بقلم د: موسى الصياد

سوق الأسهم السعودي يمر بمرحلة يصعب معها على المستثمر العادي أن يقرر شراء أو بيع سهم شركة معينة، لأن المساهم العادي لا يملك معلومات مالية كافية تمكنه من إصدار قراره، ولهذا يلجأ إلى الاستعانة بتوصيات المحللين الماليين المحليين.

ودراسة هذه التوصيات تزيد أحياناً من إرباك المستثمر، والسبب الرئيسي هو أن توصيات هؤلاء المحللين بشأن القيمة الحقيقية المُقدرة للسهم تختلف اختلافاً كبيراً عن القيمة السوقية الفعلية. فهل أن دراسات وتوصيات المحللين الماليين لا يجب الاستئناس بها؟

إن صعوبة القرار الاستثماري في سوق الأسهم هو شيء طبيعي، وتزيد المشكلة تعقيداً إذا كان الاستثمار بقصد المضاربة أي البيع والشراء المتكرر بقصد تحقيق أقصى الأرباح الممكنة رغم المخاطر الكبيرة. لكن إذا كان هدف المستثمر هو الاستثمار طويل الأجل فمن المفضل للمستثمر أن يستأنس بقدر أكبر بتحليلات وتوصيات المحلل المالي في شراء أو بيع الأسهم.

لكن على المستثمر أن يتذكر أنه عندما يقوم المحلل المالي بتقدير السعر الحقيقي لسهم شركة ما، فإنه يقوم بتقدير الأرقام التالية:

التدفق النقدي المقدر للشركة خلال السنوات المقبلة، وكذلك درجة تقلب هذا التدفق النقدي عبر الزمن (المخاطر) وتقدير هذا وذاك ليس بالأمر السهل، ويعتمد فيه على الحكم الشخصي والفني والمعلومات المتوفرة للمحلل المالي. وحيثما تتفاوت القدرات الشخصية والفنية والمعلوماتية من محلل مالي إلى آخر، فإنه بالنتيجة سيتوصلون إلى تقديرات متفاوتة لقيم أسعار الأسهم الحقيقية، مما يؤدي إلى اختلاف توصياتهم.

ولهذا فإن المستثمر يجب أن يكون حريصاً بعد دراسة تحليلات وتوصيات المحللين الماليين على متابعة المستجدات بشأن مبيعات وربحية وادارة الشركات، وكذلك المستجدات في الاقتصاد المحلي.

ومن الأشياء الجديدة التي غيرت في أسعار سوق الأسهم السعودي مؤخراً هي ضخ المزيد من السيولة في السوق مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، هذا وإذا علمنا أن السيولة كانت كبيرة وأن عدد الأسهم المتداولة هو عدد صغير قياساً بالدول المتقدمة مما أدى إلى رفع معدل سعر السهم/ الربح للسهم.

وهذه السيولة السوقية جاءت بسبب موجة الخصخصة، وبسبب الرجوع الحقيقي أو الشعور برجوع بعض من رؤوس الأموال السعودية من الخارج. وكذلك بسبب الاستمرار في ارتفاع معدل أسعار النفط، وكذلك الإعلان عن عقد اتفاق بين الحكومة وشركتي توتال وشل لتطوير حقول الغاز، وكذلك استمرار تدفق الاستثمار من صندوق الضمان الاجتماعي السعودي.

هذا ومن المتوقع أن يتحسن مستوى التحليل المالي في السعودية للأسباب التالية:
* هناك دفع كبير إلى المزيد من الافصاح عن المعلومات لتقوية الشفافية، والمزيد من المعلومات سيعطي المحلل قدرة على تقدير التدفقات النقدية للشركات بشكل أدق، مما يؤدي إلى تقدير القيم الحقيقية للأسهم ايضاً بشكل أدق.

* هناك دفع لتغيير هيكل الأسواق المالية السعودية، بحيث يسمح بإنشاء مؤسسات مالية جديدة في الاستثمار والوساطة، مما يزيد التنافس السوقي، ويُحسن تسعير الأسهم بطريقة يقترب معها سعر السوق من السعر الحقيقي للأسهم.

* إن قانون الأسواق المالية الجديد سوف يقلل من انتهاكات المضاربة واحتكار السوق وغيرها من خروقات القوانين المالية التي يقترفها بعض المستثمرين.


وفي كل الأحوال، فعلى المستثمر ان يتوخى الحيطة في استثماراته، سواء استنأنس بالتحليلات المالية أو بدوها، وعليه أن يتذكر قواعد الاستثمار الناجح التالية:

* ضع هدف الاستثمار الطويل الأجل أمام عينيك، وابتعد عن المضاربة، وإذا قبلت بالمضاربة فأنت الوحيد الذي يتحمل النتائج.

* نَّوع حقيبتك الاستثمارية، فلا تستثمر في عدد محدود من الشركات السعودية، مما يقلل مخاطر الاستثمار.

* نوع حقيبتك الاستثمارية من حيث الخلط بين الأسهم والسندات. فإذا لم تكن تتحمل تقلبات الأسعار كثيراً فاستثمر نسبة أكبر من السندات في حقيبتك الاستثمارية.

* إذا لم يكن لديك وقت للدراسة والقراءة وإصدار القرارات الاستثمارية فمن المفضل أن تستثمر في أسهم الصناديق الاستثمارية التي يديرها مديرو حقائب استثمارية متخصصون مقابل رسم معقول.

* لا تستثمر إلا إذا كان لديك معلومات كافية نسبياً لاصدار القرار. ويجب أن تتابع ما يجري في سوق الأسهم يومياً لمعرفة ما يجري من تطورات. إن توفر المعلومات ومتابعتها هي عنصر أساسي للاستثمار.

* راقب ما يجري بالشركة التي تستثمر بها خاصة أرباحها وتغيرمديريها ومستوى مبيعاتها وحصتها السوقية.


والله من وراء القصد.

أستاذ كرسي البنك السعودي البريطاني للعلوم المالية