المصدر : كتب: د. علي دقاق


موافقة سمو ولي العهد علي رسملة الرسوم المستحقة على الحكومة لصالح شركة الكهرباء والبالغة 3378 مليون ريال (يعني 3,4 مليار ريال تقريبا).

قبل الخوض في ماذا تعني هذه التوصية وهذا القرار اقتصاديا لشركة الكهرباء ولسهم الشركة ولسوق الاسهم والمتعاملين فيه سوف نوضح نظريا وعمليا ماهو مفهوم الرسملة بدءا بكلمة رأس المال الذي هو أحد عوامل الانتاج المهمة بالاضافة إلى العمل (الايدي العاملة) والارض والتنظيم وتعني بصورة عامة الثروة خاصة اذا كانت على شكل ممتلكات او معدات يمكن استعمالها في انتاج اشياء (سلع وخدمات) ذات قيمة وايضا تعني الاموال او الاصول ذات القيمة التي يملكها شخص او شركة معينة وتعني رأسمال ايضا الاموال او الاصول التي يقدمها المساهمون لاستخدامها في اعمال الشركة. ورأسمال الشركة بالاضافة الى ما تجمع لديها من اموال فائضة هو صافي قيمة الشركة .والاصل الرأسمالي هو ما تحتفظ به الشركة بهدف استثماره استثمارا طويل الامد وهذا يستثنى استهلاكه او اعادة بيعه.

وبالاشارة الى معلومة ميزانية رأس المال والتي تشمل المصروفات الرأسمالية التي تنوي صرفها على الآلات والمعدات وليس على التشغيل والادارة فهي مصروفات تزيد من ممتلكات الشركة. وينظر الى ماتملكه شركة الكهرباء من معدات والآت وغيرها على انها سلع انتاجية أو رأسمالية تستخدم لانتاج خدمات الكهرباء. والادماج في رأس المال او (الرسملة) هي عملية تحويل شيء ما الى رأسمال أو عملية تحديد قيمة شيء ما ينتج دخلا او ربحا. والفعل (يرسمل) اذا يعني عموما تحويل شيء ما الى رأسمال, او تحديد قيمة له ومعاملته كجزء من رأسمال الشركة مثال لذلك اذا كانت آلة او معدة جديدة تنتج كمية (كهرباء مثلا) اكثر مما كان متوقعا لها ان تنتج عند تصميمها فانه يجوز تحويل هذه الزيادة في الطاقة الانتاجية الى رأس مال الشركة يعني رسملتها او اضافتها الى رأس المال الحالي وهذا على عكس الالتزام الرأسمالي الذي يعتبر دينا على الشركة على شكل سندات او كمبيالات مستحقة في تاريخ معين في المستقبل ولايشمل هذا الالتزام الرأسمالي اسهم رأسمال الشركة التي تمثل مجموع الاسهم التي يصرح للشركة باصدارها وطرحها للتداول واخيرا فائض رأس المال وهو فائض ينشأ من أي مصدر عدا الارباح المستبقاة وهو قد ينشأ من بيع اسهم الشركة او من هبات او معونات تمنح للشركة أو من تسييل بعض الاوراق المالية. التوصية برسملة الرسوم المستحقة على الحكومة اولا خطوة تحسب للمجلس الاقتصادي الأعلى متوجة بموافقة سمو ولي العهد. وعلى ضوء ما طرحنا اعلاه حول مفهوم الرسملة ومشتقاته فإن ترجمة ما حدث لاتخرج عن سداد مستحقات على الحكومة لشركة هي طرف كبير فيها والرسملة التي حصلت هي اضافة في الغالب صورية لرأس المال لان حقيقة المبلغ (3,4 مليار ريال) هي مبالغ لو دفعت نقدا لاتزيد من رأس المال كونها رسوما مستحقة معلقة وتظهر في ميزانية الارباح والخسائر والقوائم المالية لمستحقات لدى الغير (الحكومة) وكون الحكومة اكبر مساهم في شركة الكهرباء فإن رسملة تلك الرسوم هي عبارة عن تغيير في نسبة الملكية بين المساهمين بمعنى ان النتجية لن تكون زيادة في رأس المال وانما اعادة توزيع الاسهم بين الحكومة وبقية المساهمين حسب نسبة الملكية وطبعا عملية الرسملة التي تمت الموافقة عليها تشبه الى حد ما عملية طرح حصة من أسهم الحكومة في السوق ولكن ليس لكل السوق وانما تسوية مستحقات بين الملاك الحاليين فنصيب كل مساهم من الرسوم المستحقة سيتم اعادة توزيعها بين المساهمين ويقلل من حجم اسهم الحكومة بمقدار المبالغ المستحقة. ويختلف الحجم اذا ما تمت التسوية بقيمة السهم الاسمية 50 ريالا عن قيمته السوقية اقفال يوم الأحد مثلا 119,5ريال . وحيث انه ووفقا لبيانات الشركة فإن عدد الاسهم المصدرة اكثر من 765,7 مليون سهم ورأس مال الشركة حوالى 38,3مليار ريال. اذا عملية الرسملة لن تزيد من اصول الشركة ككل ولكن ستزيد من شعور المساهمين الاخرين بالثراء كونها حقوقا تمت تسويتها ومن جهة اخرى سينعكس ذلك على اداء الشركة ايجابا لانه بالرسملة سيقوى مركز الشركة المالي وعليه فإن اغلب التوقعات مؤداها ارتفاع سعر السهم السوقي ولا اعتقد انه سيرتفع بطريقة جنونية وذلك لثبات رأس المال وعدد الاسهم. فالرسملة التي ستطبق حقيقة هي عملية تخصيص خاصة استفاد منها المساهمون الحاليون وما يجعلها ميزة انه سيتم ضخها في التداول مما سينعكس ايجابا على سوق الاسهم حجما وقيمة وهذه خطوة تحسب لصالح برنامج الاصلاح الاقتصادي الحكومي وربما هذه التسوية التي تمت تكون مدخلا تدريجيا لطرح الاسهم الحكومية في سوق الاسهم لعامة الناس. والسؤال الأخير.. هل تعتبر عملية الرسملة هذه تخفيضا في حجم الدين العام?.. اعتقد ذلك.