المشاركة الأصلية كتبت بواسطة LULU
لا يمكنُ الاعتراف بحق هذا الحوار في الوجود، إلا لو كنا في وضع مختلف، فنحنُ نفعل الآن كما فعلت مصر، حين كانت تتحدث عن تشغيل مفاعلات نووية، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة في تنظيم جمع الزبالة، وها نحنُ نكرر كوننا مجتمعات عالم ثالث، نظنُّ أن الأمر يخضع فقط للنقاش، وليس لمعطيات حضارية وعصرية أكبر بكثير مما يتوفر لنا.
الأمور غدت أكثر فوضى، نحن لا نستطيعُ تنظيف رُقعةٍ واحدةٍ في مكانٍ يستولي عليه الخراب، ولا يمكننا البناء في أرضٍ تنتشرُ فيها الزلازل، ومع ذلك نتحدث عن بناء عمارة مرتفعة الأدوار.
عن أي سينما يتحدث الأحمري، أو حتى الذين ناقشوا الوضع بالإيجاب والقبول؟
أية ثقافة تلك التي نريد نشرها وتطويرها لتصبح السينما أحد قوالب الإنتاج الثقافي، ونحن مصابون بالفقر الثقافي أصلا؟
إذا كنا حتى هذه اللحظة لم ننجح في صناعة دراما محلية راقية، إذا كان البطل في المسلسلات المحلية هو المنتج وهو المخرج وهو كاتب القصة والسينارست في ذات الوقت؟
ولنلقِ نظرةً على التمثيل، والأداء الفني في الدراما المحلية، سنجد أنفسنا أمام واقعٍ مُقزز، وجوه النساء في المسلسلات السعودية والخليجية أطنان البودرة والمكياج، مع أداءٍ مُتكلفٍ وساذجٍ ،افتعالات فارغة تُظهر العجز المهني الفاضح في شخصية المخرج الذي يرضيه تماماً السخسخة السمجة لصوت النساء وهن يتكلفن الضحك، المكياج الكامل في كل حالات الانفعال العاطفي، أو المواقف الإنسانية التي تجعلك تتحسر على نفسك وأنت ترى مجموعة من الناس تنقصهم الإنسانية في التمثيل.
إننا لا يمكن أن نتحدث عن صناعة سينما محلية جادة تتناسب مع ثقافتنا العربية الأصيلة والفن الهادف والراقي الجاد، بوجود دخلاء تافهين لا يعرفون شيئاً عن صناعة الفن، وكل همهم الربح المادي والشهرة، وهم لا يختلفون برأييي عن شعبولا، إذ كلٌّ يُصرخُ في اتجاه.
لنأخذ حسن عسيري كنموذج، ببساطة هو شخصٌ ابتلى الله المشاهدين بطلته السنوية في مسلسلته الرمضانية "بيني وبينك" ويمكنكم أن تتخيلوا المستوى الثقافي والمهني الجاد في إنتاج الدراما المحلية، إذا كان عسيري يعتبر أن أفضل ما أنجزه هذه السنة أنه استعان بالممثلة التركية الجميلة لميس لتصبح زوجة له على الشاشة، وأمام الملايين من العرب المتلهفين على حسنها وجمالها، ولكي تكتمل النشرة النفسية لعسيري، فقد دفع بنور الممثلة التركية الأخرى لكي تكون زوجة رفيقه في المسلسل المالكي، هكذا تصبح الشاشة استعراض عوار النفسيات المنحطة للمنتجين وصانعي الدراما، وبما أن هذا واقع مفروض علينا باسم الفن والإنتاج التلفزيوني الذي يريد له الأحمدي أن يرتقي ليصبح صناعةً سينمائية، فلنا أن نتساءل، ما الذي ستضيفه ممثلة تركية دربها عسيري شهوراً على اللهجة السعودية الجنوبية، أقول ما الذي ستضيفه لمسلسة سعودية محلية؟ أم هو من باب الاستعراض الشخصي والتعدد الفني لواقع فني غير موجود أصلا؟
أليس عسيري وأمثاله يبحثون عن الشهرة من خلال مثل هذه الصفقات الفنية، وكل همومهم زيادة إعلانات المسلسلة بصفتهم المنتجون؟
أليس الربح المادي البحت، والاستعراض الفارغ والممل، هو الهدف الحقيقي لهذه الأعمال المحلية التي يُراد لها أن تصبح منافساً، فضلا عن أن تكون بديلاً؟
التلفزيون السعودي فقد منذ بدايته قدرته على المنافسة أو حتى التواجد، ,هذا التلفزيون هو الذي أسس لثقافة الإعلام والمسلسلات المحلية الرخيصة والتافهة، وأسس لسينما سباقات الهجن والتكرار السخيف والأعمى لكل ما هو قديم وبائس، لو كان هذا التلفزيون قائداً منذ البداية في مجال الإعلام المرئي، لقلنا دعونا نناقش فكرة وجود سينما هادفة، فما بالكم ونحن نتحدث عن سينما منافسة وبديلة.
كل هذا يعني، أن الشق أكبر من الرقعة، وأن ما يمكن عمله، ليس في الإمكان عمله إلا بهدم كل ما سبق، وإعادة البناء من جديد، وهذا يستغرق سنوات وسنوات لتفتيت الوعي السلبي الذي نشره ورسخه كل ما هو إنتاج محلي، نحن لسنا بحاجة إلى سينما لنناقش فيها قضايانا الجادة، نحن بحاجةٍ إلى سياقٍ كامل نتواجدٌ فيه أولاً، وتكون السينما بعد ذلك أحد مظاهر النشاط الإعلامي والثقافي، دون ذلك، فإن كل ما سيقال، هو بمثابة كتابة على الماء، ﻷننا لم ننجح حتى في صناعة دراما محلية جادة أو محترمة، فكيف نتكلم عن صناعة سينما؟
وفي كل الأحوال، حتى وإن افترضنا أن السينما المحلية أصبحت فجأة - وبقدرةِ قادرٍ - صناعةً محترمةً وجادة، ويمكن الالتفات إليها - فإنني أفضلُ مشاهدة الفيلم على شاشتي وفي غرفتي، فلا حاجة بي للانتقال إلى دار السينما لمشاهدة الأفلام، وأعتقد أن دور السينما قد ازدهرت سابقاً عندما لم يكن ثمة ذلك الانتشار لتقنيات العرض، ورخص تكلفة الحصول على شاشة خاصة، ولذلك، فأنا أفضل مشاهدة كل ما هو جديد في السينما في بيتي، دون معاناة طوابير التذاكر، والتزاحم في الدخول والخروج من صالة العرض، ولنتذكر فقط، أن دور السينما قد أوجدت ﻷنه لم تكن ثمة دور عرض منزلية.
أشكرك على هذا التعليق ... فهو ثري في مضمونه ومثل هذا الطرح هو ما نحتاج اليه بعيدا عن التبسيط الزائد للامور... وكأنها ابيض أو اسود...
فهمت من كلامك, انه كل ما يمكن فعله هو البناء من أول وجديد... وحتى يكون هناك سينما .. يجب ان يكون لنا تواجد حقيقي أولا.. والسينما وجميع الافرازات الثقافية ستأتي تبعا... وصعب القفز الى ايجاد شاشة سينما مباشرة وتوقع نتائج جيدة... خاصة ان حتى صناعة الدراما المحلية هي كما نرى... فكيف بصناعة السينما اللي هي أصعب؟ وفوقها نبيها هادفة؟
وضربت مثال التلفزيون السعودي وانه لم ينافس ومجرد اضاف مواد كثيرة فيها من السخافة الشيء الكثير..
لكن هذا كله حديث عن الوضع المثالي الذي أجدت شرحه, ولا اعتقد انه عليه خلاف أساسا.. لكن السؤال الآن , بالمعطيات الحالية, مالعمل؟
كلنا يدرك ان منع السينما هو ليس منعه لذاته... انما للمفاسد التي يجلبها اللي أكثر بكثير من المصالح..وكون هذه المفاسد محرم شرعا لاسباب اخلاقية واجتماعية... تم منع السينما تبعا.... ولا اعتقد انه فيه اثنين يختلفون في هالمسألة..
وعلى هذا....مالعمل اذا كان مجرد منع السينما دون عمل شيء حيال سلوك المواطن بعد المنع, يؤدي الى رفع نسبة من يشاهد الافلام الامريكية الى 90% ثم بعدها نستغرب من تصرفات ولبس بعض الشباب مع اننا منعنا السينما ومنعنا اشياء كثيرة ومع ذلك نرى نفس النتيجة؟ الضرر اللي من أجله منعنا السينما لا يزال موجود, بل ربما زاد! لأن الاقبال على الافلام الامريكية.. زاد.
كاتب المقال الاحمدي كل فكرته هي في ايجاد بديل لسحب نسبة كبيرة من الناس الي منجذبين بهالافلام , شباب ونساء واطفال حتى.. وقال ماذا لو كانت هناك صناعة سينما محلية.. وذكر تجارب دول مثل فرنسا والهند وغيرها.. وانهم لما كان عندهم انتاج محلي قل الاقبال على الافلام الامريكية بنسب كبيرة جدا.... وقال في النهاية انه حتى لو كانت الصناعة المحلية "مضرة" فبتكون على الأقل أقل الضررين... واهون من الضرر الأول.. حتى لو كان مجرد تهريج.. نظريا, فالهدف في النهاية التسلية والتجارة وجذب الناس بما هو في دائرة المباح حتى لو ما كان عمل "راقي" وعلى أفضل مستوى دام انه في دائرة المباح او الأقل أضرارا..وطبعا ما دخل الكاتب في التفاصيل ... وصح أو خطأ هذه هي الفكرة الرئيسية...
الشاهد من هذا كله, انه الوضع المثالي بالنسبة لنا الآن غير متاح..
أمامنا خيار من اثنين... على الأقل خيارين مطروحة فلا اعلم عن وجود خيار ثالث....
الخيار الأول منع بدون محاولة ايجاد البدائل وان نتفرج ونترك نسبة من يشاهد الافلام الامريكية يزداد.. وبلغة اجنبية. و من بين الاطفال والنساء والشباب... طبعا والهدف هو منع أي احتمال وجود شاشة سينما وما قد يأتي معها من مضار ومخالفات اخلاقية واجتماعية الخ...
الخيار الثاني محاولة ايجاد صناعة سينما محلية تكون بديل.. حتى لو ما كان المستوى راقي.. دام انه ضمن اطار المقبول شرعا...ومحاولة التحسين قدر الامكان, وربما تأسيس معهد محلي بدعم حكومي لمثل هذه الامور لسحب البساط من روتانا وغيرها.. ووقتها حتى لو كان فيه مخالفات صغيرة.. او ربما بدون مخالفات لكن ما لا يعجب ذوقي وذوقك.. لكن تخفض نسبة من يشاهد الافلام الامريكية الى النصف أو أكثر (مثلا).. وساهمت في المحافظة على الثقافة المحلية..
الآن ولا واحد من الخيارين مثالي... وولا واحد من الخيارين سالم من الشر.. فهذا هو الواقع اللي لا بد من التعامل معه حتى لو كان يراه البعض انه مر... فبوضعنا الحالي وبالمعطيات الحالية... وعلى أرض الواقع هل أمامنا خيار ثالث في رأيك؟ وما هو؟
واذا كان ما امامنا غير هالخيارين .. أي هالخيارين تختار؟ وأتمنى أيا كان الجواب
ذكر سبب اعتقاد ان العيب الآتي مع كل خيار هو أقل ضررا من عيوب الآخر... أي مقارنة عيوب كل خيار.. لأنه هذه خلاصة الفكرة والموضوع..
وأشكرك على ردك اللي بمثله يرتقي الحوار
المفضلات