بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..أما بعد:
قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد (4 /255):
ولما كانت الرؤيا مدركاً من مدارك الغيب ، كان فيها غُنية عن الذهاب إلى العرافين ، والسحرة ، والمشعوذين ، والكهنة ، والمنجمين ، ونحوهم ، ممن تطلب منهم الأخبار عن الغيب . فإن علم الرؤيا وعبارتها من تمكن منه وأنفذ فيه ، جاء فيه بالعجائب . حتى أنه عندما يخبر بأمور وأحكام صادقة ومتلازمة سريعة وبطيئة ، يقول السامع لذلك : هذه علم غيب . وإنما ذلك يكون بمعرفة ما غاب عن غيره ، بأسباب انفرد هو بعلمها ، وخفيت على غيره . فالرؤيا مستندة إلى الوحي المنامي ، وهي جزء من أجزاء النبوة ، بخلاف ما يحصل للكاهن والمنجم وأضرابهما من الوحي الشيطاني . فكلما كان الرائي أصدق ، وابر ، وأعلم ، كان تعبير أصح . بخلاف غيره ، الذي كلما كان أكذب ، وافجر ، وأبعد عن الله ورسوله ، ودينه ، كان سحره وتكهنه أقوى ، وأشد تأثيراً ، لاستعانتهم بإخوانهم من الشياطين .
وذكر القاضي عياض في ترتيب المدارك في ترجمة أبي عبدالله بن داود الشهير ب (ابن الحذاء) ، نقل عن ابنه أبي عمر قال : ماحدثت حادثة إلا وقد أنذر بها أبي ، حسبما دلت عليه الرؤيا ،فنجدها كما قال .
عن عبدالمطلب جد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .. قال : بينما أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني ففزعت منها فزعاً شديداً .. فسألت كاهنة قريش وقلت لها :رأيت كأن شجرة نبتت قد نال رأسها من السماء وضربت بأغصانها المشرق والمغرب وما رأيت نوراً أزهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً رأيت العرب والعجم ساجدين لها وهي تزداد كل ساعة عظماً ونوراً وارتفاعاً ، ساعة تخفى وساعة تزهر ورأيت رهطاً من قريش قد تعلقوا بأغصانها ورأيت قوماً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا منها أخرهم شاب لم أر قط أحسن منه وجهاً ولا أطيب منه ريحاً فيكسر أضلعهم ويقلع أعينهم فرفعت يدي لأتناول منها نصيباً فمنعني الشاب فقلت : لمن النصيب؟ فقال: النصيب لهولاء الذين تعلقوا بها وسبقوك إليها ، فانتبهت مذعوراً فزعاً ، فرأيت وجه الكاهنة قد تغير . ثم قالت : لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبك رجل يملك المشرق والمغرب ويدين له الناس
وهذه رؤيا اخرى فيها خبر غيب عن أمر مهم وفيصل عظيم وهي هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، وخروجه من مكة ، وأمور عظام تحدث بعدها :
عَنْ أَبِي مُوسَى - أُرَاهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ ، أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ
بعض من تعابير الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله تعالى – الملقب بالمصري – :
فمن ذلك أن رجلاً يقال له الحوطي كان يخدم الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رحمهم الله تعالى رأى رؤيا فقصّها على الشيخ عبد الله فقال له: اذهب إلى الشيخ محمد – يعني المصري – فاقصصها عليه وأخبرني بتعبيره فذهب إلى المسجد الذي كان الشيخ محمد يصلي فيه وجلس ينتظره حتى خرج من المسجد فقصّ عليه رؤياه، قال: إني رأيت كأني خرجت مع الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف من الباب الشرقي للمسجد – أي مسجد الشيخ عبد الله المعروف في حي دخنه، بمدينة الرياض – فلما كنا تحت الساباط الذي في طريقنا إذا ذهبنا إلى بيت الشيخ عبد الله إذا نحن برجل نائم تحت الساباط في وسط الطريق فنظرنا إليه فإذا هو الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فجلس الشيخ عبد الله عنده وجعل يتحدث معه، وأما أنا فأصابتني رعدة فجلست إلى جدار البيت الذي بجانب الساباط من جهة الجنوب وأسندت ظهري إلى الجدار، ثم إن الإمام تركي قام فاستقبل جهة المشرق وجعل ينظر إليها، ثم استدار إلى جهة الشمال وجعل ينظر إليها، ثم استدار إلى جهة الجنوب وجعل ينظر إليها، ثم استدار إلى جهة القبلة وجعل ينظر إليها، ثم ذهب يمشي مع السوق ومعه الشيخ عبد الله. وأما أنا فلم أزل مسندًا ظهري إلى جدار البيت الذي بجانب الساباط إلى أن انتبهت من نومي – وكانت هذه الرؤيا في زمان استيلاء آل رشيد على البلاد النجدية ولجوء الإمام عبد الرحمن بن فيصل وأولاده إلى الكويت – فقال الشيخ محمد: هذه رؤيا عظيمة، وتأويلها أن أحد أبناء الإمام عبد الرحمن بن فيصل بن تركي سيخرج من الكويت ويستولي على نجد كما كان جده تركي مستوليًا عليها ثم يستولي على الأحساء والجهة الشرقية، ثم يستولي على حائل وجهة الشمال، ثم يستولي على عسير وتلك الجهة، ثم يستولي على مكة والجهة الحجازية،
قال الحوطي: فلما أن دخل الملك عبد العزيز بلدة الرياض واستولى عليها جاء الشيخ محمد إليّ بعد صلاة الفجر في تلك الليلة وقال لي: هذا أول تأويل رؤياك قد وقع وستقع بقيته في المستقبل إن شاء الله تعالى.
ومن تعبير الشيخ محمد أيضًا أن الملك عبد العزيز لما أراد أن يغزو الأحساء رأى في منامه كأنه تحت سور رفيع وكان يحفر تحته فكان ينهار بسهولة فقصّ رؤياه على الشيخ محمد، فقال له: إن صدقت رؤياك فإنك تستولي على الأحساء بسهولة. وقد وقع الأمر على وفق ما عبّر به الشيخ رؤيا الملك.
ومن الأحلام التي أَوَّلَها الشيخ محمد أن الملك عبد العزيز رأى في المنام أن الشريف حسينًا كان جالسًا على كرسي فتقدم إليه الملك عبد العزيز وأنزله على الكرسي وجلس عليه، فقال له الشيخ محمد: إنك سوف تستولي على مكة.
وقد وقع الأمر على وفق ما عبّر به الشيخ رؤيا الملك.
ومن الأحلام التي أَوَّلَها الشيخ محمد أن امرأة رأت في منامها أن على سور بلدة الرياض ستائر قالت: فنظرت من خلال الستائر إلى خارج البلد فإذا هناك كلاب كثيرة مختلفة الألوان، فيها الأبيض والأسود والأحمر والأصفر والأزرق، وقيل: إن الذي رأى هذه الرؤيا رجل وأنه رأى خارج البلد جرادًا كثيرًا مختلفًا ألوانه فسئل الشيخ محمد عن تأويل هذه الرؤيا فقال: إن صدقت هذه الرؤيا فإن بلدة الرياض ستكون موضعًا يفد إليه الناس من أقطار الأرض على اختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم، وأما وضع الستائر على السور
فتأويله أن أهل البلدة سيكونون في ستر ما دامت الستائر على سور البلد.
قلت: وقد وقع تصديق هذه الرؤيا في آخر عهد الملك عبد العزيز وما بعده إلى زماننا حيث كثرت وفادة الناس من جميع أرجاء الأرض إلى الرياض وغير الرياض من مدن المملكة العربية السعودية على اختلاف أجناسهم وألوانهم ودياناتهم، وما أكثر أشباه الكلاب من الوافدين إلى المملكة السعودية، بل إن كثيرًا منهم شر من الكلاب والله المستعان.انتهى من كتاب الرؤيا للشيخ حمود التويجري ومن أراد الزيادة فليرجع إليه والله الموفق .
هناك أناس عرفوا بصدق رؤاهم وعلى ظاهرها تقع بدون تأويل قال القرطبي : إنما كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسألهم عن ذلك لما كانوا عليه من الصلاح ، والصدق ، فكان قد علم أن رؤياهم صحيحة.
فما ظنك إذا تواترت الرؤى وتصدى لها ثلة من أهل الإختصاص ، وهنا تبرز ايضاً الحاجة في البحث عن هولاء وجمعهم تحت مظلة واحدة أشبه بمركز دارسات إستراتيجية يقوم عليه أهل العلم والخبرة ممن برع وتصدى وأصل لهذا الفن ونادى به في كل واد وناد ، ونبه الناس على أهميته والالتفات إليه .
فنسأل الله أن ييسر لأحد صناع القرار الأخذ بيد هذا المشروع ، والله المستعان وعليه التكلان ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
منقوووووول /////// كاتبه أبو مصعب / فهد بن شارع العتيبي
المفضلات