راشد محمد الفوزان

الدعوة لجذب الاستثمارات السعودية الخارجية ليست ايجابية دائما

التاريخ: 3/21/2002 م

في المؤتمر الصحفي الذي عقده محافظ هيئة الاستثمار العامة السعودية الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي على هامش انعقاد مؤتمر رجال الأعمال السعودي الياباني قدر المحافظ الاستثمارات السعودية في الخارج بنحو 700مليار دولار (, 2625تريلون ريال) أي ما يعادل الناتج القومي السعودي بما يقارب 8مرات، وانتقد المحافظ خلال مؤتمره الصحفي بعض الجهات الحكومية التي تشكل عائقاً كبيراً في جذب هذه الاستثمارات وركز على الاستثمارات الاجنبية التي لم تصل للمستوى المطلوب من خلال تحديد سقوف معينة لمبلغ الاستثمار وأن كان اشار المحافظ ان هناك مذكرة اقتراح تم رفعها الى المجلس الاقتصادي الاعلى بعد أن تم اخذ رؤية رجال الأعمال والغرف التجارية لاعادة الدراسة حول الحد الادنى للاستثمار الاجنبي وتخفيضه لكونه يشكل عائقاً في خلق مناخ استثماري اجنبي إضافة الى إعادة النظر الى القائمة السلبية في ذلك.
هذا بعض اهم ما جاء في المؤتمر الصحفي للمحافظ، واركز هنا على حجم الاستثمارات السعودية في الخارج والتي قدرها المحافظ بـ 700مليار دولار، واشار المحافظ الى ان الادوات الاستثمارية في المملكة محدودة ومحدودة جدا لكي يمكن لها استيعاب هذه المبالغ الكبيرة، وهي "تقدر" وليس هناك بالطبع احصاء أو حصر لها لكن قد تكون أكبر من ذلك كما اشارت دراسات اخرى الى انها قد تصل الى 850بليون دولار، ان الدعوة الى عودة هذه الأموال المستثمرة خارجيا حقيقة هي عاطفية أكثر من ان تكون عملية ممكن تطبيقها، فإذا كان المستثمر يجد اسواقاً دولية مرنة في قوانينها وادواتها الاستثمارية وتنوعها وتعددها ووجود البنوك والمكاتب الاستمثارية الخاصة بذلك التي يمكن لها ان تكون المستشار الاستثماري وخاصة هناك بنوك دولية تقوم بذلك وهي معروفة وليس مهماً هنا تحديد بنوك بعينها يمكن لها أن تقوم نيابة عن عملائها بإدارة هذه الاستثمارات من خلال شراء عقارات أو المساهمة أو اكتتاب أو بشراء أسهم دولية وعملات ومعادن أو شراء شركات أو حتى المساهمة بها فهي تقدم النصيحة والاستشارة باستمرار، كذلك الوضع الاقتصادي الذي يعتمد على النمو المتوازن غير المعتمد على سلعة واحدة وهي النفط وغير المعتمد على الانفاق الحكومي بل على الانفاق الاستهلاكي للمواطن ووضوح القوانين واستقرارها كل هذه العوامل تساعد المستثمر الدولي على الاستثمار في تلك البلدان فرأس المال دائما يبحث عن النمو المستمر والفرص والقوانين الواضحة والثابتة والمرنة، كذلك تنوع الدخل في تلك الدول يجعل هذه الاقتصاديات أكثر ثباتا واستقرارا وليس محل تقلبات لمصدر دخل واحد وهو النفط وأكبر مثال لذلك هي أحداث 11سبتمبر التي هزت العالم والبورصات والوضع الاقتصادي لتلك الدول سواء الولايات المتحدة أو أوروبا فقد اتخذ قرار سريع بإغلاق البورصة في الولايات المتحدة لحمايتها من الانهيار والتأثير النفسي وبعد ايام افتتحت على هبوط وهي الآن تعود مستقرة واستمر الوضع الاقتصادي بركود كما كان قبل والآن تشير المؤشرات لظهور بوادر انتعاش أمريكي محدود ولكن ماذا يمكن ان يحدث لو تمت هزة اقتصادية كهذه لدينا؟
ان الدعوة الى جذب الاستثمارات السعودية بالخارج هي دعوة وطنية ومنطقية لكن ليست عملية ولا يعني عدم تأييدي لها بل العكس نتمنى توطين اموالنا في بلدنا لضخ الاقتصاد الوطني ودفعه للنمو لكن السؤال أين تذهب هذه الاموال حين تعود الينا هنا فهي أكبر من ان يستوعبها اقتصادنا المحلي، فسوق الاسهم السعودي رغم انه الأكبر في الوطن العربي والشرق الأوسط فإن ضخ جزء يسير من هذا الاستثمار في سوق الاسهم سيرفع القيمة السوقية بأكثر من قيمتها الحقيقية، وسوق العقار نطاق محدد ويعاني الآن من ثبات ولكن تكون هناك مضاربة لها، البنوك ليس لديها من الاستثمار الا الودائع بأنواعها والصناديق الاستثمارية فهي محدودة جدا، وغالبا هذه الاستثمارات الخارجية ليست مضاربات في بورصات عالمية وليست أموالا سائلة فقد تكون مساهمات وعقارات وودائع وغيرها من الادوات الاستثمارية، وحين تعود بعض الاموال فهي تبحث عن استثمار ذي عائد وليس مضاربة بعملات وبورصات غالبا، وعلى أي حال عودة هذه الاموال ستخلق حالة تضخم كبيرة في الاسعار سواء للايدي العاملة ان كان من خلال انشاء مصانع أو غيرها أو الضغط على كثير من السلع والخدمات وهي ما يتطلبه الوضع الاستثماري غالبا.
باعتقادي الشخصي ان الادوات الاستثمارية التي من الممكن ضخ الاموال العائدة (في حال عودتها) تتم من خلال التسريع لعملية التخصيص (الهاتف، الخطوط السعودية، سكة الحديد، المواني... وغيرها)، فتح مجال الاستثمار بمرونة عالية في الكهرباء والاتصالات وخطوط الطيران، كذلك فتح المجال للبنوك الخارجية للاستثمار في المملكة لايجاد منافسة حقيقة للبنوك السعودية بما يدفعها اجباريا الى تطوير خدماتها فهي شبه محتكرة الآن، تشجيع الصناعة وتخفيض تكاليف الكهرباء ومنح قروض أكبر واكثر لتشجيع الصناعة وفتح باب التصدير، السماح بتمويل الجهات الحكومية بأكثر مرونة من السائد الآن مثل انشاء المدارس والمستشفيات والجامعات أيضا وغيرها.. وتتنوع الادوات الاستثمارية بلا حدود.
أخيرا يجب ان ندرك ان هذه الاموال السعودية الخارجية ما كان لها ان تستثمر خارجيا لو وجدت الفرصة الاستثمارية الجيدة داخليا، وكذلك يجب فهم ان هذه الاموال الخارجية تحقق عوائد مجزية لها وملاكها فما الذي يشجعهم على عودتها اصلا، ما لم تجد فرصة موازية لها داخليا بتحقيق العائد المتوقع كما هو خارجيا، ويجب ان نقيم الوضع بمنطق عملي بعيدا عن العاطفة لأن الاموال غير المستثمرة هي بالتأكيد تخسر وتنخفض قيمتها.


تعليق: فعلا لدينا عوائق ...! كتبه: فواز 3/21/2002 12:40:37 PM

الاستاذ راشد
كل عام وانت بخير
نستطيع ان نبني من الخيال قصورا ونستطيع ان نبني بالتمنيات الاف المشاريع الوهمية ونجلب بالكلام الاف الاستثمارات الخارجية ولكن عندما تذهب السكرة وتأتي الفكرة تصبح امانينا مجرد زوبعة في فنجان
قبل فترة كنت في احدى الدول العربية والتقيت بأحد رجال الاعمال وهو مالك و مدير نادي رياضي اجتماعي وصحي هذا النادي تم تشييده بطريقة هندسية جميلة ويحوي صالة للسينما ومسبح رجالي واخر نسائي منفصل وصالة تحوي مختلف الالعاب الرياضية كالتنس والعاب الكمبيوتر وغيره اضافة الى صالة استقبال اضافية مجهزة بتلفزيون يضم مختلف المحطات الفضائية وكافتريا ...الخ من الضرورات التي تحتاجها الاسرة عموما
ويعتبر هذا النادي متنفسا هاما وملجأ للكثير لما يحوية من جو مريح وهو بالفعل استثمار ناجح وبالصدفة عندما كنت في صالة الاستقبال التقيت مع مدير ومالك هذا النادي وهو شخصية خليجية وسألته هل من الممكن ان يعمل فرع اخر لهذا النادي في السعودية اجابني بأن الاستثمار في السعودية مهم وناجح نظريا ولكنه صعبا في الواقع لانه على حد قوله سيجد امامه مجموعة من العراقيل التي قد لاتحول دون افتتاح المشروع ولكنها بالتأكيد تحول دون استمراره طلبت منه ان يذكر لي امثله على ذلك قال انت تعلم انه لابد ان اغلق النادي في اليوم خمس مرات وتعلم مايترتب على ذلك اضافة الى انني اعتقد انكم الى الان في طور النمو ومن الصعوبة استيعابكم لمثل هذه المشاريع الحديثة انتهى كلامه.
السؤال الذي يفرض نفسه هل فعلا نحن لانستوعب المشاريع الحضارية.
---

رد: لدينا القدرة كتبه: راشد محمد الفوزان 3/22/2002 7:04:17 PM

الأخ : فواز ...

تحية طيبة ...

قرات ردك كماورد هنا , وصدقني أنني اشعر بتفائل كبير بأصلاح أقتصادي ملموس ونركز هنا على الأستثمارات الخارجية الواردة أو الداخلية المحلية , هناك رغبة وعزيمة بهذا الأصلاح الأقتصادي بأن يكون أكثر تنوعا في الأيرادات والأستثمارات أحداها , هنا رغبة بأيجاد موارد أخرى من سياحة وصناعه وغيرها ... نعم هي بطيئة كما عبر عنها الأمير عبدالله بن فيصل محافظ هيئة الأستثمار, والعوائق كثيرة ومتشعبة لكن هنا تأكيد على وجود عراقيل من الجهات الحكومية وبيروقراطيتها, ولكن من الجانب الأخر هناك سعي لتذليل ذلك فلن تتم بيوم وليلة بل نحتاج الي وقت أرجو أن لا يكون طويلا.
لكن يجب التأكيد على أن لا نخرج عن ما يفرضه ديننا الأسلامي ومن حفظ لعاداتنا وتقاليدنا بالحد الذي لا يحجب هذه الأستثمارات ويحبط النمو الأقتصادي المطلوب أستهدافه.

بالعكس نحن نستوعب المشاريع أيا كانت ولدينا رؤوس الأموال القادرة وقبلها العقول ولكن هناك عوائق أجرائية وقانونية نحتاج بنائها وبشكل ملموس , ولاتنس مخرجات التعليم التي لا تواكب حاجة القطاع الخاص.

شكرا لك.