياً في أوائل سنة 2000 وهي عبارة عن جهاز لاسلكي مرسل للبيانات سوف يكون إيذاناً بدخول عصر الكومبيوتر اللاسلكي .

ولما كانت شركة مايكروسوفت تسيطر على 90% من سوق برامج الكومبيوتر الشخصي فمن المتوقع أن يصدر الحكم ضدها بإعتبارها شركة إحتكارية في عام 2000 أو ربما قبله ويجري تفكيكها . وسوف تلي ذلك سلسلة من الدعاوي القضائية الفردية . والنسخة المنقحة من برنامج ويندوز 98 (التي يرمز إليها بإسم "الألفية (Millennium) سوف تطرح للتداول في سنة 2000 .

وسوف تطرح شركة إنتيل جهاز مرسيد Merced وهو أول معالج صغير يعمل بالأبجدية الدولية ، ويوفر تصميماً موحداً لأعداد برامج الكمبيوتر ومكونات الأجهزة ويمكنه تنفيذ ثمانية من أنظمة التشغيل في وقت واحد .

إستعمال لينوكس ، وهو برنامج مفتوح المصدر سوف يزداد بنسبة 25% خلال السنوات الأربع التالية وسوف يشكل مقدمو خدمات الإنترنت معظم السوق لهذا البرنامج ولكن الحماس لوسائل لينوكس سوف يفتر في عام 2000 بينما تستمر صعوبة الحصول على البرامج التطبيقية ويظل توافق الأجهزة في مستوى منخفض ولا غرابة إذن في أن تبقى برامج ويندوز هي السائدة في سوق الكومبيوتر الشخصي .

وسوف يشيع إستعمال أجهزة الكومبيوتر الشخصي الفائقة القدرة ، إذا يحاول الصناع مجارات الجيل الرابع من آلات إبل . وفيما تهبط التكاليف سوف يبدأ تقديم الكمبيوترات الشخصية بالمجان فمع تشبع السوق تقريباً وقلة إحتياج المستعملين إلى رفع مستوى الأجهزة . سوف يشهد عام 2000 بدء أزمة حقيقية لدى صناع الكومبيوتر الشخصي إذ يمكن أن تنخفض إيرادات هذه الصناعة بأكثر من 10% ومن المتوقع أن يتجهوا إلى تنويع نشاطهم بالإقبال على صناعات معدات أخرى والإشتغال بتوفير خدمات الإنترنيت .

وسوف تحل إعلانات شركات الكومبيوتر محل ملصقات الدعاية للتبغ على سيارات السباق السريعة .

وأما عن الطاقة نظراً للتقنية المستعملة في إستخراجها ونقلها وإستخدامها فإن الطاقة هي السلعة الأكثر تأثراً بعملية تعديل المعدات الإلكترونية لتلافي العطل المتوقع في مستهل سنة 2000 وسوف تعد الشركات مخزوناً إحتياطياً قبل نهاية عام 1999 . وما لم تطرأ أزمة كبرى فإن توفر الكميات المخزونة في أوائل عام 2000 سوف يؤدي إلى هبوط طفيف في الأسعار . وسوف ينتعش الطلب على النفط في آسيا . ويزداد الإستهلاك العالمي بنسبة 1.3% في عام 2000 ثم 2% في العام الذي يليه ، وتوجد إحتياطيات مؤكدة تبلغ أكثر من بليون طن في باطن الأرض كما يبدو أن إتفاقية أسعار الأوبك سوف تضمن سعراً لا يقل عن 19 دولاراً للبرميل الواحد . على أن إرتفاع الأسعار سوف يشجع المنتجين على الغش . وسوف يؤدي أيضاً إلى زيادة الإستثمار بنسبة 10% خلال العامين التاليين في منشآت التنقيب عن النفط وإنتاجه وخاصة في منطقة القوقاز.

وسوف يؤدي إرتفاع أسعار النفط إلى إنحسار الموجة التي شهدتها الصناعة النفطية مؤخراً والتي تمثلت في كثرة إندماج الشركات وصفقات الشراء فيما بينها .ومع ذلك فإن شركة فيبا فياج الألمانية سوف تسعى إلى النمو عن طريق الشراء وسوف تعمد شركات أخرى إلى لمقايضة الممتلكات في ميادين التنقيب والإنتاج . وعن الكيمياويات في آسيا آخذة في الإنتعاش وترافقه زيادة الطلب على الكيمياويات ، وقد يقلل هذا من الميل إلى تخفيض الأسعار مؤخراً ومن المرجح إندماج المزيد من الشركات العاملة في سوق الغازات الصناعية التي تبلغ قيمتها 30 بليون دولار . وبينما تكبر الصفقات وتعمد شركات الكيمياويات إلى بيع فروعها المختصة بالكيمياويات الزراعية والتركيز على منتجاتها الصيدلية سوف تزداد مساهمة الشركات التي تجازف بتمويل المشاريع الجديدة .

مع إنتشار تقنيات الهندسة الوراثية سوف يسهل إنتاج الأسلحة البيوكيماوية كصناعة منزلية وبأصناف أشد فتكاً . وسوف تنفق الولايات المتحدة مبلغ 1.4 بليون دولار على الأبحاث المتعلقة بمكافحة الأرهاب .

وصناعة الأدوية تواجه شركات الأدوية هجوماً من الحكومات على جانبي المحيط الأطلسي ، ففي الولايات المتحدة يزيد الحزب الديمقراطي من الحكومة الإتحادية شراً المزيد من الأدوية لمستحقي العناية الطبية من المسنين البالغ عددهم 39 مليون نسمة وهذا سوف يؤدي حتماً إلى الضغط على الشركات من أجل خفض الأسعار والمفوضية الأوروبية تريد منع الشركات من حماية فروق الأسعار بين الدول الأعضاء وبما أن قيمة السوق الإجمالية تبلغ 220 بليون دولار فمن الممكن جداً أن نتوقع حملات محمومة تقوم بها جماعات الضغط في هذا المضمار. وسوف تقصر المدة التي يستغرقها تطوير الأدوية إلى ما يتراوح بين عاميين وأربعة أعوام في سنة 2000 أي أقل بسنتين مما كانت عليه حتى سنة 1996 فقط وذلك أن الكيمياويات المركبة وإرتفاع مستوى فحص الإنتاج يتيح إجراء التجارب بسرعة متزايدة . وسوف تكون العقاقير المضادة للفيروسات والسرطان ومرض السكر هي المبتكرات التي تفتح آفاقاً جديدة لعام 2000 .

وسوف يكون من الإنجازات الكبيرة أيضاً ظهور أدوية جديدة لعلاج الإضطرابات النفسية كالأدوية المضادة للإضطراب العقلي وحالت الإنقباض النفسي . مع قلة المشروعات المهمة رهن التنفيذ حالياً سوف تمر الشركات الكبرى بحالة من الفتور في عام 2000 ومن المتوقع أن تنشط في آسيا واوروبا مبيعات دواء "آفانديا " Avandia الذي تنتجه شركة سميث كلاين بيتشام لعلاج مرض السكر حيث يحتمل أن يبلغ حجم المبيعات بليوني دولار وسوف تتركز إنظار صناعة الأدوية على "أفنينتس" نتيجة الإندماج بين شركتي هوكست ورون بولنك ولا أحد يتوقع الكثير . وسوف تبلغ قيمة الأدوية العشبية والتقليدية 12 بليون دولار في سنة 2001 وهناك حوالي 1000 شركة صينية تنتج 4000 صنف مختلف ومن المتوقع دمج بعض الشركات .

وأما عن المعادن النفيسة فعرض الذهب المستخرج حديثاً آخذ في الإنخفاض مقابل الطلب ومع الحظر الذي فرضته المصارف المركزية على بيع كميات جديدة أستقرت الأسعار ، ويبدو أنها ستبقى ثابتة وسوف يزداد الطلب بعض الشي نظراً لأحياء عادة الإكتناز المنزلي في بلدان آسيا .

وتشهد أسعار الفضة إنتعاشاً في الوقت الحاضر وقد يصل السعر في عام 2000 إلى 10 دولارات للأوقية مقابل 5.60 دولار منذ بضعة أشهر فقط وسوف تبقى أسعار البلاتين والبلاديوم مرتفعة . وسوف يشهد عام 2000 زيادات بسيطة في أسعار معظم المواد الخام بينما ينتعش الطلب الآسيوي وإستعمال صفائح الألومنيوم في صناعة السيارات سوف يرتفع إلى 150.000 طن بحلول عام 2005 مقابل 22000 طن في سنة 1998 . فشركات السيارات الآن تعقد مع الموردين إتفاقيات طويلة الأجل بخصوص مواعيد التسليم والأسعار وإلىجانب زيادة الإستعمال في صناعة الطائرات فإن هذا سوف يدفع أسعار الألومنيوم إلى الإرتفاع وثمة مشاريع مصانع جديدة في موزمبيق وكيبيك سوف تباشر الإنتاج تدريجياً خلال عام 2000 . وسوف تغلق مناجم النحاس في الولايات المتحدة ولكن الإنتاج على وجه الإجمال سوف ينخفض بنسبة 2% فقط خلال العامين التاليين سيظل الطلب بسيطاً .

وتوقع إندماج شركات إنتاج الصلب التي تعاني من الخسارة في أوروبا وسوف يتوفر مجال جديد للنمو في هندسة المباني الجاهزة التي تسلم إلى مواقع البناء على هيئة وحدات منفصلة وفي أوروبا سوف يرتفع عدد العائلات الفردية بواقع 14 مليوناً عبر أل 15 عاماً المقبلة وسوف تكون مثل هذه الوحدات السكنية الشائعة الإستعمال في اليابان من وسائل حل أزمات الإسكان التي تسببها تلك الزيادة .

وتبقى صناعة الورق من أكثر الصناعات تجزءاً في العالم حيث تسيطر مجموعات الشركات العشر الكبرى على 25% فقط من الإنتاج ونتيجة لفرط الطاقة الإنتاجية سوف تظل الأسعار منخفضة بمعدل 460 دولاراً للطن الواحد. وأسعار المطاط تتأرجح صعوداً وهبوطاً وقد إنهارت منظمة إنرون التي كانت تعني لصناعة المطاط ما تعنية أوبك لصناعة النفط وبما أن الأسعار إنخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 30 سنة فإن ماليزيا وتايلاند سوف تحاولان الحد من المبيعات .

وأما عن صناعة المنسوجات تبدو الظروف مشجعة مع وجود إستثمارات جديدة في إنحاء آسيا وأمريكا اللاتينية ومن المتوقع إنتعاش الطلب على القطن فيما يصل حجم الإستهلاك إلى 15.4 مليون طن في موسم 1999, 2000 ومن غير المتوقع إنخفاض الأسعار أكثر مما مضى ولكن هذا يتوقف على ما تقرر الصين أن تفعله بحصتها البالغة 45% من المخزون العالمي .

وينتظر إرتفاع إستهلاك الصوف العالمي بنسبة 1.4% إلى 1.4 مليون طن وسوف ترتفع الاسعار مع قلة العرض .

وبخصوص القطاعات الخدمية والإعلان فإن عصر وسائل الأعلام الجماهيري مقبل على الإنتهاء وتطور الشبكات وتلفزيون الأقمار الصناعية مع تفرق المشاهدين يعني زيادة كلفة الوصول إلى العدد نفسه من الناس وهذا مؤلم لصناعة الدعاية والإعلان التلفزيوني التي تبلغ قيمتها 100 دولار وسوف تنمو بسرعة أساليب الإعلام الممكن توجيهها إلى فئات معينة والتفاعل معها والمرتبة بقواعد البيانات بحيث تستهدف جماعات المستهلكين المفهومة الميول أكثر من غيرها فشركة أكسيوم مثلاً وهي شركة مختصة بالتنقيب عن البيانات سوف توفر في عام 2000 إمكانية الحصول بالجملة على معلومات مفصلة عن حوالي 95% من الأمريكيين من حيث مستويات الدخل وعادات الشراء .

وسوق الشراء بالإتصال المباشر يمكن أن تنمو إلى 33 بليون دولار بحلول عام 2004 . وسوف تسيطر شركة الإعلانات الإلكترونية الناشئة عن إندماج دبل كليك ونيت جرافيتي على 50 من السوق ومن الناحية النظرية تعتبر الشبكة العالمية تحقيقاً لحلم المعلنين . فعن طريق متابعة نشاطك تستطيع شركات الدعاية والإعلان معرفة ما لا يقل عن 25 شيئاً عنك فتفصل موادها الإعلانية وفقاً لذلك ولكن معدلات الإتصال آخذة في الهبوط والبرامج المضادة للإعلان أصبحت متاحة على نطاق أوسع وبالتالي فإن نموذج الإعلان المباشر سوف يخضع لمزيد من التدقيق في عام 2000 . وشركة دينتشو اليابانية التي تعد من اكبر المعلنين في العالم ترفع وضع قائمة في سنة 2001 إحتفالاً بالذكرى المئوية لتأسيسها .

وعن شركات الخطوط الجوية سوف تنمو حركة النقل الجوي بمعدل 5% سنوياً خلال السنوات العشر التالية وبحلول عام 2018 سوف تكون سعة الأساطيل الجوية قد تضاعفت إلى 4.2 مليون مقعد وتكون شركات النقل الكبرى قد أستثمرت مبلغ تريليون دولار وتزداد الحاجة إلى إنشاء مطارات أكثر كما يجري إستطلاع مواقع بحرية لهذا الغرض . وسوف تعمد شركات الخطوط الجوية إلى حشر مزيد من الركاب في طائرات أصغر وتزيد أعداد الطائرات المخصصة الدرجة رجال الأعمال فقط .

وعن الترفيه أستعد لموجة التفاعل التلفزيوني وأدلة البرامج الإلكترونية والإتصال بالإنترنت على أساس التلفزيون مما سيرفع إيرادات الإعلان والتجارة والإشتراكات بمبلغ 20 بليون دولار في عام 2004 . وبحلول سنة 2003 سوف توجد في أوروبا 30 مليون علبة من النوع المعد لوضعه فوق جهاز التلفزيون وسوف تباشر شركة مايكروسوفت بيع علبتها المعروفة بإسم "فينوس" في الصين . وسوف تظهر أنواع جديدة من أجهزة تسجيل الفيديو الشخصية تسهل على المشاهدين تجاوز الإعلانات التجارية أثناء العرض .

وسوف تنفق وزارة الدفاع الأمريكية بليون دولار سنوياً لحماية أجهزتها الإلكترونية من المتسللين طيلة السنوات القليلة التالية .

وعن الخدمات المالية فسوف تتقدم عمليات الدمج بخطى حثيثة في كل أنحاء العالم . وسوف يحدث المزيد من حالات الإندماج عبر حدود التخصص كما أن الإصلاح المتوقع في أمريكا سوف ينتج عنه قيام مصارف تجارية وإستثمارية إلى جانب شركات تأمين وتكتلات مالية لأعمال البناء .

وبالنسبة إلى عمليات القطاعي سوف تجرب المصارف إستراتيجيات بديلة في إجراءات الدمج والمنافسون في قطاع المصارف التابعة للدولة في ألمانيا سوف يتصدون للإتحاد الأوروبي بشأن حقهم في تلقي الإعانات الحكومية .

ورغم عبء الديون المعدومة التي تبلغ 780 بليون دولار ونقص تقنية المعلومات وسوء الإدارة فإن المصارف اليابانية سوف تجتاز الأزمة وتبدأ بمرحلة نمو إستراتيجي وسوف تكون مصارف أي بي جي وداي . إيتش وكانجيو وفوجي قد شكلت أكبر مصرف في العالم تبلغ قيمة موجوداته 1.26 تريليون دولار بحلول سنة 2002 ويحتل المرتبة الثانية مصرف سوميتومو / ساكورا .

وأخذ الإهتمام بتجارة الأسهم يترسخ في كل مكان بدافع التبادل التجاري المتاح عبر شبكة الإتصالات العالمية . وسوف تزداد حدة المنافسة وعمليات الدمج والنشاط الأجنبي في قطاع أعمال سمسرة الياباني .

وسدس الصفقات المتعلقة بتجارة الأسهم يتم حالياً عن طريق الإنترنت . وسوف تزدهر هذه التجارة المباشرة ولكن هوامش الربح في أمريكا سوف تتأثر بحروب الأسعار بين تشارلز شواب وشركة التجارة الإلكترونية E Trade والشركات الصغيرة الناشئة وسوف يعمد التجار الكبار إلى تنويع أعمالهم بإقتحام ميادين إدارة الأموال والخدمات المصرفية .

وأما عن العناية الصحية فإن الجهود الرامية إلى الحد من نفقات توفير الرعاية الصحية في القطاع العام وصلت إلى طريق مسدود . وفي كل أنحاء العالم تتجه الحكومات إلى طلب المساعدة من القطاع الخاص . وسوف تكتشف الحكومات أن هذا الحل أيضاً لا يخلو من مشاكل .

وفي أمريكا يتحتم إستقطاع 115 بليون دولار من مخصصات الرعاية الصحية خلال السنوات الخمس التالية . ومؤسسات التأمين الصحي الخاصة وهي الآن مثار تذمر شديد لدى زبائنها الخمسين مليوناً وسوف تضطر إلى زيادة الأقساط بنسبة قد تصل إلى 10% كي تحافظ على إحتاطيات رأس المال . والتشريعات الهادفة إلى حماية حقوق المستفيدين من التأمين الصحي ربما تتيح للمرضى مقاضاة الجهات الملتزمة بتوفير الرعاية الطبية لهم .

وعن التأمين سوف تتداخل المؤسسات العاملة في مجالات التأمين والخدمات المصرفية والسندات المالية . وبعد هبوط معدلات الأقساط طيلة عدة سنوات في غير التأمين على الحياة سوف تستقر الدورة في عام 2000 وترتفع الأسعار.

ومعاشات التقاعد الحكومية مقبلة على أزمة وشيكة . ففي بلدان العالم المتقدم أصبح كل متقاعد عالة على 4.5 شخص من العاملين . وبحلول عام 2025 سوف يكون العدد أقل من ثلاثة ، وسوف تتردد الحكومات في إتخاذ تدابير حاسمة وتضطر إلى رفع سن التقاعد لتحمل العبء الناجم عن هذه المشكلة .

ومن حيث المعاشات التقاعدية في القطاع الخاص أخذت الشركات في التحول من نظام الإعانات المالية المحددة إلى نظام الإشتراكات المحددة . وهذا يعني أن العاملين يطلب منهم تحمل المجازفة بالحصول على مدفوعات أقل إذا لم يفلح صندوق التقاعد في تحقيق الهدف المنشود . والقطاع الخاص له مشاكله أيضاً . حيث أن إنخفاض أسعار الفائدة وهبوط عائدات الأسهم وطول متوسط العمر المتوقع للأفراد يزيد من ديون الشركات وإلتزاماتها المالية . والحصيلة النهائية ؟ سوف ترتفع الأقساط . وتنخفض معاشات التقاعد الحكومية من حيث القيمة الحقيقية . ويحتج المتقاعدون ويصاب الساسة بالصداع .

وأما عن الإنترنيت فعندما تفرغ من قراءة هذه الجملة يكون قد أنضم إلى الإنترنت 35 مشتركاً جديداً . والعضوية ما زالت تزداد بمعدل 5% شهرياً وسوف يصل عدد مستعملي الإنترنيت إلى 545 مليون نسمة بحلول عام 2003 . وكلفة نقل 1000 مليون بايت من البيانات سوف تهبط من 80000 دولار في سنة 1998 إلى بضع دولارات فقط في عام 2003 وذلك بفضل التقنيات الجديدة وإمكانياتها الهائلة . وسوف تقدم شركات الإنترنت أنواعاً متزايدة من الخدمات المعدة خصيصاً حسب طلب الزبائن فيما تختفي تكاليف نقل البيانات . وتحل محل الأوراق الرسمية مستندات إلكترونية مضمونة وملزمة قانونياً .

وفي نهاية هذه التوقعات يبقى لنا أخي القارئ أن نسأل هل ستكون هناك مفاجئات في العام والقرن الجديد ؟ وهل هذه المفاجئات ستضرب بعرض الحائط بكل هذه التوقعات ؟ والإجابة الواقعية نعم …

إن كل ما ذكر أعلاه هو عبارة عن توقعات مبنية على تحليل إقتصادي وإحصائي يعطينا هذه المؤشرات وذلك في ظل ثبات المتغيرات الطبيعية ولا يمكن الإعتماد بنسب عالية على هذه التوقعات وإنما هي مؤشرات بالإمكان الإستفادة منها عند بناء الخطط المستقبلية .

ولم يبقى لنا سوى أن نسأل أنفسنا نحن القراء هل سنقرأ المقالات الإقتصادية وغيرها من خلال الجريدة التي أمامكم اليوم أم ستطغي عليها التطورات الحديثة في تقنية المعلومات وسيصبح الكمبيوتر وشبكة الإنترنت هي سيدة الموقف .

وعليه يعتقد البعض بأنه على الوسائل الإعلامية أن تستعد لحرب الإنترنت القادمة .