كثيرا ما تتحدث الولايات المتحدة الاميركية عن حقوق الانسان وقليلا ( جدا ) بل من النادر ان تتحول الاقوال الى افعال.

واذا حدث هذا التحول في احدى المرات فانه يكون انتقائيا في مكان وزمان معينين ولا يكون منهجا مطبقا في كل الامكنة والازمنة.. وهكذا فان ما تراه واشنطن احيانا حقوقا يجب الالتزام بها وتطالب غيرها بذلك نراها لا تلتزم هي نفسها بما تطالب به حتى لو كان الامر بيدها وعلى ارضها وفي ظل قانونها كي لا نقول في ظل تمثال الحرية الذي لا نعرف الآن الى اي اتجاه ادار رأسه كما لا نعرف ماذا بقي من رمزيته بعد القرارات الاخيرة التي اتخذتها ضد رعايا عدد من الدول تصنفها الولايات المتحدة بأنها في محور الشر.

اما القرارات المقصودة فهي ذات طبيعة عنصرية وهي من حيث الشكل والهدف غير مسبوقة في اية دولة اخرى وابرز هذه القرارات اثنان الاول يمنع دخول الرعايا التابعين لكل من: سوريا ــ العراق ــ ليبيا ــ السودان ــ ايران ــ كوبا ــ وكوريا الشمالية الى الاراضي الاميركية الا اذا كانوا يحملون تأشيرة هجرة دائمة والقرار الثاني يقضي بوضع جميع الطلاب العرب والمسلمين الذين يدرسون في الجامعات الاميركية تحت المراقبة الامنية الدائمة بكل الوسائل بما فيها مراقبة الانترنت .

الاول يخالف شرعية حقوق الانسان التي تصون حرية السفر والتنقل وتمنع تقييد هذه الحرية لسبب سياسي او عرقي او ديني وتشكل دعوة مباشرة الى تخلي الانسان عن وطنه وامته ودولته .

الثاني يشبه الاول ويزيد عليه انه يضع آلافا من الناس هم في هذه القضية طلاب عرب ومسلمون في قفص الاتهام المسبق ويجعل منهم هدفا للانتقام ويحيطهم بحالة من الشك والعزل والمحاصرة لمجرد انهم عرب او انهم مسلمون. هذان القراران لم تتخذ مثلهما ــ ولا سيما الاتهام الجماعي ــ اية دولة في هذا العصر حتى ان نظام التمييز العنصري السابق في جنوب افريقيا لم يضع الطلاب السود كلهم في قفص الاتهام ولم يقيد حرية السفر على رعايا الدول التي كانت تخاصمه سياسيا اما الولايات المتحدة فتجاوزت كل هذه الحدود واسقطت ما تبقى من اعتبارات للجوهر الانساني لميثاق الامم المتحدة ولشرعة حقوق الانسان بما فيها الاعتبارات المعنوية .

اي فرق بين هذين القرارين وقرار اسرائيل بترحيل عدد من الفلسطينيين الى دول اوروبية ؟ .. نظن ان العقلية واحدة خلف القرارين وكنا نتمنى لو ان الولايات المتحدة تتذكر شيئا من سياسة ابراهام لنكولن .