ما الذي يجب على الشركات فعله اليوم للاستعداد لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية؟لقد استطلعنا في السلسلات السابقة العناوين الرئيسية للمعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية للوقوف على المجموعات التي من المرجح أن تتأثر بتنفيذ هذا المعيار الجديد. وفي هذا المقال الثالث من هذه السلسلة التي خصصناها لمعيار عقود الإيجار، سنبين بإيجاز ما الذي يجب على المجموعات فعله اليوم للاستعداد لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر.
ما الذي يجب على المجموعات فعله اليوم للاستعداد لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر؟في الأشهر الأخيرة رأينا عدداً من المجموعات العاملة في الشرق الأوسط تعتمد ضريبة القيمة المضافة والمعيار الدولي الخامس عشر لإعداد التقارير المالية ("إيراد العقود المبرمة مع العملاء")، والمعيار الدولي التاسع لإعداد التقارير المالية ("الأدوات المالية") ثم ظل السؤال يتردد بينهم و"ماذا بعد"؟ ولقد أدى ذلك إلى تزايد الاهتمام بالمعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية بين أعضاء الإدارة العليا ولجان التدقيق في المنطقة. وعلى عكس الحال في مناطق أخرى مثل أوروبا، تأخرت منطقة الشرق الأوسط في الاستعداد لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقرير المالي. ومن واقع خبرتنا نستطيع أن نقول إن نسبة المجموعات التي بادرت إلى إجراء تقييمات أولية لأثر تطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية كانت أكبر في أوروبا وبالتالي أصبحت هذه المجموعات الآن مستعدة للوصول إلى مرحلة التطبيق الكامل لهذا المعيار. ومن هنا نرى ضرورة أن تبدأ مجموعات منطقة الشرق الأوسط الآن في تنفيذ المعيار السادس عشر حتى تكون مستعدة للتحول المنتظر في 1 يناير 2019.
خطة البداية لأي مشروع تنفيذي هي تقييم أثر تطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية.والهدف من ذلك هو تقييم آثار المعيار على مجموعات محددة وتمكين هذه المجموعات من إعداد خطة تنفيذ كاملة وشاملة وإطار زمني كامل للمشروع. وسوف نتناول في هذا المقال مجالات تقييم الأثر الرئيسية التي ينبغي أن تراعيها المجموعات عند البدء في مشروعاتها الهادفة إلى تنفيذ المعيار.
مراعاة أثر تنفيذ المعيار على إعداد التقارير المالية وإعداد الموازناتمن المنتظر أن يكون للمعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية أثر كيبر على القوائم المالية لعدد كبير من المجموعات حيث إن هذا المعيار -كما ذكرنا في المقالات السابقة- سيؤدي إلى ظهور مستحقات إيجارية في الميزانية وسيغير من طريقة تعامل قائمة الدخل مع مدفوعات الإيجار التشغيلية. وبعيداً عن هذه العناوين الرئيسية المباشرة، هناك عدد من العوامل الأخرى التي يجب مراعاتها ألا وهي:
1-أثر المعيار على معايير رئيسية أخرى ومؤشرات الأداء الرئيسية الأخرى: قد يؤثر تطبيق المعيار على عدد من معايير الأداء ومؤشراته الرئيسية مما قد يستلزم إعادة تعريف هذه المعايير والمؤشرات. وتشمل الأمثلة نسبة السيولة، ودوران الأصول، ونسبة تغطية الفوائد، وصافي الدخل، والعائد على رأس المال المستخدم، والعائد على الأسهم والتدفقات النقدية التشغيلية.
2- التأثير على الترتيبات الخارجية: يجب أن تنظر المجموعات فيما يلي:
- القروض: كيف سيؤثر المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية على مستلزمات القروض في ظل ترتيبات التمويل الحالية؟
- وكيف سيؤثر المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية على الضرائب المحصلة (بما في ذلك الضريبة المؤجلة)؟
3- التأثير على عملية إعداد الموازنة للسنة المالية 2019: من المنتظر أن يبدأ عدد كبير من المجموعات في إعداد ميزانية السنة المالية 2019. ومن الضروري مراعاة تأثير المعيار الدولي السادس عشر على بيان الدخل من أجل حساب الإيرادات قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين، ونسبة الإهلاك، وفوائد الدين، وصافي الربح وذلك لتجنب وقوع مفاجآت غير متوقعة عند التنفيذ الكامل للمعيار الجديد. ويمكن لهذه المجموعات أن تجري قياساً أولياً عالي المستوى لتحديد مقدار الأثر المحتمل لتطبيق المعيار بسرعة نسبية بناء على بعض البيانات الرئيسية. ويمكن تنقيح هذا القياس الأولي لاحقاً وتحديثه كلما مضت المجموعات قدماً في مشروعات تنفيذ المعيار.
4- التأثير على برامج مكافآت الموظفين:قد يستلزم الأمر إعادة تحديد برامج المكافآت والأجور المرتبطة بالإيرادات قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين أو غيرها من المقاييس التي يؤثر عليها المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية.
5- التأثيرات المحاسبية الرئيسية لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر: تتباين عقود الإيجار في تركيبها ودرجة تعقيدها من مجموعة إلى أخرى. وقد يستلزم الأمر النظر في مدى اشتمال عقود الإيجار على خيارات للتمديد/ الإنهاء (بالإضافة إلى قابلية التنفيذ القانوني لهذه البنود)، ودفعات ثابتة، ودفعات متغيرة، ومؤشر يرتبط بالدفعات وعناصر غير إيجارية. كل هذه العناصر تخلق درجة من التعقيد في حسابات المعيار السادس عشر وتستلزم وضع سياسة محاسبية متسقة و تبنيها وتطبيقها.
6- اكتمال عقود الإيجار: يلزم التأكد من اتخاذ الإجراءات المناسبة لتصنيف ترتيبات عقود الإيجار. ويحتوي المعيار الدولي السادس عشر على إرشادات لبيان كيفية تصنيف عقود الإيجار بل تتخطى ذلك لتشمل وصف العقد وما إذا كان يدخل تحت بند عقد الإيجار أم اتفاقية الخدمات. ففي بعض الحالات قد تشتمل اتفاقيات الخدمات مع موردين متفرغين بين بنودها على عقود إيجار تعطى من خلالها المجموعة حق الدخول إلى أصل مخصص ومحدد.
7- مناهج التحول: يقدم المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية مجموعة متنوعة من خيارات التحول. ويجب أن تدرس هذه الخيارات بعناية لأن اختلاف الخيارات قد يؤدي إلى اختلاف الآثار المترتبة عليها من حيث قابلية الأداء/ النتائج للمقارنة والأثر على صافي الدخل في عام تطبيق المعيار واشتراطات الإفصاح. وقد يؤدي اختلاف الخيارات كذلك إلى اختلاف تكاليف التنفيذ والجهود المبذولة فيه.
مراعاة الأثر على البيانات والنظم والعملياتقد تكون الاشتراطات المتعلقة بالبيانات والنظم والعمليات هي التحدي الأكبر الذي يواجه العديد من المجموعات في سعيها لتنفيذ المعيار الدولي السادس عشر حيث يستلزم تطبيق المعيار تعريف كل عقد إيجار، واستخلاص البيانات ذات الصلة واستخراجها من كل عقد، وتخزين وإدارة بيانات عقد الإيجار ثم إصدار حسابات وافصاحات تتوافق مع المعيار. وقد تؤدي هذه الشروط إلى عدد من التحديات في المجالات التالية مما يستلزم مراعاتها:
1- تحديث العمليات: لترسيخ التحول إلى المعيار السادس عشر لإعداد التقارير المالية في مؤسسة، ما يستلزم الأمر دراسة العمليات ذات الصلة التي ستحتاج إلى مراجعة وتحديث. ونقطة البداية الأساسية في هذا الموضوع ستكون من نصيب فرق المشتريات الذين يجب عليهم التأكد من تنفيذ العمليات والإجراءات المعنية لتحديد وتمييز عقود الإيجار (بما في ذلك عقود الإيجار المتضمنة في عقود الخدمة) بحيث يمكن حصر هذه الاتفاقيات وإدخالها في اشتراطات المعيار السادس عشر.
2- تجميع عقود الإيجار:يستلزم الأمر مبدئياً جهوداً استباقية لتجميع عقود الإيجار الحالية، وهو أمر لا يخلو من بعض الصعوبات مثل تحديد المكان الذي وضعت فيه عقود الإيجار مع احتمال أن يتطلب الأمر التعامل مع عقود الإيجار بأكثر من لغة. ويجب أيضاً تحديد مجموعة إجراءات ونظام متماسك لتفعيل الإدارة المستمرة لعقود الإيجار.
3- تحديد البيانات ذات الصلة: من المهم عدم البدء باستخلاص بيانات عقد الإيجار من العقود حتى تتضح البيانات المطلوبة. وينبغي الحرص دائماً على استخدام النموذج المخصص لاستخلاص البيانات وأن يتبع هذا النموذج في الغالب النظام المحاسبي والإداري المختار لعقود الإيجار (انظر أدناه)
4- منهج وأدوات استخلاص البيانات: قد تكون عملية استخلاص البيانات ذات الصلة من كل عقد إيجار عملية شاقة في حالة وجود عدد كبير من عقود الإيجار. وتعتمد طريقة استخلاص البيانات على مجموعة من العوامل مثل الحجم ومستوى التعقيد وتمايز العقود. ويتوفر في هذا الخصوص عدد من الحلول التكنولوجية مما قد يسهل عملية أتمتة هذه الجهود.
5- نظام محاسبة وإدارة عقود الإيجار:عندما تمتلك مجموعة أكثرمن 100 عقد إيجار فلا يرجح أن يكون استخدام برنامج بسيط من برامج نماذج القوائم المنسدلة كافياً لإجراء الحسابات المطلوبة لتنفيذ المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية. ويتوفر في هذا السياق عدد من برامج إدارة ومحاسبة عقود الإيجار ويجب على المجموعات دراسة الأمر لاختيار أفضل برنامج يفي باحتياجاتها من هذه البرامج مع التزامها باشتراطات المعيار الدولي السادس عشر.
إدارة أصحاب المصلحةيجب على المجموعات أن تتأكد من امتلاكها خطة واضحة لدعم تنفيذ المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية وفي هذا الإطار يجب تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين الداخليين والخارجيين مع استراتيجية لتحديد التوقيت المناسب للتدخل وتوصيل رسائل المعيار الدولي السادس عشر لكل طرف:
- يجب أن تشكل المجموعات الفرق المناسبة لمشروعات تنفيذ المعيار الدولي السادس عشر والتي ستكون مسؤولة عن التنسيق والحوار مع أصحاب المصلحة الرئيسيين الداخليين والخارجيين. يجب أن تدعم الإدارة العليا هذه المشروعات بما يضمن التفاعل مع كبار أصحاب المصلحة الداخليين بخصوص الرسائل الرئيسية ذات الصلة
- إن المعيار الدولي السادس عشر لن يُغير من طريقة المحاسبة فحسب، وإنما سوف يُغير من الطريقة التي تزاول بها الشركات أعمالها. ومن ثم يجب أن يشمل هيكل حوكمة المشروع أصحاب مصلحة رئيسيين من القطاعات المتأثرة بتطبيق المعيار مثل المشتريات/ المالية/ المحاسبة، والعقارات، والخزانة، والموارد البشرية، وتقنية المعلومات.
- تأثير المعيار على الشركات المكونة للمجموعات: عندما تكون المجموعة مكونة من مؤسسات متعددة يجب تبني منهج موحد في هذه المؤسسات بما يمكن المجموعة من توحيد أثر تطبيق المعيار الدولي السادس عشر مع سياسات المحاسبة ومناهج التحول الموحدة. ويجب على المجموعات بناء على ذلك تطوير خطة تنفيذ تقدم توجيهاً وتنسيقاً وإشرافاً كافياً على مستوى المجموعة.
- التفاعل مع أصحاب المصلحة الرئيسيين الخارجيين: يجب دراسة التفاعل مع أصحاب المصلحة الخارجيين وإشراكهم في الأمر عند الضرورة ومن ذلك التواصل مع جهات التمويل الخارجية عندما تقتضي الضرورة والتواصل مع الأطراف الفاعلة في السوق (عندما تتهيأ الظروف) ومصالح الضرائب والمدققين الخارجيين.
النتائج الرئيسية المستخلصة للمدير المالي بالشرق الأوسط
عدد كبير من المجموعات في الشرق الأوسط متأخرة في الاستعداد لتطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية، إذ كان تركيز المجموعات ينصب في السابق على مشروعات تنفيذ ضريبة القيمة المضافة والمعيار الدولي التاسع والمعيار الدولي الخامس عشر لإعداد التقارير المالية. ومع اقتراب إنجاز هذه المشروعات، يتحول التركيز إلى المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية ومدى الاستعداد لتنفيذه بحلول 1 يناير 2019. والنتائج الرئيسية المستخلصة في هذا الإطار هي:
- يجب أن تبدأ المجموعات مشروعات تنفيذ المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية اليوم إن لم تكن قد بدأت بالفعل. وبناء على حجم المجموعات ومستوى تعقيد الهيكل الإداري فيها، قد يستغرق تنفيذ اشتراطات المعيار الدولي السادس عشر بالنسبة للبيانات والنظم والعمليات أكثر من ستة أشهر لتكون المجموعات جاهزة للتحول إلى تطبيق المعيار بحلول 1 يناير 2019.
- خطوة البداية في تنفيذ المعيار الدولي السادس عشر تتمثل في إجراء تقييم أثر تطبيق المعيار حيث إن المعيار ليس مشروعاً لتغيير الطريقة المحاسبية وإنما يتطلب تغييراً في نظام العمل ككل. وفي إطار تقييم أثر المعيار، يجب أن تسعى المجموعات لفهم أثر المعيار على إعداد التقارير المالية والنظم والعمليات بالإضافة إلى النظر في الرسائل المخصصة المراد توصيلها إلى أصحاب المصلحة الرئيسيين الذين يجب التعامل معهم.
- سيؤدي تطبيق المعيار الدولي السادس عشر لإعداد التقارير المالية إلى زيادة في المتطلبات وانخفاض في صافي الربح في عام تبني تطبيق المعيار ومن ثم يجب أن تعطي المجموعات تقديراً لهذا الأثر الآن وأن تراعي هذا العامل خلال عملية وضع موازنة 2019.
يتبع ....
المفضلات