منتديات أعمال الخليج
منتديات أعمال الخليج

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: د. الدوسري في تحليل خاص ب "الرياض":المملكة ستنضم إلى منظمة التجارة كدولة نامية وليست

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    16-Mar-2003
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    11,961

    د. الدوسري في تحليل خاص ب "الرياض":المملكة ستنضم إلى منظمة التجارة كدولة نامية وليست

    د. فهد بن سعد الدوسري *

    يعقد المجلس الوزاري للمنظمة دورته الخامسة في كانكون خلال فترة 10- 14سبتمبر 2003.المهمة الأساسية لهذه الدورة هي تقييم سير المفاوضات التجارية متعددة الأطراف الحالية والمسماة بجولة "الدوحة" والتي أقرت في الدورة الرابعة للمجلس في أواخر عام 2001بالدوحة - قطر، ومحاولة التغلب على الصعوبات التي تواجه هذه المفاوضات. كما سيقوم المجلس بالبت في بعض الأمور الأخرى ومنها الموافقة المتوقعة على انضمام عضوين جديدين هما كمبوديا ونيبال.
    وفيما يلي، نحاول استعراض أهم القضايا مجال المفاوضات على أرضية ما اتفق عليه الأعضاء في إعلان المجلس في دورته الرابعة في الدوحة. وعلى ضوء المهام التفاوضية المطلوب إنجازها وعرضها على المجلس في هذه الدورة، نعطي تحليلا مختصرا لمجالات الإخفاق أو النجاح بمعيار المطلوب إنجازه. فلعل ذلك يساعد على متابعة وتقييم أهمية ما يرد تباعا من أخبار المؤتمر، ويلقي مزيدا من الضوء على انضمام المملكة إلى المنظمة.
    قد يكون من المفيد بداية تقديم خلفية عن المجلس الوزاري للمنظمة، نختصرها في النقاط التالية:
    1- يعتبر المجلس الوزاري في الهيكل الإداري للمنظمة أعلى سلطة فيها. ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن المنظمة يسيرها حقيقةً الدول الأعضاء على شكل مجالس ولجان، بينما الأمانة العامة للمنظمة تقوم بدور مساند. وكل دولة تسعى جاهدة لخدمة مصالحها التجارية ومصالح شركاتها، وتقدمها على المصلحة العامة إن جاز التعبير أو مصالح الدول الأعضاء الأخرى. وتتكون عضوية المجلس من الوزراء المختصين في الدول الأعضاء، وعددها حتى تاريخ الاجتماع 146دولة، ويتوقع موافقة المجلس على انضمام عضوين آخرين هما كمبوديا ونيبال. ويشارك في مداولاته أيضا الدول المراقبة وهي الدول التي لا تزال تفاوض للانضمام ولم تصبح أعضاء بعد، مثل المملكة، إلا أن ليس لها حق التصويت. كما تشارك في الاجتماع أيضا جميع المنظمات الدولية كمراقبين.
    علما بأن هناك لحد الآن أحد عشر بلدا عربيا عضوا تحضر هذا المؤتمر هي: دول مجلس التعاون الخليجي الخمس (غير المملكة)، الأردن، مصر، تونس، المغرب، موريتانيا وجيبوتي. كما أن هناك ستة بلدان عربية أخرى كأعضاء مراقبين بحكم عدم انتهاء مفاوضات عضويتهم، وهم: المملكة، اليمن، لبنان، السودان، الجزائر، وليبيا. كما تقدمت سوريا رسميا للعضوية في أواخر عام 2001، أي ثمانية عشر بلدا عربيا بين عضو كامل وعضو مراقب. ولم يبق إلا العراق والذي لم يتقدم للعضوية بعد - ولم نذكر أعضاء الجامعة العربية الأخرين الذين لن يحضروا هذا المؤتمر وهما الصومال وجزر القمر -. كما أن معظم الدول الإسلامية الأخرى أعضاء في المنظمة.
    ويجتمع المجلس في دورته العادية مرة كل سنتين على الأقل لأيام معدودة. ومن ضمن مهامه الأساسية الموافقة على بدء جولة مفاوضات أوتقييم سير مفاوضات تجارية جارية. وتخدم اجتماعاته كمجال للمفاوضات الجانبية بين الدول الأعضاء وكمنبر لمناقشات مشاكل التجارة والاستثمار الدوليين.وبالمناسبة يتوقع أن تستفيد المملكة من حضورها لاستكمال بقية مفاوضاتها الثنائية المتبقية مع بعض الدول وأهمها أمريكا.
    2- تشكل منظمة التجارة العالمية مع البنك الدولي لإعادة الإعمار والتنمية وصندوق النقد الدولي المنظمات الاقتصادية الدولية الثلاث التي أنشئت كمجموعة - تحت مسمى منظمات "برتن وودز" (على اسم مقر الاجتماع التأسيسي في أمريكا)- في أواخر الأربعينيات الميلادية. وتتكون عضوية كل منها من غالبية دول العالم. وأدوارها مترابطة ومكملة لبعضها - حيث يعنى البنك الدولي بمنح القروض الاستثمارية، بينما يعنى صندوق النقد الدولي بالمساعدة على توفير السيولة النقدية اللازمة لتمويل التجارة الدولية والمساهمة على حل عجوزات موازين المدفوعات للدول الأعضاء واستتباب أسعار الصرف -. أما منظمة التجارة العالمية فمهامها الأساسية تتكون من تنظيم التجارة الدولية في السلع والخدمات وتوفير إطار للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف. كما تعنى المنظمة بمواضيع أخرى أهمها تنظيم حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة. وتجري محاولات مستمرة من قبل الدول الصناعية لتوسيع صلاحيات المنظمة، استجابة لمتطلبات العولمة الاقتصادية وازدياد اندماج الاقتصادات العالمية.
    3- ومما تجدر الإشارة إليه حول حقوق الأعضاء في المنظمة هو موضوع التصويت، حيث يختلف نظام التصويت في المنظمة عنه في المنظمتين الأخريين.
    فالتصويت في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تصويت موزون، وليس متساوياً، حيث يوزن الصوت بمقدار حصة العضو في رأس مال المنظمة، مما يجعل صوت البلد ذي الحصة الكبيرة أكبر من ذي الحصة الصغيرة. ولذا فأصوات البلدان المتطورة، وهي أقلية، تشكل أكثر من غالبية الأصوات لجميع الأعضاء. كما أن اللائحة الداخلية للمنظمتين تعطي الولايات المتحدة بالذات - عند إقرار المسائل المهمة مثل قبول العضوية أو زيادة رأس المال - حق الفيتو على صدور القرار بحكم اشتراط النظام الداخلي توفر نسبة عالية من الأصوات (أكثر من 80%) للموافقة، لا تتوافر إلا إذا صوتت أمريكا لصالح القرار. وقد حصلت أمريكا على هذا الحق عند إنشاء المنظمتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية. وغني عن القول أن الدول الصناعية ومنها أمريكا تهيمن على هاتين المنظمتين.
    أما التصويت في منظمة التجارة الدولية فمبني بحكم تاريخ قيامها على مساواة الأصوات. سواء كانت متطورة أو نامية. ونظام التصويت يعتمد على التقليد السائد في المجلس الوزاري وفي بقية مجالس المنظمة ولجانها وهو "التوافق" (consensus) وليس الإجماع بالتصويت الصريح. وبموجب هذا النظام، فإنه لا يتم تصويت صريح وعد الأصوات. إلا أن اعتراض أي دولة عضو يمنع القرار. ولكن في بعض القرارات - غير قرارات المفاوضات ووضع أو تغيير الأحكام - يمكن التصويت بنسب معينة من الأغلبية، ثلثين أو ثلاثة أرباع .. الخ.
    وهذا يعني رسميا أن أي دولة عضو مهما كان حجمها تستطيع أن تمنع الوصول إلى قرار من القرارات المهمة. وبما أن الدول النامية تشكل أكثر من 75% من الأعضاء، فإن لديها قوة تصويتية كبيرة جدا، ولكنها قوة كامنة. ويحتاج تفعيلها إلى توفر بعض المقومات من أهمها التعاون فيما بينها. إلا أن الدول الصناعية هنا أيضا، مثل وضعها في المنظمتين الأخريين، هي المسيطرة عمليا على سير المنظمة لأنها هي التي أنشأتها وأشرفت على صياغة اتفاقياتها من وحي الأنظمة والقوانين السائدة في بلدانها وحسب رؤيتها ومصالحها، ولديها قدرة كبيرة للمفاوضات واستعمال آليات المنظمة لحماية مصالحها. إلا أنها لا تستطيع - بدون موافقة الدول النامية - أن تغير نظام التصويت. وسيكون اتخاذ قرارات المجلس في كانكون حسب مبدأ "التوافق" بالطبع.
    وعلى هذا فإن الدول النامية، أو حتى بعضها مثل الدول النامية الكبيرة كالهند والبرازيل - تستطيع منع اتخاذ المجلس في دورته الحالية أي قرارات لا توافق عليها لإضرارها بمصالحها.
    بعض المسائل المهمة المطروحة على المؤتمر في كانكون
    وقد يتساءل القارئ الكريم عن ماهية أهم موضوعات جولة الدوحة التي وافق المجلس في دورته السابقة على إدراجها في المفاوضات وضمنها في "إعلان الدوحة"، ومدى نجاح المفاوضات الجارية حولها قياسا على ما يجب أن تصل إليه قبيل موعد الدورة الحالية حسب إعلان الدوحة، وماهية صعوبات المفاوضات، وبالتالي ماهية التوقعات في مدى نجاح أو فشل مداولات المؤتمر وآثار ذلك.
    أهم المسائل في إعلان الدوحة وما تم التوصل إليه حولها حتى الآن:
    وافق المجلس في دورته الرابعة بالدوحة على بدء جولة مفاوضات تجارية متعددة الأطراف باسم "جولة الدوحة" تضمنت تفاوض الأعضاء حول مجموعة من المواضيع في مجالات تجارة السلع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة وفي مجال تعديل بعض أحكام المنظمة. كما تشمل معالجة شكايات البلدان النامية من عدم توازن بعض اتفاقيات المنظمة التي وافقت عليها جولة "اليوروجواي" التي انتهت في نهاية 1994وأدت إلى إنشاء المنظمة الحالية بدلا عن منظمة "الجات"، ويقصد بعدم التوازن عدم استفادتها كما توقعت من موافقتها على نتائج جولة اليوروجواي. وفيما يلي تلخيص لأهم مواضيع جولة الدوحة والتي تضمنها "إعلان الدوحة" وأسماه المجلس الوزاري ب "برنامج الدوحة للتنمية" كمؤشر على الاهتمام بقضايا التنمية وهموم البلدان النامية الأعضاء. وهذه المواضيع هي: مواضيع شكايات البلدان النامية الأعضاء، المفاوضات الزراعية، مفاوضات تجارة الخدمات، فتح الأسواق الصناعية، مفاوضات المواضيع "الجديدة"، مواضيع متفرقة أخرى:

    1- مواضيع شكايات البلدان النامية الأعضاء.
    لقد اتضح لدى البلدان النامية منذ قيام المنظمة في يناير 1995، وبدء تطبيق اتفاقيات جولة اليوروجواي (الاتفاقيات الحالية) بفترة قصيرة أن الفوائد الموعودة من قبل البلدان المتطورة لم تتحقق، وأن الاتفاقيات بوجه عام لم تكن متوازنة - بمعنى عدم توازن الالتزامات مع الفوائد المتوقعة - ولم تحصل البلدان النامية على المنافع التي توقعتها.
    وبوجه عام فإن الكثير من البلدان النامية ترى أن اتفاقيات جولة اليوروجواي لم تأت بالفوائد التي توقعوها. ويعتقد المسئولون في هذه البلدان أن اتفاقيات الأقمشة والملابس، الإعانات، الزراعة، حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة، مجابهة الإغراق، إجراءات الوقاية، إجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة، كلها لا تعكس بشكل كاف مصالح واهتمامات الدول النامية الأعضاء، وتحتاج إلى إعادة توازن وإلى تعديل.
    ومن أهم اعتراضات الدول النامية أن وعود الدول المتطورة التي قطعتها على نفسها بفتح اسواقها أي تخفيض أو إزالة الرسوم الجمركية أمام السلع التي تصدرها الدول النامية، وخصوصا الأقمشة والملابس والمنتجات الجلدية التي تنتج بكثافة عمالية، وكذلك صادراتها الزراعية، هذه الوعود لم تتحقق حتى بدء الدورة الرابعة في الدوحة. ومن الجوانب الأخرى لعدم التوازن هو النص في الاتفاقيات بمنح الدول النامية معاملة خاصة وتفضيلية، إلا أن هذه النصوص ليست إجبارية قانونيا على الدول المتطورة بحيث يمكن رفع دعوى على البلد المتطور المعني أمام جهاز تسوية المنازعات في المنظمة في حالة الخلاف. بل ترك منح هذه المعاملة التفضيلية إلى استعداد الدولة المتطورة ورغبتها، وفي نفس الوقت ربطت الدول النامية نفسها بجميع التزامات المنظمة وقدمت تنازلات مهمة.
    وباختصار كانت الدول النامية ترفض الموافقة على مزيد من تحرير أسواقها السلعية والخدمية وبالسرعة التي تضغط بها الدول المتطورة، إلا بعد تسوية اعتراضاتها هذه. وكان هذا موقفها في الدورة الثالثة للمجلس في سياتل عام 1999، وكان من أهم أسباب فشل تلك الدورة. واستمر موقفها هذا على حاله عند بدء الدورة الرابعة بالدوحة. وكاد يؤدي مرة أخرى إلى فشل دورة اجتماع الدوحة. وقد تضمن إعلان دورة الدوحة صياغة تبدي استعداد الدول الأعضاء لمعالجة هذه الاعتراضات وجعل أحكام الاتفاقيات الخاصة بتوفير معاملة تفضيلية ملزمة. كما تضمن استعداد الدول المتطورة للسماح للبلدان النامية بإنتاج الأدوية الخاصة بعلاج الأوبئة مثل الإيدز والأمراض المعدية الأخرى تحت اسم يختلف عن الاسم التجاري للدواء، حتى لو كان الدواء خاضعا لحق براءة الاختراع من قبل إحدى شركات الأدوية. كما يحق للدول التي تعاني من هذه الأمراض والأوبئة استيراده من الدول النامية التي تستطيع أن تنتجه. إلا أن هذا الاستعداد ترك للتفاوض.
    وقد تم بالفعل مؤخرا الوصول إلى مثل هذا الاتفاق مع وجود قيود زمنية وقيود أخرى أهمها أن لا يستعمل هذا السماح لأغراض إنتاج أدوية تجارية تصدرها دول مثل الهند والبرازيل مما يضر بمصالح الشركات صاحبة براءات الاختراع. وهذا لا شك تطور إيجابي بالنسبة للدول النامية التي تعاني من هذه الأوبئة وكان الاتفاق من أهم مطالب البلدان النامية، وخصوصا الأفريقية.
    وعلى أثر المناقشات والمفاوضات التي تمت بين الدول المتطورة والدول النامية حول جعل بعض أحكام الاتفاقيات الخاصة بالمعاملة التفضيلية أحكاماً إلزامية بدلا من تركها اختيارية كما هي الآن، فلم تصل هذه المفاوضات إلى نتيجة إيجابية.
    فقد أصرت بعض الدول المتطورة على موقفها من أن هذه الأحكام تم التوصل إلى نصوصها عن طريق المفاوضات المبنية على مبدأ "المنافع المتبادلة" (أي عدم التنازل عن حق إلا بمقابل أو عدم منح ميزة إلا بميزة مقابلة وهذا عكس مبدأ المعاملة التفضيلية)، ولا يمكن تعديلها إلا بمفاوضات جديدة، بمعنى أن على الدول النامية أن تقدم تنازلات إذا أرادت هذه التعديلات. أي أن هذه المسألة المهمة جدا للبلدان النامية لم تحل.
    وبينما قام المجلس في دورة الدوحة بحل بعض شكايات الدول النامية الأقل أهمية، إلا أن الشكايات المهمة أحيلت إلى المجالس واللجان المعنية لمناقشتها ومحاولة حلها، ولا يزال هناك (23) مسألة مهمة من شكايات البلدان النامية لا تزال أمام لجان تفاوضية في مجالات تشمل ميزان المدفوعات، التقييم الجمركي، فتح الأسواق، العوائق الفنية للتجارة، إجراءات الوقاية، إجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة، وحقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة.
    ومن غير المتوقع أن يحصل تقدم أثناء المؤتمر حول هذه المجموعة من المواضيع، بل الأرجح أن يتفق على استمرار التفاوض حولها إلى حين موعد انتهاء هذه المفاوضات - 1يناير 2005، أو إلى ما بعد ذلك. ولأهمية هذه المسائل للبلدان النامية فإن ذلك سيجعل من الصعب عليها الموافقة على بنود الاجتماع المطلوبة من الدول المتطورة، ومن أهمها مزيد من فتح أسواق الخدمات والمنتجات الزراعية والصناعية. وهذه مؤشرات مهمة لتوقع استمرار الصعوبات التفاوضية بين البلدان النامية والبلدان المتطورة.
    وبمناسبة موضوع مطالب البلدان النامية، قد يتساءل بعض القراء إن كانت المملكة ستنضم كدولة "نامية" أم "متطورة". والحقيقة انها ستنضم كدولة نامية ولو أن بروتوكول الانضمام يتوقع أن لا يذكر ذلك صراحة، وليس ذلك مطلوبا، لكي تتمتع بما هناك من مزايا للبلدان النامية. يكفي أن تشعر المنظمة رسميا في وثائق طلب الانضمام بأنها دولة نامية - وقد فعلت ذلك بالفعل - وبأن لا يذكر في البروتوكول نص صريح بأنها ليست دولة نامية. وبعد انضمامها تستطيع أن تحاول الاستفادة من احكام المنظمة واتفاقياتها الخاصة بالبلدان النامية.
    2- المفاوضات الزراعية
    من اهم وأصعب المفاوضات ضمن جولة الدوحة هي المفاوضات الخاصة بالزراعة.
    ومن المفيد ذكره هنا أن تجارة المنتجات الزراعية لم تكن مشمولة في اتفاقية الجات قبل قيام المنظمة عام 1995ولم تكن تخضع لأحكامها، لاهتمام البلدان الزراعية وخصوصا المتطورة بحماية هذا القطاع وحماية مزارعيها. وعندما أدخلت الزراعة ضمن اتفاقيات المنظمة سمح فيها بأحكام تخالف في الحقيقة الأحكام الخاصة بتجارة السلع الصناعية، سواء بالنسبة لفتح الأسواق، الدعم، أو حوافز التصدير ولا يزال الأمر كذلك.
    والوضع الحالي لتطبيق الاتفاقية ينطوي على رسوم جمركية عالية، خصوصا بالنسبة لنفاذ المنتجات الزراعية التي تصدرها البلدان النامية، وإعانات كبيرة تصل إلى أكثر من 300مليار دولار سنويا تدفعها البلدان الصناعية على أشكال مختلفة من الدعم الزراعي، وخصوصا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
    ومن آثار هذا الدعم تمكن الشركات الزراعية في الدول المتطورة من تصدير منتجاتها الزراعية بأسعار منخفضة تمكنها من إغراق أسواق البلدان النامية مما يهدد قطاعاتها الزراعية والتي يعيش عليها غالبية السكان في بلدان نامية كثيرة.
    ويؤيد ويحافظ على استمرار هذه السياسات الزراعية قوى نقابية وسياسية قوية في البلدان الصناعية. ومن الصعب على بلدانها التنازل أو فتح أسواقها ليس فقط أمام صادرات البلدان النامية ولكن حتى بين الدول الصناعية نفسها.
    ومع أن لدى المتفاوضين مهلة حتى 1يناير 2005لإنهاء المفاوضات الزراعية مثل المفاوضات في عدة مواضيع أخرى، إلا أن سير المفاوضات لحد الآن يدل على استمرار صعوبات كبيرة للوصول إلى اتفاق. هناك مؤشر إيجابي نوعا ما للاتفاق ألا وهو إعلان مشترك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على نقاط الاتفاق، ولكنها نقاط عامة وليس بها تفصيلات وأرقام محددة.
    المهم يبقى هذا الموضوع من أهم - إن لم يكن أهم - المواضيع المطلوب الاتفاق عليها قبل 1يناير 2005، ويحتاج الاتفاق حوله إلى جهود جبارة. ومن الصعب أن توافق الدول النامية على أي اتفاق زراعي بين أمريكا والاتحاد الأوروبي لا يؤدي إلى فتح هذه الدول أسواقها للمنتجات الزراعية من البلدان النامية وتخفيض الدعم الزراعي قبل اقتناعها بتسوية مطالبها الأخرى. أي أن الدول النامية ستحاول ربط موافقتها على المفاوضات بحل مطالبها، مما يصعب الوصول إلى اتفاق زراعي.
    3- مفاوضات الخدمات
    كذلك فمن أهم مجالات المفاوضات هو تحقيق مزيد من فتح أسواق الخدمات. والمفاوضات في هذا المجال - مع المفاوضات الزراعية -مستمرة في الحقيقة منذ قيام المنظمة عام
    2000.وتشتمل مفاوضات الخدمات كذلك على فروع متعددة من تجارة الخدمات. وقد تم التوصل إلى اتفاقيات في مجال الاتصالات، ومنتجات تقنية المعلومات، وبعض جوانب الخدمات المالية، ووافقت عليها الدول الصناعية وبعض البلدان النامية، ولكنها لحد الآن اتفاقيات "عديدة" الأطراف وليست بعدُ "متعددة" الأطراف، أي أنها ليست ملزمة للدول التي لم توقع عليها، إلا أن هذه الاتفاقيات أصبحت في الحقيقة تغطي معظم التجارة الدولية في هذه السلع.
    ومن الجدير بالذكر أن هناك مفاوضات أيضا في مجال يهم دول الأوبك ألا وهو مجال خدمات الطاقة. وما تطلبه الدول المتطورة هو توسيع مجال قطاعات خدمات الطاقة التي يمكن أن يتفق على فتحها، بمعنى السماح للشركات الأجنبية بالاستثمار فيها، سواء في المجالات السابقة للانتاج، أو في إنتاج النفط والغاز أو مجالات التسويق والتوزيع.
    والتصنيف الحالي لمثل هذه الخدمات في المنظمة ضيق جدا مما يمنع التفاوض حولها. وتطلب توسيع وتفصيل هذا التصنيف.
    وموقف بعض دول الأوبك التي أبدت رأيها لحد الآن مثل فنزويلا هو قبول الاستفادة من خدمات الشركات الأجنبية والتقنية المتقدمة لديها، والسماح للاستثمار الأجنبي ولكن في مجالات محددة وعدم الإخلال بسيطرة الشركات الوطنية على السياسات الاستثمارية في مجالات النفط والغاز، وذلك لغرض الاستفادة القصوى من هذه الموارد الناضبة وتحقيق تنويع القطاعات الإنتاجية وتوفير فرص أكبر للشركات الوطنية الخاصة القادرة على الاستثمار والعمل في هذه المجالات.
    4- فتح الأسواق غير الزراعية ( الصناعية)
    ومما سيتطلب التفاوض حوله وما تقرر في إعلان الدوحة في هذا المجال هو العمل على تخفيض التعرفات الصناعية العالية، أي التي تفوق 15%، وخصوصا أمام الصادرات الصناعية للبلدان النامية، وكذلك تخفيض التعرفات التصاعدية والتي تتزايد حسب مستوى التصنيع حيث تكون صفراً أو منخفضة على المواد الخام وتزداد كلما ارتفع مستوى التصنيع. وبالإضافة إلى تضرر الصادرات الصناعية للبلدان النامية من التعرفات العالية عليها، فإن الرسوم التصاعدية تشجع عملياً تصدير المنتجات على شكل خام وتعيق تصديرها على شكل منتجات نهائية، مما يعيق بالتالي التطور الصناعي في البلدان النامية.
    والمطلوب التفاوض حوله حتى 1يناير 2005هو الاتفاق على إجراءات ومعادلات تخفيض الرسوم الجمركية، ولم تصل بعد إلى المفاوضات الفعلية لتخفيض هذه الرسوم.
    وتطلب البلدان النامية في مذكرات قدمتها بقاء هذا الموضوع في اللجان المختصة واستمرار دراسته.
    5- مفاوضات المواضيع الجديدة
    بالإضافة إلى المواضيع المتعلقة باتفاقيات اليوروجواي - أي الاتفاقيات الحالية - هناك مواضيع جديدة ليست ضمنها، من اهمها تنظيم الاستثمار المباشر في السلع، وتضغط بعض الدول المتطورة وخصوصا أمريكا والاتحاد الأوروبي، لغرض توسيع وتعميق مجالات تحرير الأسواق، بالتفاوض حولها وتحويلها إلى اتفاقيات متعددة الأطراف مما يوسع من صلاحيات المنظمة. هذه المواضيع هي: العلاقة بين التجارة والاستثمار - وحتى تنظيم الاستثمار وحده، التجارة والمنافسة (بما في ذلك تنظيم المنافسة والاحتكار)، الشفافية في المشتريات الحكومية، وتسهيل إجراءات التجارة الدولية. وقد أثيرت هذه المواضيع لأول مرة في الدورة الأولى للمجلس الوزاري في سنغافورا عام 1996، وأحيلت حينئذ إلى لجان متخصصة لدراستها. وبما أن الدورة الثالثة في سياتل عام 1999فشلت ولم تصدر حتى إعلان، فلم تناقش فيها هذه المواضيع.
    ولكنها عرضت على الدورة الرابعة في الدوحة وتضمن إعلان الدوحة أن يتم الحصول على "توافق" صريح من المجلس في دورة كانكون بالبدء في المفاوضات حول إجراءات المفاوضات تمهيدا للمفاوضات الخاصة بإصدار اتفاقيات متعددة الأطراف تنظم هذه المواضيع.
    وسيحاول المجلس في دورة كانكون أن يقرر ما إذا كان هناك توافق صريح من قبل الأعضاء حول إجرءات التفاوض.
    وموقف الدول المتطورة حتى دورة كانكون هو أن هذه المواضيع قد أشبعت مناقشة ودراسة، ويجب الاتفاق على بدء التفاوض حول الإجراءات ثم بعد ذلك على التفاوض على إصدار اتفاقيات متعددة الأطراف.
    بينما قامت مجموعة من الدول النامية من أهمها الهند، والصين، ونيجيريا، وأندونيسيا، ونابت عنها الهند، بالإعراب عن موقفها بأن هذه المواضيع تحتاج إلى مزيد من الدراسة وأن مجموعات العمل الخاصة بدراسة هذه المواضيع لم تكمل مهامها. كما تذكر هذه الدول النامية بأن ليس هناك داعٍ لحد الآن لإيجاد مثل هذه الاتفاقيات، وعبرت عن مخاوفها بأن إيجاد اتفاقيات متعددة الأطراف حول الاستثمار والمنافسة والمواضيع الجديدة الأخرى سيزيد من التزاماتها وهي لا تزال متأذية من الاتفاقيات الحالية، وفي نفس الوقت يحد من قدرتها على إيجاد الانسجام بين تدفق الاستثمار الأجنبي مع أهداف التنمية الوطنية. ولذا فإنها ستطلب من إعلان كانكون أن ينص على الاستمرار في دراسة هذه المواضيع.
    6- مواضيع أخرى
    من أهم المواضيع الأخرى التي يجري التفاوض حولها هو تعديل بعض الأحكام، وأهمها بعض أحكام اتفاقيتي الإغراق والإعانات.
    ومن الجدير بالذكر أن البلدان النامية تشتكي من تعقيد وغموض بعض نصوص هاتين الاتفاقيتين وقابليتهما لأكثر من تفسير، وبالتالي صعوبة وبهاظة تكاليف التقاضي حولهما لدى جهاز حسم المنازعات، مما مكّن بعض الأعضاء، وخصوصا الولايات المتحدة، كما تتهمها بعض الدول النامية وحتى بعض الدول المتطورة الأخرى، من إساءة استخدام اتفاقية الإغراق بالذات كأداة لحماية صناعاتها. ومع اهتمام الدول النامية بتعديل اتفاقية الإغراق، إلا أن أمريكا بالذات لديها معارضة شديدة لتعديلها. وتعارض دول متطورة أخرى ذلك.
    فعلى سبيل المثال حضر اجتماعات المجلس الوزاري في الدوحة أحد أعضاء المجلس النيابي الأمريكي مسلحا بقرار من المجلس النيابي يحظر على المفاوض الأمريكي القبول بالمساس بأحكام اتفاقية "الإغراق". وهذا أحد المؤشرات على صعوبة موافقة الدول المتطورة على تعديل الأحكام التي تطالب البلدان النامية بتعديلها.
    ملاحظات ختامية
    يمكن تلخيص ما سبق ذكره في النقاط التالية:
    1- أن مهمة المجلس الوزاري في دورته الخامسة بكانكون هو في الحقيقة الوقوف على سير المفاوضات ومحاولة تذليل ما تواجهه من صعوبات. هذا بالإضافة إلى مهام أخرى إدارية وإصدار إعلان مشجع يعطي انطباعا إيجابيا للعالم بسير المفاوضات سيرا حسنا ويعطي إشارات مشجعة لأسواق المال والاستثمار والتجارة. إذ من المهم بمكان للدول المتطورة أن لا تنتهي دورة كانكون على خلفية استمرار الخلافات خصوصا بين الدول المتطورة والنامية، لما لذلك من خلق توقعات متشائمة للنشاط الاقتصادي والاستثمار العالميين في وقت تحتاج فيه العولمة الاقتصادية في هذه الفترة من الركود الاقتصادي العالمي إلى جرعات من التفاؤل. كما أن الانطباع باستمرار الخلافات التجارية مدعاة لإضعاف مكانة المنظمة وقدرتها على الاستمرار في لعب دورها في تسهيل المفاوضات متعددة الأطراف ووصولها إلى اتفاقات ترضي جميع الأطراف.
    لكن الأرجح أن لا ينجح المؤتمر في هذه الدورة في تذليل الصعوبات المتعلقة بمطالب البلدان النامية، ويكتفى بتكرار ما يمكن وصفه بالمناشدات لصالح البلدان النامية، كما جاء من قبل في إعلان الدوحة.
    2- وفيما يتعلق بالمفاوضات الزراعية فلم يتحقق التقدم الذي نص عليه إعلان الدوحة حتى بدء دورة كانكون، ألا وهو الاتفاق على الإجراءات التي يحتاج لها المتفاوضون للاتفاق على تخفيض التعرفات الجمركية، والإعانات الداخلية وإعانات الصادرات. وسيطللب المجلس - حسب مسودة إعلان كانكون - الاستمرار في التفاوض لتحقيق مثل هذه الإجراءات.
    وكما أشرنا سابقا فالخلاف لا يزال عميقاً حتى بين الدول المتطورة
    نفسها، خصوصا حول تخفيض الإعانات الزراعية. وربما كان اتفاق المبادئ الذي أشرنا إليه سابقا بين أمريكا والاتحاد الأوروبي والذي أعلن عنه قبيل موعد دورة كانكون كان ذا هدف إعلامي أكثر منه تقدما جوهريا، إلا أنه يبقى خطوة تبعث على الأمل.
    3- ومع عدم التقدم في مفاوضات فتح أسواق الدول المتطورة أمام صادرات البلدان النامية، وكذلك عدم التقدم في حل مطالب البلدان النامية واستمرار إصرار الدول المتطورة على أن ذلك يحتاج إلى مفاوضات وتنازلات من البلدان النامية، فإن مثل هذا الوضع لا يعطي البلدان النامية الكثير من الأمل في حل مشاكلها التنموية. إذ أن نمو صادراتها التي تمثل لها المصدر الرئيسي وفي بعضها المصدر الوحيد للعملات الصعبة، يمثل لها طوق النجاة للخروج من الفقر والبطالة والأزمات الاجتماعية. كما يمثل فتح أسواق البلدان المتطورة لها مصادر أكبر وأفضل لزيادة الاستثمار والدخل فيها أفضل من المساعدات غير الكافية والتي لا تمنح أحيانا إلا بشروط مهينة. وارتفاع مستوى النمو الاقتصادي في هذه البلدان لا يؤدي فقط إلى تحقيق التنمية والازدهار فيها، ولكنه سيخدم أيضا مصالح البلدان المتطورة نفسها بتوفير أسواق أكبر لصادراتها من السلع والخدمات لهذه البلدان.
    المهم، نظراً لعدم التقدم في فتح الأسواق، وفي شكايات البلدان النامية، فلن تجد البلدان النامية أمامها من خيار سوى الاستمرار في رفض الموافقة على بعض المواضيع المفضلة من قبل البلدان المتطورة مثل قبول المزيد من تحرير أسواق الخدمات، إزالة التعرفات أمام الصادرات الصناعية للبلدان المتطورة، وإيجاد اتفاقيات متعددة الأطراف لما يسمى بالمواضيع الجديدة، وخصوصا الاستثمار المباشر.
    ومع أن البلدان المتطورة لديها الكثير من أسباب القوة والضغط على البدان النامية، إلا أن مما يقوي موقف البلدان النامية ويساعدها على الصمود إن هي تكاتفت هو أن إعلان الدوحة نص على أن يتم التفاوض حول كل المواضيع المهمة بشكل مترابط، بحيث يتم الاتفاق عليها مجتمعة أو ترفض مجتمعة كرزمة واحدة، بموجب مبدأ "الالتزام الموحد" الذي تم الاتفاق عليه في بيان الدوحة.
    وهذا يعني أن عدم الاتفاق على مطالبها سيعني عدم الاتفاق على المجالات الأخرى، هذا إذا هي أصرت على ذلك.
    4- وهناك ملاحظة أخيرة، ألا وهي أنه بالرغم من عدم الاتفاق واستمرار هذا الصراع التجاري، فليس هناك في الحقيقة بديل عن المنظمة لتنظيم التجارة الدولية وعقد المفاوضات التجارية متعددة الأطراف. وإذا لم يتم الاتفاق في المواعيد المتفق عليها، فلا مفر من تمديد المواعيد أو تعليق مفاوضات معينة لفترة معينة. ونفس البلدان المتطورة أطول من نفس النامية، وحاجتها للاتفاق أقل من النامية. وليس أمام البلدان النامية، مع الأسف، إلا الاستمرار في الصبر والمطالبة، مع محاولة التعاون فيما بينها لتجميع أسباب القوة والضغط.
    ولذا فإذا لم تنته المفاوضات في موعدها في 1يناير 2005، فسيتم تمديد هذا الموعد سنة أو سنتين أو أكثر. ليس هناك بديل إلا الاستمرار في المفاوضات.

    * مستشار غرفة الرياض للشؤون الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    28-Mar-2002
    الدولة
    الرياض
    المشاركات
    2,400
    وليست ايش ؟؟؟

    ياخي مافيني حيل أقرا هالموضوع وعنوانك مقطوم .

    ستنضم كدولة نامية وليست ؟؟؟؟؟ دولة صناعية يعني ؟؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    16-Mar-2003
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    11,961
    اسف اخولى وليست دولة متقدمة سقطت من العنوان

    شكرا على التنبيه

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
المنتدى غير مسؤول عن أي معلومة منشورة به ولا يتحمل ادنى مسؤولية لقرار اتخذه القارئ بناء على ذلك