منتديات أعمال الخليج
منتديات أعمال الخليج

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: " الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ (2020م) "

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    16-Mar-2003
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    11,961

    " الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ (2020م) "

    ورقة عمل عن:

    تطور القطاع المالي لتحقيق نمو اقتصادي أفضل



    د. محمد بن سليمان الجاسر

    نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي



    الجلسة الثانية في اليوم الثالث لندوة

    " الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي حتى عام 1440هـ (2020م) "

    التي نظمتها وزارة التخطيط في الرياض

    13-17 شعبان 1423هـ الموافق (19-23 اكتوبر 2002م)







    مقدمــــــة
    يشرفني المشاركة في هذه الندوة الهامة والمساهمة في هذه الجلسة عن "تطور القطاع المالي لتحقيق نمو اقتصادي أفضل" في المملكة العربية السعودية. كما إنني أنتهز هذه الفرصة لاستعرض بايجاز تطور القطاع المالي للمملكة عبر نصف القـرن المنصرم وأن أشاطركم في الختام بعض الرؤى التي تستشرق مستقبل النظام المالي في المملكة العربية السعودية في العام 2020م.



    إن وجود نظام مالي متطور وفعال هو أحد المتطلبات الأساسية لتحقيق نمو اقتصادي مطرد. فمن خلال عملية الوساطة المالية بين المدخرين والمستثمرين وبين المقرضين والمقترضين، يشجع النظام المالي الادخار والاستثمار ، ويحث أيضاً على التوجيه الأمثل للأموال المتوفرة للاستثمار. علاوة على ذلك، فإنه يقدم مجموعة من الخدمات المالية الأخرى مثل تحويل الأموال، والضمانات، وإدارة المخاطر، والتخطيط المالي، وإدارة الاستثمار، والخدمات الاستشارية، التي أصبح المجتمع بحاجة متزايدة لها في العصر الحالي.



    وكنتيجة لرفع القيود وإزالة المعوقات في عدد كبير من الاقتصادات وخاصة النامية منها والتطورات السريعة في تقنية المعلومات ووسائل الاتصالات، فتح الاندماج العالمي للأسواق المالية، خلال العقدين الماضيين، آفاقاً جديدة لحشد الموارد المالية وتوظيف الأموال المتوفرة للاستثمار بفاعلية أكثر. إلا أن تزايد الإندماج المالي، في الوقت نفسه، أوجد مخاطر وتحديات جديدة. فعلى سبيل المثال، رغم أن التدفقات الرأسمالية الكبيرة قد تخفف من التمويل الخارجي لبلد ما، إلا أنها قد تؤثر أيضاً بصورة سلبية وحادة على استقراره الاقتصادي من خلال تأجيج التضخم ورفع أسعار الصرف الحقيقية إلى مستويات عالية لا يمكن دعمها، وبممارسة تأثير مربك جداً في حالة السحب المفاجئ للأموال نتيجة التحولات في ميول واتجاهات السوق التي لا تواكبها تغيرات مقابلة في الأسس الاقتصادية للبلد المضيف. إضافـة إلى ذلك فإن الصدمات التي تحدث في سوق ما يمكن أن تنتشر بسهولة إلى أسواق أخرى على غرار ما حدث في آسيا في الفترة 97-1998م. ولذلك مـن الضروري أن يكون النظام المالي المحلي قوياً على نحو ملائم لمواكبة المخاطر المرتبطة بعملية العولمة بوجه عام والاندماج العالمي للأسواق المالية بوجه خاص.



    لقد أنشأت المملكة العربية السعودية عبر السنوات الماضية نظاماً مالياً قوياً يهدف إلى خدمة الاقتصاد بفاعلية. ويقوم النظام على قاعدة عريضة تضم مجموعة من المؤسسات التي تقدم مجموعة واسعة من الخدمات المالية للمدخرين والمستثمرين. وهو نظام يتسم بقدر كبير من الكفاءة واستخدام التقنية الحديثة، ويخضع لرقابة صارمة ويعمل وفق أسس سليمة. وقد أثبت هذا النظام قوته و مرونته خلال أزمة الخليج في مطلع التسعينات الميلادية وكذلك الأزمات المالية الأخيرة التي حدثت في آسيا وروسيا والبرازيل والارجنتين وتركيا. وظل خلال تلك الأحداث الأخيرة متماسكاً ومستقراً.



    و يضم النظام المالي السعودي بوجه عام المؤسسات المالية والمصرفية وسوق رأس المال. وتشمل هذه المؤسسات بصورة رئيسة مؤسسة النقد العربي السعودي، وأحد عشر مصرفاً (بما فيها فرع بنك الخليج الدولي) وخمس مؤسسات إقراض متخصصة. علاوة على ذلك، هناك 38 مؤسسة للصيرفة، تزاول بصورة رئيسة عمليات بيع وشراء النقد الأجنبي، ومؤسسات حكومية مستقلة تشمل مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وعدد كبير من وكلاء شركات التأمين الأجنبية بالإضافة إلى الشركة الوطنية للتأمين التعاوني التي تمارس مختلف أنواع التأمين، كالتأمين الطبي والتجاري ومختلف خدمات التأمين المرتبطة بالمستهلكين. وهناك أيضاً بضـع شركات صغيرة للتأجير المنتهي بالتمليك وإقراض المستهلكين. ويتكون سوق رأس المال من سوق الأوراق المالية الحكومية وسوق الأسهم، وسوق سندات دين الشركات التي ظهرت مؤخراً.



    مؤسسة النقد العربي السعودي

    تتبوأ مؤسسة النقد العربي السعودي، وهي المصرف المركزي للمملكة، قمة النظام المالي السعودي. ومضى على تأسيسها خمسون سنة، حيث أنشئت بتاريخ الخامس والعشرين من شهر رجب 1371هـ الموافق 20 إبريل 1951م. ومارست منذ إنشائها دوراً حيوياً في توطيد وتنمية الاقتصاد السعودي من خلال تطوير نظام نقدي للبلاد يرتكز على إصدار وإدارة العملة الوطنية، وتعزيز نمو النظام المالي وضمان استقراره، والمحافظة على استقرار الأسعار المحلية وسعر الصرف. وبالإضافة إلى كونها مصرف الحكومة، تقوم المؤسسة بإدارة احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.



    ولم يكن للمملكة عند إنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي نظام نقدي خاص بها. حيث كانت العملات الأجنبية تتداول في المملكة كوسائل للدفع إلى جانب النقود الفضية السعودية. ولم تكن الأوراق النقدية السعودية قد صدرت حينئذ. وكان يتعين تنفيذ المعاملات الكبيرة بالنقود الذهبية الأجنبية أو بكميات كبيرة من الريالات الفضية السعودية وأحياناً بعملات ورقية أجنبية. ومع تزايد إنتاج النفط، وارتفاع الدخل وحجم المدفوعات، فقد ازداد الطلب على النقد بقدر كبير و أصبح التعامل بالنقود الفضية والذهبية بالكميات المطلوبة أمراً يصعب تحقيقه. من جهة أخرى، لم يكن هناك سعر صرف ثابت بين النقود الفضية السعودية والنقود الذهبية الأجنبية وتقلبت أسعار الصرف بينهما بشكل واسع.



    وتولت مؤسسة النقد العربي السعودي فور إنشائها مسؤولية المحافظة على سعر صرف الريال الفضي السعودي مقابل الدولار الأمريكي ضمن هامش حددته الحكومة. وفي نفس الوقت أكملت المؤسسة النظام النقدي الوطني للبلاد بإصدارها نقود ذهبية سعودية وإلغاء تداول العملات الأجنبية. وبعد مرور عام على إنشائها، بدأت بإصدار " إيصالات الحجاج" لإعفاء الحجاج من عبء حمل العملة المعدنية الثقيلة الوزن. ولقيت هذه الإيصالات قبولاً بوجه عام في جميع أرجاء المملكة ومهدت الطريق لإصدار الأوراق النقدية السعودية اعتباراً من غرة محرم 1381 هـ الموافق (14 يونية 1961م). واعتباراً من ذلك التاريخ، أوقف التعامل بالنقود الذهبية والفضية وإيصالات الحجاج. وهكذا، وفي غضون ثمانية أعوام ونصف من إنشاء المؤسسة، لم يتم إقامة نظام نقدي وطني فحسب، بل تحولت المملكة من نظام قاعدة المعدنين الذهب والفضة إلى نظام العملة الورقية.



    وكانت المهمة الأخرى التي أولتها مؤسسة النقد العربي السعودي اهتماماً فورياً بعد تأسيسها هي تشجيع نمو الجهاز المصرفي، حيث لم تكن هناك مصارف سعودية حينئذٍ وكانت الأعمال المصرفية تمارس على الغالب بواسطة مصارف أجنبية. ومع التوسع في النشاط الاقتصادي، زادت الحاجة بشكل كبير للخدمات المصرفية، فسمحت المؤسسة بفتح المزيد من المصارف في المملكة. ورغبة في إضفاء صبغة وطنية على النظام المصرفي، ولتعزيز قاعدة رأسماله، تبنت المؤسسة خلال الفترة 1396-1402هـ الموافق (76-1982م) تنفيذ برنامج لسعودة المصارف الأجنبية حيث طُلب منها أن تتحول إلى شركات مساهمة تطرح أسهمها للاكتتاب العام على أن تكون غالبية حقوق الملكية لمساهمين سعوديين. ويوجد الآن أحد عشر مصرفاً (بما فيها فرع بنك الخليج الدولي)، منها ثمانية مصارف بمشاركة سعودية-أجنبية، وتدير هذه المصارف 1201 فرعاً حتى نهاية النصف الأول من عام 2002 منتشرة في جميع أرجاء المملكة. كما تم السماح مؤخراً لثلاثة مصارف خليجية بفتح فروع لها في المملكة وهي: بنك الإمارات الدولي، وبنك البحرين الوطني، وبنك الكويت الوطني. وحرصت مؤسسة النقد العربي السعودي على قيام المصارف بأداء أعمال لها على أسس سليمة. وأناط نظام مراقبة البنوك، الصادر عام 1386هـ الموافق (1966م)، صلاحيات رقابية واسعة للمؤسسة، تتضمن أحكاماً صارمة بشأن كفاية رأس المال، ومتطلبات السيولة والاحتياطي، وتركز القروض وغير ذلك من الأمور الرقابية. وينص النظام على أنه يتعين على المصارف تزويد المؤسسة ببيانات مالية وإحصائية دورية، وأن تمارس المؤسسة مهام الإشراف والرقابة المصرفية سواءً من داخل المصارف أو من خارجها.



    وأنشأت المؤسسة بالتعاون مع المصارف التجارية عدداً من أنظمة المدفوعات والتسويات المتقدمة و المتطورة، وتشمل غرف المقاصة الآلية، وشبكة المدفوعات السعودية (SPAN) التي تساند أجهزة الصرف الآلية والنهايات الطرفية لنقاط البيع، والنظام الآلي لتداول الأسهم (TADAWUL). وتم ربط هذه الأنظمة مع بعضها بواسطة النظام الآلي للتحويلات المالية السريعة(SARIE) الذي بدأ تشغيله في محرم 1418هـ الموافق (مايو 1997م). ويقوم نظام سريـع بتسوية صافي مراكز عمليات المقاصة، ونظام تداول الأسهـم ونظام الصرف الآلي. كذلك يسمح للمصارف بإجراء المدفوعات و استلامها مباشرة من حساباتها لدى المؤسسة فوراً، وإجراء قيود العمليات لحساب المستفيد وتحويل الأموال بنفس اليوم.



    وساعدت هذه التطورات التقنية بشكل كبير في تحسين مستوى الجودة النوعية لخدمة العملاء، وتخفيض النفقات، وتعزيز الفاعلية، وتقوية الضوابط الرقابية. كما أوجدت قاعدة تقنية متقدمة وآمنة لتحقيق قفزة نوعية في الخدمات المصرفية والمالية الآلية خلال الألفية الجديدة.



    وساهمت مؤسسة النقد العربي السعودي من خلال السياسة النقدية بشكل فعَّال في نمو الاقتصاد السعودي بتوفيرها بيئة تمتاز بالاستقرار النقدي والمالي. حيث تهدف السياسة النقدية إلى المحافظة على استقرار الأسعار المحلية وأسعار صرف الريال. وتحقيقاً لهذا الغرض، فقد حرصت المؤسسة دائماً على توجيه سياستها النقدية بالتنسيق مع السياسة المالية. ولتعزيز استقرار الأسعار المحلية، تتخذ المؤسسة تدابير لضمان نمو السيولة المحلية بوجه عام بما يتناسب مع النمو في المعروض من السلع والخدمات في الاقتصاد. وللمحافظة على استقرار سعر صرف الريال، تراقب المؤسسة سوق الريال بصورة وثيقة لضمان عمله بسلاسة، وتتخذ تدابير تصحيحية في حالة حدوث نشاطات لها أثر سلبي على عمل السوق.



    ومما يدعو للغبطة أن المؤسسة استطاعت تحقيق هذين الغرضين من خلال سياستها النقدية. فقد ظل متوسط معدل التضخم السنوي منخفضاً جداً خلال السنوات الست عشرة الماضية. كما تمت المحافظة على سعر صرف الريال خلال نفس الفترة عند 3.75 ريال مقابل الدولار الأمريكي، بينما تحرك سعر الصرف مقابل العملات الرئيسة الأخرى ضمن حدود معقولة. وساهمت هذه السياسة، واستمرار المحافظة على قابلية التحويل الكامل للريال السعودي منذ عام 1381هـ الموافق (1961م)، وعدم وجود قيود على المدفوعات من وإلى المملكة، في إيجاد بيئة مستقرة للنشاط الاقتصادي للقطاع الخاص وتشجيع تدفق رأس المال من الخارج للاستثمار محلياً. كما إهتمت المؤسسة بتوفير السيولة الكافية لدى المصارف لتلبية الاحتياجات الائتمانية لكافة قطاعات الاقتصاد. وتقوم المؤسسة عند الحاجة بتقديم السيولة النقدية اللازمة للمصارف من خلال تسهيلات إتفاقيات إعادة الشراء (Repo)، والمقايضة في سوق النقد الأجنبي، وتوظيف الودائع.



    المصارف التجارية

    تطور النظام المصرفي السعودي ليصبح واحداً من أكثر الأنظمة سلامة وكفاءة في العالم. وبدأت نشأته مع اكتشاف النفط في عام 1359هـ الموافق 1939م والارتفاع اللاحق في إيرادات النفط في أعقاب الحرب العالمية الثانية. ففي ذلك الوقت، تم السماح لعدد كبير من المصارف الأجنبية بفتح فروع لها في المملكة، وهي بنك هولندا العام، وبنك الهند-الصينية، والبنك العربي المحدود، والبنك البريطاني للشرق الأوسط، والبنك الأهلي الباكستاني، بالإضافة إلى عدد من الصيارفة المحليين.



    وبدأ النظام المصرفي مساره الحديث مع نشأة مؤسسة النقد العربي السعودي في عام 1371هـ الموافق (1951م). وفي العام التالي تم السماح لعدد من المصارف الأجنبية الجديدة بفتح فروع لها بالمملكة، كما تم ترخيص إنشاء مصرفين محليين كبيرين هما البنك الأهلي التجاري وبنك الرياض.



    وفي فترة الستينات تركز الاهتمام على وضع وصياغة الأنظمة واللوائح المصرفية في ظل اتساع الأعمال المصرفية وقبول المملكة إمكانية تحويل الريال بالكامل في عام 1961م. وتم في عام1386هـ الموافق (1966م) إصدار نظام مراقبة البنوك الذي منح مؤسسة النقد العربي السعودي صلاحيات رقابية واسعة. وخدم هذا النظام المملكة بصورة جيدة لما يربو عن ثلاثة عقود لأنه تضمن أحكاماً صارمة بخصوص كفاية رأس المال، والسيولة ومتطلبات الاحتياطي، وتركز القروض وغير ذلك. وينص النظام على أنه يتعين على المصارف تقديم بيانات وإحصائيات مالية دورية للمؤسسة وأن تمارس المؤسسة الرقابة المصرفية من داخل المصارف وخارجها.



    وتميز عقد السبعينات الميلادية بأنه مرحلة النمو السريع للنظام المصرفي وتوطيده حيث نمت خلال هذه الفترة أصول المصارف من 3 مليار ريال إلى 93 مليار ريال، و ارتفعت الودائع من 2 مليار ريال إلى 68 مليار ريال. وأعلنت الحكومة، خلال نفس العقد، وعلى التحديد في عام 1976م، عن سياسة هامة بخصوص المشاركة السعودية في المصارف الأجنبية. واقتضى ذلك تحويل فروع المصارف الأجنبية إلى شركات مساهمة تتداول أسهمها مـن قبل الجمهورعلى أن تكون غالبية حقوق الملكية لمساهمين سعوديين. وأدى هذا البرنامج، الذي تم تطبيقه تدريجياً خلال فترة ثمانية أعوام، إلى تعزيز رأسمال المصارف إلى المستوى الملائم لمواكبة التوسع الكبير في المتطلبات المتزايدة للأعمال المصرفية، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للاستفادة من الخبرات والتقنية الأجنبية. كما استفادت المصارف الأجنبية لإمكانية حيازتها لحصص كبيرة في المصارف المحلية بالإضافة إلى حصولها على عقود الإدارة. وبحلول العام 1980م، كان لعشرة مصـارف، من أصل 12 مصرفاً في المملكة، حصة مشاركة أجنبية كبيرة، وارتفع عدد فروع المصارف إلى 247 فرعاً.



    وكانت فترة الثمانينات محك الاختبار الحقيقي لقوة ومرونة النظام المصرفي والقدرات الرقابية لمؤسسة النقد العربي السعودي. فمع هبوط أسعار النفط في بداية عقد الثمانينات من مستوياتها التي كانت سائدة، واستمرارها بالانخفاض خلال ذلك العقد، تراجعت إيرادات الحكومة بدرجة كبيرة من 368 مليار ريال في عام 1981 إلى 104 مليار ريال في عام 1987. وأحدث هذا الانخفاض ضغوطاً كبيرة على نوعية أصول المصارف التي تدهورت مع تباطؤ النمو. وعانت المصارف من القروض المتعثرة مما أدى إلى انخفاض أرباحها.



    ولتصحيح الوضع بادرت الحكومة، ممثلة في مؤسسة النقد العربي السعودي، بإتخاذ عددٍ من التدابير، شملت طلب موافقة مسبقة من المؤسسة للإعلان عن توزيع الأرباح ليتسنى للمصارف تكوين احتياطيات، وتمديد فترة الإعفاء الضريبي، وتخفيضات ضريبية لتغطية مخصصات الديون المعدومة، وتحسين كفاءة الإدارة السليمة للشركات، وتعزيز إجراءات إدارة المخاطر في المصارف، وإنشاء لجنة تسوية المنازعات المصرفية. وأدخلت المؤسسة عدداً من الأنظمة التقنية المتقدمة وتشمل نظام عمليات المقاصة الآلية، وأجهزة الصرف الآلي واستخدام نظام سويفت. وقد أدت هذه الأنظمة إلى تحسين كفاءة الأعمال المصرفية وتعزيز الخدمات المالية وتفعيل الضوابط الإشرافية. وزاد عدد فروع المصارف بنهاية النصف الأول 2002م نحو خمسة أضعاف من 247 فرعاً إلى 1201 فرعاً، وارتفع عدد العاملين فيها بما يربو على الضعفين من حوالي 11000 موظف إلى ما يقارب 25000 موظف.



    توافقت بداية فترة التسعينات الميلادية مع نشوب أزمة الخليج. فقد أدت هذه الأزمة إلى إقبال شديد على سحب الودائع المصرفية وتحويلها إلى نقد سائل كإجراء احترازي وتحويل الأموال إلى الخارج مما أحدث مشكلة سيولة حـادة للمصارف. غير أن مؤسسة النقد بادرت فوراً لتصحيح الوضع بتزويد المصارف بالأموال اللازمة بالعملة المحلية والنقد الأجنبي. وعلى الفور عادت الثقة للسوق النقدية مجدداً، وبدأت الأموال بالتدفق إلى النظام المصرفي وتوقف تدفق الأموال إلى الخارج، بل عادت الأموال بالتدفق إلى الداخل.



    وبعد انتهاء أزمة الخليج، حدث انتعاش في الاقتصاد، وشهد النشاط المصرفي نمواً سريعاً. ولم تؤثر التقلبات المفاجئة في أسعار النفط والأوضاع الدولية الصعبة، بما في ذلك الأزمة المكسيكية في عام 1994م وأزمة دول جنوب شرق آسيا في عام 1997م، على زخم نمو المصارف السعودية وربحيتها.



    واستمرت عملية توطيد النظام المصرفي على نحو أفضل مع اندماج بعض المصارف. ففي عام 1997م تم اندماج بنك القاهرة السعودي والبنك السعودي التجاري المتحد تحت اسم البنك السعودي المتحد الذي اندمج بدوره فيما بعد مع البنك السعودي الأمريكي في عام 1999م. وتنفيذاً لقرار المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المتعلق بالسماح للمصارف الوطنية العاملة في دول المجلس بفتح فروعٍ لها في الدول الأعضاء، ولزيادة المنافسة، تم منح عدة تراخيص لمصارف خليجية لفتح فروع لها في المملكة وهي: بنك الخليج الدولي، وبنك الامارات الدولي، وبنك البحرين الوطني لفتح فروع لها بالرياض، وبنك الكويت الوطني في جدة.



    ويعمل حالياً 11 مصرفاً في المملكة (بما فيها فرع بنك الخليج الدولي)، منها 8 مصارف سعودية-أجنبية مشتركة، ولها 1201 فرعاً حتى نهاية النصف الأول من عام 2002م منتشرة في أرجاء المملكة. وهي تمارس نشاطها بأسلوب العمل المصرفي الشامل وتقدم مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات بما فيها الخدمات المصرفية للأفراد والشركات، والاستشارات في مجال الاستثمار، وتسهيلات الوساطة المالية، وعمليات المشتقات الاستثمارية بالإضافة إلى خدمات أخرى كبطاقات الائتمان وعمليات أجهزة الصرف الآلي وطرفيات نقاط البيع. علاوة على ذلك، تقوم المصارف بطرح وإدارة عدد متزايد من صناديق الاستثمار المشتركة. وخلال الفترة (1990 – النصف الأول 2002م) زادت أصول المصارف بنسبة 113 في المئة، وودائعها بنسبة 104 في المئة، ورأسمالها واحتياطياتها بنسبة 169 في المئة. وبوجه عام بلغت نسبة متوسط رأسمالها إلى الموجودات المرجحة المخاطر بنهاية الربع الأول 2002م نسبة 18.7 في المئة وهي أعلى بقدر كبير من نسبة 8 في المئة التي أوصت بها لجنة بازل التابعة لبنك التسويات الدولية.



    لقد أعطت الحكومة أولوية كبيرة لتدريب وتنمية الموارد البشرية الوطنية والاستفادة منها. وقامت المصارف السعودية باستثمارات كبيرة في مجال تدريب السعوديين بتصميم برامجها التدريبية الخاصة بها والاستفادة أيضاً من المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي. ونتيجة لذلك، تمت حتى الآن سعودة نسبة 72 في المئة من عدد العاملين في النظام المصرفي السعودي.



    ومارست المصارف السعودية دوراً هاماً ومتزايداً في دعم نمو الاقتصاد السعودي في الأعوام الأخيرة. وقامت خلال الفترة (1990- 2001م) بتصفية جزء كبير من موجوداتها الأجنبية لتلبية الطلب المحلي المرتفع على الائتمان، وبذلك ارتفع الائتمان المحلي من نسبة 37 في المئة من إجمالي أصول المصارف إلى نسبة 68 في المئة أو من نسبة 22 في المئة إلى 46 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.



    وتساهم المصارف السعودية في جهود التنمية التي تبذلها الحكومة وذلك من خلال الاستثمار في الأوراق المالية الحكومية. وارتفعت استثمارات المصارف في الأوراق المالية الحكومية من نسبة 6 في المئة من إجمالي موجوداتها في عام 1990م إلى نسبة 25 في المئة في نهاية النصف الأول من عام 2002م. وبذلك وصلت السيولة التي تضخها المصارف في الاقتصاد الوطني إلى حوالي 115 في المئة من إجمالي الودائع. وتوفر الأوراق المالية الحكومية مزايا جذابة تشمل زيادة فرص الحصول على تسهيلات إعادة الشراء (REPO) التي تقدمها مؤسسة النقد العربي السعودي، وعائدات جيدة، ومرونة أكثر بالنسبة للأذونات ذات العائد العائم.



    مؤسسات الإقراض المتخصصة

    تشكل مؤسسات الإقراض المتخصصة قطاعاً مهماً من النظام المالي السعودي. وهي تشمل: صندوق التنمية الصناعية السعودي، والبنك الزراعي العربي السعودي، وصندوق التنمية العقارية، وصندوق الاستثمارات العـامة، وبنك التسليف السعودي. ومارست المؤسسة دوراً هاماً في إنشاء هذه المؤسسات العامة في مطلع السبعينات الميلادية من القرن الماضي (باستثناء البنك الزراعي العربي السعودي الذي أنشئ في مطلع الستينات الميلادية). وتقدم هذه المؤسسات القروض الطويلة الأجل لقطاعات حيوية من الاقتصاد مثل الصناعة، والزراعة، والتنمية العقارية والمهن الحرة وتلبية الاحتياجات الاجتماعية مما يشجع النمو القطاعي وتنويع الاقتصاد. ومارست هذه المؤسسات ومازالت تمارس أدواراً هامة في تعزيز النمو ودعم تلك القطاعات، حيث بلغ إجمالي قروضها المنصرفة منذ تأسيسها وحتى نهاية الربع الأول من عام 2002م حوالي 289 مليار ريال. وبعد صدور نظام الاستثمار الأجنبي الجديد لتشجيع الاستثمارات الأجنبية، سيقوم صندوق التنمية الصناعية السعودي بتقديم قروض لمشاريع ذات ملكية أجنبية بالكامل. وبالنسبة لصناديق التأمينات الاجتماعية، فإن مصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هما الجهتان المعنيتان بهذه الخدمات بالنسبة للعاملين في القطاعين الحكومي والخاص. ونظراً لتنامي عدد سكان المملكة وتزايد عدد العاملين من الشباب، بحيث تفوق مدفوعات الاشتراكات مدفوعات التعويضات فسيستمر نمو الأموال التي تديرها هاتان المؤسستان لعدة سنوات قادمة. وتمثل هذه الأموال مصدراً كبيراً للمدخرات الوطنية.



    سوق رأس المال

    بالإضافة إلى توسع دور القطاع المصرفي، بذلت الحكومة جهوداً لتطوير سوق رأس المال، وخاصة سوق الأسهم. وقد بدأ تداول الأسهم بالمملكة العربية السعودية في عام 1935م. وفي منتصف الثمانينات وضعت الحكومة كافة عمليات تداول الأسهم تحت إشراف مؤسسة النقد العربي السعودي، وفُوضت المصارف التجارية بممارسة أعمال الوساطة في تداول الأسهم. وشهدت سوق الأسهم تطوراً كبيراً بإدخال نظام تداول (TADAWUL) في أكتوبر 2001م.



    وشهدت سوق الأسهم نمواً كبيراً خلال الفترة (1990-2001م). فقد زاد عدد الأسهم المتداولة بحوالي 4000 في المئة، وقيمة الأسهم المتداولة بحوالي 1800 في المئة، واستثمر ما يزيد عن 1.6 مليون فرد في أسهم الشركات المساهمة السعودية، أي ما يربو عن نسبة 10 في المئة مـن المواطنين، (وقد بلغت القيمة السوقية للأسهم المصدرة بنهاية النصف الأول من عام 2002م نحو 308 مليار ريال). وفي الوقت نفسه، نمت صناعة صناديق الاستثمار بشكل كبير وبلغ متوسط معدل النمو السنوي لعدد المشتركين فيها نسبة 23 في المئة خـلال الفـترة (1992- 2001م). وارتفع عدد الصناديق المطروحة من 52 صندوقاً إلى 138 صندوقاً، وزاد إجمالي أصولها الاستثمارية من 4ر12مليار ريال إلى 50 مليار ريال خلال تلك الفترة. ويشهد أيضاً سوق سندات التنمية الحكومية وأذونات الخزانة توسعاً تدريجياً وبات ظهور سوق لسندات الشركات مطلباً حتمياً.



    تعد المملكة العربية السعودية بين الدول الرائدة في العالم، إن لم تكن الأولى، في إنشاء سوق آلية بالكامل للأسهم، فقد مكننا إدخال النظام الآلي لتداول الأسهم (ESIS) في عام 1990 من معالجة الطلبات بدءاً من إدخالها وحتى تسجيلها النهائي في نفس يوم التداول. واستمر التطور حيث شهد العام الماضي إدخال بنية أساسية فنية جديدة لدعم عمليات السوق تتمثل في "TADAWUL" وهو نظام متكامل لتجارة الأسهم يتم بموجبه إتمام الصفقات والتسوية والمقاصة بشكل فوري. وتتيح هذه التقنية للمستثمرين الفرصة للاستثمار بكل راحة ويسر من منازلهم أو مكاتبهم عن طريق شبكة الانترنت. وتم أيضاً تعزيز شفافية السوق حيث تقوم الجهات المصدرة للأسهم بنشر بياناتها الدورية، كالبيانات المالية بواسطة شبكة الانترنت.



    وتقوم المملكة الآن بتطوير التقنية التي ستمكن مبدئياً المستثمرين في أي من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتداول الأسهم في أي من أسواق دول المجلس بدون عائق، مما سيشجع التدفقات عبر الحدود داخل المنطقة والإبقاء على المدخرات واستثمارها فيها. ورغم ما حققه سوق رأس المال من نمو ومنجزات تقنية متقدمة، إلا أن التحديات الباقية كثيرة، وفي مقدمتها التحويل الفعال للمدخرات المالية الخاصة إلى الاقتصاد بواسطة سوق رأس المال.



    وبينما تشجع المملكة الإدخارات والاستثمارات المحلية والإقليمية، فإنها تدرك أيضاً أن رأس المال الأجنبي يمكن أن يمارس دوراً هاماً في تسريع النمو الاقتصادي. وصدر في عام 2000م نظام استثمار أجنبي جديد ليمهد الطريق للشركات الأجنبية للقيام باستثمارات مباشرة في معظم القطاعات الاقتصادية للبلاد سواء بمشاركة محلية أو بمفردها. وتُتخـذ أيضاً إجراءات لفتح سوق الأسهم تدريجياً أمام الأجانب. وقد تم السماح للأجانب في عام 1997م للاشتراك في سوق الأسهم السعودية من خلال صندوق الاستثمار السعودي (سيف) والمدرج في بورصة لندن. ومنذ نوفمبر 1999م سُمح للأجانب أيضـاً بالاشتراك في سوق الأسهم السعودية من خلال صناديق الاستثمار المفتوحة التي تطرحها المصارف السعودية. ويسمح لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي الاشتراك مباشرة في سوق الأسهم السعودية.



    ولا توجد قيود على استثمارات الأجانب في الأوراق المالية الحكومية (مثل أذونات الخزينة، والأذونات ذات العائد العائم، وسندات التنمية الحكومية). وتتيح الأوراق المالية الحكومية مجموعة واسعة من فترات الاستحقاق لتسهيل اختيار الحقيبة الاستثمارية الملائمة وإدارة السيولة. وتتراوح فترات استحقاق أذونات الخزينة من أسبوع إلى 52 أسبوعاً. وبالنسبة للآجال الأطول تتوافر سندات التنمية الحكومية لفترات استحـقاق تتراوح بين 2 إلى 10 سنوات والأذونات ذات العائد العائم لفترات استحقاق من 3 إلى 7 سنوات. والهدف من طرح الأذونات بعائد عائم (في عام 1997م) وأذونات الخزينة لاستحقاق لمدة أسبوع (في عام 1999م) تعميق سوق الأوراق المالية الحكومية وتشجيع التداول في السوق الثانوية.



    النظام المالي السعودي والاتجاهات العالمية

    يبدو أداء النظام المالي السعودي مطمئناً أكثر إذا نُظر إليه في سياق التطورات والاتجاهات في الأسواق المالية العالمية. فقد تحولت بنية هذه الأسواق خلال العقد الماضي بسبب بعض القوى المهيمنة والمتفاعلة مثل تحرر الأسواق المالية، الذي ساعد على تدفق الأموال عبر الحدود لتوظيفها بشكل مجزٍ، ورفع القيود عن صناعة الخدمات المالية الذي أدى إلى إضعاف الحدود التقليدية بين مختلف أنواع الوسطاء الماليين وفي بعض الأحيان انحسارها تماماً، وعولمة المؤسسات المالية مما مكنها من توسيع دورها الوسيط على المستوى العالمي، والنمو السريع المذهل في تقنيات المعلومات والاتصالات والحاسب الآلي.



    فقد أوجدت هذه الاتجاهات العالمية بيئة مالية عالمية أكثر حيوية وارتباطاً وتقلباً مع تزايد المخاوف من اضطراب الأسواق والمؤسسات العاملة فيها. وبالتالي، تطلب ذلك تركيزاً أكبر وتمحيصاً أدق على ممارسات إدارة المخاطر للقطاع المالي. ويقوم المشرفون الدوليون في أسواق الخدمات المصرفية والأوراق المالية والتأمين من وقتٍ لآخر بإصدار معايير عالمية جديدة، ومبادئ وإرشادات عن أفضل الممارسات التي ينبغي مراعاتها من جانب المصارف والمؤسسات المالية الأخرى.



    لقد كان سجل المملكة العربية السعودية إزاء هذه الاتجاهات العالمية المشار إليها جيداً للغاية. فقد ظل نظامها المالي دائماً متحرراً من القيود حتى في الفترات التي مارست فيها معظم دول العالم رقابةً على النقد. ونهجت المملكة طوال تاريخها سياسة حرية انتقال رأس المال دون قيود.



    ومارست المؤسسات المالية السعودية عملها من البداية في بيئة حرة من القيود. وسمح نظام مراقبة البنوك الصادر في عام 1966م للمصارف بنهج أسلوب العمل المصرفي الشامل. وبالتالي استطاعت المصارف تقديم كافة الخدمات المصرفية التقليدية كما كان بإمكانها أيضاً ممارسة الوساطة بالأسهم، وإدارة صناديق الاستثمار، وتقديم الاستشارات في مجال الاستثمار وغير ذلك. وسُمح للمصارف السعودية حديثاً بتقديم منتجات التأمين والاستثمار في شركات التأجير المتخصصة. وساند هذا التحول في نشاط المصارف لتكون مراكز خدمات مالية شاملة البنية الرقابية المالية بالمملكة التي تعمل تحت سقف واحد، فمؤسسة النقد العربي السعودي هي الجهة الرقابية على المصارف وكذلك على سوق الأسهم. وقد ضمن حـرص المؤسسة أن تكون المصارف الجهة الرئيسة التي تقدم الخدمات، عدم حدوث كوارث أو أزمات مالية حادة بسبب انهيار مؤسسات مالية ضعيفة، أو متحايلة، أو غير خاضعة لرقابة جيدة على غرار ما حدث في كثير من البلدان.



    لقد كان النظام المالي السعودي منذ نشأته الأولى مواكباً لعملية العولمة بسبب وجود كثير من المؤسسات المالية من دول متقدمة ونامية على حد سواء. وحتى الآن، تعمل ثمانية مصارف من أصل أحد عشر مصرفاً في المملكة بمشاركة أجنبية، منها ستة مصارف دولية لها حضور هام من حيث المشاركة بالملكية وعقود الإدارة. وساهمت هذه العلاقات في عملية نقل التقنية، وتطوير منتجات وخدمات جديدة والتقدم في ممارسات إدارة المخاطر.



    ولم تتخلف المملكة العربية السعودية عن تزويد نظامها المالي بأحدث التقنيات المتاحة. وبفضل ما قامت به مؤسسة النقد العربي السعودي من مبادرات، أصبحت السوق المالية السعودية إحدى الأسواق الناشئة الأكثر تقدماً وأماناً من حيث التقنية. وكما ذُكر سابقاً، أصبح لدى المملكة نظام آلي محكم للمقاصة والمدفوعات مكن المصارف السعودية من أداء أعمالها وفق الممارسات المصرفية العالمية.



    وتشترك المملكة بصورة نشطة في جميع المنظمات والمنتديات الدولية المعنية بسلامة الأسواق المالية العالمية. ولها تمثيل جيد في المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وبنك التسويات الدولية، ولجنة بازل للرقابة المصرفية، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، ومجموعة العشرين. وأرست المملكة على الصعيد المحلي نظاماً احترازياً قوياً شجع منـذ نشأته، مستويات عالية لكفاية رأس المال والسيولة ومتطلبات الاحتياطي المصرفي. وشـددت الحكومة السعودية على مفهوم الإدارة السليمة والنـزيهة للشركات حيث يتوقع من مديري المؤسسات المالية ممارسة دور إشرافي هام وإظهار مستويات رفيعة من المسؤولية والنـزاهة. وكان للمملكة دور رائد في تشجيع المصارف في اعتماد معايير المحاسبة الدولية وتلبية متطلبات الشفافية والإفصاح الأكثر صرامة.

    يتبع

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    16-Mar-2003
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    11,961
    السياسات الإرشادية

    ركزت المملكة بصورة مستمرة على بناء نظام مالي سليم ومستقر وموثوق به. وظل هذا الاهتمام القوة المحركة الرئيسة لسياستها وإجراءاتها في هذا المجال. وتتلخص الحوافز الرئيسة لهذه السياسات التي وجهت تطور النظام المصرفي حتى الآن، وستظل كذلك مستقبلاً، فيما يلي :

    أولاً : إيجاد سوق مالية مفتوحة ومتحررة مع حدٍ أدنى من القيود على التدفق الحر لرأس المال.

    ثانياً: إيجاد نظام مصرفي قوي وسليم لدعم النمو الاقتصادي المستديم. ولذلك فقد ضمنت السياسات المعتمدة إنشاء إطار تنظيمي وإشرافي محكم أدى بدوره إلى إرساء نظام مصرفي يتمتع بالملاءة والقوة.

    ثالثاً: تشجيع المنافسة العادلة في تقديم الخدمات المالية والمصرفية مع وجود خيارات كثيرة أمام العملاء. وبهذا الخصوص، ضمنت السلطات وجود عدد كافٍ من المؤسسات المالية الحيوية في البلاد، مع إمكانية الوصول إلى مصارف إقليمية ودولية ومقدمي الخدمات المالية الأخرى في الخارج.

    رابعاً: السماح لمصارف أجنبية ومساهمين أجانب بالمشاركة في النظام المصرفي بالمملكة والاستفادة منهم. و حرصت السياسة الحكومية خلال الأعوام الماضية على أن تساهم المشاركة الأجنبية في نمو اقتصاد المملكة، وتحقيق الاستفادة القصوى من خلال نقل التقنية، وتدريب الموارد البشرية الوطنية وتحسين ممارسات إدارة المخاطر وغيرها.

    خامساً: ضمان أن تظل السوق المالية السعودية في وضع رائد في مجال تقنية المعلومات والاتصالات.

    سادساً: تشجيع نهج أسلوب العمل المصرفي الشامل، حيث يمكن تقديم معظم الخدمات المالية بواسطة المصارف التي تتصف بالإدارة الجيدة والإشراف الفاعل، وتحظى برؤوس أموال كبيرة ولها شركاء أجانب يتمتعون بالثقة وأقوياء.

    سابعاً: مواصلة تبني وتطبيق المعايير والمبادئ والممارسات العالمية بصرامة بهدف تقوية النظام المالي.

    ثامناً: إعطاء أولوية لتطوير وتوظيف الموارد البشرية الوطنية. وتمت حتى الآن سعودة نسبة 72 في المئة من العاملين في النظام المصرفي السعودي. وتواصل المصارف استثماراتها المكثفة في تدريب السعوديين من خلال برامجها التدريبية الخاصة، وتعتمد أيضاً على المعهد المصرفي التابع لمؤسسة النقد العربي السعودي في الرياض الذي اكتسب سمعة عالمية لتفوقه في مجال التدريب في القطاع المصرفي.



    الرؤية المستقبلية

    يتوقع أن يحقق النظام المالي السعودي مزيداً من النمو وأن يكتسب مزيداً من القوة والكفاءة خلال السنوات القادمة. ولن ينحصر ذلك في توسع إطار المؤسسات فحسب، بل يتوقع حدوث تحسن هام أيضاً في الجودة النوعيـة للخدمات المقدمة من المؤسسات المالية. ولعل القوة المحركة وراء هذا التقدم هي التطورات والاتجاهات العالمية، والعوامل المحلية كالنمـو السكاني السريع، وتنوع الاقتصاد، وتزايد وعي وذوق المستهلكين، وبرامج التخصيص، وتزايد دور القطاع الخاص.



    وتتمتع سوق رأس المال السعودية بقدرات كامنة للمساهمة بصورة كبيرة في النمو الاقتصادي. وتؤكد الأبحاث بقوة بأن أية سوق رأس مال ذات أداء جيد بالنسبة لحجمها وسيولتها، تؤثر إيجابياً في النمو الاقتصادي. ويتم تحقيق ذلك من خلال الجمع بين المدخرين والجهات التي تقوم باستثمار الأموال بطريقة تساند دور المصارف وبذلك تضفي نسقاً متكاملاً للنظام المالي ليتمكن من ممارسة دوره في دعم عملية النمو الاقتصادي.



    ولابد أن تمارس سوق رأس المال دوراً كبيراً في تلبية متطلبات التمويل طويل الأجل لمختلف القطاعات الاقتصادية. ولمواجهة هذا التحدي، تدرس الحكومة صياغة عدد من التشريعات و الأنظمة لتسهيل وتنظيم نمو وأداء القطاع المالي.



    وأهم هذه التشريعات "نظام سوق رأس المال" الذي يهدف إلى توفير إطار قانوني وتنظيمي لتنفيذ كافة النشاطات ذات الصلة بالسوق المالية كتداول الأسهم والسندات والأوراق التجارية وصناديق الاستثـمار وغيرها. وسيحدد هذا النظام الهيكل التنظيمي، ويحدد القواعد، ويضمن المساواة في التعامل لكافة المشاركين في السوق. ووفقاً للمشروع المقترح حالياً سيتم إنشاء هيئة لسوق رأس المال وسوق مستقلة للأوراق المالية. وستتولى الهيئة تنظيم عمل السوق المالية، كما ستتمتع بصلاحيات إصدار التراخيص والرقابة على المؤسسات التي لا تتلقى ودائع، وتنظيم طرح الأسهم للاكتتاب العام.



    وسوف يسهم ترخيص المؤسسات التي لا تتلقى ودائع بزيادة عدد المشاركين في السوق، وطرح مجموعة واسعة من الخدمات للعملاء من الأفراد والشركات. ونتيجة لذلك سوف تواجه مصارفنا القائمة منافسة أكبر في بعض مجالات الأعمال. ولذلك فعليها ألا تكتفي بممارسة نشاطها التقليدي، بل عليها أن تطور دورها ليس كمقرض لقطاع الشركات والأفراد فحسب، بل أن تمارس نشاط الوساطة المالية.



    وعندما يتم تسهيل الدخول إلى سوق رأس المال وأصبح بوسع جميع المؤسسات الحصول على رأس المال، فيجب عليها إدراك حجم التزاماتها. وينبغي على الجهات المصدرة للأسهم التركيز على زيادة صافي أصول المساهمين والحرص على الشفافية الكاملة. وسيؤدي طلب المزيد من الشفافية إلى إحتمالية إنشاء مؤسسة تقييم محلية.



    ومع تزايد استخدام سوق رأس المال، يتوقع أن تزيد نسبة القيمة الرأسمالية لسوق الأسهم الحالية إلى الناتج المحلي الإجمالي المنخفضة نسبياً في الوقت الحاضر من نحو 39 في المئة إلى 100 في المئة خلال السنوات القادمة.



    وقد شهد العام الماضي إدخال بنية أساسية جديدة لسوق رأس المال. ويجري العمل في المرحلة الثانية من تطويرها. وستسهم في تعزيز الخدمات لإتاحة تداول كافة أنواع الأوراق المالية بما فيها حقوق المساهمة، وسنـدات الـدين، وصناديق الاستثمار المشتركة. وستمكن خدمة "TADAWUL" أيضاً المستثمرين في أي من دول الخليج من تداول الأسهم في أي من الأسواق الخليجية. وهذا سيشجع تدفقات رأسمالية بقدرٍ أكبر داخل المنطقة مما يساعد على إبقاء مدخرات المنطقة في استثمارات محلية، وفضلاً عن ذلك، تدرك المملكة العربية السعودية أهمية الدور الذي يمكن أن يمارسه استثمار رأس المال الأجنبي في تسريع النمو الاقتصادي، ولذلك تم إصدار نظام الاستثمار الأجنبي الجديد في عام 2000م ليمهد الطريق للشركات الأجنبية للقيام باستثمارات مباشرة في معظم القطاعات الاقتصادية في البلاد سواء بمشاركة محلية أو بمفردها.



    ومن ناحية أخرى يجري إتخاذ إجراءات لفتح سوق الأسهم تدريجياً للأجانب. فقد سُمح للأجانب في عام 1997م بالاستثمار في سوق الأسهم السعودية من خلال صندوق الاستثمار السعودي (SAIF) المدرج في السوق المالية في لندن. كما سُمح للأجانب اعتباراً من شهر نوفمبر 1999م بالمشاركة في سوق الأسهم السعودية من خلال صناديق الاستثمار المشتركة المفتوحة التي تطرحها المصارف السعودية. ويسمح لمواطني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية المشاركة مباشرة في سوق الأسهم السعودية. ولا توجد قيود على الاستثمار من قبل الأجانب في الأوراق المالية الحكومية.



    وسيصدر قريباً " نظام التأمين" لتنظيم أعمال التأمين التي شهدت نمواً سريعاً خلال العقد الماضي. وستؤدي إعادة تنظيم سوق التأمين بعد إصدار نظام للتأمين إلى إنشاء وتسجيل شركات التأمين في المملكة، وبالتالي سيزيد من الطلب على الأدوات الاستثمارية بالريال السعودي نظراً لأن شركات التأمين تسعى لتحقيق توازن بين أصولها وخصومها، وتعد أحد الأدوات الهامة للادخار.



    ولعل من الأهمية بمكان القول بأن التغيرات التي ذكرت آنفاً ستؤدي إلى إيجاد المزيد من فرص التوظيف في النظام المالي. ويتعذر التنبؤ برقم دقيق للوظائف الجديدة التي يمكن إيجادها، غير أن المقارنات مع دول أخرى تشير إلى أن مصارفنا حققت مستويات رفيعة من السعودة في غضون فترة زمنية قصيرة. كما تشير الدلائل إلى إمكانية مضاعفة عدد العاملين في القطاع المصرفي مستقبلاً إما من خلال دخول مؤسسات مصرفية جديدة، أو من خلال المؤسسات المصرفية القائمة.



    وتبذل جهود أيضاً لإعداد أنظمة ولوائح لتنظيم نشاط التجارة الإليكترونية والعمل المصرفي الإليكتروني. وليس أمام الأسواق المالية خيار إلا أن تستعد وتشترك كلياً في هذا النشاط. إن الأعمال المصرفية بواسطة شبكة الانترنت الشائعة حالياً ما هي إلا مقدمة لنشاط واسع النطاق. وتمثل التجارة الإليكترونية، بمافيها نشاط مؤسسة تجارية مع مؤسسة أخرى، ومؤسسة تجارية مع مستهلك وأثرها على القطاع المالي، تحدياً كبيراً يتطلب وضع إطار قانونيٍ وتنظيميٍ ملائم في أقرب وقت لحماية المصارف وعملائها أيضاً.



    وهناك مشروع لإصدار لوائح وأنظمة لنشاط "التأجير التمويلي" الذي يمثل مجال عمل حديث للمصارف السعودية بعد منح ترخيصين لشركتين مشتركتين (سعودية-أجنبية). وستتطلب الأنظمة الفصل بين نشـاط التأجير التجاري والتأجير المنتهي بالتمليك لسلع استهلاكية كالسيارات ومبيعات التقسيط. كما يُنظر في إعداد مجموعةٍ من التشريعات والأنظمة لحماية المستهلكين. وتشمل مثل هذه التشريعات "النـزاهة في عملية الإقراض" والتحكيم في المطالبات الصغيرة وغيرها.



    علاوة على ذلك، ستتم بلورة " المعايير والمبادئ الجديدة " المقترحة من قبل المنظمات والمنتديات الدولية كلجنة بازل للرقابة المصرفية، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، والجمعية الدوليـة لمراقبي التأمين (IAIS) وغيرها، إلى لوائح وأنظمة محددة لتطبيقها في السوق المالية السعودية إذا وجدت ملائمة.



    إضافة إلى الأنظمة واللوائح، ستتم تقوية إطار المؤسسات وتوسعته. وليس من المستبعد قيام تحالف بين مصارف سعودية وبعض المصارف الإقليمية والدولية لتحقيق تحالف استراتيجي أو المشاركة في مجالات محددة كصناديق الاستثمار، والوساطة في تداول الأسهم وغيرها. وستشهد شركات التأمين اندماجاً لتعزيز رأسمالها، وقد تتعاون مع مصارف تجارية للاستفادة من شبكتها التوزيعية. ويحتمل أن تنضم شركات أخرى إلى شركتي التأجير التمويلي التي تم الترخيص لهما مؤخراً. ويوجد حالياً بضع شركات استثمارية تقدم نشاطها إلى عدد محدود من العملاء. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تظهر، بموجب التنظيمات الجديدة، مؤسسات جديدة تنفرد بمجال محدد من الخدمات، بما في ذلك سماسرة الأسهم، وشركات الرهن العقاري، ومؤسسات إدارة الأمانات والأوراق المالية وغيرها. من جهة أخرى، هناك جهود قائمة لإنشاء صندوق لدعم مؤسسات الأعمال الصغيرة لتشجيـع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تتوقع الحكومة أن بإمكانها تحقيق نمو اقتصادي هام وتوفير فرص عمل للقوة العاملة المتزايدة.



    كما يتوقع أن يطرح القطاع المالي منتجات وخدمات جديدة كالأوراق التجارية القصيرة الأجل، وسندات الشركات، والاستشارات بخصوص عمليات الاندماج والتملك وغير ذلك. كذلك سيزيد الطلب على بعض الخدمات كتوظيف الأموال الخاصة واصدارات رأس مال جديدة والعمليات المركبة.



    ورغم المنجزات التي تحققت في سوق رأس المال حتى الآن، إلا أنه لا يزال هناك عدد من التحديات، وفي مقدمتها التوجيه الفعال للمدخرات الخاصة إلى الاقتصاد بواسطة سوق رأس المال. فسوق الأسهم السعودية توجه حالياً المدخرات في الغالب إلى الشركات ذات رؤوس الأموال الكبيرة، غير أن عدداً قليلاً نسبياً من الشركات قد اتجه إلى السوق المحلية، أو تمكن من الحصول على تمويل منها. وهذا الوضع يختلف إلى حد كبير عن الحالة في الدول المتقدمة.



    وثمة تحد آخر ظهر، عبر السنوات الخمسين الأخيرة - ولاسيما خلال العقد الماضي- عندما حلت أسواق رأس المال العالمية مكان المصارف التقليدية في ممارسة دور الوساطة المالية بين مقدمي رأس المال والمقترضين. وبالنسبة للبلدان الأكثر تقدماً في عملية تقليص دور الوساطة المالية التقليدية، كالولايات المتحدة الأمريكية، لا تزيد حصة المصارف من إجمالي تمويـل الشركات حالياً عن نسبة 30 في المئة فقط.



    ويلاحظ تقلص دور عملية الوساطة المالية ليس في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل في جميع أرجاء البلدان المتقدمة والنامية. فالنموذج الأوروبي للمصارف المرتبطة بنشاط مجموعات من الشركات الصناعية ونظام "كيريستو" المصرفي في اليابان قد أخذا في البروز. ومع أن المصارف السعودية تواصل دورها التقليدي، إلا أن من الضروري أن تُكيـف دورها ليس فقط كجهات مقرضة لقطاع الشركات بل كوسطاء ماليين أيضاً.



    ومع إطلالة العام 2020م، ستشهد بنية السوق المالية السعودية تغيرات مثيرة. وأتوقع أن تشمل بعض الملامح الجديدة لهذه البنية ما يلي:

    - زيادة في عدد المشتركين في السوق مما يؤدي إلى ظهور وبالتالي طرح مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المالية.

    - ومن هذه المنتجات المطلوبة جداً الإقراض العقاري الذي سوف ينمو بشكل كبير اذا توفرت المتطلبات التنظيمية والتنفيذية للرهن العقاري.

    - ارتفاع الوعي بالهندسة المالية لدى المواطنين مما يسهم في تطور صناعة الخدمات المالية الاستشارية التي تعتبر رافداً هاماً من روافد التنمية المالية.

    - تحول عدد كبير في الشركات العائلية والمقفلة الى شركات مدرجة في السوق مما يوفر بدائل جيدة للاستثمار وتنويع المخاطر.

    - دخول شركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة الحجم إلى السوق المالية بأدوات دين جديده مثل السندات والصكوك مما يؤدي إلى زيادة عدد أدوات الاستثمار المتنوعة.

    - ازدياد الطلب على خدمات شركات التصنيف المالي وبالتالي ظهورها في السوق السعودية.

    - ظهور سوق مالية إقليمية متكاملة على المستوى الخليجي وربما العربي.

    - ازدياد فرص التوظيف في مجموعة واسعة من المجالات المالية.

    - ظهور عملة موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وما يترتب على ذلك من تناغم في السياسات النقدية والمالية وانعكاسات ذلك على تطور واندماج الأسواق المالية.





    أما الامر الذي لن يتغير بإذن الله فهو ان مؤسسة النقد العربي السعودي سوف تظل ملتزمة بدورها في خلق بيئة مواتية وجذابة لتحقيق النمو من خلال حرصها على سلامة النظام المالي والمحافظة على استقرار الأسعار المحلية وسعر الصرف.



    عضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية

    تثار حالياً بعض التكهنات حول الآثار المحتملة على النظام المالي للمملكة بسبب عضويتها المرتقبة في منظمة التجارة العالمية. و لاريب أن عضوية المملكة بالمنظمة ستتطلب، بين أمور أخرى، انفتاحاً أكثر في القطاع المالي أمام المؤسسات الأجنبية. وبالتالي قد يقتضي ذلك نهج سياسة تساعد وتوجه المصارف السعودية لاتخاذ تدابير مناسبة تمكنها من مواجهة التنافس الدولي بنجاح. غير أن من المهم في هذا الصدد الإشارة إلى أن القطاع المصرفي بالمملكة يتمتع أصلاً بوفر رأسمالي. و يتنافس مع المصارف الأجنبية لأن المقيمين يتمتعون بحرية الوصول إلى الخدمات المالية من أية سوق أو مؤسسة في العالم. ومع ذلك، قد تكون هناك ضرورة لتطوير منتجات أكثر وأفضل لارضاء رغبات العملاء. إن السياسة الحالية التي تسمح بإندماج المصارف بهدف تقويتها ستعزز قدراتها لمواجهة المنافسة مع المصارف الأجنبية.



    ولتفهم القضية بصورة أكمل، يجدر طرح بعض الحقائق الأخرى. إن المملكة في الأصل لها شراكة أجنبية هامة في القطاع المالي على شكل مساهمين أجانب وشركاء في شركات مصرفية سعودية-أجنبية مشتركة، وشركات التأجير التمويلي، وقطاع التأمين. المعروف أن المملكة لاتمارس أي تمييز بين مقدمي الخدمات المالية السعوديين وغير السعوديين. وتسري نفس الرقابة المفروضة على مقدمي الخدمات المالية السعوديين وغير السعوديين على حدٍ سواء. وتُمنح معاملة وطنية متساوية لكافة المشاركين في السوق الذين منحوا تراخيص لمزاولة العمل بالمملكة. علاوة على ذلك، تنص اتفاقية منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية الأخرى أنه يجوز لدولة ما أن تحد من دخـول مؤسسات ما إلى السوق لأسباب احترازية. وستواصل المملكة في المستقبل إعطاء أهمية فائقة لسلامة واستقرار السوق المالية. لذلك، سيسمح بدخول مشاركين جدد إلى السوق بشكل منظم لضمان عـدم حـدوث أي أثر سلبي على نظام السوق.

    ص/خ 254

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
المنتدى غير مسؤول عن أي معلومة منشورة به ولا يتحمل ادنى مسؤولية لقرار اتخذه القارئ بناء على ذلك