السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كنت قد كتبت رد في حينه على الكاتب راشد الفوزان في مقالته STC ماذا عن هيئة الاتصالات؟! المنشور في جريدة الرياض قبل 9 ايام.
رابط المقالة
وأردت نشره ولكن لم يحصل فالصحافة كانت مشغولة عن المغمورين أمثالي.
وبما أن الكلام عن الاتصالات لم ينتهي وصخب هذا العرض مازال موجود فأود نشر الرد هنا.
وهو مختصر يحكي قصتنا مع الكتاب "المتخصصين"! ,ويلفت النظر الى قضايا أخرى مهمة.
___
من المهم في نظري بيان أهمية وجود الكتابات المتخصصة في شؤون الأعمال، فهي مقدراتنا الوطنية التي لاتقل أهمية عن غيرها من المسائل الوطنية. و سأحاول التعريج على الحالة الراهنة لجزء مهم في مجتمع الأعمال وهو الجانب الاعلامي والصحفي.
استمدت بعض الأقلام شهرتها وشيوعها بين الناس بالخوض في صلب اهتماماتهم، فالحديث عن سوق المال والعقار يكاد يكون هو جل ما نخوض فيه في مجالسنا. وبرز بعض المتخصصين ومن هم دون ذلك في الفترة بين 2001 حتى 2005 (طفرة الأسهم) وتمايزت تلك الأقلام بقدر ما لديها من العلم والمعرفة والمهارة والكاريزما وحتى و إن لم يكن لبعضهم قدر من هذه الأمور إلا أن طول النفس في الكتابة المنتظمة يضمن لك جمهور ومريدين. ومع نكسة السوق بعد ذلك، كسدت بضاعة بعضهم وتوارى عن الأنظار آخرون فلم تعد الإثارة حاضرة ولا الإيرادات مجزية. و ساعد عدم وجود بيئات إعلامية متخصصة في خفوت اللغة المهنية و تحفيز الجنوح للشأن العام. فوجود الإعلام المتخصص يحفز الوعي ويطور من ذائقة المتلقي وتكون القيمة فيما يكتب هو المعيار الحقيقي وليس أي شيء آخر.
و لقد ألقى هذا بضلالة على بعض من تبقى منهم، فأصبح يميل إلى اللهجة العامة بدلا من المتخصصة. واتساع قاعدة الجماهير شكل آخر من أشكال الإثارة ويحفز الكاتب على تعميم لغة الخطاب. وليست المشكلة في هذا ولكن المشكل هنا أن أصوات الجماهير قد تعمل عملها في تسيير الكاتب إلى آراء ووجهات نظر تغيب عنها الموضوعية والسند العلمي. و هذا ما أحسبه حاضرا في مقالة الأستاذ راشد التي أشرت لها في البداية. فليست الكتابة على رتم الجماهير فقط بل حتى على رغبة وهوى شركة عملاقة كالاتصالات السعودية وهي حالة مثالية لا تنفك عن إغراءه.
قارنً الأستاذ "هوامش أرباح" قطاع الاتصالات مع "مجموع إيرادات" قطاع الكهرباء! ثم مرة أخرى مع إيرادات وزارة المياه وأتساءل هنا ما هي القيمة المستخلصة من هذه المقارنة، لا أدري ما وجه المقارنة هنا فليست القطاعات متشابهة ولا حتى البنود. وهي برأيي لا معنى لها. و إن كانت لفظة الخدمات مسوغ؛ فربما عليه أيضاً أن يقارن ذلك مع البنوك فهي خدمات مالية أيضا! إلا أن تكون هذه المقارنة لها غرض تهويلي يتناسب مع نغمة الجمهور.
بالطبع على هيئة الاتصالات حماية "جميع أصحاب العلاقة" وهذه نظرة أكثر عدالة فهناك حقوق للدولة وللمنافسين والمستهلكين على حد سواء. فليست السوق سوق منافسة كاملة -المعنى الاقتصادي الخاص- لذا لا يمكن أن يفتح باب التنافس بالأسعار على مصراعيه ولم تتحقق أبجديات ذلك. "زين" اشترت رخصة التشغيل بأكثر من 20 مليار ومن قبلها" موبايلي" وهم مواجهون بمصاريف تأسيس و هذا يتطلب بعض الوقت حتى تثبت أقدامهم في السوق.
ما ألمح اليه الأستاذ راشد أن المستهلك النهائي هو من يتحمل التكلفة ليس دقيقاً، الشركتان دفعتا مسبقاً لهيئة الاتصالات -الدولة- فلا يجب علينا القلق بأن الشريك الرئيس غير محلي لأننا استوفينا حقوقنا منه وزيادة، لذا فأبسط الحقوق هو أن يحدد مدى الأسعار بما يتوافق مع أشياء كثير معتبرة لدى هيئة الاتصالات - أحد الأذرع التنفيذية للسياسة الحكومية-. وأرى أن الهوامش المرتفعة لأرباح قطاع الاتصالات جزء كبير منه مرده إلى العادات الاستهلاكية المميزة للشعب السعودي وليس كله بسبب الهوامش المرتفعة.
أخيراً، فإن حالة شركة الاتصالات السعودية جديرة بالدراسة وما هذا العرض الترويجي إلا أحد ظواهر سلوك الشركة التي لديها الكثير ليُتحدث عنه. وما دفعني حقيقة لهذا الرد هو في الأساس لإثارة عدة تساؤلات منها: ما هو وضع الشركة بعد دخولها في حالة المنافسة؟ وما هو وضع الإدارة الجديدة؟ وما موقف المنافسون من وجود محافظ البنك المركزي في أعلى الهرم الإداري لدى غريمتهم، و مدى سلامته من الناحية القانونية؟ وما هو التقييم الاستثماري لعمليات الاستحواذ التي تمت خلال الثلاث سنوات الأخيرة أو حتى عقود الرعاية التي أبرمتها؟. أحد مميزات الشركة هو النقد الهائل التي تتربع عليه فهل استطاعت الإدارة الحالية أن تترجم ذلك إلى قيمة مضافة حقيقية؟
____
Benchmark
بريطانيا 25 نوفمبر 2009
المفضلات