المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأسود
هذا مقابله لمنصور النقيدان في إيلاف
تحدث عن هجرته والتشابه بين صدام حسين والهيئة:
منصور النقيدان: أحاول أن أثبت أنني لست فقاعة
وهذا جزء من فكره
من الرياض إلى دبي ماذا تغير في حياة النقيدان وماذا غاب هناك وعثرت عليه هنا ؟
هنا الناس أكثر لصوقاً بالحياة، تنوع هائل من عشرات الأجناس والأعراق يتجاورون في بناية واحدة، ينتمون إلى أديان ومذاهب شتى دون أن تطالهم المضايقات أو التمييز، بإمكاننا نحن الاثنين أنا وزوجتي أن نسير حذاء البحيرة وفي الأسواق يدي بيدها ونحن واثقان أنه لن نتفاجأ بأحد يستوقفنا ويحقق في حقيقة علاقتنا، هنا ترتاد المطاعم المختلطة، من دون أن نحشر في غرفة مغلقة تكتم الأنفاس وتثير الكآبة وتشعرك بأنك في زنزانة، حفاظاً على الأعراض والجواهر المكنونة "وآخر الخرطي"، هنا - وأتمنى أن لاتنقلب الأمور مستقبلا - لا تتعطل الحياة خمس مرات ، لأداء صلاة بإمكانك أن تؤديها في مكانك وأنت تقود سيارتك، أو تؤديها بقلبك إيماءً ، وخضوعاً لجمال الخالق وبهاء الكون، في بلادي لوتعطلت سيارتك في الرياض أثناء فترة من فترات "الموات" لما وجدت من يصلحها، ولو احتجت دواء من أي صيدلية لكان عليك الانتظار حتى يخرج العامل المختبئ عن عيون الهيئة من جحره يزيل الأقفال. أتعلم أن استغلال الدين بلغ أن تتعطل أحيانا استعلامات دليل الهاتف ولا تجد من يجيبك لأن الجميع يؤدي الصلاة ! الجميع يؤدي الصلاة ! المهم أن تعطل ما بيدك حتى وإن كنت لا تؤمن بالله، حتى وإن كنت تصلي لبوذا.
حسناً أنا منذ فترة وأنا أتخبط، أبحث عن توليفة تمزج بين الحرية الشخصية وتلبي أشواق الروح، يعني توليفة مشوبة بنزعة روحية وترتكز على رؤية علمانية للدين ودوره في المجتمع. صحيح إنها لا تجد تربة خصبة في هذه البقعة من العالم، ولن تجد لها أتباعاً، لأنها لاتتناسب والمزاج الاجتماعي والتركيبة العقلية للأفراد.
طيب خليني أضرب لك أمثلة تكشف المأساة، هل خطر بذهنك يوماً أن تغمض عينيك وتسرح بخيالك لتجمع كل حالة وما يناقضها، مسلم يخشى سخط الله من تأخير الصلاة عن وقتها، هو نفسه الذي يقوم بكتابة تقرير كاذب في زميل له في عمله لا ينتمي إلى مذهبه فيفقد وظيفته أو يسجن ظلماً. يفعل ذلك وهو مطمئن البال.
عضو الهيئة الذي يذل زوجين بشكل مهين أمام الناس خوفاً على المجتمع من أن تكون علاقتهما غير شرعية، يعني حفظاً لأعراض الأمة هو نفسه الذي يعاشر باسم الزواج بنية الطلاق في أسبوع واحد وبألفين ريال فقط خمس نسوة من حجات مكة المعدمات والتكرونيات البائسات وغيرهن، هو يفعل ذلك مؤمناً في قرارة نفسه أن أبناء المذهب الشيعي أبناء زنا لأن فقهاءهم يجيزون نكاح المتعة. باسم الحفاظ على ثوابت دينه يهلك نفوساً ويذل قلوباً مرهفة.
تلك المرأة وزوجها اللذان تسيل دموعهما على ما يجري في العراق على أتباع مذهبهم، وعلى المآسي في فلسطين، هما اللذان يتعاملان مع خادمتهما المسلمة بكل أنواع القسوة والوحشية، وهما اللذان يشمتان بمن مات أو أصيب في تسونامي أو كاترينا. الدين والثقافة التي تصوغ أتباعها بهذه الرؤية هي الأفيون الحقيقي. هذا هو "التمعيز".
هناك مجموعة من البشر تسطو على الجمال الذي خلقه الله وتحدث تشويهاً في نظامه، وتنتهك نواميسه في كونه، شخصياً أعتقد أن كل شريعة عرفتها الحضارات الإنسانية ساهمت بشكل مباشر في إحداث هذا الخلل، وإن كانت الغرائز الإنسانية دائما تجد منفذا لها ومتنفساً، يسهم في استمرار التوائم، تماما كما حينما تفصل بين الرجال والنساء بالشكل الذي نراه في السعودية وطالبان وأماكن أخرى بنسب متفاوتة.
لقد توصلت إلى حقيقة ملخصها أن قصص الحب الخالدة والمتعثرة التي وئدت في مهدها، تلك الأساطير التي عرفتها وتعيشها كل لحظة ثقافات وحضارات متعددة أسهمت بدفق عاطفي أسهم في توازن عالم النفوس البشرية، تلك القصص التي تجاوزت محرمات وتقاليد وعادات، وأن الفنان وعازف القيثارة أكثر إيماناً بالله من شيخ في مسجد يلقن الكراهية، ويحك جبهته في الأرض حتى تذهب معالم حواجبه، أو يتلو آيات القرآن بصوت ذئب موحش، وأن الراح تمنحك إنساناً مرهف الإحساس ناعم القلب، وحينما تحوله إلى بائس مثير للمتاعب فهو في كل الأحوال أحب إلى الله من ابن لادن، ومشايخ العقارات.
لكن هذه الهيئة كما يقال حالت دون وقوع بعض الجرائم ؟
الهيئة نتاج نظام وثقافة وفكر ديني يحميها، نظام سياسي ديني ومؤسسة دينية ذات سيطرة روحية على المجتمع بشكل يفوق التصور ، و يمنحها الحصانة المعنوية والتجدد مع كل ضربة قد تتعرض لها، في مجتمع يشعر الرجل فيه أن النظر إلى زوجته من قبل الغريب تعد على محارمه وتطاول على شرفه ، وأن حديث ابنته في الهاتف مع زميل لها مثلاً في الجامعة، أو تناول كأس قهوة معه في مقهى مفتوح عار قد يلحق كارثة كبرى، وتنعكس آثاره السلبية ليس على مستقبلها الاجتماعي بل حتى على أخواتها، مثل هذا المجتمع من الطبيعي أن يتواءم مع وجود الحسبة، صحيح أن بعضهم لا يعجبه أن يمارس الاحتساب عليه ويعلمه الفضيلة شخص كان يعرفه منذ مراهقته في الحي يتحرش بالأحداث، أو يعاشر "المعزا"، ويتعرض للصبايا في عودتهن من المدرسة، لهذا أخطاء أعضاء الهيئة تحدث ردة فعل معاكسة حتى عند المتعاطفين معهم والمؤيدين لوظيفتهم في المجتمع ، لأنها مؤسسة تماس مع أخص خصوصيات الأفراد، وبما أنها تطرح نفسها على أنها تحمي شرف المجتمع فبالتأكيد ستكون أخطاؤها هي بهذا المستوى من الحساسية، ولهذا يحتفظ الناس بمواقف معادية لها أكثر من الشرطة والمباحث، ويتعاملون مع أخطاء الأمن بشكل أكثر تسامحاً.
لماذا بلد مثل الإمارات العربية المتحدة ليس فيه هيئة للحسبة نسبة جرائم الاغتصاب والخطف فيه أقل بعشرات من بلد الشريعة والنقاء؟ ولماذا سرقة السيارت والسرقة تحت تهديد السلاح في دبي التي يعتقد دعاة الفضيلة أنها ماخور هي أقل من الرياض بل من مكة المكرمة؟
صدام حسين كان حائلا دون الكثير من الكوارث في العراق، وحتى النظام الشيوعي حال دون وقوع كوارث كثيرة في الاتحاد السوفيتي. جنكيز خان كان الياسق الذي شرعه يحوي مجموعة من العقوبات منحت التتر تماسكاً اجتماعياً داخلياً ونظاماً قيمياً مكنهم من غزو العالم في لحظة تاريخية معينة.
لو نبتعد عن القرني والعوده هل أنت علماني ؟
نعم انا علماني وأؤمن إيمانا لا يخالطه شك انها الحل الوحيد ، كما هو اليوم ماثل امامنا في أوروبا واميركا، ولكن هذا شيء والواقع والتعامل معه شيء آخر، مساحة الآمال في انتشار العلمانية في بلادنا تتآكل اليوم ، وأكثر دعاتها ومفكريها والمروجين لمفاهيمها، هم في تناقص ونكوص، الجميع اليوم يعيش هوس التأسلم
عندما تكتب كتابا هل سيكون على غرار كتب القصيبي ويحوي ما سيعتبره البعض إلحادا أو يكون ضمن سطوره إسقاطات دينيه ؟
القصيمي شي مختلف تماما. ذات مرة كتبت مقالاً أسأت له في مقال نشرته في صحيفة الرياض وهذا ربما ناتج لعدم قراءتي لجميع ما كتبه.القصيمي أشبه بالأنبياء إنه احد الأشخاص القلائل في التاريخ ، ينفثون الروح في أجيال تنهل من معين أفكارهم وتستلهم من مواقفهم وتجاربهم، القصيمي من اولئك الذين تتحول عذاباتهم التي يصوغونها سحراً من البيان وقصيداً يلامس شغاف القلوب ويجتث من الجذور ركاماً من القناعات والثوابت والأساطير، بعضهم يشبهه بنيتشه. بخصوصي أحب أن أؤكد على أمر مهم أنني لست ملحداً، أنا مؤمن بالله .ولكن فهمي للدين مختلف شيئاً ما عن الفهم السائد.
وعائض القرني لم طالب بمحاكمتك ؟
تفاجأت بعد خروجي في برنامج اضاءات مع تركي الدخيل في الخامس عشر من سبتمبر عام 2004 بعائض بعدها بأسبوعين في قناة في الجزيرة يطالب بمحاكمتي بعد ان قلت ان المؤمنين عندي سواء مسلمهم او بوذيهم ويهوداً او مسيحيين.اذكر الشيخ عائض أن القضاء الذي يطالبه بمحاكمتي هو نفسه القضاء الذي أصدر بحقه عام 1990 صكاً شرعياً يتعلق بقضية اخلاقية لاعتدائه على طفل، في قصة مشهورة، أعتقد ان مثل هولاء هم الاجدر بأن يراجعوا أنفسهم عندما ينتقدون الآخرين وعليهم العودة لذواتهم ومراجعة أخطائهم.
وهذا الرابط للقاء كاملاً
المفضلات