بقلم: مطشر المرشد*

في اتجاه تصاعدي واصل مؤشر سوق الاسهم السعودي ارتفاعه ليعطي العديد من الدلالات ذات المغزى للمهتمين بحركة اسعار الأسهم السعودية، وخاصة في مثل هذه الايام التي ترتفع فيها الحاجة لقيام سوق مالي شفاف ونشط لديه الآليات والقدرة على المشاركة في دعم وتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للاقتصاد الوطني على كافة الأصعدة.
فقد ارتفع مؤشر الاسهم السعودية خلال فترة لا تزيد عن ستة اشهر بمقدار 1000نقطة من 2600نقطة ليتخطى 3650نقطة، ومازال مرشحا الى ارتفاع أكبر خلال الفترة القادمة ولهذا الارتفاع المتواصل اكثر من سبب، بعضها يعود لى أسباب تتعلق بانخفاض الفائدة وتراجع نسب العوائد على الاستثمارات حول العالم ما أدى الى ارتفاع السيولة المحلية، وبما ان السوق المحلي تندر فيه قنوات الاستثمار وتنحصر في مجالين رئيسيين فقط هما بيع وشراء الأسهم او العقارا أدى ذلك لسرعة ارتفاع الأسعار على شكل قفزات قد تشكل مخاطر مستقبلية.
لا شك أن المستجدات التي طرأت على الساحة الاقتصادية الوطنية لها تأثير مباشر على حركة اسعار الاسهم، فهناك جهود مبذولة على جميع المستويات لدعم النمو الاقتصادي من خلال اعادة الهيكلة لرفع مستوى الأداء الاقتصادي والمالي اضافة لتحديث أنظمة الاستثمار وكل هذا يصب باتجاه تنويع مصادر الدخل ما أدى للارتفاع الصاروخي في مؤشر سوق الاسهم ورفع من وتيرة الحركة الاستثمارية بشكل عام، اضف الى ذلك بقاء سعر البترول عند مستوياته الحالية المرتفعة شكل عامل دعم آخر يساعد على استمرار تواصل انتعاش الاسعار في سوق الاسهم السعودي، وكان لهذه التطورات شأن مباشر في اعادة تشكيل الخارطة الاستثمارية للمستثمرين السعوديين، حيث قام العديد من المستثمرين السعوديين خلال هذه الفترة باعادة النظر في ترتيب اولويات استثماراتهم وتشكيل المحافظ الاستثمارية لديهم، مما ساهم الى حد كبير في زيادة حركة التداول وضخ أموال كانت بعيدة عن ساحة سوق الاسهم السعودي، فقد كانت الثقافة الاستثمارية لدى الغالبية من المستثمرين في السوق السعودي وهم اصحاب رؤوس الأموال متوسطة وصغيرة الحجم تفضل التعامل مع المشاريع والاستثمارات التقليدية التي تركز بشكل كبير على العقارات او المشاريع ا
لتقليدية في القطاعات الانتاجية المختلفة سواء في تجارة التجزئة أو القطاع الزراعي وال*****ي او الصناعي، وخاصة انهم يتعاملون مع تلك المشاريع من منطلق الخبرة المكتسبة والألفة، وان اعتياد العمل والتجارة داخل تلك المجالات التقليدية يعتبر ذا مخاطر معدومة او محددة ومعروفة بالنسبة لهم مما يزيد من متانة الاقتصاد الوطني ويساعد على ايجاد مصادر لنسبة كبيرة من فرص العمل.
وبالرغم من ايجابيات انتعاش سوق الاسهم الا انني أرى بأن التذبذب الشديد والارتفاع السريع التي تشهده اسعار اسهم العديد من الشركات في سوقنا المحلي سينتج عنه تأثيرات جانبية غير صحية قد تتسبب بتكبيد الكثير من ذوي الدخل المحدود خسائر كبيرة تؤثر سلبا على المجتمع والاقتصاد الوطني، فهناك من يقول ان عددا قليلا من كبار المستثمرين يستغلون نفوذهم وقوة رؤوس أموالهم لتحريك سهم معين ومن ثم نشر اشاعات بان ذلك السهم سيرتفع بشكل صاروخي ليتسنى لهم بيع محفظتهم تدريجيا على الصغار المندفعين، وان كان ذلك صحيحا وفي حال هدوء وتيرة التعامل وتراجع الأسعار (السمك الكبير يلتهم الصغير) سيكون هنالك نسبة كبيرة من المتعاملين خاصة الذين يتعاملون عن طريق التسهيلات المصرفية على الاستدانة لسد النقص وتستمر حلقة الخسائر.. ولذلك أرى انه من المهم جدا الاسراع في تنظيم سوقنا المالي للتخلص من السلبيات الحالية وابعاد مصادر الضعف التي يعاني منها سوقنا المحلي مثل انعدام الشفافية واستمرار سيطرة نفس الفئة من المؤثرين ولمدة طويلة على تكتيك التعامل المعروف بتسريب المعلومات الحساسة والاشاعات على صغار المستثمرين للاستفادة منها، فمن المعروف أن جميع الاسواق المالية
حول العالم تطبق قوانين صارمة وأنظمة اشرافية ورقابية على التنفيذيين الذين يمتلكون المعلومات الدقيقة والحساسة للتأكد من عدم استخدامها لتحريك اسهم شركة أو قطاع معين او المؤشر بشكل عام، فهل تعي سلطاتنا النقدية ومديرو الصناديق الضخمة خطورة الوضع وان المضاربة العشوائىة وغير المنظمة التي ينجرف نحوها عدد غير بسيط من افراد المجتمع أدى لزيادة ضغوط بسبب ارتفاع الديون الشخصية والجري خلف مخاطر يجهلها الكثير منهم بعد الاستدانة أو تقسيط عدد من السيارات لبيعها واستخدام السيولة للمضاربة في سوق الأسهم!

*محلل مالي واقتصادي
Motasher@hotmail.com



....................