وزير الثروة الحيوانية الصومالي لـ«الرياض»:
صدرنا خمسة ملايين رأس ماشية عام 2015 .. نصفها للمملكة
ندعو رجال الأعمال السعوديين للاستثمار.. والتركيز على قطاع الثروة الحيوانية وإنتاج الموز
الرياض – سعيد معيض
تعد جمهورية الصومال من الدول العربية والإسلامية التي تتمتع بموقع جغرافي مميز، وبمقومات طبيعية لم تستثمر بالشكل الملائم حتى الآن، لا سيما في مجال الثروة الحيوانية والسمكية، نتيجة لما حصل لجمهورية الصومال خلال ما يزيد على عقدين من الزمن من انهيار للحكومة المركزية عام 1991م ثم ما اعقبها من اندلاع حرب أهلية، ودخول الجماعات المتطرفة الى البلاد وسيطرتها على أجزاء واسعة من الصومال، ولكن خلال السنوات الأخيرة بدأت جمهورية الصومال تستعيد مظاهر الدولة، وأخذت الجماعات المتطرفة تتراجع بدعم من المجتمع الدولي والاتحاد الافريقي، والقوى الفاعلة داخل الصومال.
ومع الاستقرار السياسي بدأت الأنشطة الاقتصادية تزدهر وتنمو في الصومال، وفي طليعة ذلك قطاع الثروة الحيوانية حيث يساهم هذا القطاع بنحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي للصومال وفقا لما جاء في تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، وهذا يعني ان الصومال بدأ منذ سنوات بتصدير المواشي وبأعداد كبيرة إلى المملكة ودول الخليج العربي ومصر وغيرها من البلدان وفق اشتراطات صحية دقيقة.
"الرياض" أجرت لقاء مع وزير الثروة الحيوانية والرعي والغابات الصومالي الدكتور سعيد حسين عيد الذي رحب بإجراء اللقاء، وقدم في البداية شكر وعرفان القيادة الصومالية ممثلة في فخامة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ودولة رئيس الوزراء عمر عبدالرشيد شارماركي للقيادة السعودية، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وذلك لوقوفهم إلى جانب الصومال في كل موقف ومرحلة، مشيرا إلى أن أهم مظاهر الدعم الأخيرة تشجيع التجارة في المواشي واستيراد المواشي من الصومال والتي تعد العمود الفقرى لصادرات الصومال خصوصا بعد أن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمره الملكي لوزارة الزراعة السعودية برفع الحظر عن تصديرات المواشي الصومالية إلى المملكة، وكان ذلك بمثابة خطوة إيجابية منذ إقرار وزراء خارجية العرب في قمتهم في القاهرة على تعزيز التجارة مع الصومال واعتماد تصديرات المواشي من الصومال الى الأسواق العربية.
جاء ذلك في حوار موسع مع الوزير الدكتور سعيد حسين عيد، وفيما يلي نص الحوار.
تعد الصادرات الصومالية من المواشي من أهم صادرات الصومال للمملكة ودول الخليج العربي، فما هو حجم التعاون بين البلدين في هذا المجال، وما هو حجم هذه التجارة خلال السنوات الأخيرة؟
لدينا علاقة قوية مع المملكة العربية السعودية خصوصا علاقة التعاون مع وزارة الزراعة السعودية في كيفية تطوير التجارة الزراعية والحيوانية بين البلدين الشقيقين، وتنفيذ اتفاقيات سابقة في تطوير الطب البيطري والاعتماد على وثائق الطب الرسمية الصادرة من وزارة الزراعة الصومالية، ومن هنا أود أن أقدم الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، الذي أصدر أمره الملكي لوزارة الزراعة السعودية لرفع الحظر عن استيراد المواشي الصومالية إلى السعودية وكان ذلك خطوة إيجابية منذ إقرار وزراء خارجية الدول العربية في قمتهم في القاهرة بتعزيز التجارة مع الصومال واعتماد تصديرات المواشي من الصومال الى الأسواق العربية.
أما عن لغة الأرقام في هذا المجال ففي عام 2015 صدَّر الصومال حوالي 5،387،000 رأس من الماشية إلى الخارج، وهو أعلى بنسبة 6% من صادرات عام 2014م، وكان أكثر من ثلاثة ملايين منها مصدَّر إلى السعودية، الأمر الذي يجعل السعودية أكبر مستورد للمواشي من الصومال في الوقت الراهن.
وبهذه المناسبة فإن القيادة الصومالية ممثلة في شخص فخامة الرئيس حسن شيخ محمود ودولة رئيس الوزراء عمر عبدالرشيد شارماركي تتقدم للقيادة السعودية بالشكر والعرفان لوقوفها إلى جانب الصومال في كل موقف ومرحلة، ولاسيما في تشجيع التجارة في المواشي التي تعد العمود الفقرى لاقتصاد الصومال.
بعد سنوات من الظروف الصعبة التي مرت بها الصومال، هل هناك انتعاش حقيقي وفعلي لقطاع الثروة الحيوانية في الصومال، وما هي أهم العوامل والمؤشرات التي ساعدت على هذا الانتعاش؟
نعم هناك انتعاش كبير ونمو عريض في قطاع الثروة الحيوانية وتجارتها في الصومال، وهذا التطور يبدو من خلال الدخل القومي لتجارة المواشي، وهناك تغيّر كبير في كيفية تربية المواشي في الصومال، حيث كان الصوماليون الرعاة قبل عقود وقرون يعتمدون على مياه الأمطار بنسبة 100% في الرعي، لكن الآن بدأ إنشاء محاجر كبيرة في البلاد يتم فيها الاعتناء بالمواشي من حيث توفير الأعلاف والمياه النظيفة والرعاية الصحية، ويتم بيع ألبانها في أسواق المدن الكبيرة وذلك رغم محدودية إمكانيات أصحاب المحاجر، وهذا مثال حي لتغيُّر رعاية المواشي في الصومال من نمط البداوة إلى نمط متقدم.
ومن مظاهر انتعاش هذا القطاع بدء تصدير المواشي الصومالية إلى الخارج، فقد وصل تصدير المواشي في العام الماضي 2015م 4.9 مليون رأس من الغنم، و295،000 رأس من البقر، و72،000 رأس من الإبل، مقابل دخل يبلغ 384 مليون دولار.
ما هي الآثار السلبية للجفاف الذي حل ببعض مناطق الصومال مؤخرا خصوصا على الثروة الحيوانية والزراعية؟
لا شك أن الجفاف المتكرر في الصومال تسبَّب في حدوث أزمات كبيرة في الثروة الزراعية والحيوانية والموارد البشرية، وتسببت في نفوق العديد من المواشي التي أدت إلى نقص حاد في أعدادها، الأمر الذي يؤثر سلبا على حياة الآلاف من الرعاة البدو الذين يعتمدون على تلك المواشي.
ونحن نخطط كوزارة لإطلاق مشروع كبير اسمه "الصمود أمام الجفاف"، والذي تعمل به أيضا دول منظمة الإيغاد في شرق إفريقيا، ونحرص من خلال هذا المشروع على أن يصمد شعبنا خاصة الرعاة أمام تكرار الجفاف في الصومال، ومن خلال هذا المشروع يتم إيجاد بدائل أخرى للرعي والمياه في مواسم الجفاف.
ولتنفيذ هذا المشروع علينا إعداد مخزون غذائي وإجراء سدود مائية في مواسم الأمطار، ورغم أن قدراتنا الاقتصادية في تنفيذ هذه المشاريع محدودة إلا أننا سنتعاون مع الجهات الخارجية في تنفيذ هذا المشروع الذي سميناه "الصمود أمام الجفاف".
تعتبر الصومال قبل انهيار الحكومة المركزية عام 1991 من الدول المشهورة بتصدير بعض المنتجات الزراعية خصوصا الموز، فهل الصومال في طريق العودة لاستعادة مكانته في انتاج الموز؟.
يعتبر الموز من المنتجات الزراعية الشهيرة في الصومال، والتي كانت لها سمعة طيبة في أسواق العالم خاصة الدول العربية ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، غير أن إنتاج الموز عانى من تدهور خلال السنوات العشرين الماضية، لأن الصومال كان يعاني من حرب أهلية ووجود جماعات متطرفة، ولأن معظم الأراضي التي كان الموز يزرع فيها وهي أحواض نهري شبيلي وجوبا في جنوب الصومال غير مستقرة أمنيا، حيث تنشط حركة الشباب المتطرفة في بعض محافظات شبيلي السفلى، وجوبا الوسطى وجوبا السفلى.
وقد أعلنت الحكومة الصومالية الفيدرالية بداية هذا العام عن بدء حملة عسكرية كبيرة لتحرير تلك الأراضي الزراعية النائية من حركة الشباب، الأمر الذي شجع المزارعين على إعادة مزاولة نشاطهم في زراعة الموز، وزيادة إنتاجه في الأسواق المحلية، وهذا يدل على تعافي إنتاج الموز تدريجيا، وإمكانية الاستثمار فيه، كي يستعيد دوره الريادي في الأسواق العالمية، ونأمل من الدول الشقيقة أن يستثمروا في هذا القطاع.
هل هناك مشاريع قوانين من جانب الحكومة الصومالية لتشجيع الاستثمار في الصومال؟
نعم هناك ترحيب وتشجيع كبير للاستثمار في الصومال، فقد أجاز البرلمان الفيدرالي الصومالي في نوفمبر الماضي قانون الاستثمار الخارجي، الذي يشجع على الاستثمارات الخارجية ويعطيهم فرصا وامتيازات وتسهيلات في جوانب عديدة.
لكن المستثمرين يخافون من تدني مستوى الأمن في الصومال فهل هناك مؤشرات لتغير هذا الوضع؟
يعتبر الأمن الكامل أمرًا نسبيا في جميع دول العالم، فلا مكان خال من حوداث أمنية، ولا شك أن الصومال يعاني من مشكلة الإرهاب، ونتشارك في هذا مع كثير من دول العالم التي تأثرت بذلك، وكما يشهده القاصي والداني فإن الإرهاب ينهزم في الصومال، وتضعف قوتهم يوما بعد يوم، ولا شك أن الأمن يتحسن بنسبة كبيرة، وقد أبدت القوات الأمنية الصومالية بمختلف مستوياتهم قدرة على ضبط الأمن في بلدهم، وهزيمة المتطرفين في معاقلهم، وتحريرهم لأراض كثيرة من الريف الصومالي، كما يتم قتل المتسللين منهم أو القبض عليهم.
للمحاجر الصحية لتصدير المواشي أهمية كبرى في عملية التصدير لتحقيق اشتراطات الدول المستوردة للمواشي الصومالية، فما هي عدد المحاجر الموجودة في الصومال وأهميتها.
يوجد في الصومال ثلاثة محاجر صحية رئيسة وهي محجر الجزيرة في ضاحية مقديشو العاصمة، ومحجر بربرة في شمال الصومال (أرض الصومال)، ومحجر بوصاصو في شمال شرق البلاد (بونت لاند)، وهذه المحاجر الصحية تم تأسيسها لغرض الاعتناء بالمواشي والتأكد من خلوها من الأمراض التي تمنع من تصديرها، ويشرف عليها أطباء تعترف بهم منظمة الصحة العالمية، كما تخضع المواشي الصومالية التي يتم تصديرها إلى الخارج لفحوصات شاملة من الفريق البيطري المحلي، وبعدها تقوم فرق بيطرية من الدول المستوردة بالتحقق من تلبية المواصفات المطلوبة.
هل لديكم مطالب أو دعوات للدول الخليجية للاستثمار في الصومال وتطوير قطاع الثروة الحيوانية والزراعية؟
تعتبر الدول الخليجية وخاصة المملكة العربية السعودية من أكبر الشركاء في استيراد المواشي من الصومال، حيث يتم تسويق المنتجات الصومالية من الثروة الحيوانية الصومالية، ولاشك أن الصومال يمتلك ثروة كبيرة تغطي الأمن الغذائي للدول العربية من الثروة الحيوانية، إذا ما وجدت الصومال استثمارات كبيرة في تنمية قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية.
ومن هنا فإننا نقدم للأشقاء الخليجيين وفي مقدمتهم السعوديين الدعوة للاستثمار في الصومال ونؤكد أن المجال مفتوح للأشقاء العرب الخليجيين في استثمارهم في هذا القطاع أو أي قطاع آخر، ونعرف أن المستثمرين الخليجيين من أنشط المستثمرين في العالم، والصومال سيستفيد من مثل هذه الاستثمارات في مجال زيادة الدخل القومي وخلق فرص عمل كبيرة.
http://www.alriyadh.com/1507647
|
 |
 |
|||
 |
 |
||||
رد مع اقتباس
المفضلات