قبل حوالي خمس سنوات ( ضوئية ) من الآن كنت أتابع قناة أنباء ( أهل الفضاء ) التي أوردت خبراً مفاده : أن مواطنوا كوكب زحل المجاور لنا في مجرة درب التبانة و التي يتبع كوكبنا الأرضي لنظامها الشمسي ؛ قد أقاموا إحتفالاً كرنفالياً ضخماً للإعلان عن تدشين مشروع ( الزحلنة ) الوطني الذي أقره المجلس التشريعي لديهم ؛ و يعلم الله وحده أنني سررت كثيراً لأهالي ذلك الكوكب الطيبون الذين أكنّ لهم و لكوكبهم ذا الحزام ( الغازي ) الجميل كل التقدير و الإحترام ؛ نظراً لما يعرف عنهم من معاني الكرم و الشهامة التي نشئوا و تربوا عليها منذ نعومة ( راداراتهم ) الهوائية الموجودة فوق رؤوسهم ؛ حيث إرتجل وزير الوزارة المعنية بذلك كلمةً ( ترجمتها بحكم معرفتي التامة بلغات سكان الفضاء ) قال فيها : أيها المواطنون الشرفاء نحتفل اليوم بهذا المشروع الجبار الذي عكف على تصميمه و تنفيذه نخبةً من علمائنا و باحثينا و أكادميينا العباقرة الذين نفخر بهم أيّما افتخار و ندين بالفضل لهم بعد الله سبحانه و تعالى بأن قد قدموا لنا هذا النظام العظيم الذي من شأنه دعم اقتصادنا الوطني و تفعيل دور المواطن الكريم للنهوض بالوطن و دفع عجلة التقدم و النماء و تحقيق الأمن القومي و الإجتماعي لنا والإستغناء نهائياً عن استقدام أيدٍ عاملة من الكواكب الأخرى ؛ لما في ذلك من نفعٍ عظيم و فائدةٍ كبيرة على مستوى الفرد و المجتمع ؛ كما أورد أيضاَ في معرض خطابه دراسةً إحصائية عن أعداد الجنسيات ( المريخيّة و العطارديّة و الأورانوسيّة و النبتونيّة ) التي تعمل لديهم في جميع القطاعات سواءً الحكومية و الخاصة ؛ مشيراً للضرر الكبير الذي يتكبّده اقتصادهم الوطني جرّاء الإعتماد على أولئك الوافدون ؛ و قد صرّح أيضاً بأن هذا المشروع سوف يحقق النتائج المأموله خلال المدة الزمنية المحددة بأربع سنوات ضوئية فقط !!
و قبل شهرين ( قمريين ) و بينما أنا في رحلة العودة من كوكب ( المشتري ) بعد استمتاعي برحلة سياحية رائعة هناك ؛ تذكرت كلام ذلك الوزير و قلت في نفسي : لمَ لا أقوم بزيارة لكوكبه بما أنني قريب منه و أقضي فيه بعض الوقت لأرى بنفسي صدق كلامه و وعوده التي شاهدتها سابقأ ؛ و فوراً غيرت إتجاه مركبتي الفضائية متجهاً إلى كوكب زحل ؛ و ما إن وطأت أقدامي أرض الكوكب حتى داهمتني الدهشة و انهمرت عيناي بالدمع فرحاً لما شاهدته من مظاهر الرقي و الحضارة و التقدم لديهم و بما وصلوا إليه من تطور لمسته شخصياً في جميع المرافق الخدمية عندهم ؛ فقد وجدت ( الزحليون ) قد أخذوا مكانهم الطبيعي في الوظائف العامة و الخاصة على حدٍ سواء ؛ بل وصل بهم الأمر إلى أنه لم يعد يوجد لديهم أي عامل من أي جنسية غيرهم ؛ عندها أيقنت تماماً و تأكدت من صدق ذلك الوزير الشهم المخلص بتنفيذ المشروع خلال المدة الزمنية المحددة تماماً بلا نقص أو زيادة ؛ فشعرت وقتها بعطش شديد عندما تذكرت واقعي في وطني و قررت أن أذهب لشراء مشروب غازي من محل بيع مواد غذائية كنت على مقربة منه ؛ حينها صدمت عندما وجدت ثمنه بما يعادل ( ريال سعودي ) فقط بدون زيادة نصف ريال و سألت العامل : لماذا لم ترفعوا سعره مثلنا ؟ فأجابني قائلاً : عندنا ناس يخافون الله لا يرفعون سعراً و لا يبخسون ثمناً و يطبقون الأنظمة تماماً ؛ فابتسمت له و ( صرّفت ) الموضوع قائلاً : يا خي تصدق أنا أحب وزيركم ذاك اللي طلع و تكلم عن مشروعكم حق الزحلنة ؛ فقال : قصدك ذا اللي واقف على يمينك ؟! فاستدرت فإذا به نفسه بلحمه و شحمه يشتري من المحل مثل المواطنيين كأنه شخص عادي ؛ حينها لم أتمالك نفسي و احتضنته حتى كدت أن أكسر عضام أضلاع قفصه الصدري ؛ فبادرني قائلاً : يخوي إرفق عليّ تراك بتذبحني ؛ فأبتعدت عنه و الإبتسامة تكاد تشق وجهي من شدة السعادة و بدأت أثني عليه و على صدق وعده الذي قطعه على نفسه ؛ و سألته عن سبب لجوئكم لذلك و كيف ( يعاد توطين مواطن في وطنه ) و ما هي الأسباب التي أدت لتبنيكم مثل هذا المشروع ؛ فأجابني قائلاً :يا عزيزي ..
لا يوجد في مجتمعات الكواكب كلها مجتمع يعاني من البطالة و كثرة الوافدين إلا نحن و المجتمع السعودي ؛ فلم نسمع يوماًعن مشروع ( الفرنسة ) في فرنسا ؛ أو ( الأيطلة ) في إيطاليا ؛ أو ( المصرنه ) في مصر أو حتى العطردة في ( عطارد ) !! فقط نحن و أنتم ؛ فأما نحن فقد طبقناه و انتهينا منه و بدأنا نعيش نجاحه و نجني ثماره ؛ لكن ماذا عنكم ؟!
فأجبته و الخجل يعلوا محياي : للأسف وزارة العمل لدينا أعترفت مؤخراً بأن نتائج خططها لتفعيل السعودة دون المستوى المأمول، وأن الفائدة المنتظرة من توظيف السعوديين في القطاع الخاص لم تتحقق.
وأقرت الوزارة أيضا بعدم فعالية استراتيجية التوظيف التي تنتهجها في ظل الاستجابة لطلبات الاستقدام المقدمة من الشركات الملتزمة بنسبة السعودة ؛و أوضحت وزارة العمل أن الاستقدام ارتفع بنسبة 1.3 في المائة، نتيجة حاجة المملكة لمواكبة متطلبات المرحلة الحالية من التنمية الاقتصادية.
وأفصحت الوزارة عن أن الوافدين يعادلون نحو ثمانية أضعاف المواطنين العاملين في منشآت القطاع الخاص، وذلك بواقع 765.6 ألف سعودي، مقابل 5.8 مليون أجنبي.
عندها أدار الوزير ظهره لي و هو يقهقه بصوت عالٍ جداً قائلاً : ضف وجهك أيها الغريب و لا أشوفك مرةً أخرى إلا في حالة واحدة فقط و هي : أن يصبح وطنكم مثل وطننا خالياً من الأيدي العاملة المستوردة !!
و الرزق من الله .. و الله ولي التوفيق
رابط الموقع:
http://www.ksaforsaudi.net/index.php
المفضلات