حدوة الحصان تطوق ''الصغار'' وأصحاب النفس الطويل عليهم حساب المخاطر
يلاحظ الزائر لصالات تداول الاسهم هذه الايام الوجوم الذي يرتسم على وجوه بعض المتداولين ممن يحتفظ بكميات من الاسهم اشتراها قبل انهيار يوم الاثنين الشهير, وللتذكير فقط فان المرحلة الخامسة من حدوة الحصان التي سبق شرحها في مقال سابق لازالت في بداية الطريق ولازال امام المنتظرين الكثير من الوقت للانطلاقة الثانية, وعلى اي حال فقد اثبتت تقلبات السوق ان من بين المستثمرين من يملك نفسا طويلا وقدرة فائقة على الاحتفاظ بالسهم مما يدخله في دائرة الاستثمار طويل الاجل وهو مسلك لاغبار عليه للاستفادة من عوائد الاسهم في تغطية الخسائر الناجمة عن هبوط السوق او التحول من سياسة البيع والشراء السريع الى سياسة تحين فرص تحسن السوق المؤقت, وهنا لابد ان اذكر صغار المستثمرين ممن عزم على هذا النوع من الاستثمار (طويل الاجل) بالقانون التاسع وهو ستخدام مقياس مناسب لقياس مخاطر السوق المحتملة, وهذه المخاطر تنقسم الى نوعين, الاول: المخاطر المنتظمة, وهي تنتج عن اي حدث مالي او اقتصادي محلي او عالمي يؤدي في النهاية الى تغير في عائد السهم, والثاني: مخاطر غير منتظمة وهي ترجع الى ذات الشركة المستثمر فيها من زيادة الخسائر او سوء الادارة او كساد السلعة المنتجة.. الخ وفي نظري ان افضل مقياس يستطيع ان يعتمد عليه المستثمر لحساب هذه المخاطر وخصوصا المخاطر المنتظمة هو مقياس (بيتا) الذي ينص على ان هناك علاقة خطية بين الاستثمار في سهم اي شركة من الشركات وبين المؤشر العام للسوق وعليه فان (بيتا) تمثل نسبة التغير في العائد من السهم الى التغير في العائد من السوق عموما, وبالتالي يستطيع صغار المستثمرين ان يقيس قوة السهم من خلال معرفة احتمال هذا السهم للمخاطر, فلو فرضنا ان كل تغير ايجابي في السوق بنسبة 10% يؤدي اى التغير ذاته في السهم بنسبة 14% فأكثر لكان ذلك دليلا على قوة احتمال السهم للمخاطر, اما اذا كان كل تغير ايجابي في السوق بنسبة 10% يؤدي الى التغير ذاته في السهم بنسبة 7% فأقل لكان ذلك دليلا على ضعف تحمل هذا السهم للمخاطر.
ثم نعود الى القانون الخاص بطريقة اللعب مع الكبار وطريقتهم الشهيرة في المضاربة على الاسهم مستغلين في ذلك اخبارا مبتسرة او مبهمة او خبرا لم يظهر على السطح بعد, واحيانا شئ من ذلك على الاطلاق, ولكي نفرق بين هذه الطريقة والطرق الاخرى التي سبق شرحها فان ما يميز هذه الطريقة هو البيع والشراء المتوالي والمستمر وبالقوة ذاتها على لسهم لجذب المستثمرين الصغار الى دائرة السهم, في حين نجد الحركة تميل الى البيع المتواصل في طريقة الضغط والى الشراء المتواصل في حدوة الحصان.
ان القانون العاشر الذي ينبغي ان نتذكره دائما عندما يضعنا في السوق في مواجهة كبار المستثمرين اثناء مضارباتهم الشرسة على الاسهم هو ضرورة استخدام مفاتيح السوق لتحقيق مكاسب بسيطة وسريعة وهي في نظري اربعة مفاتيح: سعر اغلاق السهم في اليوم السابق وسعر الافتتاح والمؤشر العام للسوق ومراقبة حركة السهم القيادي.
ولنأخذ سعر الافتتاح كمثال وهو مفتاح مهم كونه يخضع لقواعد ثابتة ومقننة في حال حساب معامل الارتباط بينه وبين الحدود الدنيا والعليا لسعر السهم في ذلك اليوم وباستقرائي لسوق الأسهم على مدى عشر سنوات وجدت ان معامل الارتباط يتراوح بين 02,5-0,03 وذلك في الاحوال العادية للسوق, ويزيد هذا المعامل الى مستوى 0,06 في حالة نشاط السهم, ويصل المستوى الى النسبة المحددة من مؤسسة النقد وهو 10% في حالة فرط نشاط السهم, مع الاخذ بعين الاعتبار ان سعر الاقفال في الاحوال العادية يكون مقاربا لسعر الافتتاح.
فاذا فرضنا ان السهم (س) افتتح في الاحوال العادية للسوق بسعر 200 ريال فانه وفق معادلة الارتباط يكون مقدار النزول في ذلك اليوم 200*0,03=6 ريالات ويكون الحد الادني للسهم في ذلك اليوم 200-6=194 ريالا, وهنا يكون القرار الصحيح للمستثمر هو ادخال سعر شراء في بداية السوق بسعر يتراوح بين 194,5-195 ريالا والبيع عندما يتجه السهم الى حدوده العليا, وبما ان القاعدة العامة للسوق تفرض ان يكون للسهم سعر ادنى واعلى وسعر اقفال كل يوم فان الطريقة السابقة تجعلنا اقرب الى ملامسة السعر الادنى عند الشعراء والعكس عند البيع.
ان طريقة المضاربة الشرسة على الاسهم هي اكثر الطرق شيوعا في سوق الاسهم المحلي حتى بات لدى البعض قناعة بأن سوق الاسهم المحلي سوق مضاربات لا سوق استثمار, واظن ان في هذا الوصف اجحافا للسوق المحلي الذي اثبت جدارته في جذب واستثمار وتوظيف الاموال العائدة من الخارج.
ومما يؤخذ على الكثير من صغار المستثمرين تذمرهم من استخدام المستثمرين الكبار لطريقة المضاربات الشرسة على الاسهم لتحقيق المكاسب, ونسوا ان هذه الطريقة ليست في صالح المستثمرين الكبار فحسب بل ان جملة من المستثمرين الصغار قد حققوا مكاسب طيبة اثناء هذه المضاربة لان ملَكة قراءة السوق ترتبط بالخبرة والدراية بمجاهيل السوق, ولان تفاعل السوق والمستثمرين مع الاحداث والاخبار بغض النظر عن مصداقيتها يعبر عن حيوية السوق وقابليته للنمو والتوسع والتطور.
ثم ان تبني فكرة ان السوق لاتحكمه ضوابط قانونية واخرى اقتصادية يجر المستثمر الى الدخول في صفقات عشوائية وهي اول خطوة في طريق الفشل.
هيزع ناصر البركاتي
...................
على الرابط التالي
المفضلات