أعرب خبراء اقتصاد عن اعتقادهم بأن على دول شرق آسيا بما فيها اليابان إدراك أن الصين مرشحة لأن تصبح قوة اقتصادية إقليمية وعالمية ، وأنه يتعين على هذه الدول في نهاية المطاف التعايش مع هذا العملاق عبر إقامة شبكة من اتفاقيات التبادل التجاري الحر .
وأوضح الخبراء الذين اجتمعوا هذا الأسبوع في إطار ندوة نظمتها صحيفة "يوميوري شيمبون اليابانية في طوكيو أن مثل هذه الاتفاقات التي تربط فعلا عددا من مناطق العالم تسمح لهذه الدول لاسيما اليابان والصين بتسريع التكييف الهيكلي لاقتصادها مع عولمة الأسواق.
ورأى ستيف هارنر المستشار الأميركي الذي أمضى 12 عاما في اليابان والمقيم منذ ثماني سنوات في شنغهاي أن نمو الصين وقدرتها التنافسية كبيران جدا ولا يمكن غض النظر عنهما .
ولا يمكن لليابان واقتصادات آسيا الأخرى المقاومة، والاتقاء منها ليس الرد المناسب، يجب التكيف مع هذا الوجود .
وقد أكدت الصين مؤهلاتها لتولي الزعامة الإقليمية عندما فجرت مفاجأة في خريف العام الماضي ، إذ اقترحت على جيرانها ومنافسيها في رابطة دول جنوبي شرقي آسيا آسيان إقامة منطقة شاسعة للتبادل الحر تشمل نحو ملياري مستهلك في غضون عشر سنوات .
وفي رد على هذا الاقتراح عرض رئيس الوزراء الياباني جونيشيرو كويزومي خلال جولة آسيوية في يناير إقامة مجموعة اقتصادية مع رابطة آسيان .
ووقعت اليابان من جهة أخرى في نهاية عام 2001 مع سنغافورة أول اتفاق للتبادل الحر وتدرس حاليا توقيع اتفاق مماثل مع كوريا الجنوبية .
وقال هو أنجانج مدير مركز الدراسات الصينية في أكاديمية العلوم في بكين خلال الندوة "علينا وضع آليات سوق أمتن وتعزيز أوضاع الميزانية وتحسين الأجواء لتشجيع الاستثمارات عبر تحريرها ، لذا تعتبر الاتفاقات التجارية حيوية .
وأضاف أن "اليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ والصين ستكون مرشحة للمشاركة في منطقة للتبادل الحر، وتدرس الحكومة الصينية هذه المسألة حاليا وبدأت بالترويج لاتفاق للتبادل الحر مع آسيان .
وأشار الخبير الصيني إلى التقدم الكبير في العلاقات التجارية الإقليمية مشددا على أن التجارة مع اليابان وكوريا وهونغ كونغ باتت تشكل 37% من مجموع التبادل التجاري الصيني .
وقال هو إن "آسيا متخلفة على صعيد الآليات التجارية الإقليمية مقارنة مع المناطق الأخرى ، فهناك اتفاقية نافتا (اتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية) وآفتا في أفريقيا والاتحاد الأوروبي" .
من جهة أخرى رأى الخبراء أن اتفاقات التبادل الحر قد تنعش الاقتصاد الياباني الذي يعاني من تباطؤ شديد .
وقال ياسوهيسا شيوزاكي أحد منظري الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم في اليابان "في حال حصول اتفاقات للتبادل الحر يجب على كل بلد فتح أسواقه ووضع الآليات لإدخال الإصلاحات، وقد تحث هذه الاتفاقات على التغيير في بعض القطاعات حيث التكييف بطيء" .
لكن شيوزاكي وهو مستشار رئيس الوزراء الياباني ، حذر من أن "المهمة ستكون صعبة على الجميع" ، موضحا أن "الزراعة اليابانية ستطرح بالتأكيد مشكلة لكن الوضع نفسه ينطبق على الصين أيضا" .
وذكر المشاركون بمميزات الصين التي تشهد نموا سنويا تبلغ نسبته 7% وهي سوق داخلية ضخمة وبها يد عاملة مؤهلة تعتبر من الأرخص في العالم وموارد مالية زاخرة .
لكنهم شددوا أيضا على نقاط ضعفها وهي غياب نظام الملكية الفردية والاحتكار السياسي من قبل الحزب الشيوعي واعتمادها على الاستثمارات الأجنبية والديون الهالكة الضخمة التي تثقل كاهل مصارف الدولة , وتقدم سكانها في السن .
ورأى الخبراء أن الصين يجب ألا تشكل مصدر خوف لجيرانها وحثوا هؤلاء ولا سيما اليابان على تعميق علاقاتهم مع هذا الاقتصاد الناشئ .
وقال سفير اليابان السابق في الصين ساكوتارو تانينو إن حجم التبادل التجاري الثنائي بلغ العام الماضي 81 مليار دولار بفضل انتقال كبرى شركات صناعة الإلكترونيات والنسيج من اليابان إلى الصين .
وختم بالقول إن "الصين واليابان لم يعد بإمكانهما العيش الواحدة دون الأخرى ومستقبل آسيا رهن بشكل كبير بعلاقاتهما لكن للأسف الثقة معدومة بين البلدين" .
المفضلات