بسم الله
الرابط
بصحيفة الوطن
النص------------------
سابك... الشركة الكبيرة ألم تقع في الخطأ الكبير...؟؟ (1-3)
عبدالله ناصر الفوزان
لماذا تنشر شركة سابك مركزها المالي في وسائل الإعلام...؟ أليس ذلك كي تقدم لمساهميها وللمستثمرين في السوق المالي تقريراً واضحاً عن أوضاعها المالية خلال الفترة التي شملها المركز المعلن...؟ وإذا كان الأمر كذلك أوَليس المفروض أن يكون ذلك المركز المعلن واضحاً يستطيع كل متابع ومهتم أن يستخلص منه المطلوب...؟ وإذا كان هذا هو ما ينبغي فهل فعلت هذا شركة سابك وهي تنشر مراكزها المالية الربع سنوية خلال السنة المالية المنتهية والتي ختمتها بالإعلان عن مركزها للربع الأخير من السنة ونشرته قبل إجازة عيد الأضحى...؟.
في رأيي أن هذا لم يحصل في بعض بنود المركز وخاصة بند الاستهلاك والإطفاء، فقد كان هناك غموض كبير أو على الأصح عدم إفصاح كاف، وابتداء أقول إن المقصود بالاستهلاك حسبما ورد في معايير المحاسبة المالية التي أعدتها الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين هو (ما يُحَمَّل على دخل الفترة المالية مقابل توزيع تكلفة الأصل القابل للاستهلاك بطريقة منتطقية ومنتظمة خلال العمر الإنتاجي للأصل).
وكما ورد في معايير المحاسبة أيضاً فإنه (يجب توزيع تكلفة الأصل القابلة للاستهلاك على مدى العمر الإنتاجي للأصل باستخدام أكثر طرق الاستهلاك ملاءمة لأسلوب استهلاك المنشأة للمنافع الاقتصادية الكامنة في الأصل. ويحمَّل الاستهلاك على الفترة) أي إن تحديد مبلغ الاستهلاك ليس له علاقة بزيادة الدخل أو نقصانه ولا يتأثر بذلك وإنما يُحدَّد وفق تكلفة الأصول وبطريقة منتظمة توزع على أيام السنة، أي إن المفروض أن مبلغ الاستهلاك لا يتغير في فترات المركز المالي إلا بمقدار تغير قيمة الأصول المستهلكة بالزيادة أو النقص وما دام أن قيمة الأصول توضح في المركز المالي فالمفروض أن تكون المسألة واضحة ومنتظمة ولو حصل خلل في هذا الانتظام بأن زاد الاستهلاك زيادة كبيرة أو نقص بفارق كبير فالمفروض أن يتم إيضاح السبب في بند الإيضاحات المصاحب للمركز المالي.
بعد هذا الإيضاح الذي أرجو أن يكون كافياً، أنتقل إلى واقع بند الاستهلاك في المركز المالي الذي أعلنته سابك قبل إجازة الأضحى للسنة المالية المنتهية 2003م، وأقول إن الشركة كانت قد حددت بند الاستهلاك في العام السابق 2002م بمبلغ (3.761.626.000) ثلاثة مليارات وسبعمئة مليون ريال... إلخ والمفروض ألا يزيد مبلغ الاستهلاك خلال العام المنتهي 2003م إلا بمقدار الزيادة في قيمة الأصول، وبالاطلاع على بند (ممتلكات ومصانع ومعدات) وهي الأصول التي تستهلك نجد أنها زادت بمبلغ ملياري ريال تقريباً حيث كانت في عام 2002م (62.660.935.000) ريال ثم أصبحت في عام 2003م (64.425.202.000) ريال وعلى هذا يفترض ألا يزيد بند الاستهلاك في عام 2003م عنه في عام 2002م إلا في حدود 5% أو 7% أو على الأكثر 10%، ولكن ما حصل أن شركة سابك زادت مبلغ الاستهلاك زيادة كبيرة جداً بلغت ما يقارب 100% إذ أصبح (6.951.587.000) ستة مليارات وتسعمئة مليون... إلخ بعد أن كان (3.761.626.000) ثلاثة مليارات وسبعمئة مليون... إلخ وهكذا فإن الشركة أضافت لمبلغ الاستهلاك أكثر من ثلاثة مليارات ريال، هكذا بجرة قلم ولم توضح لماذا فعلت هذا.
إن شركة سابك شركة كبيرة والمفروض أن تحترم عقلية مساهميها والمستثمرين الذين يتابعون مراكزها المالية ويهتمون بها، والذي أراه أن الشركة بما فعلت لم تحترم عقلية هؤلاء بما يكفي، أو أنها افترضت أن المراكز المالية التي تعلنها هي أسلوب روتيني لا يطلع عليه أحد ولا يهتم به أحد، وبالتالي فلم تكلف نفسها إضافة سطرين أو ثلاثة في بند الإيضاحات توضح لماذا حصل هذا الفرق الكبير في بند الاستهلاك لأصول لم يتغير وضعها كثيراً.
شركة سابك شركة عملاقة والمفروض أنها من وجوهنا المشرقة وكان ينبغي أن تكون أكثر الشركات احتراماً لمساهميها وللمستثمرين، والأخطاء يكبر حجمها بمقدار الأمل الذي ينتظره مكتشف الخطأ ممن وقع منه الخطأ، ولا أظنه سيكون مقنعاً لأحد أن تقول الشركة إن الإيضاح سيتم لاحقاً عند نشر المركز المفصل للعام المالي فيما بعد، فهذه ثغرة كبيرة كان ينبغي سدها في مراكزها الربع سنوية وهي ليست أقل أهمية من تلك الأمور العديدة التي شملتها الإيضاحات بل على العكس هي في رأيي أكثر أهمية منها جميعاً والمفروض إذن أن تخصص الشركة لها فقرة خاصة من فقرات الإيضاحات.
بقي سؤال مهم وهو: هل من حق شركة سابك أن تقتطع مبلغاً إضافياً يزيد على ثلاثة مليارات من الإيرادات لتضيفه لبند الاستهلاك...؟ والإجابة على هذا أنه أولاً ليس من حقها أن تفعل ذلك دون أن تقدم إيضاحاً كافياً عن ذلك، أما لو قدمت الإيضاح فإن الإجابة تتوقف على ما يرد في الإيضاح، وحتى تقدم شركة سابك إيضاحها أقول إنه اتضح لي من خلال متابعتي للمراكز الأربعة خلال العام المالي مثار الإشكال 2003م أنه لم يكن هناك انتظام ألبتة في تحديد مبلغ الاستهلاك خلال أرباع السنة، وبدا لي أن الشركة تحدد مبلغ الاستهلاك حسب مركز الشركة قوة وضعفاً في كل ربع من أرباع السنة، ففي ربع السنة الأول الذي كان هو أقل أرباعها دخلاً لم تسجل الشركة في بند الاستهلاك سوى (1.200) مليار ومئتي مليون ريال تقريباً وحينما ارتفع الدخل في الربع الثاني ارتفاعاً كبيراً زاد مبلغ الاستهلاك إلى الضعف حيث اقتطعت الشركة من دخل الربع التالي ما يقارب (2.500) مليارين ونصف المليار ريال، ثم ظل بند الاستهلاك يرتفع وينخفض بمقدار ارتفاع الدخل وانخفاضه وهذا لا تجيزه معايير المحاسبة القانونية التي أوضحناها، إذ إن المفروض أن الاستهلاك لا علاقة له ألبتة بحجم الدخل بل بقيمة الأصول.
طبعاً هناك احتمال أن يكون هذا المبلغ الكبير لمواجهة بعض أصول تالفة تم إطفاؤها ولكن هذا احتمال بعيد أولاً لأن المبلغ كبير وثانياً لأن الإطفاء يجب ألا يكون جزءاً من الاستهلاك بل ينبغي إيضاح مبلغه وثالثاً لأنه كان ينبغي ـ لو أن هذا هو ما حصل ـ أن تقوم الشركة بإيضاح ذلك وهو ما لم تفعله الشركة وعلى أية حال فحتى توضح الشركة ما لديها يظل احتمال وقوعها في الخطأ وارداً، وهذا الخطأ المحتمل في رأيي كبير لأنه يؤثر على الأرباح بنسبة تقارب الـ30% ويرفع الاستهلاك أكثر من 100%، إضافة لكونها شركة كبيرة و"الشرهة" عليها كبيرة... ونتابع الحديث عن هذا الموضوع الهام في المقال القادم بعد غد الاثنين بإذن الله.
نهاية النص --------------
والله اعلم
المفضلات