سوق الاسهم.. هل مازالت الدجاجة التي تبيض ذهباً?
المصدر : احمد ضيف الله (جدة)
(الدجاجة التي تبيض ذهباً ليس لها وجود عدا في الخيالات والاساطير.
اذا ربحت فانتظر مقابلة الخسارة قريباً.. هذه هي القاعدة في سوق الاسهم), هكذا يقول ابوغنيم الرجل الذي يستثمر في الاسهم مبالغ بالملايين على حد قوله.
لكن يبدو ان المؤمنين بدجاجة الذهب الاسطورية تلقوا صدمة كبيرة فلقد مرت ايام طويلة وهم يعيشون ساعات ربح خيالية ادخلتهم دونما شعور منهم عالماً خيالياً, لايتميز بالدجاج الذهبي وحسب, بل وحتى بمصباح علاء الدين, غير انهم سرعان ما استيقظوا على واقع مرير.
ويقول من فضل الرمز لاسمه بـ(حسن) انه خلال فترة الانتعاش الاخيرة الكبيرة, بنى قصوراً من الرمال: (كان يخيل اليَّ انني دخلت من باب السعد, اشتريت اسهماً ظلت اسعارها تزداد يوماً بعد آخر. واقول لك انني حينها خفت ان احسد نفسي, ورحت اندب اياماً قضيتها بعيداً عن هذه السوق).
غير ان حال (حسن) تلك لم تستمر طويلاً.. فسرعان ما انهارت السوق في يوم (الاثنين الاسود) كما يطلقون عليه هنا, فيما شهدت حالة من التذبذب منذ ذلك الحين.
ويقول حسن انه خسر (ما فوقه وما تحته) ودخل دوامة من الديون كان حتى امد قريب ابعد مايكون عنها.
شتان بين وضع الصالة أمس, ووضعها خلال الايام المنصرمة فالكراسي التي كانت تغص بالناس باتت اليوم شبه فارغة.
ويعلل صابر ذلك بان المستثمرين تعبوا من حالة التذبذب هذه, (كثيرون وضعوا كل ما يملكون وآخرون استدانوا والامور لاتسير في صالحهم على الاطلاق. واعتقد انهم قرروا ان يمكثوا في بيوتهم حتى تظهر نتائج تقارير الشركات للربع الثالث, التي يعولون عليها الكثير).
في هذه الاثناء كان معظم الحاضرين يتلقون اتصالات من اصدقاء لهم يسألون عن حال السوق.. وكانت الاجابة واحدة تقريباً: (خليك مكانك, لاتجي احسن لك).
ولسان حال الكثيرين هناك هو : (ليت الدجاجة التي كنا نظنها تبيض ذهباً تتوقف عن حالة العقم الطارئة هذه وتبيض حتى لو بيضاً عادياً).
(ماهر) واحد ممن يسمون انفسهم ضحايا, شاحب الوجه ولايفتأ يدخن السجائر وحينمانصحه احدهم بالذهاب الى بيته اجاب: (كل يوم اقول لنفسي لن احضر غداً, غير انني سرعان ما اغير رأيي, صحتي تعبت وخسائري بعشرات الآلاف, وحيلتي كلها وضعتها في هذا السوق).
ويعتبر عبدالله الغامدي ان سبب انخفاض اعداد المتابعين الذين كانوا يحضرون الى صالات الاسهم التي تخصصها البنوك, عائد بالدرجة الاولى الى ان كثيراً منهم دخل هذه السوق بقرض من البنك: (هؤلاء ورطتهم مضاعفة, فمن جهة باعت البنوك اسهمهم بخسارة, ومن طرف آخر تراكمت عليهم عمولات كبيرة, فماذا تريدهم ان يفعلوا بالحضور الى هذه الصالة التي جرتهم الى المهالك).
يومان متتاليان تقفل فيهما السوق على انخفاض متوقع, وفي الجلسة الصباحية امس وحدها استقر مؤشر السوق عند 3,939,13 أي بانخفاض بلغ 168,3 نقطة وهو مايعادل 4,10%.
وهو الامر الذي يرى فيه ابوفهد (حرقاً للاعصاب) ويتابع: (المشكلة انك في ظروف كهذه لاتقدر على البيع او الشراء بقلب جامد, الجيد في الامر ان السوق متزنة, لكن بالنظر الى حجم الخسائر الاخيرة تبعاً للانخفاضات فلا يعتبر الامر جيداً على الاطلاق).
الا ان اباهشام يرى في هذه الايام فرصة لمن يرغب بدخول سوق الاسهم: (الاسعار منخفضة جداً والتوقعات كلها تشير الى ارتفاعها بعد اسبوعين فقط من بداية الربع الثالث وهي فرصة مواتية ولاشك).
لكن بالنسبة لـ(ماهر) فلو عادت به الايام الى الوراء فلن يكرر التجربة التي يصفها بالمُرة: (يقولون انه وقت الشراء بالنسبة لمن يملك سيولة, اماانا بعد ان تجرعت العلقم في هذه السوق فحتى لو كنت املك سيولة فلن أتجاسر على الدخول مرة اخرى ولو رأيت المكاسب بالملايين, ضربة واحدة تكفي, والرابح الآن هو من يخرج كفافاً بلا خسائر).
التداول خلال اليومنا لماضيين في اضعف حالاته, كحجم الحضور الضعيف الذين خلت منهم الصالة قبل موعد الاقفال بنصف ساعة تقريباً, لكن هل خسر احد?
يجيب ابوغنيم (الشاطر لايخسر, لا احد يرغمك على البيع بخسارة, واكرر عليك عبارة شهيرة: طالما لم تبع فأنت لم تخسر بعد. اترك السهم في حاله وسيعود قريباً ليقف الى جانبك لكن اذا تخليت عنه سريعاً فسيوردك المهالك, هذه هي فلسفة الاسهم).
ويعتبر ابوغنيم ان الذين اشتروا في ايام ارتفاع الاسهم هم وحدهم من يواجه مشكلة, والا فالاوضاع - في رأيه- عادية وطبيعية وليس هناك مايدعو للقلق.
غير ان عبدالرحمن يرى في مثل هذا الحديث مجانبة للواقع: (انا استغرب مثل هذا المنطق, ربما يكون وارداً اذا افترضنا اننا نتحدث عن اشخاص يملكون ثروات طائلة ولديهم ارصدة كبيرة خارج السوق, اما لو كان الحديث عن الصغار او عن اولئك الذين اودعوا كل ما يملكون, اوحتى اولئك الذين اقترضوا فنحن امام كارثة, يا اخي اناس كثيرون تخربت بيوتهم, صحيح انهم لم يكونوا على درجة من الخبرة ولم تتوفر لديهم ادنى قواعد التكنيك لكنك لايمكن ان تقول على نفسها جئت براقش لان براقش هنا ليست الا ضحية لبعض من اعماهم الجشع). ويرى عبدالرحمن ان السوق اذا كانت هذه حالها فهي ليست مشجعة على الاطلاق, (طالما يحدث تلاعب واضح لاتقف أي جهة في مواجهته).
وفي المحصلة فلربما كانت سوق الاسهم دجاجة تبيض ذهباً بالفعل, غير ان دونها خرط القتاد اذا جاز القول, واذا كانت هذه هي الحال, فوحدهم الاذكياء ووحدهم الصابرون من يمكن ان يصلوا الى هذه الاسطورة/ الحقيقة اوهكذا يظهر.
المفضلات