موضوعين رائعين لنفس الكاتب اجمعهما في موضوع واحد... مواضيع تنفكر فيها في هال "ويك اند"
أضخم .. وأصغر .. وأسرع .. من قدرتنا على الفهم
فهد عامر الأحمدي
كثيراً ما أتساءل إن كان كوكبنا الأرضي مجرد ذرة مجهرية تمتلئ بمخلوقات طفيلية تدعى بشرا
.. فحسب المعايير الكونية لا يتجاوز حجم الأرض حجم (الزوبعة الغبارية الضخمة) التي تلف كوكب المشتري منذ عشرة آلاف عام .. في حين لا يعادل المشتري نفسه مقارنة بالشمس سوى حبة سكر قرب كرة سلة ضخمة .. أما شمسنا ذاتها فمجرد نجمة خجولة متطرفة لا تقارن بنجوم مركزية عملاقة تمتلئ بها مجرتنا الصغيرة "درب التبانة" التي بدورها لا تعد شيئا يذكر أمام عشرة ملايين مجرة ضخمة أتيح لنا رؤيتها (... وبلايين أخرى لن يتاح لنا رؤيتها) !!
وأذكر أنني كتبت مقالا بمناسبة دورة بكين الأولمبية سخرت فيه من محاولات تحطيم أرقام قياسية لا تتجاوز (كسرا من الثانية) في حين يتحرك كافة البشر بأربع سرعات خارقة .. فحجمنا الضئيل يسمح لنا بالدوران مع الأرض حول محورها بسرعة 1,449 كيلومترا بالساعة (أي أسرع من الكونكورد في زمانها) .. كما يسمح بالدوران معها حول الشمس بسرعة 106,244 كيلومترا في الساعة .. وبما أن الشمس ذاتها تدور داخل مجرة درب التبانة فهذا يعني أن طفيليات الأرض تنطلق معها بسرعة 804,880 كيلومترا بالساعة (تساوي 222 كيلومترا بالثانية) .. وبما أن مجرتنا تنطلق إلى أطراف الكون مع بقية المجرات فهذا يعني أننا ننطلق (مع المنطلقين) بسرعة 1,126,833 كيلومترا في الساعة !!
... وفي الحقيقة ؛ من يدري ؛ قد لا يكون الكون بأكمله سوى مستعمرة "ميكروبية" ضمن كائن عملاق لا يعلم ضخامته إلا الله (وهذا احتمال يسانده التفسير النبوي لآية الكرسي الذي يؤكد ضآلة حجم الكرسي بالنسبة للعرش/ واتساع العرش لمجمل السماوات والأرض، وكيف أن السماوات السبع بالنسبة للكرسي كسبعة دراهم ألقيت في ترس) !
.. وفي المقابل تعد أجسادنا (على ضآلتها) عالما هائلا بالنسبة لأنواع جرثومية تعيش فوقنا بالملايين .. فالانسان (السليم) يحمل في فمه فقط أكثر من 80 نوعا من المخلوقات المجهرية في حين يعيش على سطحه الخارجي أكثر من 200 مليون مخلوق دقيق تتراوح بين البراغيث والقمل والبكتيريا (التي يوجد 10 ملايين منها في كل سنتمتر مربع من الجلد).. ومقارنة بحجمها الصغير تعد أجسادنا بالنسبة لها بمثابة كون شديد الاتساع لدرجة أن ما يفصل بين بكتيريا الإبط وأصابع القدمين يوازي لديها "ملايين السنين الضوئية"..
أما أمعاؤنا فتضم بكتيريا (أكثر من مجمل البشر على كوكب الأرض) تساعدنا على هضم عناصر غذائية معينة.. ليس هذا فحسب بل هناك 14نوعاً على الأقل من الديدان الشريطية والأسطوانية يمكنها العيش بالعشرات في أمعاء البشر (بعضها خبيث بالفعل مثل ثعبان البطن المسؤول عن مرض الاسكارس الذي يعاني منه 65 مليون شخص حول العالم) !!
.. ولاحظ هنا أن جميع هذه الكائنات لا تعلم (بسبب حجمها الصغير) انها تعيش فوق مخلوق هائل يدعى خالد أو أحمد أوعبدالرحمن .. وكما يصعب علينا رؤيتها أو تمييزها (بسبب صغرها المتناهي) يصعب علينا أيضاً تمييز أي مخلوقات مفرطة في الحجم قد تعيش خارج مقاييس "الكون" ..
ورغم صعوبة الجزم بموقع الإنسان (على سلم الضخامة والضآلة) إلا أنني على ثقة بوجود عوالم متكاملة يصعب علينا رؤيتها أو إدراكها بسبب وجودها على طرفي نقيض .. فهي إما ضخمة جدا لدرجة عدم تمييز "أولها من آخرها" .. أو صغيرة جدا لدرجة عجز أعيننا (وميكروسكوباتنا) عن رؤيتها أو حتى التأكد من وجودها !!
المفضلات