كيف استولي البعثيون العلويين على حكم سوريا
وهي تنبيه لدوله الكويت فهي تسير على نفس المنوال بعد ان سمحت للشيعه بالدخول الى الجيش وقوى الامن والاستخبارات .
صفحات من النقد التاريخي الواعي، ورصد دقيق للوقائع والأحداث بين عامي (1963 ـ 1977) واستيعاب شامل للمرحلة بكل تفاصيلها، وجرأة نادرة، وصراحة في الطرح الموضوعي قل نظيرها في زمن الخوف، وصوت مدوّي في زمن الصمت والنفاق، وهمّة قعساء لا تعرف القعود، وقلم أنيق، وأسلوب جذّاب وتسلسل منطقي للأحداث.
عدنان سعد الدين
واصل فيها الأستاذ عدنان سعد الدين ما انتهى إليه في مجلده الثاني، من تدوين لمذكراته الثريّة وذكرياته الخصبة عن جماعة كانت ملء العين والنظر، ولا تزال محطّ الآمال ومعقد الرجاء.
وتأريخ مدعّم بأقوال الشهود والوثائق للدولة السوريّة في فترة دقيقة وحسّاسة، عاش المؤلّف أحداثها، وخاض معاركها باحثاً نقّاباً، ومعارضاً عنيداً، ورائداً من روّاد الصحوة.
في الثامن من آذار لعام 1963 استيقظت دمشق على هدير دبابات ومصفّحات يقودها ضابط طموح للسلطة والمجد، ترك الجبهة السوريّة مع العدو الإسرائيلي مكشوفة وهو في غاية الاطمئنان، واتجه نحو العاصمة السوريّة فهدم الحياة الدستوريّة والنيابيّة، في حركة غبيّة، أدخلت سوريّة في المجهول، ولم يكن يدر أنّ وراء هذه الحركة مخطّطاً مريباً، بدأ بالتخلّص منه، ولجنة عسكريّة سريّة، أوصلت البلاد بعد أربعة عشر عاماً إلى هزيمة 1967، وانتهت بوضع مقدرات سوريّة بين يدي إيران.
ويتحدث المؤلّف عن الرتب العسكريّة التي منحها مجلس قيادة الثورة لأعضائه، وعن السلطات الثلاث التي قبض قادة الانقلاب عليها، وعن فرض الأحكام العرفيّة دون سند قانوني، وهو القانون الذي لا يزال سارياً بعد خمسة وأربعين عاماً، وعن التحالف بين البعثيين والناصريين وتقاسمهم كعكة الحكم، ويصف حجم البعث في المجتمع السوري، ونقص كوادره، ويعدّ عمر الحكومات الثمان التي تشكلت خلال السنوات الثلاث الأولى للانقلاب بالأيام، وكيف اخترقوا تنظيم الناصريين في الثامن عشر من تموز 1963، وأعدموا عدداً منهم، واتخذوا هذه الحركة ذريعة للتخلّص من الناصريين في الجيش فسرّحوا ألف ومائة ضابط، وصف ضابط.
وكشف عن مخططات اللجنة العسكريّة السريّة (عمران، والأسد، وجديد) عندما اجتاح أبناء الطائفة المناصب القياديّة المدنيّة والعسكريّة على حساب الأكثريّة السنيّة، وجعلوها خالصة لهم من دون الناس.
ولم يتورّعوا عن هدم مئذنة جامع السلطان في حماه عند أوّل احتجاج، ودكوا حرم الجامع والمعتصمين بداخله، ثمّ اقتحموه واعتقلوا العشرات، وساقوهم إلى المحكمة العسكريّة بحمص برئاسة المقدم مصطفى طلاس، ويدوّن موقف الجماعة وعلماء حماه من الصدام، فيذكر أنّ المكتب التنفيذي للإخوان أصدر توجيهاته إلى مركز حماه بعدم التورّط في الصدام تحت أي ظرف أو استفزاز، ويثني على دور علماء حماه في إيقاف المذبحة التي كانت تستهدف حماه.
ولم يراع هؤلاء قدسيّة جامع خالد بن الوليد في حمص، فاقتحموه، وساقوا نحو مئة مصل إلى المحكمة بعد تمزيق جلود المعتقلين في صيف عام 1964.
وكسر سليم حاطوم بدبابته باب المسجد، ودخلت قوات السلطة باحة الجامع الأموي، فسالت الدماء، وتناثرت أشلاء المصلين، واقتيد المصلون إلى محكمة صلاح الضللي، فحكمت على عدد منهم بالإعدام.
وقرّر مجلس قيادة الثورة أنّ من صلاحيته حل الجيش، وتركيبه من جديد، فصدرت قوائم طويلة بتسريح أكفأ الضباط، وكانت القائمة الأولى تضم سبعمائة ضابط، جرى إحلال ضباط علويين مكانهم.
وزحف الطائفيّون على الكليّات العسكريّة، وجرت حركة تنقلات واسعة في صفوف الضبّاط، وكان لهم النصيب الأوفر من البعثات والمناصب حتى فاحت روائح التكتل الطائفي، وصرخ محمد عمران منتشياً: إنّ الفاطميّة يجب أن تأخذ دورها.
ثم تنتقل البلاد إلى أيدي فريق آخر من الانقلابيين في الثالث والعشرين من شباط عام 1966، ويبدأ عهد جديد من الديكتاتوريّة، وتطهير الجيش من بقايا السنّة عندما أبعدوا 400 ضابط وموظّف من جماعة أمين الحافظ، وتتحوّل سوريّة على أيدي العسكر إلى حقل تجارب، ويتوقف العمل بالدستور، وتهدر كرامة المواطن وحقوقه الدستوريّة والإنسانيّة، ويتولى القضاء العسكري محاكمة المعارضين المدنيين، وتنفّذ فيهم أحكام الإعدام، ويتوارى أعضاء الحزب الحقيقيين ليحل المنافقون والنفعيّون محلّهم.
وجاء الدور على الدروز بعد السنّة، فجرى استبعاد وزير الدفاع حمد عبيد، وإحلال حافظ الأسد مكانه، وشعر سليم حاطوم بأنّه خدع، بعد إقصائه من القيادة القطريّة المؤقّتة، واتهمت القيادة حمد عبيد بتدبير محاولة انقلاب في حلب، ورافقت حملة التطهير الواسعة للدروز ضجّة كبيرة في جبل العرب، فقرّر جديد والأتاسي السفر إلى السويداء برفقة العضو الدرزي الوحيد في القيادة القطريّة جميل شيّا، وهناك تسلّم الوفد مطالب فرع السويداء للحزب، وانتهز حاطوم الفرصة فاحتجز الأتاسي وجديد ووضعهما تحت الحراسة، وجرّد الضبّاط العلويين من رتبهم وأسلحتهم، إلاّ أن قيادة الجيش رفضت المطالب، ودفعت كتيبة صواريخ إلى السويداء، وحلّقت الطائرات فوقها.
ولمّا أدرك حاطوم وأبو عسلي أنّهما خسرا المعركة قرّرا الهرب إلى عمّان يوم 13/9/1966 وعقدا مؤتمراً صحفيّاً اتهما فيه جديد والأسد بالطائفيّة وتصفية الضبّاط، وصرّح حاطوم:
بأنّ نسبة العلويين في الجيش خمسة مقابل واحد من جميع الطوائف الأخرى، وحذّرا من وقوع حرب أهليّة.
http://www.alghoraba.com/index.php?o...329&Itemid=121
المفضلات