أدرج موقع القضاة الإلكتروني والذي يكتب فيه عدد من أصحاب الفضيلة قضاة المحاكم الشرعية والإدارية بالمملكة العربية السعودية مقالا شرعياً مؤصلاً لفضيلة الدكتور / عيسى الغيث القاضي بالمحكمة الجزائية بالرياض ، والذي كان قاضيا بالمحكمة الجزائية بتبوك قبل سنوات ، وقد تحدث في مقاله عن اللقاء الصحفي الذي أجرته صحيفة الرياض مع معالي وزير العدل عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد العيسى وفيما يلي مقال الشيخ الدكتور عيسى الغيث
المقدمة
الحمد لله الذي قيظ لهذا الدين من ينفي عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، في سلك ورثة النبوة، وحُرَّاس الشريعة من الدَّخَل والدَّخِيل، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ:
فقد أثلج صدري، وأسعد خاطري الحديث الضافي لمعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل، عضو هيئة كبار العلماء، في صحيفة: " الرياض " بعددها ذي الرقم 15097 يومَ السبت الخامس من ذي القعدة لعام 1430هـ الموافق الرابع والعشرين من أكتوبر لعام 2009م، بشأن تصريحه المتضمن تنويهه بالتَّحول العلمي والتقني المتمثل بالصرح الكبير الذي هدي إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بإنشاء جامعته الميمونة للعلوم والتقنية ودعواته له بالتوفيق والتسديد، وأن تكون صلة في عمره ووصلاً لعمله - يحفظه الله-، وقد عُرف معاليه في وسطه القضائي والعلمي بجودة: مادته العلمية، المتعددة الطيف في: الفقه، والقضاء، والتفسير، واللغة، وآداب العرب، وعنايته الخاصة بـ: " ألفاظ الشريعة "، والتحذير من " المواضعة " على خلافها، وغيرته على أحكامها.
الاختلاط
لقد اطلعت على حديثه الثري في مادته، الذي نعى فيه على محدثة دخيلة غريبة على قاموسنا الفقهي تتعلق بـ"الاختلاط" وهو ما لا يعرف كمصطلح علمي ـ لا سرد لفظي لا يأخذ وصف المصطلح ـ إلا في السوائل، والحيوان، وعلم الرجال، أما في المباحث الفقهية فكما قال معاليه لا تجدها إلا في كتاب الزكاة.
وهو ما أكده الدكتور يوسف القرضاوي حيث قال : "إن كلمة «الاختلاط» في مجال العلاقة بين الرجل والمرأة، كلمة دخيلة على «المعجم الإسلامي» لم يعرفها تراثنا الطويل العريض طوال القرون الماضية، ولم تعرف إلا في هذا العصر"، والمقصود غرابتها كمصطلح فيما سيقت له، وكتب المعاجم الفقهية ومصطلحاتها تؤكد تسلل هذا العنصر الغريب إلى قاموسنا الفقهي، والأغرب منه التهافت عليه مع اضطراب مدلوله على ما أعطي من حكم عام هو التحريم المطلق، في حين أن الأحكام الفقهية الخمسة ترد عليه، فمن واجب يتعلق بإزالة المنكر والبيان الواجب، ومن مندوب يتعلق بعموم النصح والإرشاد ، ومن محرم في غشيان مواطن الريبة، وعدم التقيد بآداب الشرع، ومن مكروه إذا خُشي ذلك ولم يغلب على الظن، ومن جائز فيما عدا ذلك.
وكم عجبت من سرد ألفاظ الاختلاط في بعض المدونات السابقة في أحكام لا تخرج عن الزنا والقذف الصريح ومواطن الريبة، وهذا هو الذي استثناه معالي الوزير في تحفظه على اللقاء العام في جمع النساء والرجال في أماكن العبادة وغيرها، وقد جاء جمع هذا السرد اللفظي الذي لا تخلو منه المؤلفات السابقة ولا من أي كلمة في قاموس العربية حيث يمكن الحصول على نتائجها في ثوانٍ، من خلال الموسوعات الالكترونية دون عناء، وهو ما لا يخفى على معاليه وهو من المغرمين بالتقنية الحديثة في توظيفها الخيِّر، المساهمين في مشاريعها العلمية ونشرها، لكنه أكد أن هذه الكلمة دخيلة على المصطلح العلمي فقهاً حيث لا يتولد المصطلح إلا من كثرة دورانه في نصوص الشريعة كما هو في كلمة الخلوة عكس الاختلاط الذي لا يكثر دورانه إلا في مصطلحات المحدثين عند اختلاط الرجل في عقله وعلمه فتأتي عبارة " عنده خلط ـ اختلاط ـ اختلط بأَخَرَةٍ الخ .."، وشاهد هذا أن الخلوة يُعقد لها التعريف لغة وشرعاً واصطلاحاً، بخلاف الاختلاط.
السياق
جاء تصريح معاليه في سياق التنويه والإشادة بهذا الصرح العلمي الذي يرجى له الخير والتوفيق وتحقيق الطموح منه ولم يكن موضوع الاختلاط في أصل السياق ولم يعقد له بحثاً خاصاً، وإنما ورد بالمناسبة، ومع ذلك لم يخلُ كلامه من السياق المحكم والمؤسس، فينبئ عن أن المادة المطروحة كانت في مستوى الوعي والإدراك وبعد النظر والتأصيل، يشهد بذلك قوة طرحها، وجزالة مصطلحها، ونفاذ فكرتها، بالرغم من كونها كما ذكرنا جاءت عرضاً ولم تطرح بحثاً، فكيف لو خرجت بحثاً بهذا الأسلوب الذي كان بهذا الحجم والنوعية العميقة في معانيها والبليغة في مبانيها والدقيقة في مدلولاتها.
المناقشات
كما اطلعت على بعض المناقشات حول البيان والإيضاح العلمي في تصريح الوزير المشار إليه حول مفاهيم الخلوة والاختلاط، واستوقفتني بعض النقاط العلمية، حيث إن مضامين تصريحه واضحة المعالم، متحفظة في شروطها، ناعية على التبذل والخروج على سمت الحشمة والأدب والستر الإسلامي المطلوب، فكان بياناً مختصراً عابراً أوضح معالم مهمة، وصحح مفاهيم خاطئة، وذب عن مصطلحات الشريعة العبارات الدخيلة، بأفقٍ جعل الدليل مرآته فأبصر، وحكَّم منطق الشرع، فُهدي ـ بحمد الله ـ إلى سواء السبيل، ولم يكن إزاء هذه المسئولية الدينية والوطنية والمجتمعية إلا صادعاً بما تبرأ به ذمته، لا يلوي على مقاصد ذهبت فيها الكثير من المفاهيم وكَبت فيها الأقدام لا لشيء إلا لسائد القول، ولظنون وأوهام، والشغب على العلم وأهله بانتحاله وادعائه، والفرح باحتضان الدخيل في سياق البدع وغزو المصطلحات الشرعية.
المصادرة
لا يسوغ تحميل تصريح الوزير، أكثر من مضامينه الواضحة الناعية على التبرج، والسفور، والخروج، عن سمت الحشمة، والبعد عن مواطن الريبة، والحذر من بدع المصطلحات، أو التعقب على الشريعة، والغيرة فوق غيرتها، حيث لاحظت من المفارقات العجيبة ظهور الاجتماع على تفسير واحد من طرفي النقيض حيث إن المفَرِّطين فرحوا بما لم يقله في حين أن المُفْرِطين نقموا على ما لم يقله، والكلام مثبت بنصوصه وسياقاته ولا يمكن التدليس عليه، وإن التأويل الباطل الذي ذهب إليه بعض الكتاب ممن يزعمون الغيرة ويصادرون الحقوق ويزايدون على الآخرين كشف مستوى الفهم والأمانة، وإن الاختلاط كمفهوم مقيد وليس كمصطلح مطلق منه ما يباح ومنه ما يحرم على ما أسلفنا، وإنما قيد بضوابط ذكرها الوزير في تصريحه وفيه من الشروط الواقية ما لم يوردها أي أحد من الذين أساءوا القراءة والظن، وما نشر من مناكفات صدرت عن أقلام يعيبها التسرع، وضحالة المادة وضعف التركيز، ما هو إلا ضمن فكر وسياق التحكم الذي لا تقبله الأصول العلمية ولا المنطلقات المنهجية، وقد ذكَّرَنا هذا بموقف البعض من توسعة المسعى التي كشفت مستوى الحجر على المقابل العلمي والمناكفات والتشويشات في حين كان من المفترض مبادرتهم بمثل ذلك لا وضع العصي في الدواليب وتأليب العامة بحماسة الجهل والطيش، فيما هو محل اجتهاد تم رفع خلافه باختيار ولي الأمر، بعد أن أسسه على أدلة وبينات موثقة أمام القضاء، ومدللة علمياً، ومؤصلة مسحاً تاريخياً؛ لتحقيق المصلحة العامة التي قدرها علماء الأمة، وشكروا ولي الأمر عليها جزاه الله خيراً، فلا مزايدة على مصلحة الدين والوطن والذب عن الشريعة ورعاية أحكامها ومصطلحاتها وحماية أعراضها وحرماتها، وما يزعمونه لا يعد في أحسن الحالات إلا من المصالح الملغاة لا مصالح معتبرة، والمصلحة الملغاة لا اعتبار لها كما قرره أهل العلم في مباحث أصول الفقه، وسيأتي الحديث عن هذا مفصلاً في حلقة قادمة بإذن الله تعالى، فالمتعين الحذر من مثل هذه المناكفات والتشويشات على مشاريع ولي الأمر الإصلاحية وعدم حصرها وقصرها على فهوم قلة من أهل الغلو غير المبرر، وإنما المفسر برغبتهم في الظهور والشهرة والتصدر، والتهافت على الردود، واحتكار الدفاع عن الشريعة ؛ تقدماً بين يدي أهل العلم واتهاماً لهم، في سباق محموم ومزايدة على الغيرة والنصح وقالب ركض وشغب، حتى رد بعضهم على بعض ، إلى حد التسفيه وكيل التهم فأوضع الطيش خلالهم وكفانا شرهم، كل هذا على حساب المصلحة العامة للأمة والوطن والمجتمع.
التناقض
في السياق نفسه أتى الموقف المشوش على قرار قصر بيع المستلزمات النسائية الداخلية على النساء بشكل مطلق، دون ربطه بقيد يحقق المصلحة، ويدرأ المفسدة، ويسد باب الذريعة الحقيقية، وليست المتوهمة، كاشتراطنا فصلهن عن البائعين من الرجال وليس الممانعة المطلقة، في حين كان من الواجب أن يبادروا بالمطالبة بهذا الأمر لا أن يمانعوا عليه، وهذا يأتي ضمن ركام معاد تكريره في التناقض بين ما نعتقده من ناحية وما نمارسه أخرى، وأحياناً بلا وعي ولا شعور، وكذلك بين ما نقوله ونطالب به من ناحية وما نطبقه من ناحية أخرى، ومن ذلك تعليم المرأة وفصلها عن الرجال بقياداتها كتكليف المرأة بقيادة تعليم البنات الذي كان يجب أن يكون مطلباً لنا لا أن يكون معارضة منا؛ لكونه جاء وفق أفكارنا ومنطلقاتنا التحشمية، ومثله عمل المرأة وتخصيص بعض المهن لها ونحو ذلك ممن نرى أن المعارضين لها هم ممن تصورنا مسبقاً أنهم يناصرون هذه المطالب لا أن يناهضوها؛ لكوننا نعتقد بأنهم الأولى في السعي لحشمة المرأة وعفتها، وكما أننا نعتز بأن شريعتنا الإسلامية مصلحة لكل زمان ومكان فيجب علينا تطبيق ذلك ممارسة على الأرض والواقع دون أوهام وظنون، وممانعات لم تستند على ركن شديد، كباب سد الذرائع الذي وظفه الحروريون (أهل الغلو والتنطع) ليجعلوا منه باباً لسد المباحات ومصالح الأمة، كما لوحظ سكوت الكثير ممن لا يسوغ سكوتهم عن القيام بالواجب الشرعي في بيان الحق والدفاع عنه، في حين نجد آخرين مناكفين بأوهام وتدليسات ومبالغات ما أنزل الله بها من سلطان.
فبعض الحروريين يزايد للنفخ الذاتي، والتمايز العلمي؛ جلباً للأضواء، وركضاً وراء فتن الشهرة والظهور، والانفراد برفع راية الدفاع عن حياض الأمة، مستغلاً في ذلك سذاجة الرعاع، مستثمراً حماساتهم الدينية الفارغة من المادة والفكر.
وتقلب الحروريين أسرع من الريح المرسلة لأدنى صارف، ولا غرو فقاعدتهم على شفا جرف هارٍ، والناس شهود الله في أرضهم، وقرائن الأحوال والسياق العام أكبر شاهد، وقد أودع الله في القلوب يقظة تعاير وتقايس وتهدي بإذن الله للطريق السوي، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك"، وليس أجهل من شخص يدعي العصمة والصواب، وينعى على غيره الرأي والاجتهاد، مع اتحادهم في مصادر التلقي.
تعليمات الحشمة والاختلاط
لاحظت أن هناك من يستدل ببعض التعليمات المانعة من الاختلاط، في حين وردت لتحقيق مناط الحشمة والبعد عما يضادها في سياق المفهوم السائد لمصطلحه العرفي لا الشرعي؛ تقريباً للمعنى في ذهن المتلقي الذي تأثر بالمصطلح المحدث وصار في مخيلته مسلمة شرعية وقاعدة مطردة لا يعرف سوى منكره وجمعه المشين، وصارت أذنه مرهفة الحس نحوه، لكن لا نشك أن التعليمات المتعلقة بالمنع من أي مخالطة بين الرجال والنساء لا تعني الجمع العام في حشده وملتقاه الطيب بحشمته وستره وتوخيه الشروط والضوابط التي أشار إليها معاليه، وإلا لكانت منصبة أيضاً على الاختلاط في أمور التعبد كالطواف والسعي ورمي الجمار، ولا تعني التعليمات مطلق الاختلاط؛ لأن منه ما هو مسلم بإباحته في بعض العبادات وفي الأسواق والأماكن العامة، وإنما عنت التعليمات الاختلاط المحرم وهو الذي لم يستوف الشروط الستة التي أوردها معاليه في تصريحه، فالألف واللام في عبارة الاختلاط هي عهدية لا جنسية، ويقصد منها الاختلاط المعهود وهو غير المستوفي للشروط أي المحرم ولو جعلناها جنسية لا عهدية فسوف تكون شاملة لكل جنس ولو كان غير مقصود، وللعبارات منطوقات ومفهومات سواء بالموافقة أو المخالفة.
المغالطات
كما أن وزير العدل لم يجز الاختلاط في التعليم ولم يرد في كلامه ما ينص أو يفهم منه ذلك، ولكن أراد البعض التشويش والتهويش فوجد تصريح الوزير مبرراً ومنطلقاً يتكئ عليه زوراً لبث أفكاره بكل تدليس وفقد للأمانة العلمية والمنهجية البحثية والأخلاق الإسلامية، ويأتي هذا ضمن مسلسل الانتقادات المتوالية من هذه الفئة لإعاقة التنمية، كما أن الاختلاط المزعوم في الجامعة غير متحقق وما يوجد فيها لا يعدو كونه عبارة عن لقاء في الطرقات والساحات كالأسواق والأماكن العامة، وهي عدة مدن وساحات تستوعب مد البصر، لا تختلف في ملتقاها عن ملتقى الناس في أسواقهم ورعاية مصالحهم ، لكننا لا نستغرب هذا التطرف الفكري فذاكرتنا غير مخرومة وتراكم دروس حياتنا عمن يناهضون التنمية ظاهرة للعيان كمنع المرأة من التعليم والبرقية والتلفاز وحتى الانترنت الذي ينشطون فيه اليوم كان عند بعضهم محرماً كالخمر والميسر.
إن هذا المصطلح الدخيل " الاختلاط " مضطرب وليس موجوداً بالمعنى الذي يريده هؤلاء في المدونات العلمية والقواميس الفقهية والمراجع الشرعية، ويظهر الاضطراب على مفهوم الاختلاط بأنه يرد عليه حالات لا يعد فيه محرماً كما أنه في حالات يعد محظوراً كما بينا سلفاً، وبالتالي لا يجوز اعتباره مصطلحاً لعدم أصالته الاصطلاحية من وجه وعدم توحد حكمه من وجه آخر، وحتى عند التسليم جدلاً بقبوله فلا يمكن حظر الاختلاط مطلقاً وإنما هناك مسائل متفق على تحريمها ومسائل أخرى متفق على إباحتها ومسائل بين هذا وذاك هي محل للنظر والاجتهاد ولا يجوز الاستدلال بمجرد المصطلح المحدث على حرمة جميع مدلولاته لانخرامه وسقوطه في المحك العلمي، لكن يمكننا الاستعاضة عن ذلك بمصطلحات فقهية أصيلة كالخلوة المحرمة ونحوها، وحتى في حال التسليم بهذا المصطلح فهناك ضوابط ستة ذكرها الوزير لم أجد أن أحداً ممن عارض قد أوردها، مما يكشف أن الوزير قد تحوط أكثر منهم فاشترط تحقق ستة ضوابط وهي عدم الخضوع في القول والتبرج والزينة والتساهل في التحفظ وغض البصر واحتكاك أي منهما بالآخر. في حين نجد أن من الحرورية مُفَرِّخي فتنة الإرهاب وأهل الشغب والمراغمة من اقتصر على شرط أو شرطين، وهم من يُدَلِّسُ بمحاربة الفكر الإرهابي، والله أعلم بما يُوعُون.
المواضعة
إن تضمين كلمة الاختلاط في السياقات العابرة لبعض الفقهاء لا يكسبها وصف الاصطلاح في القاموس الفقهي على ما أوضحنا، كونها مجرد سرد لفظي، ولو عممنا هذا الأمر لكانت كل كلمة في المعجم العربي مصطلحاً فقهياً حيث لا تكاد تخلو مدونات الفقه من استخدام كلمات المعجم، والمشكلة هنا من حيث كونها مصطلحاً لا من حيث بعض مدلولاتها، وعليه فما ينقل من هنا وهناك خارج محل النزاع، ولا غرابة فيمن اختلط عليه الأمر؛ لكونه ليس من أهل التخصص الدقيق فتعوزه آلة العلم والتبصر فيها، ولعله يحسن الرجوع في ذلك إلى بحث:" المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللُّغى " للشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-، فالوزير إذاً لم يُرد الاختلاط المحرم وإنما نعى على اللفظة المحدثة في اكتسائها وصف المصطلح وبيَّن المفهوم العام لها ؛ وأن هذا العنصر الغريب يجب أن تحفه الضوابط حتى لا يكون سائباً في مفاهيمه ، وهو أراد أن يخرج ما لا يريده أهل العلم وما لا يقصد في عباراتهم، فلو استطلعت واستقرأت كتب الاصطلاح التي سردها حصراً شيخنا العلامة بكر أبو زيد ـ رحمه الله ـ في فاتحة كتابه المذكور ، لعلمت المقصود من هذا الكلام وأنه بدعة من الناحية المصطلحية، لكن المشكلة في الجهل والخلط والتدليس وتحميل الكلام ما لا يحتمل، ولم يدر في حديث الوزير أي إجازة للاختلاط المذكور وإنما منع المصطلح لعدم دقته وعدم تحريره وركاكته واضطرابه، وتسمية بعض مشاهد المسلمين في جمعهم العام التعبدي والعادي اختلاطاً ليُدخل تقولاً على أحكام الشرع في المفهوم المحرم للاختلاط المشنع عليه في وجدان العامة بفعل التدليس عليهم ببدع المصطلحات، وأنموذجاً عصرياً يحسن الرجوع هنا للموسوعة الفقهية الكويتية في مادة (اختلاط) حيث جاءت كما ذكره الوزير من هذا الوجه المصطلحي وهو الوارد في كلام الشيخ القرضاوي وغيره، فهذا محل الحديث بلا تدليس.
التضليل
كما لوحظ في بعض مناقشات حديث الوزير السرد المطول والنقل عن الكتب، مع أنه ليس ذا بال في المحك العلمي مالم يكن مليئاً بالحجج والمضامين، واستقراؤه يشعر من هم بعيدون عن الأساليب المعاصرة في جمع أقوال أهل العلم، أنه إبحار عميق، في حين أنه يمكن الوصول إليه بضغطة زر في محركات البحث والموسوعات الالكترونية لتأتيك آلاف النتائج في ثوان معدودة، بل حصلنا على ما لم يحصلوا عليه في هذا المجال ولم نحفل به ألبتة لخروجه عن المقصود جملة وتفصيلاً ولا أعتقد أن هذا الخلط في المفاهيم إلا من عدم وجود القاعدة العلمية وفقدان أساليب التحليل العلمي وفوات فهمهم المراد في خضم العجلة على الرد والتهافت في المسابقة عليه ، والآلة العلمية هي البعد الغائب عنهم، وعدم استيعابهم لما ينقلونه فضلاً عما أغفلوه، وما هي إلا تركيب جمل وسفسطات وفيها تناقض أبان أن المادة المتكلفة غير مفهومه لديهم ولا مراده، فيما يبدو أنه استعارة لبعض الكلمات في بعض الكتب ثم انتُحلت قصاً ولصقاً وإن كان هذا قد لا يعيب أحياناً، لكن العيب عدم فهمها وفوات إدراك المراد منها ومدى مناسبة سياقها ، فالمصطلح لا بد أن يكون سالماً من الإبطال لئلا يسقط ويعود بالنقض على صاحبه، وما أظنهم يدركون ما نرمي إليه هنا، فإنكار المصطلح كمصطلح لا يعني إجازة معناه في جوانبه المحرمة، فالمشكلة ليست فيما كتبه الوزير بل المشكلة فيمن قرأه وحمله ما لم يحتمل بسبب قصور في العلم والفهم أو هوى في النفس أو شهوة أو شبهة، وإلا فلو عرض هذا المقال على أهل العلم والفحص والتدقيق والتحقيق لسلَّموا به وأجلُّوه، ولكن أصبحت الرويبضة هي المتحدثة بسوء ظنها، وضلالة منهجها، القاصرة في إدراكها، المحرفة للكلام عن مواضعه؛ رغبة في شهرة وظهور لن ينفعه عند محك السؤال بين يدي الله جل وعلا، ويهون المصاب أن منهم من قد رد على سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله ، ومنهم من نظم قصائد العتب فيه لينفخ في ذلك أهل الكيد والشر، فهذه عوائدهم والله موعدهم .
المزايدات
ولا بد من الإشارة إلى أنني كنت من السباقين منذ عقد من الزمان على الكتابة في مثل هذا الأمر وما مقالاتي عن: ثريا عبيد ، والرياضة المفتوحة في مدارس البنات ، وغيرهما إلا دليل على أننا لا نقل غيرة عن غيرنا، ولكن فيما يستحقه ويثبت به تحققه، بلا توهمات ولا غلو ولا تطرف ذات يمين ولا شمال، وإنما بضوابط ومنطلقات شرعية، فالغيرة لا تعني خطف الحق واحتكاره وتوزيع الاتهامات ورمي التخوينات يمنة ويسرة، وما قاله الوزير مسبوق إليه، وليس من مفرداته، وإن كان قال: إني سباق إلى التحذير من بدعة الاختلاط والغلو في مفاهيمها فقد أخطأ وانتحل ما ليس له، فلم يتعاطَ بدعاً ولا هُجراً من القول فقد سبقه إليه أعلام في مشهد الأمة العلمي، يذبون عن شرع الله بدعة متطفلي العلم وساحات الكتابة، في حين أنه لا يجوز الإلزام برأي علمي ولو كان من كبار العلماء للفرق بينه وبين الحكم القضائي الملزم، فكيف إذا كان الرأي من غير أهله ومن المتطفلين عليه ، والمقصود هنا بيان جهل المتنطع وأنه زبَّب قبل أن يُحَصْرِم، وتكلم قبل أن يتعلم، وحسبنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال: ((الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)). الألباني "السلسلة الصحيحة" 4 / 508.
الغَيرة
ومن أخطر ما لاحظته مزايدة البعض على غَيرة ولاة الأمر على ديننا وأعراضنا، في حين أنهم وفقهم الله الحامين لحماه والغيورين على أعراضه، فالملك حفظه الله حارس لهذه البلاد العفيفة وخادم للحرمين الشريفين ووالد لكل رعيته وحافظ لحقوقها وقائم بواجبها، فكيف نفسر ما ذهب إليه الغوغاء إلا مزايدة وتشكيكاً ومصادرة لحق السواد الأعظم من الأمة، وعلى رأسهم علماؤها المتقون ورجالاتها المخلصون الذين لم نر منهم إلا الشكر والتقدير والثناء والدعاء لولاة الأمر، ونخشى أن يكون هؤلاء المشاغبون نبتة جديدة لفئة ضالة.
الخطر
وهؤلاء المناكفون لولي الأمر بعد رفع الخلاف العلمي في مسائل الدين على أسس وقواعد شرعية لا ترتجل الاختيار وإنما تسنده وتؤسسه على أساس متين، تتوخى فيه مصلحة البلاد والعباد، لا يقلون خطراً على البلاد والعباد عن المجاهرة بالرذيلة مما يوجب النظر في محاكمتهم وتأديبهم، فالرذيلة ذات مفاهيم عديدة، ومسالك كثيرة، وقد أمرنا أن نرعى الضروريات الخمس ونحفظها، لتنتهي حرورية العصر عن غيها وجهلها وتسلك جادة الحق، وهي من تصدر نفسها في كل محفل تصادر به أهل العلم وتزاحمهم وتستجلب مشاعر الغوغاء لتكسب عرضاً زائلاً " قل متاع الدنيا قليل "، والله الموعد .
المكافحة
وحيث أن أداتهم التقنية المعلوماتية فيصدق عليهم تطبيق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، لكونهم يقومون بما يخالف المصلحة العامة والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم ونشر ما من شأنه المساس بالنظام العام والتحريض للغير والمساعدة والاتفاق على ارتكاب هذه الأوصاف الجرمية، وهذه منصوص عليها في المواد رقم : (1/8 و2/3 و3/5 و6/1 و9 و10)، إضافة إلى وجوب إبعادهم عن التأثير على الناس خصوصاً ممن يشغلون وظائف رسمية تتعلق بالدعوة والإرشاد والاستشارة لدى سدة القرار في بعض المؤسسات الشرعية، لأن أحكام الشرع جاءت بالحجر على أمثال هؤلاء وأخذهم بالزجر والتأديب حماية للأمة.
أصول الحوار
كما اطلعت على بعض الكتابات المعلقة على ذلك التصريح، فوجدتها مفتقرة لما يجب من الأصول والمنطلقات وآداب الحوار التي أوردها أهل العلم كما سيأتي، حيث ينبغي استحضارها حتى يؤتي الحوار أكله ولا ينقلب إلى جدل عقيم، أو يستحيل سبباً في التشرذم والتفرق بدل التفاهم والتآلف.
تحديد الهدف
وأول ذلك تحديد هدف الحوار كدليل على جدية المتحاورين وبحثهمِ عن الحقيقة، أما الحوار بلا هدف فيعني الجدلُ العقيم وإضاعةُ الوقت وافتعالُ الخصومات أو إثارتها، وتوسيعُ دائرة الخلاف بدل تضييقها، لذلك يشترط علماء الأصول قبل بحث أي مسألة مختلفِ فيها: تحديدَ الهدف ونقطة الاختلاف، وقد عبروا عن ذلك بقولهم: "تحرير محل النزاع" وعليه فلا بد أن يكون الهدف واضحاً في أذهان المتحاورين، لأنه في كثير من الأحيان يشرق هذا ويغرب ذلك، لأنهما يتكلمان عن قضيتين مختلفتين، ولو حرر محل النزاع أي الهدف لتبين أن الطرفين متفقان، كما أن تحديدَ هدف الحوار من البداية يعصم من تشعب المسائل وتشتت الأفكار، ويساعد على كشف المراوغين، فبعض المحاورين يلجأ إلى الهرب والمراوغة إذا وجد أن الطرف الآخر أظهر عليه الحجة، فتجده يفر من نقطة إلى أخرى، بل ربما إلى موضوع آخر ولمّا يكتمل الموضوع الأول، أو ربما حاد عن الموضوع الأساس وتعلق بمسائل جانبية وردت في الحوار بعيدة عن موضوع الحوار، وهذه حيدةٌ وخداع، تدل على أن صاحبها غيرُ جادٍ في البحث عن الحقيقة، أو محجوج ولا يريد التسليم بذلك، فيلجأ إلى أسلوب خلط المسائل، وقد روى الربيع بن سليمان عن الشافعي - رحمهما الله-: أنه كان إذا ناظره إنسان في مسألة فغدا إلى غيرها، قال له: نفرغ من هذه المسألة ثم نصير إلى ما تريد.
والهدف هو إحقاق الحق، أو إبطال الباطل، أو إزالة شبهة، أو البحث عن حل لمشكلة، أو تصحيحٍ لمفاهيم مغلوطة ونحو ذلك.
العلم
والثاني العلم، فلا بد للمحاور أن يكون عالماً بالمسألة التي يحاور فيها، قادراً على النظر والموازنة والترجيح بين الأدلة المختلفة، قادراً على الاستنباط، إذ لا يجوز للإنسان أن يدخل ساحة الحوار وهو غير متسلح بسلاح العلم ، لذلك ذم الله الذين يجادلون بغير علم فقال{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}[الحج :8 ] وذم أهل الكتاب لذلك فقال: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [آل عمران:66]، فالمذموم ليس الجدال بل الجدال بغير علم، قال القرطبي -رحمه الله-: وفي الآية دليل على المنع من الجدال لمن لا علم له. واشتراط العلم في المحاور أمر منطقي، إذ كيف يحاور الإنسان في شيء يجهله؟ إذاً سيفسد أكثرَ مما يصلح، وفاقد الشيء لا يعطيه، وخطورة الحوار بغير علم، أنه إن كان دفاعاً عن الحق عموماً والدين خصوصاً، فقد يكون هذا المحاور سبباً في هزيمة الحق وانتصار الباطل، لا لقوة في الباطل، فالحق أبلج والباطل لجلج، بل لضعف حامي الحق. والمقصود بالعلم أمران، العلم بالشرع كتاباً وسنة، والعلم بالواقع والحال، ومتى انفصل أحدهما عن الآخر حصلت المفسدة، وعليه فلا يجوز لعالم في القضايا المادية أن يجادل في قضية شرعية مكتفياً بعلمه المادي، كما لا يجوز لعالم شرعي أن يجادل في حقيقة طبية مكتفياً بعلمه الشرعي، ويُلحق بالجاهل المقلدُ والمتعصبُ، فهذان ليس لديهما حجة إلا قولُ الشيخ أو المذهب، ومعلوم أنه لا أحد كلامُه المجردُ حجةً إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام مالك -رحمه الله-: كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر، والفرق بين كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم أن كلامه عليه الصلاة والسلام يُحتج به، وكلام غيره يحتج له، وفرق كبير بين كلام هو حجة بذاته وبين كلام هو حجة بغيره. وهذا الخطأ المنهجي في الاستدلال هو ما يقع فيه كثير من متفقهة الزمان، فيرى أن هذه المسألة هي الحق لأنه قال بها فلان، وهو خطأ منهجي في الاستدلال، لذلك قالوا يعرف الرجالُ بالحق ولا يعرف الحقُ بالرجال، يقول الماوردي -رحمه الله-: رأيت من هذه الطبقة رجلاً يناظر في مجلس حافل، وقد استدل عليه الخصم بدلالة صحيحة، فكان جوابُه عنها أن قال: هذه دلالة فاسدة، ووجه فسادها أن شيخي لم يذكرها، وما لم يذكره الشيخ لا خير فيه، فأمسك عنه المستدل متعجباً!! وفي أمثال هذا ينطبق قولُ الخليل بن أحمد -رحمه الله-:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا
لكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمتُ أنك جاهل فعذرتكا
حسن الفهم
والأصل الثالث للحوار حسنُ الفهم، حيث تفشل كثير من الحوارات بسبب سوء الفهم بين الطرفين أو أحدِهما، فلا يصلان إلى نتيجة، والسبب أن كل واحد منهما لم يفهم مرادَ الآخر ومستندَه من الأدلة والبراهين، وقد قيل:
وكم من عائب قولاً صحيحاً *** وآفته من الفهم السقيم
وقديماً أوصى يحيى بن خالد ابنَه جعفر فقال له: لا ترد على أحد جواباً حتى تفهمَ كلامَه، فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامِه إلى غيره، ويؤكد الجهلَ عليك، ولكن افهم عنه، فإذا فهمته فأجبه ولا تعجل بالجواب قبل الاستفهام، ولا تستح أن تستفهمَ إذا لم تفهم، فإن الجواب قبل الفهم حُمق، وإذا جهلت فاسأل فيبدو لك، واستفهامك أجمل بك، وخير من السكوت على العِي. وفي هذا قال القائل:
إذا لم يكن حُسنُ فهم *** أسأت إجابة وأسأت فهماً
وهناك عدة أسباب لسوء الفهم، منها قلة العلم، وعدم الموضوعية في النقل والاقتباس، كبتر الكلام وأخذِ جزء منه وتركِ أجزاء، كالقراءة الفاسدة لهذه الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}[الماعون:4] فهذا الاستشهاد فاسد وقبيح؛ لأنه أوهم معنى غير مراد، بل ينبغي إكمال الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون: 4-5]، ومنها عدم الموضوعية كعزلُ النصِ عن سياقه، فيكون النص صحيحاً وفهمه سقيماً، وكذلك محاولةُ فهم النص بعيداً عن سبب وروده يوقع في سوء الفهم، لذلك قال علماء التفسير كالواحدي -رحمه الله-: لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها.
ويقول ابن تيمية -رحمه الله-: معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. لذلك لا بد من التأني والتحري والدقة عند التناظر والمحاورة، وتقليب الأوجه، وعدم الاكتفاء بالنظر للمسألة من زاوية واحدة ووجهة نظر واحدة.
خلفيات فكرية
ومنها قراءةُ أو سماعُ أقوال الآخرين بمقررات سابقة وخلفيات فكرية معينة، ومن ثم حمل العبارات والأقوال والاجتهادات على تلك الخلفيات، ولو بالتكلف والتعسف في التأويل، وهذا أصل انحراف الفرق التي قعدت قواعد لها ثم حاولت حملَ نصوص الكتاب والسنة عليها، وإذا خالفت أصولَهم تأولوا النصوص، فجعلوا النصوص الشرعية تابعة لقواعدهم ومقرراتهم العقلية، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها أَوَّلُوه، أما السلف -رحمهم الله- فعندهم قاعدة، وهي قولهم "استدل ثم اعتقد، ولا تعتقد ثم تستدل". والمقصود الاستدلال النقلي لا العقلي.
المفضلات