الذين لديهم السيولة الآن ويحتفظون بها منتظرين أدنى الأسعار ليشتروا هم مثل أولئك الذين ترددوا في البيع منتظرين أعلى الأسعار ليبيعوا قبل انهيار السوقالأخ الفاضل الأستاذ/ عبدالله الجعيثن المبدع في كتاباته الاقتصادية مثل إبداعه في كتاباته الاجتماعية والأدبية، كتب مقالاً جميلاً في الرياض الاقتصادية منذ عدة أيام، قال فيه: إنه حذر في عام 2006 من انهيار سوق الأسهم عندما كان في أعلى مستوياته يحلق فوق العشرين ألفاً، وتساءل آنذاك عمن سيكون الأحمق الأكبر الذي سيشتري بأعلى الأسعار ويظل ينتظر المزيد من الارتفاع يعميه الطمع عن تقدير المخاطر فيخر السقف عليه، وتكون (الطقة في رأسه)، ثم يقول الأخ أبو أحمد: إنه كما حذر من الشراء حين كان السوق في أعلى الأسعار، فإنه يحذر الآن والسوق في القاع في أدنى الأسعار من التردد في الشراء وإبقاء السيولة (تحت بلاط البنوك) انتظارا للفرصة المواتية، فالذين لديهم السيولة الآن ويحتفظون بها منتظرين أدنى الأسعار ليشتروا هم مثل أولئك الذين ترددوا في البيع منتظرين أعلى الأسعار ليبيعوا قبل انهيار السوق، فأولئك مثل هؤلاء، ينتظرون الفرصة المواتية للشراء التي لن تأتي أبداً لأنه حتى لو حصل مزيد من الانخفاض فإنهم سيظلون ينتظرون المزيد، فيرتفع السوق بعد ذلك وهم مازالوا في انتظارهم وطمعهم، وحين يرتفع السوق بعد ذلك ويواصل ارتفاعه ويصل لمستويات عليا يصيبهم الوحل ويندفعون للشراء فيحصل لهم ما حصل للسابقين وتكون (الطقة في روسهم) ويكونون هم الحمقى الكبار. ويقول الأخ عبدالله ما معناه إنه سيبرز من بين هؤلاء الحمقى الكبار ذلك الأحمق الأكبر الذي ستكون (الطقة) الأكبر في رأسه أولاً بعدم الشراء في القاع والاحتفاظ بسيولته، ثم بالاندفاع في الأخير عندما تكون الطيور قد طارت بأرزاقها، ويتساءل بعد ذلك عمن سيكون ذلك الأحمق الأكبر يا ترى.وتقديراً لجمال طرح الأخ عبدالله سأستجيب لرغبته وأجيبه على سؤاله، فأقول إنه مهما بحث فلن يجد ممن ستنطبق عليه معاييره أبرز من شركة (سنابل) الاستثمارية التي أنشأتها الحكومة منذ عدة سنوات برأسمال قدره عشرون مليار ريال لاقتناص الفرص المواتية، فقد كان الإخوة الكرام المسؤولون في الشركة (يتلفتون) منذ أكثر من عام كما يفهم من تصريح لمسؤولها الأول وزير المالية نشرته الصحف المحلية آنذاك وعلّقتُ عليه بمقال عنوانه (نخلتنا التي أعوج من سعودي أوجيه) بل إن الإخوة المسؤولين في الشركة كانوا يتلفتون قبل ذلك عندما كان مؤشر السوق في عز انهياره في حدود الأربعة آلاف، وأظنهم مازالو يتلفتون بعد أن صعد السوق أكثر من 50% وسيظلون يتلفتون، ولن يدخلوا السوق كما أظن إلا بعد أن يصل في صعوده لتلك المرحلة التي اعتبرها الأخ عبدالله محطة دخول الأحمق الأكبر.كل المؤشرات التي لدينا تقول إن شركة سنابل لم تدخل السوق حتى الآن، فإذا كانت لم تدخل بالفعل ومازالت تنتظر الفرصة المناسبة فإنه تنطبق عليها معايير الأخ عبدالله التي تحدد الأحمق الكبير، أما إذا كانت قد دخلت من الباب الخلفي كما يفعل بعض المضاربين الذين يهمهم أن يحصلوا على أدنى الأسعار حتى ولو حطموا ضلوع (الغلابة) فإنها بهذا لن تكون هي فقط الأحمق الكبير أو الأحمق الأكبر حسب معايير الأخ عبدالله، بل إنها ربما تستحق (شرفاً) أكبر من هذا، وأقترح على الأخ عبدالله بحكم خبرته بالمصطلحات الاقتصادية أن يقترح المصطلح المناسب، وأرجو ألا ينسى في هذه الحالة ما تستحقه هيئة سوق المال التي لا بد أن يكون لها نصيب وافر من هذا الشرف.لا أستطيع توقع المصطلح الذي سيخلعه الأخ عبدالله على شركة سنابل إن كانت شرعت في مص دماء (الغلابة) هكذا بطريقة (سكتم بكتم)، ولكن لا أعتقد أنه سيختلف كثيراً عما سيخلعه هؤلاء المئات بل الآلاف من هؤلاء الغلابة على شركة سنابل حين يكتشفون بعد أن تجف دماؤهم أن الذي مص دماءهم هو ذلك الكائن الحكومي الضخم الشديد الحمرة الواقف أمامهم وحين يكتشفون أيضاً أن هيئة السوق المالية التي (أتاحت لهم الفرصة الذهبية) ليكتتبوا في شركة المعجل بما يقارب (70) ريالاً ويبيعوها على شركة سنابل بما يقارب (16) ريالاً أو دار الأركان بـ(56) ريالاً (تعادل 28 ريالاً تقريباً بعد الزيادات في رأس المال) ليبيعوها على الكائن الحكومي الأحمر بـ(10) ريالات هي شريكة في المسؤولية عما أصابهم من الخوف حين تلبدت غيوم التشاؤم في السماء، وبدلاً من أن تكون وزارة المالية وهيئة سوق المال هما مسؤول الأرصاد الجوية الحكومي الذي يوضح لهم حقيقة الصورة يكونون هم (سكتم بكتم) الذي جعلهم يبيعون أثناء سواد الغيوم.كانت الحاجة ماسة ومازالت لشركة سنابل كي تكون هي الصدر الحنون لصغار المساهمين لتعلن عن دخولها السوق بخط أحمر عريض كي يوفر إعلانها الاطمئنان لصغار المساهمين، وتكون لهم السند الحاني الذي يضعون عليه رؤوسهم المتعبة فلا يصيبهم الرعب والارتباك ويبيعون أسهما عوائدها في حدود 10% في وقت يتدنى معدل الفوائد في السوق إلى ما دون الواحد في المئة، ولو أنها فعلت هذا ووفرت الاطمئنان واشترت بعد ذلك فإنها بهذا تكون قد حققت الحسنيين كلتيهما، ولكنها كما يبدو لم تفعل، فإن كانت لم تدخل السوق فستكون خير مثال لما بحث عنه الأخ عبدالله، أما إذا كانت قد دخلت بطريقة (سكتم بكتم) فالمصيبة أعظم
.عبدالله ناصر الفوزان
http://www.alwatan.com.sa/Articles/D...ArticleID=2508
المفضلات