الذهب أحد السلع الثمينة والتي كانت أحد المحركات الاقتصادية في العالم، وهو من السلع القليلة المتوفرة والنادرة في نفس الوقت، فإن الإنتاج العالمي لا يتجاوز 1600 طن من الذهب سنويا، ولكنه لا يفنى باستهلاكه أو تصنيعه، فهو من السلع التي يعاد تصنيعها مرات ومرات. وكان للذهب استخدامان كبيران، كلاهما يجعلان منه سلعة استراتيجية وصناعية هامة.
الاستخدام الأول: كان الذهب يستخدم في الدول كدعم وسند للعملة المحلية، وقد بقي تأثيره كبيرا في ميزان الاقتصاد والمال والاستثمار حتى سنوات قريبة، ولكن في أواخر القرن الماضي بدأ الاعتماد على الذهب في دعم العملات المحلية يتراجع أمام الدعم من سلة من العملات الأجنبية، فبدأت الدول لا تسعى لشراء الذهب لمعادلة عملتها بميزان الذهب، بل بدأت تبيعه لتحصل على عملات أجنبية تدعم بها عملتها، وبدأ الذهب يطرح في الأسواق طلبا لمشتر له، وتقلصت أهمية الذهب المالية العالمية.
الاستخدام الثاني
يستخدم الذهب في العديد من الصناعات، ولكن شهرته في صناعة المجوهرات هي الغالبة في سمعة الذهب الصناعية، لذا فإنه يعتبر من سلع الرفاهية التي لا يخلو بيت منها حتى البيوت الفقيرة، حيث لا يخلو إصبع أو أذن من حلقة من الذهب.

استثمار الأزمات

وعلى الرغم من أن بريق الذهب والطلب عليه قل كثيرا، وأصبح المعروض من الذهب أكثر من الطلب، وانخفضت أسعار الذهب إلى ما يزيد عن 25% خلال عامين فقط، وأصبحت المضاربات في الذهب قليلة وغير مشجعة على الاستمرار فيها، إلا أن للذهب قوة وتأثيرا نفسيا لا يزال يظهر بقوة وقت الأزمات.
فالثقة في الذهب بأنه السلعة الباقية والثمينة مهما كانت الظروف والحروب، وهي أقدر على الصمود بقيمة قوية أو متزايدة في وقت الأزمات والحروب، أكثر مما تستطيع أن تفعله الأسهم والسندات والعملات أيضا، فالكثير من العملات والشركات تنهار وتضعف قيمتها في حالة وجود فزع عالمي.
وترتفع أسعار الذهب في العالم في حالة حدوث أزمات كبيرة أو وجود حالة فزع عالمي، مما يوحي بأن التجارة العالمية والاقتصاد العالمي مقبل على هزة كبيرة، قد لا ينجو من ضررها الشركات المساهمة ولا المصانع العاملة. وهذا يجعل الثقة بالأسهم وسوق المال تهتز باهتزاز العالم في الأزمات.
وينصح خبراء الاستثمار أن شراء الذهب أمر مفضل في حالة وجود حافظة استثمار، فإن وجود استثمارات في الذهب تعطي الاطمئنان، وتقدم شيئا من التوازن في هذه الحافظة، فالذهب يكون استثمارا راكدا في كثير من الأحيان، ولكنه استثمار يقدم خدمات عديدة لصاحبه، ومنها:
أنه في حالة فقدان الثقة أو وجود انهيار في الأوراق المالية أو أوعية الاستثمار الأخرى، فإن الذهب هو الوحيد الذي لا يصبه هذه الانهيار، بل انه دائما سيكون المفضل والأقوى في مجموعة الاستثمارات، وقد يحدث أن يكون هو الاستثمار الذي يعوض الخسائر أو يخفف منها. أي أن وجود الذهب في حافظة الاستثمار هو عامل أمان، أكثر منه عامل ربح.
وكما أن للذهب دورات في السكون، فله أيضا طفرات في النمو، وقد حدثت عدة مرات خلال القرن الماضي وارتفع سعر أوقية الذهب ارتفاعا لم يسبق له مثيل في التاريخ، ووصلت إلى سعر خيالي تجاوز 800 دولارا للأوقية الواحدة، وهذه الطفرات قد تحدث مرة أخرى.
كما أن هناك دراسة عن الاستثمار في الذهب نشرتها جريدة الصنداي تايمز تقول: إن الاستثمار في صناديق الذهب أعطى عائدا تجاوز 82% خلال العام الماضي، وأعطى عائد عام خلال السنوات الخمس الماضية بمقدار57%.

المضاربات في الذهب

ويقبل البعض على شراء الذهب ليس امتلاكا بل بيعا وشراء، وهذا يتم عن طريق مكاتب المضاربات في البنوك، ولكن يمكن شراء الذهب فعلا وإيداعه لدى البنوك في صناديق خاصة،ويمكن للبنوك أن تقوم مقام العميل في إجراء الصفقات له، ولكن بتعليماته وتوجيهاته.
كما أن الذهب يباع بعدة أسعار، فسعر البيع في المضاربات يختلف عن سعر البيع الفعلي، فهناك مبالغ إضافية تضاف للقيمة الفعلية في حالة الرغبة في امتلاك الذهب والحصول عليه من السوق، وهذه التكاليف هي تكاليف النقل والتأمين.
عندما يعلن عن أسعار الذهب في البورصات العالمية بأن سعر الأوقية هي مثلا 300 دولار، فإن ذلك يعني قيمة البيع في سوق المضاربات، وليس في سوق الذهب المحلي.
كما أن الذهب المصنع يباع بسعر مختلف عن الذهب الخام لان قيمة التصنيع تضاف الى القيمة الأساسية للذهب.
وعندما يباع الذهب المصنع في الأسواق فإنه يقدر عادة بقيمة سعر الذهب في ذلك اليوم الذي يباع فيه، بغض النظر عن قيمة الشراء الفعلية، لذا فإن الاستثمار في الحلي الذهبية قد لا يكون مربحا لأن الشراء يتم بإضافة قيمة التصنيع وأرباح البائع، وعند بيع هذا الحلي فإن المشتري يشتريه بسعر الذهب الصافي بدون أي تكاليف إضافية، أي أن البائع يخسر قيمة التصنيع الأولى.