المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مجد
تأمل أخي رادار الشاشة في هذه القطعة من الخبر جيداً:
"يواجه شابان حكما بالسجن عشرة أعوام وجلدهما 500 جلدة لكل واحد، وشاب ثالث السجن لمدة ثمانية أعوام، و350 جلدة، بسبب إقدامهم على سرقة مبلغ 195 ريالا من محطة وقود وشقق مفروشة في منطقة الجوف.
وأوضح الصك الشرعي الصادر بحق الشبان الثلاثة من المحكمة العامة في الجوف، أن ما قام به الشباب الثلاثة يعد جرما كبيرا واعتداء على الأنفس والأموال، وإخلالا بالأمن ما يوجب تعزيرهم بعقوبة مغلظة لهم وردعا لأمثالهم"
يظهر أن مضمون ما ورد في الصك الشرعي للتعزير لا يتفق مع ما صدر به الصحفي خبره وقضى به فيه؛ فالصك يوحي بأن العقوبة تعزيرية؛ لأن فيها ترويعاً واستطالة على الآمنين، وأن ثمة حيثيات بنى عليها القضاة حكمهم -ليست تزكية لهم أو تبرئة لكن الأصل في حكمهم السلامة- .
أما أن المرء له أن يعلق على أيِّ قضية ولو لم يعلم بحيثياتها فلا أوافقك فيه؛ لأن السلامة لا يعدلها شيء أولاً وخاصة عند اشتباه الأمر، ثم إن الأصل في مثل هذه الأخبار الصحفية عدم الدقة في النقل، وأنت تعلم أن الشنشنة التي تستهدف القضاء في الإعلام غالباً ما تكون مبنية على تشويه الأحكام في كثير من القضايا دون علم أو تثبت.
وغير خافٍ عليك أن حكم القاضي له مكانته من حيث التقدير والاعتبار فوق سائر الأحكام البشرية؛ لأنه -وإن كان ظنياً- مبني على مقدمات شرعية شتى، وينظر فيه غير واحد من القضاة، وفي الغالب لا يتخذون مثل هذا الحكم إلا بعد روية ودراسة.
ولك أطيب الود.
فقط أريد التوضيح بان التعليق ليس حكما بالضرورة... ورأيي اجمالا هو في الصورة الكلية للقضاء والنظام القضائي ومدى تحقيقه لمقاصد الشريعة, وليس للحكم على القضية نفسها.. والتعليق هو على ما نقل, ولذلك أقول ليس الحكم على القضية نفسها وليس حكما نهائيا, لكن على الجزئية المنقولة, وعلى افتراض صحة النقل الصحفي.
لكن اشكرك على التنبيه وربما, بل الأكيد كان الأولى اني وضحت ذلك منذ البداية لمنع اللبس, واخترت طريقة اخرى للتعبير عما اردت التطرق اليه, وهي قضية التقنين التي تكلم عنها ممن عمل في القضاء, فليس في ذلك تقليل من مكانة القضاء. بل تحقيق مقصد العدل هو ما يحقق هيبة القاضي, وبالتالي هو مطلب.
فلهذا اوردت أمثلة أخرى لتوضيح فكرة انه حتى عند قبول الحكم (على اساس ان الأصل هو السلامة, مثلا ) تبقى هناك قضايا أخرى تصبح هي المشكلة (كالتي اوردتها في بعض الردود قضية اغتصاب الطفلة واليتيم, وسرقة القاضي تحت تهديد السلاح) ... فعند النظر اليها كلها ومقارنة احكامها بغيرها من القضايا, يصبح من الواضح تماما, ان مقصد العدل المطلوب في الاحكام الشرعية لا يتحقق في أحيان كثيرة. وهذا ممكن تجنبه.
هناك من ينظر لكل قضية على حدة, وبذلك تصبح النظرة ضيقة وننسى الصورة الكلية وتناقضات التي يمكن الوقوع فيها بهذا الاسلوب, لا يمكن ان يتحقق معها مقصد الشرع; العدل.
ولا تعارض, كما نعلم جميعا, بين اصلاح القضاء وبين حفظ مكانة القاضي. لأنه قضية دراسة المواضيع بدقة ومن قضاة ومن يلازمهم الخ لا يعني سلامة نظام القضاء في تحقيق المقصد الشرعي الرئيسي; العدل. فليست الفكرة ابدا فساد قاضي او ما شابه ذلك. لكن لو قلنا ان الأصل السلامة, ونظرنا للموضوع بشكل جزئي واخذنا كل قضية على حدة وبحثنا عن عذر في كل قضية, عمليا بنكون نغفل عن الصورة الكلية والتناقضات التي تحصل و نكون سبب في عدم تطوير القضاء بمحاولة تغطية العيوب والمشاكل.
قال الشيخ عبدالعزيز القاسم ( قاضي سابق ) في لقاء تلفزيوني هذا نصه :
"هذه النقطة واحدة من المسائل اللي طرحت دائماً على مبدأ مراجعة أحكام القضاة, وهل يُخل هذا بهيبة القضاء, والجواب الرئيسي طبعاً عن هذا أن هيبة القضايا يحفظها الحق والعدل, ويحفظها الحكم السليم, ولا يخدش هيبة القضاء مثل الحكم الخاطئ, فالتالي وجود المرافعة مرة أخرى..
- مداخلة من مذيع -
الشيخ : لا يمكن أن يُخل من هيبته وهذا مستقر, الهيبة تزداد مع نصوع الأحكام ووضوحها وجودتها العالية. "
كما أحب ان أشكرك على مداخلتك الثرية, ودقتك في انتقاء الكلمات, و اسلوبك الراقي... فبمثل تعليقاتك يستفيد الجميع وانا اولهم, وتعقيبي هذا ليس "ردا" بقدر ما هو توضيح فقط, فاتفق معك في أكثر ما قلته... من اسلوبك اجزم ان لديك الكثير مما يمكننا الاستفادة منه, لذا اتمنى قراءة مشاركات أكثر لك.
وهذا رابط حول الموضوع في نقاش بين علماء حول الموضوع على قناة دليل, واتفق تماما مع الشيخ السعيدي ( على اليمين ), وايضا الشيخ القاضي ( ما عدا بعض الجزئيات التي اختلف فيها مع الشيخ السعيدي ...اما الشيخ يوسف خلاوي فضد التقنين ويدافع عن موقفه بالنظر الى الموضوع من زاوية رأي القاضي فقط...
يعجبني جدا مقدم البرنامج نفسه... في نباهته ودقته.. ما شاء الله عليه...
عموما نقاش رأيته ممتع... وهذا الرابط لمن عنده وقت
http://www.youtube.com/watch?v=JdFGhI9aa_I
وتحياتي لك مرة أخرى أخي الفاضل
المفضلات