د. رشيد بن حويل البيضاني
كثيرا ما كتبنا وطالبنا إخواننا السعوديين أن يكونوا خارج بلادهم نموذجا طيبا يحتذى به، فبلادنا في نظر العديد من الدول، والملايين من البشر قدوة في الدين، ومن ثم قدوة في السلوك، أو هكذا ينبغي أن تكون، ومن ثم، فإن أي سلوك مستهجن لمواطن يحمل الجنسية السعودية، ينال من مكانة البلاد بأسرها، فما بالنا لو كان هذا السلوك المستهجن، والأخطاء الفادحة، من قبل مؤسسة أو هيئة، تحلق في آفاق الدول، وتهبط على أراضيها، وهي تحمل اسم السعودية وعلمها، وتعد جزءا لا يتجزأ من البلاد، وممثلة لها.
أقول هذا الكلام وقلبي يعتصر ألما وحزنا، إذ تتلاطمنا أمواج الإهمال واللامبالاة والفوضى من قبل ما تسمى بالخطوط السعودية. ولعل آخر نوادرها ما نشرته إحدى الصحف السعودية، من أن الخطوط الموقرة، قد استغنت عن أربعة وثلاثين طيارا سعوديا لتحل محلهم «خبراء وعباقرة» في فن الطيران وعلومه من دولة بنجلاديش، لا يجيدون اللغة الإنجليزية، التي هي لغة التعامل الرسمي في عالم الطيران. وإذا كان هذا الخبر من باب «السخرية» أو «التندر» فهو يعكس ما صارت إليه أحوال هذه الخطوط، وإن كان الخبر حقيقة، فهو من باب «اللامعقول» والكوارث التي ينبغي تدخل الجهات المسؤولة في البلاد، لوقف هذه المهزلة، ومحاسبة المسؤولين عنها.
أما إذا نظرنا إلى أحوال هذه الخطوط الوطنية، فسنجدها باتت تعد من أسوأ الخطوط الجوية العالمية، بعد أن كانت من دواعي فخرنا، ومحل إعجاب المقيمين والوطنيين.
فمواعيد رحلاتها باتت أخلف من «مواعيد عرقوب» الذي يضرب به المثل في عدم الوفاء بالمواعيد، وكم من مواطن اضطربت أعماله، بل وخسر الملايين، لتأخير رحلته أو إلغائها، وكم من مقيم، سب وضجر، جراء ضياع يوم من إجازته في انتظار السفر إلى بلاده وأهله.
أما عن الخدمة في المطارات، أو داخل الطائرات، فحدث ولا حرج، إذ يبدو أن الخطوط قد طبقت سياسة تقشفية في ما تقدمه من خدمات للركاب، بل وفي أجور المضيفين والمضيفات، فاستجلبت نوعيات غير مؤهلة بالقدر الذي يجعلها تنافس الخطوط الأخرى.
وقصة الطيران الداخلي هي مأساة بحق، فنحن مضطرون للتعامل مع «السعودية» لأنها الخيار المتاح أمامنا لجميع مدن المملكة، وقد يحتاج المرء للسفر من جدة إلى الرياض مثلا لقضاء عمل عاجل، ويعود في نفس اليوم، إلا أن مثل هذا الأمر أصبح ضربا من المستحيل، لعدم انتظام الرحلات، وتأخر المواعيد، وهذا كله يعود سلبا على اقتصاد البلاد، وعلى ثقة الأفراد بخطوطهم الوطنية.
ولعل أكثر ما يزعجنا في الأمر، اعتراض السلطات الجوية الفرنسية على الصيانة السعودية للطائرات، فالمسألة هنا تتعلق بالأرواح، وللروح البشرية قيمة كبرى عند الغرب، لا تقدرها خطوطنا المحترمة..
ليست هذه كل مساوئ الخطوط الجوية السعودية، وإنما بعض ما سمحت به مساحة هذا المقال، وإلا فالقائمة ـ لا قائمة الانتظار في حجز الخطوط ـ ولكن قائمة السلبيات ـ طويلة، وتحتاج إلى رد فعل حاسم وعاجل من قبل أولي الأمر، والقائمين على هذه الخطوط.
وإن استمرت الخطوط الجوية السعودية على هذا النهج، وعلى هذا النحو من التردي، فإني أربأ بأن تحمل اسم وطني العزيز على طائراتها، والأفضل لها أن تبحث لها عن مسمى آخر، يليق بها، إذا لم تعد تليق ببلادي.
|
 |
 |
|||
 |
 |
||||
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عملي الخليج
على الاقل خل موظفينك 
المفضلات