منتديات أعمال الخليج
منتديات أعمال الخليج

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أعمدة القيم التنموية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    1-Mar-2003
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    4,945

    أعمدة القيم التنموية



    يذهب كثير من الباحثين إلى أن الثقافة والتقاليد والقيم المعنوية لعبت دورًا مهمًا في نجاح تجربة التنمية الاقتصادية في دول جنوب شرق آسيا. وإطلاق اسم "التنين الآسيوي" على اقتصاديات المنطقة فيه إشارة موحية لدور العامل الثقافي. فالتعاليم الأخلاقية "الكونفوشيوسية" السائدة في إقليم جنوب شرق آسيا زودت جميع تجارب النمو القطرية؛ ابتداءً من اليابان وانتهاءً بمجموعة الدول المصنعة حديثاً مثل ماليزيا والفلبين وإندونيسيا وسنغافورة، زودت هذه التجارب بمعطيات ثقافية أكدت قيمة العمل واحترام السلطة والإخلاص والولاء للوطن، كما دعمت الاستقرار الاجتماعي والسياسي في ظل تعدد عرقي وديني ملحوظ؛ ولكنه كان على الدوام أداة للتعاون والمشاركة الجماعية.
    وماليزيا كواحدة من مجموعة التنين، شكلت فيها القيم المعنوية وتقاليد المجتمع عنصرًا أساسيًّا في دعم ونجاح تجربة النمو الاقتصادي، وما زال الزعماء يعولون عليها في تحقيق الطموحات القومية. فالهدف الرابع المركزي من " رؤية 2020 " -وهي رؤية تخطط لمستقبل ماليزيا في سنة 2020- هو " تأسيس مجتمع قيمي كامل، يكون فيه المواطنون على درجة من التدين القوي والقيم المعنوية والمعايير الأخلاقية الرفيعة ". وذلك في ظل موزاييك -تركيبية- لأكثر من أربع عرقيات وخمس ديانات أساسية.
    ويمكن توضيح أبرز القيم المعنوية والتقاليد التي لعبت دورًا فاعلاً وداعمًا للنجاح التنموي في ماليزيا على النحو التالي:
    (1) الاعتماد على الذات :
    تحقق الجهد التنموي في ماليزيا بالاعتماد على الاستثمارات الأجنبية لا على المعونات الاقتصادية؛ كما هو الحال في الكثير من الدول الأفريقية والعربية. حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية الحادة كأزمة النفط في 1973م وأزمة العملات 1997م ضربت ماليزيا مثلاً في التغلب على الصعوبات التي واجهتها من خلال التدابير الذاتية دون مساعدة مادية من العالم الخارجي.
    وسياسة الاعتماد على الذات وفرت دافعًا قويًّا لحيازة التقنية والأفكار الناجحة من التجارب الأخرى. ولعل شركة البترول الوطنية " بتروناس " وشركة الخطوط الجوية " ماس " والسيارة الوطنية " بروتون " خير شواهد على نجاح هذه السياسة. فكل واحدة من هذه الشركات رائدة على المستويين الإقليمي والعالمي.
    (2) المحاكاة المُبْصِرة:
    تعتبر اليابان مثلاً أعلى لجميع دول شرق آسيا الآخذة في النمو. فقد صاغت ماليزيا في عام 1981 استراتيجية سياسية أطلق عليها " النظر إلى الشرق " ومضمونها الاستفادة من التجربة اليابانية وتقليد الجوانب الناجحة تقليدًا مُبصرًا مثل الاتجاه التصديري - أي تصدير المنتجات للخارج - والاستثمار في التنمية البشرية والنظم الإدارية المحكمة.


    (3) الموضوعية السياسية والتصحيح:
    يتميز الزعماء والسياسيون في ماليزيا بالموضوعية السياسية التي تعني أن الفشل في تحقيق الأهداف الاقتصادية أو تنفيذ السياسات المعلنة يقابله اعتراف صريح بالخطأ والبحث عن بدائل للحل. فلم تكن المكابرة السياسية تخطر على بال صناع القرار حتى عندما يرتبط الفشل ببرنامج الحزب الحاكم. فماليزيا أخذت في مطلع الثمانينات بسياسة إحلال الواردات - أي استبدال المنتجات المستوردة من الخارج بمنتجات محلية - ودعم مؤسسة الصناعات الثقيلة وعندما تبين فشل هذه السياسة تم التحول إلى سياسة التصدير إلى الخارج والتحول إلى القطاع الخاص. والأمر الجدير بالتنويه والثناء أن السياسة العامة كانت موضع مدارسة وتقويم دائمين من قبل السياسيين والفنيين على السواء.

    (4) البساطة وعدم الإسراف:
    من السمات التي لا تخطئها العين في المجتمع الماليزي أسلوب الحياة البسيط مع منهج عدم الإسراف في المعيشة؛ وبالتالي يساهم المنهج الحياتي على هذا المنوال في تعزيز قيم أخرى مثل: المحافظة على الثروة القومية، وحسن استغلال الموارد، وتوظيفها. وكان لهذه السمة بالذات تأثيرًا إيجابيًّا على القرارات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الأزمة المالية في 1997م من تقليل الإنفاق الحكومي ورفع الدعم الكلي عن بعض الخدمات، حيث لم تعترض تلك القرارات أية معارضة أو احتجاج شعبي، بل وجدت التأييد عندما طالت هذه القرارات بعض المشروعات المستهدفة في تحقيق الرفاهة والتنعم.
    (5) احترام الكبير وتقديره:
    المشهور في شرق آسيا وفي ماليزيا على وجه الخصوص احترام الكبير وتقديره، وهذه القيمة المعنوية انعكست على أسلوب التعامل مع السلطة، فالسلطة على مختلف مستوياتها تحظى باحترام الجميع؛ وبالتالي فالقانون يحكم الحياة العامة ويحقق تجاوب مع الناس مع سياسات الدولة وعدم معارضتها أو تعويقها. ومن جانب آخر؛ فالدولة تبادل المواطن هذا الاحترام من خلال: رعاية مصالحه، وكفالة حقوقه الأساسية، والسعي الدؤوب لترقية أداء الحكومة.
    فبرامج ومشروعات التنمية استهدفت بشكل مباشر دعم الصناعات الصغيرة والمشروعات المتوسطة، التي يستفيد منها صغار الملاك ومحدودو الدخول.
    (6) الأسرة المستقرة:
    تعتبر الأسرة نواة المجتمع الأولى وعنصر تماسكه. وهناك اعتزاز وقدسية للأسرة ودورها. ورغم ما أحدثته سياسات التصنيع من حداثة ومعاصرة من تأثير سلبي على دور الأسرة فهي ما تزال بؤرة استقرار المجتمع. وهناك تضامن وتكامل ما بين الأسرة ومؤسسات المجتمع المدني كالمدرسة وأماكن العبادة (المسجد - المعبد) في النهوض ببعض المسئوليات الاجتماعية.
    ومن جانب آخر تقوم الدولة برعاية استقرار الأسرة عبر برامج محددة تعني بمعالجة المشكلات الطارئة أو البيئية مثل: إساءة معاملة الأطفال والاعتداء على الأحداث والنساء. ولكن نستطيع القول بشكل عام إن المجتمع الماليزي يتميز بتضامن وتماسك أسري أقوى من المجتمعات في دول مجاورة مثل: تايلاند والفلبين وإندونيسيا. ومنهجية الأسرة المتعاونة تركت أثرًا واضحًا على الحياة السياسية والاقتصادية فالحكومة غالبًا ما تناقش القضايا الاقتصادية أو قراراتها المتعلقة بتحقيق هدف اقتصادي من خلال مشاركة جميع الأطراف وأصحاب المصلحة في القضية المشتركة؛ وهناك ما يعرف بسياسة " البومبترا - أهل الأرض " التي توجهت إلى زيادة دخول الفئات الملايوية في مقابل المجموعة الصينية الثرية وهي سياسة وجدت القبول من الجميع لأنها تمت بموافقتهم وشعورهم بكيان الأسرة الواحدة المتعاونة.
    (7) التسامح و العرقي:
    هناك قدر كبير من بين الأعراق الثلاثة المكونة للشعب الماليزي : الملايو (حوالي 50% من السكان) ويدين معظمهم بالإسلام، والصينيون ويدينون بالبوذية، ثم الهنود ومعظمهم هندوس.
    ويرافق ذلك تسامح اجتماعي وديني، فالجميع يحترمون دستور البلاد الذي يؤكد أن الإسلام الدين الرسمي للدولة، وأن الوحدة الوطنية والأهداف القومية هي التي تجمع بين فئات الشعب المختلفة في تعاون وانسجام. وبالتأكيد هذا التسامح و أسَّس أرضية صلبة للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي. وكان عنصرًا جذّابًا للاستثمارات الأجنبية.
    ولكن لا بد من الإشارة إلى أن الدولة ساهمت بنصيب وافر في ترسيخ دعائم هذا التسامح، فقد شهدت البلاد أحداثًا دامية في 1969م بين الملايو المسلمين والصينيين البوذيين ولكنها كانت درسًا مفيدًا أفضى إلى احترام السلطة ووضع بنود الدستور الدائم واحترامها. وقامت الدولة بتأييد كل الإجراءات التي رسخت العقد الاجتماعي الجديد بحيث صارت السلطة السياسية للملايو -أصحاب الأرض- مع فتح باب المشاركة الاقتصادية للجميع والمساواة أمام القانون، مع وجود تميز محدود تم باتفاق الجميع لصالح الملايو. وحافظت الدولة على هذه الروح الإيجابية في المجتمع عبر وسائل غير محبوبة؛ ولكنها ضرورية مثل "قانون الأمن الداخلي" وبالمفهوم الغربي يعتبر هذا القانون عملاً غير ديمقراطي؛ ولكن رأى الكثير من الحكماء والسياسيين القدامى أن هذا القانون مهم للغاية باعتباره رادعًا للأعمال التخريبية وممارسات العنف التي تستهدف المجتمع ككل مثل ما حدث في 1969م.
    (8) الاعتداد بالقومية:
    من أرض الملايو، انطلقت نواة المشاعر القومية المعادية للاستعمار ومنها تكونت منظمة دول عدم الانحياز في مؤتمر " باندونج " الشهير.
    إن الشعب الماليزي اعتبر مقاومته للاستعمار مصدر إلهام وشحذ لهمته من أجل التحرر والتطور والتقدم. وقد أدرك القادة السياسيون هذه الحقيقة ووظفوها لخدمة المصالح العليا. وخلال أقل من ثلاثة عقود تحولت ماليزيا من بلد زراعي فقير إلى نموذج دولة مصنعة حديث تعد من أكبر مصدر
    رد مع اقتباس رد مع اقتباس

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    23-Jan-2003
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    61
    يعطيك العافية على هذا الموضوع القيم......
    رد مع اقتباس رد مع اقتباس

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
المنتدى غير مسؤول عن أي معلومة منشورة به ولا يتحمل ادنى مسؤولية لقرار اتخذه القارئ بناء على ذلك