عندما بدأ الاهتمام بمشاكل التخلف في الدوائر الدولية والمنظمات التابعة للأمم المتحدة التي يرجع إليها الفضل بغير منازع في إلقاء الضوء على مشاكل الدول الفقيرة , نشط الباحثون لإيجاد معايير لقياس التخلف والنمو حتى أصبحت المكتبة الاقتصادية تحظى الآن بعدد هائل من الدراسات والأبحاث التي تتناول بالدراسة والتحليل ماهية التخلف وتحديد سماته ومظاهره وأسبابه.
وقامت بعض الوكالات الدولية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير بتصنيف دول العالم وفقاً لدرجات تقدمها وتخلفها ووضعت لهذا الغرض معايير كثيرة للقياس. كما أطلق على الدول الفقيرة أكثر من لقب. ففي بداية الأمر كان يشار إلى هذه المجموعة من الدول (بالدول المتأخرة) (Backward Countries) وعرفوها بأنها الدول التي لم تصل بعد إلى مستويات مرتفعة من التقدم الفني والاقتصادي أو التي تسودها مستويات منخفضة من التقدم الاقتصادي والتكنولوجي ويشيع فيها الفقر , ولكن هذا التعريف لم يكن مقبولاً لدى الكثير من هذه الدول لذلك فقد استبدل (باصطلاح الدول المتخلفة) (Underdeveloped Countries). وعرفت تلك الدول بأنها تلك التي تنخفض فيها مستويات المعيشة عن المستويات السائدة في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية واستراليا ونيوزيلانده.
واستخدم بعض الكتاب اصطلاح الدول (المتخلفة المتأخرة) حتى يكون أكثر شمولاً من سابقه. غير أن كثيراً من الدول التي لا تفتقر لبعض أسباب ومظاهر التقدم عارضت هذا التعريف بشدة. ومن ثم اتجه الرأي إلى استخدام تعريف (Developing Countries) (الدول النامية) وأصبح هذا التعريف أكثر قبولاُ لدى هذه الدول بالرغم من أنه قد لا ينطبق على ظروف العديد من الدول الفقيرة, وترجمته الأقرب بالعربية هي (الدول التي في طور النمو) لأن كلمة النامية قد لا تصدق في التعبير عن حالات التخلف ولهذا السبب درج الكتاب في السنوات الأخيرة في سبيل التخلص من مشاكل التعريفات السابقة على إطلاق تعبير (دول العالم الثالث) على مجموعة الدول التي ليست من الدول الغربية الصناعية (The Third World) , والتخلف مسألة نسبية وليست مطلقة ، لأنها تخضع للقياس والمقارنة بين مجتمعات متباينة باستخدام معايير كثيرة, وبالإضافة إلى تلك المعايير حاول الاقتصاديون البحث عن تفسيرات لحالات التخلف وتقصي أسبابها وبيان سماتها ومظاهرها.