---------منقول -----------------------------------------------------------------------
بسم الله الرّحمـــن الرّحيم
بيـان أنواع البيـع المُحرّم في الإسلام
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على امام المتقين, محمداً وعلى آله وصحبه, ومن سار على نهجه وهديه إلى يوم الدين, وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , وخاتم انبياءه ورسله.
وبعد ،
نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومنع انواعاً من البيع لما فيها من الغرر والغش والجهالة والحُرمة المُؤدية الى أكل ِ أموال الناس بالباطل المُفضي إلى إثارة الأحقاد والنزاع والخصومات بين المسلمين , وحضَ على أنواع ٍ وأفعال ٍ تجعل المُجتمع المسلم نقياً طيباً طاهراً مُتحاباً ، خالياً من الضغائن والفُحش والحسد , قال (صلى الله عليه وسلم) : (( انَ الله طيبَ لايقبلُ الا طيباً وأن اللهَ أمرَ المُؤمنينَ بما أمرَ به ِ المرسلين قال تعالى : (يا أيها الرسلُ كلوا من الطيباتِ واعلموا صالحاً إني بما تعملون عليم) المؤمنون 51. وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ِ ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياهُ تعبدون) البقرة 172.ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه الى السماء: يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وُغذيَ بالحرام فأنى يُستجاب لذلك)) أخرجه مسلم .
ـ نستشف ُ من هذا الحديث أن الله امر المرسلين والمؤمنين بالأكل من رزق الله الطيب الحلال , ولا يتم ذلك الا بكسب اليد أو عن طيب ِ نفس ٍ من أخيه ِالمُسلم , ومن شكر النعمة ان يكون هذا الكسب حلالاً لا حرام به , وان من شروط استجابة الله للدعاء طيب المطعم والملبس والمشرب .
* ومما دفعني أن أجمع أنواعاً من البيع المُحرم في هذا البحث لما له أهمية في حياتنا اليومية ، فكلنا إما بائعٌ وأما مُبتاع ٌ, ولما أرى من جهل ٍ عظيم ٍ بين أفراد المسلمين في احكام البيوع وعدم المبالاه في التحري والتعلم في هذا الباب فقد صدق فينا وصف المصطفى (صلى الله عليه وسلم): (( ليأتينَ على الناس زمان ٍ لا يُبالي المرءُ بما أخذَ المال أمنَ حلال ٍ أم من حرام ٍ )) صحيح لبخاري .
* فضلاً عن التورع ، وترك الشبهات والمُشتبهات.
قال (صلى الله عليه وسلم) : ((لا يدخل الجنة لحمٌ نبت من الـُسحت , وكل لحم ٍ نبت من الـُسحت كانت النارُ أولى به)) رواه أحمد والدارمي والبزار والهيثمي.
* ومن الصعب على الإنسان الرجوع عن الخطأ بعد الوقوع فيه إلا من رحم الله , فالسؤال قبل الإقدام على البيع أو الشراء يكون أسهل من التراجع عنه اذا كان حراماً , ولا يُعذرُ المسلمُ بجهله ِ بالأحكام الشرعية لقوله تعالى : (وما أرسلنا قبلكَ إلا رجالا ً نـُوحي إليهم فسئلوا أهلَ الذكر ِ إن ُكنتم لا تعلمون) الأنبياء 7 .
* فالذي ُيقدم على الحج وجب عليه تعلم أحكام الحج , والذي يُقدم على الزواج وجب عليه تعلم أحكام الزواج والطلاق , والمُكلف بالصيام وجبَ عليه تعلم أحكام الصيام , وهكذا..... والذي يُريد أن يبيع أو يبتاع وجب عليه وجوبا ً تعلُم أحكام البيوع في الإسلام , واذا لم يستطع عليه السؤال عما يجري عليه من مسائل في البيع والشراء والمعاملات , وإلا وقع في المحظور!! .
* وأضرب أمثلة سلبية وإيجابية على ذلك من الواقع :-
1ـ عند الشروع في تأسيس شركة ٍ ما أو تجارة ٍ أو صناعة ٍ ، يبدأ المؤسسون لها بدراسة ٍ وإعداد ٍ وتوظيف كوادر وأشخاص أكفاء ، وإستشاريون قانون وتجارة وخلافه , فهل سمعتم أن أحداً وظف إستشاريُ فقه ٍ بأحكام ِ الشرع ِ يعلمُ الحلالَ من الحرام ؟؟
وحتى أنهم لا يحتاجون إلى توظيف ِ فقيه ٍ أو عالم ٍ , فسؤال أهل ِ الذكر ِ لا يكلفُ مالا ً وهو بالمجان ِ .
2ـ عندما حضرت الوفاة والد الأمام البخاري (رحمهما الله)قال لولده محمد يا بني لقد تركت لك ألف ألف درهم , لا أعلمُ فيها درهمٌ واحدٌ فيه ِ شبهَ حرام , فكيف كان ذلك ؟؟ قال عندما كنت أريد أن أعقد صفقة بيع ٍ أو شراءٍ كنتُ اذهبُ للعلماء وأسألهم أحلالٌ ذلك أم حرامٌ ؟؟ إن كان الجواب حلالا ً أقدمت ، وإن كان حراما ً إمتنعت .
* فكان ناتجُ هذا المال ِ الحلال ِظهور نجم الأمام البخاري ، الذي ألف صحيح البخاري وهو أصحُ كتاب ٍ بعد كتاب ِ الله ِ بإجماع ِ علماء ِ الأمة .
3ـ في شرعنا الحنيف لا مانع من إكتساب المال والإغتناء ، فاليدُ العُليا خيرٌ من اليدُ السُفلى ، والمؤمنُ القويٌ خيرٌ من المؤمن ِ الضعيف ، ولكن هناك قوانين وضوابط شرعيّة في كيفية ِ الكسب ِ والإنفاق ؟؟
* فالغاية في شرعنا لا تبرر الوسيلة ، وأن هناك موقفٌ وسؤالٌ , وهناك قول الله تعالى : (وقفوهم إنهم مسئولون) الصافات 24 .
فماذا ستقول لربك وكيف ستجيب ؟؟
ولقوله تعالى : ( واتقوا يوماً تـُرجعُونَ فيه ِ إلى الله ، ثمَّ تـُوفى ُكلُ نفس ٍ ما كَسَبت وهم لا يُظلمُون ) البقرة 281 .
* ثم إنَّ الإنسانَ يُسألُ عن عُمره ِ ، وشبابه ِ ، وعلمه ِ مرة ً واحدة ، ويُسألُ عن ماله ِ مرتين ، فيما إكتسبهُ وفيما أنفقهُ ، لأهميةِ الأمر
المفضلات