راشد محمد الفوزان

منظمة التجارة العالمية.. ومعوقات الانضمام؟

التاريخ: 4/8/2002 م

من المعروف أن المملكة العربية السعودية إلى تاريخ اليوم لم تنضم لمنظمة التجارة العالمية (WTO) في نفس الوقت التي انضمت فيه جميع دول الخليج العربي المجاورة لنا، وقد يسأل الكثير والمهتمون عن سبب عدم الانضمام إلى اليوم، وحين نريد البحث في هذا الموضوع فإننا لن نجد الاجابة الشافية بهذا الخصوص من الجهات الرسمية وأخص هنا مباشرة وزارة التجارة لأننا نلحظ أن هناك طوقاً من السرية في نقاش هذا الموضوع، وهو ما هي المعوقات؟ أين وصل مستوى النقاش مع المنظمة؟ ما هو المطلوب من قبلنا لتنفيذه؟ وغيره من التفاصيل التي أجد أنها مبهمة وغير واضحة وحتى غير قابلة للنقاش من قبل الوزارة، فما هي أسباب تلك السرية لذلك؟ وكل التصاريح الصادرة هي باطار عام غير واضح نهائياً.
لكن هنا سنحاول نقاش تلك المعوقات بإطار عام (أيضاً) غير تفصيلي لأن تفصيل ونقاش ذلك يحتاج الاستعانة بالجهات المعنية التي تحاور المنظمة مباشرة وإلى شرح تفصيلي موسع جداً، وآمل وأرجو أن تطرح الوزارة هذا الموضوع على طاولة النقاش والحوار للمهتمين والمتابعين وهي ليست من السرية والغموض الذي يمنع نقاشه حقيقة، وشرح المعوقات هنا تحتاج إلى صفحات وحلقات طويلة ولكن سأحاول ذكر البعض منها غير تفصيلي دقيق حتى لا يكون هناك نقص أو عدم ايفاء لكل الجوانب الخاصة بهذا الموضوع الحيوي والمهم.
المملكة تحاول وتعمل على الانضمام لمنظمة التجارة العالمية منذ سنوات (أهمية ذلك تحتاج موضوعاً منفصلاً كلياً) وإلى الآن لم يتم الانضمام كما سبق ذكره، لأن المملكة لا تساوم على مكانتها الخاصة وخصوصيتها الإسلامية بحيث أنها لا تتنازل عن ذلك نهائياً وحتى المنظمة نفسها وأنظمتها تحترم خصوصيات الدول ودياناتها، والمملكة لن تنضم إلا بحسبما تمليه عليها شريعتها الإسلامية من احترام كامل لها بدون أي نقصان أو تنازل، وهي ليست المعوق الأساسي على أي حال، سبب آخر مهم معوق للانضمام أن اللوائح التجارية وغيرها غير واضحة في المملكة.
فمثلاً عندما يحدث خلاف تجاري بين شريك سعودي وأجنبي فإن الجهة القضائية المخولة المتخصصة لدينا غير موجودة وهذا ما تطالب المنظمة معالجته، أيضاً طريقة إصدار الأنظمة التجارية في المملكة تتحفظ المنظمة عليها كثيراً وتطالب بتعديلها وإصلاحها، أيضاً تحرير التجارة مثل الاستثمار الأجنبي، فرغم وجود الهيئة العامة للاستثمار إلا أنها لا تتسم بالمرونة المطلوبة منها ولا تتطابق إلى حد ما مع شروط المنظمة لارتباطها بجهات حكومية كثيرة ومتعددة معوقة جداً (وقد صرح محافظ الهيئة بذلك مباشرة)، ان هناك تساؤلات كثيرة تطرحها المنظمة على المملكة بخصوص الشأن القضائي والذي ترى المنظمة أنه غير متوافق مع ما يطبق عالمياً، وتطالب المنظمة بوضع محاكم خاصة بالنزاعات التجارية،
وهكذا نجد أن المعوق أو المعوقات الأساسية هي قانونية اجرائية ويقصد بها القوانين والمحاكم التجارية التي يمكن لها الفصل في المنازعات التجارية التي يفترض وجودها في حال فتح الأسواق وهناك معوقات أخرى من مزيد من التحرر الاقتصادي والتحويل إلى القطاع الخاص لكثير من المؤسسات الحكومية ورفع الدعــــم الحكومي عنـــــها ومنهــــا الجانب الزراعي وبعض العقبات التي ممكن تجاوزها أو تم تجاوزها حقيقة.
إن أهمية الانضمام للمنظمة تنبع من خلال أن الدولة (أي دولة عضو) تتفهم الانفتاح الاقتصادي بحيث يكون مفهوم ذلك أن مبدأ الحرية الاقتصادية هي عبارة عن سياسة تدعو إلى عدم التدخل للدولة في الشأن الاقتصادي وكذلك ازالة أي عوائق مصطنعة بين الدول وتوجيه للتجارة الحرة بما يؤدي في النهاية إلى ايجاد تكتلات اقتصادية وهي ملموسة الآن على مستوى العالم وكذلك ايجاد المنتدى الحواري بين الدول الأعضاء حول كثير من المشكلات والعوائق التي تواجه التجارة العالمية وإيجاد آليات موحدة لحل الخلافات والمنازعات التجارية التي قد تنتج بين هذه الدول وكذلك مساعدة كثير من الدول سواء قانونياً أو مالياً، وتهدف المنظمة إلى ايجاد التنمية من خلال رفع المستوى المعيشي للدول الأعضاء وخاصة الدول النامية وتقدر نسبتها بحدود 75%.
ويجب أن نشير هنا إلى أن وزير التجارة السعودي قد أشار إلى أن المملكة قد تجاوزت كثيراً من العقبات ووقعت كثيراً من الاتفاقيات بدون أي تفاصيل تعلن ولا نعلم أين توقفت المفاوضات ولا العقبات التي مازالت تقف أمام المملكة للانضمام لمنظمة التجارة العالمية في حين أن اقتصاديات أقل كثيراً من المملكة انضمت منذ سنوات ولا تعتبر اقتصادياتها مؤثرة على المستوى العالمي كما المملكة التي تعتبر أكبر منتج للنفط وتملك أكبر احتياطي عالمي، ولكن مازلنا نشهد اصلاحات اقتصادية متتابعة ومتعاقبة نأمل من خلالها ايجاد الآلية التي تعجل بإصلاح كثير من الأنظمة الاقتصادية لتكون أكثر مرونة ومواكبة للتغيرات والتحديات العالمية الحالية والمستقبلية، حتى تمكنا من الاعتماد على اقتصاد يعتمد على أنظمة وقوانين واضحة وفاعلة ومتفاعلة اقتصادياً ويعتمد عليها القطاع الخاص وأن يتم تقليص الدور الحكومي لكي لا يكون اقتصاداً يعتمد على الانفاق الحكومي فقط وهو ما يجعل الاقتصاد أقل استقرار وأكثر تذبذباً، بل اقتصاد يملك مصادر دخل متعددة لا مصدراً وحيداً وهو النفط وأن يتم العمل على ذلك بخطط استراتيجية واضحة، لمواجهة التحديات المستقبلية المرتقبة.