الآثار المترتبة على تطبيق رسوم الحماية من الاغراق




يناقش مجلس الشورى حاليا مشروعا جديدا لمكافحة الاغراق، وذلك بهدف حماية المنتجات المصنعة محليا ودعم الصناعات الناشئة في وجه اي منافسة خارجية غير مشروعة واعطائها الوقت الكافي لتتمكن من المنافسة، والاغراق باختصار يحدث في حالة قيام دولة بتصدير منتجاتها الى دولة أخرى بسعر اقل من السعر الذي تباع فيه في بلد المصدر أو بأقل من سعر تكلفتها وذلك بهدف الأضرار بالمنتج المحلي في بلد المستورد (او اعاقة نمو الصناعات المحلية فيه).
ولا شك ان هناك الكثير من الصناعات المحلية الجيدة في المملكة ذات المواصفات العالمية وهي تحتاج الى الدعم لتنمو وتنافس على المستوى المحلي والعالمي، ورغم أهمية اجراءات الحماية من الاغراق وهي مطبقة في معظم دول العالم الا ان هناك جوانب أخرى وآثارا متعددة لتلك الاجراءات يجب اخذها في الاعتبار عند مناقشة هذا المشروع.
هناك طرف هام وهو المستهلك المحلي وغالبا ما تؤثر عملية فرض رسوم الحماية من الاغراق عليه، فمن حق المستهلك ان تكون لديه عدة بدائل في السوق من احتياجاته من السلع وبجودة منافسة وبسعر منخفض، رسوم الحماية من الاغراق قد تحصر البدائل امام المستهلك المحلي في بعض المنتجات المصنعة محليا والتي قد لا تكون ذات جودة مناسبة مع احتمال ارتفاع اسعارها مقارنة بالبضائع المستوردة من الخارج علما بأن المستهلك السعودي عندما يحصل على منتجات رخيصة من السوق فسوف يستثمر دخله الاضافي في الصرف على سلع أخرى مما يعني حركة دوران افضل للبضائع مع آثار ايجابية على أطراف أخرى في الاقتصاد المحلي، كما ان سعر السلعة يتعرض لتقلبات عديدة ليست مرتبطة بالاغراق كظهور منتج أحدث وتغير ذوق المستهلك.
كما ان قوانين الحماية من الاغراق لا تخضع عادة لمعايير او مقاييس واضحة لتحديد فيما اذا كانت السلعة المستوردة تباع محليا بأقل من سعرها الاصلي في بلدها أو انه يهدف منها فعلا الاضرار بالصناعة المحلية، ايضا من الصعوبة تحديد الأساس الذي سوف يستخدم في احتساب سعر المنتج المستورد او تكلفة انتاجه في بلد المصدر، وهناك تقلبات العملة ايضا قد تلعب دورا كبيرا في انخفاض اسعار البضائع المستوردة في السوق المحلية مقابل المنتج المحلي.
وغالبا ما سيتم مقابلة اي رسوم اغراق تفرض على المنتج الأجنبي بهدف رفع سعره مقابل المنتج المحلي باجراءات مضادة من قبل بلد المصدر (الطرف الآخر) من فرض رسوم مشابهة على المنتجات المحلية المصدرة خارج المملكة وهكذا.
كما يجب أن لا تؤثر تلك الاجراءات على محاولات السعودية الانضمام الى منظمة التجارة العالمية خصوصا انها قطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه، هذا الانضمام سيساهم في فتح الأسواق الخارجية امام المنتجات المحلية، كما انها يجب ان لا تؤثر على عملية استيراد التقنية والتكنولوجيا الخارجية والتي تحتاجها المملكة للتوسع في الصناعات المحلية ومنها تلك الصناعات المحلية المستهدفة بقوانين الحماية من الاغراق.
لا شك ان هناك صناعات محلية في المملكة ذات جودة عالية وبمواصفات عالمية وتستطيع المنافسة في الاسواق المحلية والعالمية (متى ما تم تصديرها بدون قيود من الدول المستوردة) وهي التي يجب استهدافها بقوانين الحماية من الاغراق كونها تساهم في تنويع مصادر الدخل الوطني وخلق فرص عمل جديدة، بالمقابل قوانين الحماية من الاغراق يجب ألا تكون وسيلة لحماية المنتجات المحلية المنخفضة الجودة وغير القادرة على المنافسة في السوق على المدى القصير والبعيد، هذه المنتجات المنخفضة الجودة اذا خرجت مستقبلا الى السوق العالمية خارج نطاق حدود الحماية المحلية لن يكون بامكانها المنافسة امام سلع عالمية تفوقها في الجودة والمواصفات.
لذا يجب أن تكون النظرة شمولية لجميع العوامل السابق ذكرها، ودراسة الآثار المترتبة على الاقتصاد السعودي ككل نتيجة فرض رسوم الحماية من الاغراق وليس على الصناعات المحلية المستهدفة بالحماية فقط، كما يجب قياس التكلفة والمنفعة من فرض مثل هذه الرسوم على السلع المستوردة مقابل اتاحتها بأسعار منخفضة للمستهلك المحلي في المملكة.
عضو الجمعية الأمريكية للادارة