تمهيد
بعد سنوات من تطبيق قانون السعودة وتقنين التأشيرات واستقدام العمالة، أثبت هذا القانون أن تأثيراته السلبية تتجاوز كثيرا إيجابياته. حيث أن هذه القوانين أدت إلى إختلالات اقتصادية ابطأت من نمو القطاع الخاص، وخلقت بيئة تنافسية غير عادلة، سمحت بنمو الشركات القادرة على الوصول للتأشيرات حتى لو كانت أقل كفاءة وانتاجية، وابطأت نمو شركات أخرى أفضل لانه لم يكن لديها نفس القدرة على الوصول، كما أنها خلقت سوقا سوداء للمتاجرة بالتأشيرات، وحفزت الفساد بكافة أشكاله المتعلقة بالحصول على التأشيرات. كما أنها ابطأت من تنفيذ المشاريع الحكومية بسبب شح الموارد البشرية لدى شركات المقاولات أو التأخر في الحصول عليها، بالإضافة لكل هذا فإن هذه القوانين لم تنجح في تحقيق أهداف السعودة، بل أن البطالة ما زالت تتفاقم وعجزت كل هذه القوانين من القضاء عليها.
لذلك فإن علينا إيجاد حلول مبتكرة، لا تتسبب في خلق اختلالات اقتصادية، وتكون سهلة التنفيذ ومنخفضة التكلفة، كما أنها تستخدم الحوافز الإقتصادية بشكل أساسي. بالإضافة لذلك يجب أن تكون قادرة على القضاء على السوق السوداء والفساد المتعلق بالأنظمة الحالية.
الحافز الاقتصادي هو الطريقة الوحيدة لعلاج البطالة بين السعوديين والتحكم في نسبة الموظفين غير السعوديين في القطاع الخاص، وأي قانون لا يعتمد بشكل مباشر على هذه الحوافز سيخلق سوقا سوداء وسيكون صعب التنفيذ. وحيث أن كثيرا من أرباب العمل كانوا يجادلون بأن السبب الرئيسي لعدم توظيف السعوديين هو انخفاض انتاجيتهم وكفاءتهم، فهذا يعني (نظريا) أنهم يدّعون أن السبب لا يتعلق بارتفاع تكلفة السعودي وإنما ضعف انتاجيته. الحل إذن يكمن في رفع تكلفة الموظف الغير سعودي على أرباب العمل من خلال ضريبة تسن على كل موظف غير سعودي يتم استقدامه، واستخدام هذه الضريبة في رفع إنتاجية المواطن السعودي العاطل عن العمل، حتى يصبح بعد فترة منتجا بشكل يمكن القطاع الخاص من توظيفه ويصبح من المجدى اقتصاديا توظيف المواطن.
أهم سلبيات القانون الحالي:
- إعاقة وإبطاء نمو القطاع الخاص بسبب عدم قدرة كثير من المنشآت على النمو بشكل كافي.
- خلق بيئة تنافسية غير عادلة، تمكن أصحاب الأعمال القادرين على الحصول على التأشيرات من النمو، حتى لو كانت منشآتهم أقل كفاءة وانتاجية.
- التكلفة العالية لتنظيم قوانين السعودة ونظام التأشيرات.
- تزايد الفساد والمحسوبية في تطبيق القانون.
- نشوء سوق سوداء للمتاجرة بالتأشيرات.
القانون المقترح لتنظيم الإستقدام والسعودة:
البنود الرئيسية للقانون:
- فتح باب الإستقدام بشكل كامل وبدون قيود.
- فرض ضريبة على المنشأة عن كل موظف يتم استقدامه. (مثال: 1000 ريال شهريا عن كل موظف غير سعودي).
- منح اعفاءات ضريبية للمنشأة بناءا على إجمالي عدد السعوديين العاملين في المنشأة. (مثال: خصم 4000 ريال شهريا من الضريبة الإجمالية عن كل موظف سعودي يعمل في المنشأة)
مثال لتطبيق القانون: شركة قامت باستقدام 12 موظف غير سعودي. الضريبة الإجمالية التي يجب أن تدفعها المنشأة تساوي 12 ألف ريال شهريا. عدد الموظفين السعوديين الذين توظفهم الشركة 2. إجمالي قيمة الإعفاء الضريبي تساوي 8 آلاف ريال. صافي الضريبة التي يجب دفعها 4 آلاف ريال شهريا. ولو كان إجمالي السعوديين بالمنشأة ثلاثة، لكان صافي الضريبة صفرا.
طريقة إحتساب الضريبة:
يتم تحديد الضريبة بناءا على نسبة العاطلين عن العمل من السعوديين، فإذا كان عدد السعوديين العاطلين عن العمل يمثل 20% من إجمالي الغير سعوديين العاملين بالقطاع الخاص فستكون الضريبة الشهرية لكل موظف غير سعودي تمثل 25% من نسبة الخصم عند توظيف أي سعودي. بحيث لا تدفع المنشأة أي ضريبة عندما تحقق نسبة السعودة المطلوبة.
استخدامات الضريبة:
- دفع بدل عطالة لكل الباحثين عن عمل. (مثال: 1500 ريال شهريا).
- إستثمار بقية عوائد الضرائب في تدريب وتطوير العاطلين عن العمل ورفع إنتاجيتهم.
- لايدفع بدل العطالة الا للباحث عن العمل المنتظم في برنامج تدريبي.
فوائد القانون:
- سهولة التطبيق وانخفاض تكلفته وتعقيده.
- خلق بيئة تنافسية عادلة بين الشركات يحكمها الإنتاجية والفعالية، بدل أن يحكمها القدرة على الوصول للتأشيرات من خلال النفوذ أو الرشاوي.
- تسهيل النمو للشركات الناجحة.
- تحفيز الشركات للاستثمار في المعدات وغيرها من الأدوات التي ترفع إنتاجية الموظف بسبب زيادة تكلفته بعد فرض الضريبة.
- القضاء على السوق السوداء للمتاجرة بالتأشيرات.
- القضاء على كل اشكال الفساد المتعلقة بالتأشيرات.
- القضاء على التكاليف المرتفعة لاستخراج التأشيرات بسبب التأخير والاجراءات المعقدة.
- رفع المستوى الإنتاجي للسعودي الباحث عن العمل.
- خلق حد أدنى إفتراضي للأجور.
- توفير دخل مؤقت للعاطلين عن العمل يمكنهم من الإستمرار بالتدريب والعيش بكرامة.
خاتمة:
تعيش المملكة لحظة تاريخية، فالإنفاق الحكومي هو الأكبر في التاريخ، والقيادة رسمت خططا طموحة لتغيير شكل الوطن وايصاله لمصاف الدول المتقدمة، كما تهدف الحكومة لزيادة النمو في القطاع الخاص حتى يقل الإعتماد على المصادر النفطية وتنويع مصادر الدخل للمواطنين، ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف من دون موارد بشرية منتجة قادرة على تنفيذ هذه المشاريع وادارتها، وبنفس الوقت فإن هناك أعدادا كبيرة من السعوديين العاطلين واعداد كبيرة أخرى ستنضم سنويا لقوى العمل وستبحث عن وظيفة. حان الوقت لخلق آلية قادرة على استيعاب هذه الاعداد من دون اعاقة نمو الاقتصاد، بعد ضمان تدريبهم وتطويرهم حتى يكونوا منتجين قادرين على الاسهام في التنمية بشكل حقيقي.
لقد تسببت الأنظمة القديمة في ضرر كبير على مسيرة الاقتصاد والقطاع الخاص، واصبحت الشركات القادرة على المساهمة في المشاريع الحكومية الضخمة معدودة، تحتكر كل المشاريع وتفرض اسعارا فلكية بسبب غياب المنافسة الحقيقية، كما عجزت كثير من المنشآت في القطاع الخاص من النمو بسبب صعوبة الاستقدام وتضررت الأعمال الصغيرة والمتوسطة بشكل كبير وهي التي يجب أن تشكل عصب الاقتصاد كما هو الحال في كل دول العالم.
لقد حان الوقت لتغيير جذري في القوانين التي تحكم الاستقدام والسعودة، بحيث تسن قوانين تقوم على الحوافز الاقتصادية بدل الأنظمة الحالية التي يصعب ضبطها وإدارتها وتتسبب في خلق سوق سوداء وفساد.
http://www.essamalzamel.com/?p=503
المفضلات