متخصصون ماليون يؤكدون مناعة الاقتصاد الوطني ضد عطسات أمريكا

الرياض - محمد طامي العويد
11 . 9 . 2011 م

أكد محللون ماليون ومتخصصون في إدارة المخاطر الائتمانية والتوعية المصرفية أن الاقتصاد العالمي لم يعد معرضا للزكام اذا عطست أمريكا في عصر الاقتصاديات المفتوحة التي أفرزت ما يسمى بالعولمة ويتعدد فيها اللاعبون والمنافسون وتعيش فيه المملكة ثقلاً اقتصادياً مزدهراً لا تؤثر فيه الهزات، بحسب تجارب سابقة, مؤكدين أن الأزمة المالية التي اجتاحت العالم في العام 2008 كانت أشد وطأة في تداعياتها من تخفيض التصنيف الائتماني الأمريكي ولم تستطع أن تؤثر في أسواق المملكة إلا بصورة ضئيلة.

وأضافوا أن الذعر الذي أصاب أسواق المال في الخليج ومن ضمنها السوق السعودي بعد إعلان وكالة « ستاندرز أند بورز « عن أول تخفيض ائتماني يواجه الاقتصاد الأمريكي , لا يتعدى الأبعاد النفسية, بسبب المخاوف من تأثير التصنيف على الأفراد المستثمرين في الخارج وليس على اقتصادات متكاملة, ولن يحمل مخاطر داخل سياسة مالية حكيمة تنتهجها المؤسسات المالية في المملكة, غير أنهم أشاروا إلى قصور واضح في إصدار بيانات رسمية لا بد أن تبثها هيئة سوق المال في سوق حساسيته عالية وفي دولة علاقتها بالتصدير والاستيراد علاقة متشربة ما يعني تشابكها بشكل وثيق مع الاقتصادات الأخرى ومؤثراتها.
...........



عبد العزيز الخالدي

وتوقع المتخصص في إدارة المخاطر المالية عبد العزيز حسين الخالدي أن تطال الهزة التي أصابت الأسواق المالية ساعة الإعلان عن التصنيف، السندات المالية مع تسجيل تراجع في قيمة الدولار والإقبال على شراء سندات خزينة قريبة الأمد على حساب سندات الخزينة البعيدة الأمد.

وأضاف: من خلال هذه الفصول المتوقعة يظهر أن لا علاقة للمملكة بتأثير هذا التصنيف حتى وإن كانت هناك دول ستتأثر بشدة لارتباطها مع أمريكا بتعاملات مالية سيادية ضخمة, سوى أن تداعيات تخفيض التنصيف الائتماني الأمريكي قد تظهر آثاره من خلال حدوث ركود اقتصادي قد يؤدي لتخفيض أسعار النفط , مؤكداً أن تخفيض أسعار النفط لن تؤثر بحسب أرقام التخفيض المتوقعة على الخطط التنموية المنتظرة, مؤكداً أن أمريكا باتت تعلم أنه ينظر لها كشريك خطر استثمارياً سيما لو تم العمل بمضاعفة حجم تخفيض الإنفاق المقرر من الحكومة الأمريكية كما طالبت به الوكالة المصدرة للتصنيف.

وقال الخالدي: الاقتصاد السعودي بوجه عام متعدد الأسواق ولا يعتمد على الاقتصاد الأمريكي وإن كان يرتبط بعملته, حتى بوجود شركات سعودية لها استثمارات خارجية كسابك وأرامكو فلا نتوقع تأثيراً ينذر بويلات وهي قد مرت بأزمات مشابهة وتعدتها بسلاسة.

وأوضح أن ما قد يحدث على مستوى المشاريع ذات الارتباط بالتجارة الأمريكية لن يعدو كونه عملاً احترازياً قد يكون مطلوباً في هذا الوقت, حيث أن الأعمال ستبقى أكثر حرصاً, وقد تتوقف مشاريع كان ينتظر لها التوسع في الهيكلة والمنافذ أو الأسواق باعتبار أن دراسات الجدوى الائتمانية لا بد وأن تأخذ في الحسبان درجة ذلك التصنيف خاصة في الاقتصادات المرتبطة بالسندات الأمريكية , مما قد ينتج عنه بطء في حركة التعاملات المالية والاستثمارات ذات الارتباط بالاقتصاديات الأخرى وبالذات في السندات المالية الأمريكية.

وأضاف أن تخفيض الإنفاق الأمريكي لا بد أن يؤدي بحسب حجم الترشيد إلى ركود اقتصادي ما ينتج عنه بطء في الحركة وقد يطال المشاريع المشتركة, باعتبار أن حدود الإنفاق هي من تحدد حجم الحركة ودوران العمليات الاقتصادية, وفيما لو حصل الركود الاقتصادي فسيؤدي إلى تخفيض الضغوط التضخمية, متوقعاً أن يطال المملكة شيء من هذه الضغوط لكن بدرجة ضئيلة.

وطالب الخالدي هيئة سوق المال ببيانات تتلى حال حدوث أي أزمات مشابهة وأن لا تقف موقف المتفرج , وهي تعلم أن الأسواق المالية لدينا كما هي أسواق العالم تتأثر بالعامل النفسي وتحتاج لتطمينات وإزاحة الضبابية عند اللزوم.
...........

ويشير عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران الى أن الفرصة مهيأة للاقتصادات الناشة كالهند والصين لكي تبرز كملاذات آمنة, مؤكداً أن هذه الدول باتت أكثر أماناً وتظل لديها احتياطات وليس عليها ديون بنسب حرجة.

ويعارض العمران رأي الخالدي من حيث تأثر المملكة بهزات الاقتصاد الامريكي، مؤكدا أننا طالما نعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجاتنا ونعتمد على تصدير النفط في شراء ما نحتاج لاستيراده فلا بد أن نتأثر, فنحن جزء لا يتجزأ من اقتصاد العالم , وهذا لا يمنع أن تكون حساسيتنا عالية لكل ما يحدث في الخارج ويرتبط باقتصادنا من قريب أو بعيد, وهو ما هز أسواق المال لدينا حال إعلان التصنيف الائتماني لامريكا.


محمد العمران

وقال العمران ان ما أقدمت عليه وكالة التصنيف وتأثيرها على السمعة المالية الأمريكية أعطت صورة سيئة وسلبية ستكون ملازمة في التعاملات المالية السيادية الأمريكية على المستوى البعيد, خاصة أن الأمر يزداد حرجاً مع خطوات مشابهة ومنتظرة من وكالات تصنيف أخرى قد تصدر بحق العديد من المقترضين في العقار والتأمين, وتؤدي إلى المزيد من الضرر بالسمعة المالية الأمريكية.

واعتبر العمران أن الوضع عقب الأزمة العالمية التي اجتاحت العالم كان حرجا ولم يكن بحاجة لمزيد من الانتكاسات التي سيكون وقعها بادياً على النمو العالمي وستتفاوت درجاته بحسب حجم العلاج المتوقع, مؤكداً أن التأثير الذي ظهر على سوق الأسهم السعودية كان طبيعياً في سوق يقوده قطاع الكيماويات ذو الاستثمارات العالمية.
...........

من جهته, عد الخبير المصرفي وأمين عام لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في البنوك السعودية طلعت زكي حافظ تعهد الدول العشرين في قمة واشنطن بإعطاء الدول الاقتصادية الصاعدة دورا أكبر في إدارة الأزمة المالية من خلال ضخ 400 مليار في الإنفاق الحكومي سينوع من مصادر الخروج من السمعة التي خلفها هذا الحدث وسيحفز من نمو الاقتصاد العالمي، مؤكدا أن التأثير كان متوقعاً لسوق الأسهم السعودي باعتبار المملكة عضوا فاعلا في مجموعة العشرين وتعيش تحت ما يعرف بالعولمة.


طلعت حافظ

وقال: المملكة أخذت ذلك بالحسبان فميزانيتها للعام الجاري البالغة 580 مليار ريال قدرت استقرار أسعار النفط وفق أقل الأسعار المتوقعة, وهو ما لا يجعل للخوف مسببات جوهرية أو عملية, مشيراً إلى أن أسواق النفط تذبذبت لكنها لا تزال في الحدود المعقولة, موضحا أن الاقتصاد السعودي في مأمن من مؤثرات تخفيض التصنيف الائتماني الأمريكي.

واضاف حافظ أن التخفيض لم يكن الأول من نوعه لاقتصادات عملاقة وإن كان الأول من نوعه على مستوى الاقتصاد السيادي الأمريكي, مشيراً إلى أن تضخيم تداعيات التصنيف ربما جاءت بسبب الأزمة الأوروبية المتمثلة بديونها التي شهدت تحركاً مماثلاً بخفض مؤسسة موديز تخفيض التصنيف الائتماني للبرتغال إلى « عالي المخاطر « مما لفت الأنظار إلى الديون الأوروبية المتفاقمة, وهذا ما خلق تخوفا عاما بحصول كساد اقتصادي شامل.

واعتبر أن الوضع لا يستدعي التخوف من تداعياته على وتيرة المال والأعمال, منادياً الجميع بالانتباه للآلة الإعلامية الغربية التي قد تخلق نوعا من الفزع المزعوم لكي تحظى باهتمام وعون اقتصادات العالم بما يتماشى مع أهدافها ورغباتها.
وأشار إلى أن مجتمع الأعمال ومنتديات المال يجب أن يثقوا بالقائمين على السياسة المالية لدينا بعد أن أثبتت قدرتها على الصمود في أزمات أشد تأثيرا والمملكة بشكل عام تجاوزت الكثير من الأزمات كأزمة الخليج والأزمة المالية في 2008 وهي نموذج يحتذى بفضل السياسات المالية المعمول بها.

http://www.alriyadh.com/2011/09/11/article666402.html