إبراهيم عبدالرحمن القاضي


شهد سوق الأسهم السعودي انتعاشاً كبيراً خلال الأشهر الستة الماضية حيث سجل المؤشر العام للأسهم أرقاماً قياسية فقد وصل إلى حوالي 4400نقطة (بتاريخ 2003/9/18م) بزيادة حوالي 80% عن مستواه في بداية هذا العام.

ورغم أن كثيرين يتابعون سوق الأسهم وحركة المؤشر، إلا أن معظمهم لا يعرفون ماهيته على وجه التحديد، حيث يتساءل كثيرون
عن معنى المؤشر؟
وكيف يتم حسابه بالضبط؟
وما مدى علاقته بالأسعار وكميات التداول؟
وما الشركات الأكثر تأثيراً على المؤشر؟

وهذه تساؤلات معقولة. ولكن كثيرين - ومن بينهم معظم المتعاملين بالأسهم بشكل يومي - لا يملكون أجوبة دقيقة عن هذه التساؤلات.

يهدف هذا المقال إلى محاولة الإجابة عن هذه التساؤلات وتعريف المؤشر وبيان أهميته في تتبع سوق الأسهم السعودي، ويشرح طريقة حساب المؤشر (معادلة المؤشر) بشكل مبسط ولكن بدقة واعتماداً على معلومات مستقاة من المصدر الرسمي (إدارة تداول في مؤسسة النقد).

وليس الهدف هنا تقديم تحليل اقتصادي لأداء سوق الأسهم، ولا إبداء آراء أو نصائح للمستثمرين حول توجهات السوق، وإنما ينحصر هدف المقال في التثقيف العام وتقديم شرح مبسط لفائدة عموم القراء والمهتمين بهذا الموضوع.

ما هو المؤشر؟
بدأ المركز الوطني للمعلومات المالية والاقتصادية بإعداد مؤشر الأسهم المحلية منذ بدء إصدار نشرات الأسهم من قبل مؤسسة النقد وذلك ابتداءً من 9جمادى الآخرة 1405هـ ( 28فبراير 1985م). وهذا التاريخ مهم إذ إنه تاريخ الأساس لحساب المؤشر حيث عدت قيمته في ذلك الوقت 100نقطة فقط، وقد تم تعديل هذه القيمة المرجعية في يناير 1999لتصبح 1000نقطة في سنة الأساس (1985م).

ومؤشر الأسهم المحلية أو "مؤشر تداول لجميع الأسهم" (TASI) الذي كان يعرف سابقاً باسم "مؤشر المركز الوطني للمعلومات المالية والاقتصادية"، يعكس التغير في القيمة السوقية لأسهم جميع الشركات المتداولة في سوق الأسهم السعودي.

ومن هنا فالمؤشر يعكس نشاط سوق الأسهم وازدهارها، وهو بالتالي يعكس الأداء العام للاقتصاد الوطني خصوصاً في ما يتعلق بربحية الشركات المساهمة وازدياد ثقة الجمهور والجهات المالية والاستثمارية بالمستقبل الاقتصادي للبلاد وكذلك توفير السيولة المالية لدى المستثمرين. وهناك اهتمام كبير بمتابعة تطور المؤشر (مؤشر تداول لجميع الأسهم) من قبل المحللين الماليين داخل المملكة وخارجها وتتم متابعته ونشره بشكل واسع محلياً ودولياً.

كيف يتم حساب المؤشر(معادلة المؤشر)؟
يتم حساب المؤشر في أي يوم (أو وقت معين)عن طريق تعديل (أو ترجيح) قيمة المؤشر في يوم سابق (أو وقت سابق) بواسطة التغير في الرسملة السوقية (القيمة السوقية) لجميع الشركات المتداولة في السوق. وعلى وجه التحديد فإن معادلة المؤشر هي :

قيمة المؤشر(في لحظة ما) = مجموع القيم السوقية عند هذه اللحظة/ مجموع القيم السوقية في وقت سابق X قيمة المؤشر في الوقت السابق

حيث: القيمة السوقية (في لحظة ما) = (عدد الأسهم المصدرة) X(آخر سعر للسهم في السوق عند تلك اللحظة)

ومن هنا فإن القيمة السوقية (وبالتالي المؤشر) تعتمد على عاملين:
أ) عدد الأسهم المصدرة (وليس المتداولة فقط) وهي ثابتة بشكل عام وتتغير فقط إذا تم إصدار أو دمج أو تخفيض عدد الأسهم فقط.
ب) سعر السهم في السوق ويتغير بشكل عام خلال فتح السوق للتداول (فترات التداول).

(ونظراً لأن المؤشر يتناسب مع الرسملة السوقية يمكن تبسيط معادلة المؤشر أعلاه لتصبح:
قيمة المؤشر = "ثابت" X قيمة السوق (بمليارات الريالات) وهذا "الثابت" يتغير قليلاً عند دخول شركات جديدة إلى السوق أو إصدار أسهم جديدة، وتبلغ قيمة هذا "الثابت" حالياً 7.562تقريباً).

ملاحظات حول معادلة المؤشر:
1) يعكس المؤشر بصورة مباشرة وسريعة حركة أسعار الأسهم صعوداً وهبوطاً من يوم إلى آخر، كما يعكس عدد الأسهم المصدرة للشركات المتداولة في السوق (وهي كمية شبه ثابتة ولا تتغير إلا ببطء).
2) يعكس المؤشر بصورة غير مباشرة الانتعاش (أو الركود) الاقتصادي المالي والمتوقع وثقة المستثمرين في السوق وعوامل أخرى مثل توافر السيولة وجاذبية (أو عدم جاذبية) القنوات الاستثمارية الأخرى (مثل العقار وأسعار الفائدة والأسواق الأجنبية المفتوحة) وكذلك الظروف السياسية المحيطة.
3) تسمح معادلة المؤشر بتكييفه في حالة تغير تركيبة السوق أو الأسهم مثل دخول أو إحدى الشركات خروجها من السوق، أو إصدار أو تخصيص أسهم مجانية، أو تجزئة الأسهم ودمجها، أو زيادة رأس المال أو خفضه، أو سداد دفعة من رأس المال المدفوع جزئياً، أو اندماج الشركات.
4) لا يعكس المؤشر كمية الأسهم المتاحة للتداول بشكل عام أو حجم التنفيذ اليومي.

الشركات المؤثرة في المؤشر:
يتضح من معادلة المؤشر أن الشركات الأكثر تأثيراً على المؤشر هي تلك الشركات ذات القيمة السوقية العالية. ويوضح الجدول (1) الشركات الخمس الأكبر من حيث قيمتها السوقية وتأثيرها على المؤشر، وهي "الاتصالات السعودية" و "سابك" و"الكهرباء السعودية" و"الراجحي المصرفية" و "البنك السعودي الأمريكي" بهذا الترتيب.

ويلاحظ أن هذه الشركات الخمس تمثل حوالي ثلثي القيمة السوقية لسوق الأسهم (66.9%) بجميع شركات التسع والستين (أي أن بقية الشركات وعددها 64شركة تعادل ثلث الرسملة السوقية فقط). وبشكل خاص فإن شركة "الاتصالات" التي لم تدخل السوق سوى قبل عدة أشهر (يناير 2003) هي أعلى شركات السوق قيمةً وتمثل لوحدها أكثر من خمس قيمة السوق (21.37%).

قطاعات السوق وتأثيرها على المؤشر:
كما هو معروف فإن الشركات المساهمة العامة (شركات السوق) موزعة على 7قطاعات حسب نشاطها. ويوضح الجدول (2) هذه القطاعات مرتبة حسب قيمتها وتأثيرها على المؤشر كالتالي:
1القطاع المصرفي ( 9شركات - 28% من قيمة السوق)
2قطاع الصناعة ( 24شركة، 23% من السوق)
3قطاع الاتصالات (شركة واحدة، 21% من السوق)
4قطاع الكهرباء (شركة واحدة، 16% من السوق)
5قطاع الأسمنت ( 8شركات، 7% من السوق)
6قطاع الخدمات ( 17شركة، 4% من السوق)
7قطاع الزراعة ( 9شركات، أقل من 1% من السوق)

ويلاحظ أن القطاع المصرفي لوحده يشكل أكثر من ربع قيمة السوق (28.2%) وهو بالتالي الأكبر تأثيراً على حركة المؤشر. بينما يمثل قطاع الصناعة أقل قليلاً من ربع السوق (23.2%) بحيث يشكل هذان القطاعان معاً أكثر من نصف السوق (51.4%). ولو تم ضم شركات الأسمنت الثماني إلى قطاع الصناعة (فليس من الواضح -للكاتب على الأقل- لماذا يتم تصنيف هذه الشركات الثماني في قطاع منفصل، فهي شركات صناعية في المقام الأول) لأصبح قطاع الصناعة -بما فيه شركات الأسمنت- هو الأعلى قيمةً في السوق بما يعادل حوالي ثلث قيمة السوق ( 30.58%).

@ قسم الهندسة الكهربائية - جامعة الملك سعود
ikadi@ksu.edu.sa