عشرة تحديات لاسواق الاسهم العربية

07 Feb 2001
Ziyad Al Dabbas

أعتقد في البداية أن سوق أبوظبي للأوراق المالية خطا خطوة هامة عندما دعا إتحاد البورصات العربية للانعقاد في أبوظبي بعد مضي أقل من ثلاثة شهور على تأسيسه ومضي حوالي عام على صدور قانون الأوراق المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مناسبة هامة للإستفادة من تجارب هذه البورصات ومناسبة هامة للبورصات العربية لتبادل الهموم والأفكار لما فيه مصلحتها ورفع كفاءتها ، وأعتقد ومن واقع خبرتنا المتواضعة أن عشرة تحديات تواجه البورصات العربية في هذه المرحلة الهامة والتي نحتاج فيها إلى توظيف مدخرات المستثمرين في مشاريع تخدم الاقتصاديات العربية وتساهم في نموها .



تواجه معظم أسواق الأسهم العربية مشكلة تراجع الثقة من قبل المستثمرين المحليين والعالميين وفقدان الثقة أو تراجعها أدى إلى تراجع أداء معظم هذه الأسواق خلال العام الماضي بالرغم من جاذبية الاستثمار في هذه الأسواق استناداً إلى كافة المؤشرات المالية المتعارف عليها عند تقييم أسعار الأسهم . فسوق الكويت تراجع إلى مستويات ما قبل خمسة سنوات ، وسوق البحرين انخفض عام 2000 بنسبة 18.4% ، وانخفض سوق مسقط بنسبة 19.6% ، وسوق الإمارات انخفض حسب مؤشر بنك أبوظبي الوطني بنسبة 18% ، وقطر 8% ، والأردن بنسبة 20.5% وغيرها من أسواق الأسهم العربية .



ما زالت معظم أسواق الأسهم العربية تعاني من مشكلة تدني مستوى الإفصاح والشفافية والتعامل من الداخل واحتكار المعلومات وعدم التزام عدد كبير من الشركات المساهمة العامة بالمعايير المحاسبية الدولية عند إعداد بياناتها المالية وتفاوت جودة التقارير من سوق إلى آخر وتأخر صدور البيانات المالية وعدم نشر معلومات وبيانات كافية ومفصلة في التقارير السنوية لمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية على أسس استثمارية وإقتصادية وعدم الإلتزام بإصدار بيانات دورية كل ثلاثة شهور أو أربعة شهور بحيث تبقى الأسعار تعكس واقع أداء الشركات .



محدودية وضعف الوعي الاستثماري لدى معظم شرائح المستثمرين في الأسواق العربية والذي عادةً ما يؤدي إلى عدم استقرار هذه الأسواق والمطلوب من أسواق الأسهم العربية بذل جهود كبيرة ومستمرة ولفترات طويلة لتزويد المستثمرين بالمعرفة والمهارات الاستثمارية بالتعاون مع وسائل الإعلام المتخصصة إضافة إلى إصدار النشرات والدوريات وعقد الندوات والمحاضرات والتنسيق مع الجامعات ومعاهد الدراسات للمساهمة في رفع مستوى الوعي الاستثماري لدى أكبر شريحة من المستثمرين .



بالرغم من ارتفاع القيمة السوقية لأسواق الأسهم العربية خلال الخمسة سنوات الماضية إلا أنها ما زالت صغيرة الحجم مقارنة ببعض الأسواق الناشئة والأسواق العالمية وصغر هذه الأسواق يساهم في خلق فرص لتقلبات غير مبررة للأسعار وتأثير الإشاعات على القرارات الاستثمارية ومحدودية بدائل الاستثمار ، كما أن الحكومات تمتلك نسبة هامة من القيمة السوقية لهذه الأسهم وحصة الحكومات مجمدة باعتبارها استثمارات طويلة الأجل ، كما يمتلك كبار المستثمرين نسبة هامة أيضاً من أسهم الشركات الواعدة وعلى الأجل الطويل أيضاً ، إضافةً إلى انخفاض نسبة الرسملة أي نسبة رأس المال السوقي إلى الناتج المحلي الإجمالي كما تعاني هذه الأسواق من محدودية عدد الشركات المدرجة وانخفاض قيمتها السوقية فعدد الشركات المدرجة في سوق البحرين 41 شركة والسعودية 75 شركة والكويت 86 شركة وقطر 22 شركة .



تعاني معظم أسواق الأسهم العربية من مشكلة تركز التداول على أسهم شركات معدودة نتيجة محدودية الأوراق المالية الجيدة مما أدى إلى عدم القدرة على التنويع في الاستثمار والاتجاه إلى استثمارات أخرى ، فالتداول على أسهم إتصالات في الإمارات وقطر ومصر وفلسطين شكل نسبة هامة من حجم التداول الكلي في هذه الأسواق وبعض الأسواق يشكل التداول على أسهم ثلاث أو أربعة شركات أكثر من 50% من حجم التداول الكلي في السوق ، إضافةً إلى انخفاض معدل دوران الأسهم وهذا بالطبع يعكس انخفاض مستوى سيولة هذه الأسواق .



تدفق الاستثمارات الأجنبية وخاصة المحافظ الاستثمارية العالمية بالرغم من رفع القيود على تدفق الاستثمار الأجنبي في بعض الأسواق العربية مثل مصر والمغرب ولبنان والأردن ورفع جزئي في أسواق أخرى والسماح للأجانب بتملك الأسهم من خلال صناديق الاستثمار في السعودية والإمارات ، إلا أنه ما زال محدوداً للغاية ولا يشكل نسبة تذكر بسبب ضعف سيولة معظم الأسواق العربية وانخفاض مستوى الإفصاح وعدم دخول معظمها في مؤشرات عالمية هامة مثل مؤشر مورجان ستانلي وصغر حجم هذه الأسواق وعدم وجود خدمات مالية متطورة إضافة إلى ضعف البيئة القانونية والاستثمارية المناسبة للاستثمار الأجنبي .



تدفق الاستثمارات العربية نحو أسواق الأسهم العالمية لما تتميز به هذه الأسواق من مستوى عالي من الإفصاح وسهولة التعامل وارتفاع مستوى السيولة والعمق وارتفاع العائد ، إلا أن ما تعرضت لها معظم الأسواق العالمية عام 2000 من تراجع وعدم استقرار يجب أن يكون حافزاً لأسواق الأسهم العربية لإعادة توطين هذه الاستثمارات وذلك من خلال خلق فرص استثمارية محلية ، كما أن التداول الإلكتروني المتوفر من خلال شبكات الإنترنت ساهم في إقبال عدد كبير من المستثمرين العرب على تداول أسهم شركات التكنولوجيا في الأسواق العالمية وأعتقد أن توفر التداول عبر الإنترنت في أسواق الأسهم العربية سيساهم ويعزز التداول في هذه الأسواق .



محدودية الأدوات الاستثمارية في أسواق الأسهم العربية والتي تتركز معظمها على الأسهم فقط ، بينما نلاحظ بصورة عامة محدودية تواجد الأدوات الاستثمارية الأخرى في هذه الأسواق باعتبار أن تنوع وتعدد الأدوات الاستثمارية يساهم في زيادة عمق هذه الأسواق ويعزز الطلب والعرض على الأوراق المالية ويوفر بدائل استثمارية متنوعة أمام المدخرين ، كما أنه مؤشر على تطور هذه الأسواق وارتفاع مستوى الوعي الاستثماري . وأعتقد أن تشجيع تأسيس صناديق استثمارية في أسواق الأسهم العربية كأحد الأدوات الاستثمارية الهامة سيساهم في تجميع مدخرات صغار المستثمرين وحيث لا تتوفر لهم الخبرة الكافية في الاستثمار في الأسواق والقدرة على التنويع إضافةً إلى أن الأجانب عادةً ما يفضلون الاستثمار الغير مباشر في الأسواق من خلال صناديق الاستثمار .



كما تعاني معظم أسواق الأسهم العربية من محدودية الاستثمار المؤسسي واعتمادها على الاستثمار الفردي ، فالاستثمار المؤسسي يساهم في استقرار الأسواق بصورة عامة باعتبار أن أغلب توجهات استثماراته طويلة الأجل ذات طبيعة غير مضاربة إضافةً إلى مساهمته في تعزيز حجم الطلب والعرض في الأسواق . وتعاني الأسواق العربية من محدودية الدور الذي تلعبه المصارف المحلية في تطور ونمو هذه الأسواق . وخاصة في المراحل الأولى من مراحل تأسيس هذه الأسواق باعتبار أن المصارف الوطنية تملك ثقة عملائها وتمتلك فروع كبيرة وعديدة يسهل التعامل معها ولديها الخبرات والكوادر الفنية المؤهلة إضافةً إلى خضوعها لرقابة السلطات النقدية واستحواذ هذه المصارف على الجزء الأكبر من المدخرات المحلية مما يعزز من قدرتها على القيام بالعديد من الأدوار والخدمات التي تساهم وتعزز دور ونشاط هذه الأسواق ، وعلى سبيل المثال إنشاء صناديق الاستثمار وخدمات إدارة المحافظ وإعداد البحوث والدراسات عن الشركات المساهمة وتغطية الاكتتابات وتسويق الإصدارات الجديدة .



تعاني أسواق الأسهم العربية من محدودية الدور الذي يقوم به الوسطاء والمعلوم أن تعزيز نشاط أسواق الأسهم وتطويرها يحتاج إلى وجود وساطة مالية كفؤة وقادرة على المنافسة والابتكار ووجود مؤسسات وساطة متنوعة في إطار تنافسي يساعد على تحسين مستوى الخدمات المالية وتطور وتوسع خدمات الوساطة المالية ينبع من واقع تطور الأسواق ولعل تواجد شركات ومؤسسات الوساطة الأجنبية ساهم في تطور نشاط الوساطة في أسواق الأسهم العربية من حيث الاستفادة من خبراتها وأسواق الأسهم العربية يجب أن تعمل على تخفيض تكاليف التداول وتبسيط إجراءاتها وتطوير نظم وإجراءات التداول والمقاصة والتسوية .