تنبأت "إيه تي كيرني"، وهي إحدى الشركات العالمية الرائدة للاستشارات الإدارية في صناعة المال، بحدوث موجة من الاندماجات والاستحواذات في القطاع المصرفي الخليجي، وكشفت دراسة أجرتها "إيه تي كيرني" مؤخراً للبنوك الخليجية عن وجود فرص فريدة ناتجة عن الأحوال المتغيرة في السوقين الماليتين العالمية والإقليمية.
وقد شهدت البنوك الشرق أوسطية نمواً غير مسبوق على مدى السنوات الأخيرة، كما تحدثت الكثير من تلك البنوك عن حصولها على أرباح كانت ما تزال تجنيها في عام 2008، فشهدت بنوك الإمارات خلال الفترة 2002 إلى 2007 زيادة في صافي الأرباح بلغت 39%، كما شهدت زيادة بلغت 34% في مجمل الأصول المصرفية. وعلاوة على ذلك، فإن الأصول المصرفية، على ضوء الناتج المحلي العام، ما زالت متدنية نسبياً في معظم البلدان الخليجية، فاسحةً مجالاً واسعاً لنمو للصناعة المصرفية واللاعبين فيها.
وفي الوقت نفسه، فإن السوق المصرفية الخليجية قد تفتتت إلى حد كبير، ورغم أن عدة أسواق محلية قد عززت حتى الآن قطاعها المصرفي، فإن الصورة تتغير على مستوى إقليمي.. إن أي بنك لن يستطيع أن يصمد في المنطقة بكاملها بصفة منفردة، فالبنوك الثلاثة التي في القمة على صعيد المنطقة لا تتعدى حصتها من السوق نسبة 14%. وفي حين أن السوق المصرفية الإقليمية قد تجنبت إلى حد كبير حالات الاندماج والاستحواذ الرئيسية، فقد أدت الأوضاع المتغيرة في صناعة المال على الصعيدين العالمي والإقليمي إلى ظهور فرص فريدة لحالات اندماج واستحواذ طالما دارت حولها التنبؤات منذ فترة طويلة. وقال المدير الأول في مجموعة المؤسسات المالية في "إيه تي كيرني الشرق الأوسط"، في كلمة له في المنتدى المالي الإسلامي الدولي في دبي مؤخراً: إننا نرى فرصاً كبيرة للبنوك الإقليمية لتعزيز وضعها والنمو إقليمياً.. ففي حين أن المنطقة قد شهدت حالات اندماج واستحواذ قليلة جداً على مدى السنوات الماضية، فإنه سيكون هناك نشاط أكبر في هذا المجال في المستقبل.. فالبنوك الخليجية ما زالت صغيرة مقارنة بالبنوك الدولية، وهي ستكون في النهاية بحاجة للنمو والمنافسة خارجياً.. إن البنوك بحاجة للتقدم الحذر، علماً أن معظم البنوك المندمجة أخفقت في بلوغ أهدافها نظراً للضعف في التخطيط والتنفيذ. وقال المدير المسؤول في "إيه تي كيرني الشرق الأوسط": إن التجميع هو جمع للزخم بدافع من عوامل بنيوية وتنظيمية وأخرى تتعلق بالسوق.. وإضافة إلى ذلك، فإن انحدار السعر السوقي للبنوك الإقليمية بعد الأزمة الاقتصادية قد خلق فرصاً للاستحواذ يكثر الطلب عليها، وأن الحصة الأكبر للملكية العامة في بعض البنوك قد تسهّل المهمة.. وينبغي على البنوك المحلية أن تبدأ منذ الآن الاستعداد لمواجهة التحديات المرتقبة. وقال رئيس بنك السلام، في مقابلة له مؤخراً مع صحيفة "أراب نيوز" معلقاً على خطة استحواذ بنك السلام على البنك البحريني السعودي: إننا نعيش في عصر المنافسة والاندماجات والاستحواذات كجزء من عملية التجميع التي ينتظر أن تؤدي إلى قيام مؤسسات مالية قوية.
أما المسؤول التنفيذي الرئيسي في بنك "المشرق"، فقال في كلمة أدلى بها إلى مجلة "إميريتس بيزنيس" على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير في الأردن: لم يسبق أن كان هناك وقت أفضل من الوقت الحالي للقيام بأي عملية استحواذ. وتتوقع الدراسة بناء بنوك رائدة على الصعيد الوطني أولاً، مدفوعة من جانب حاملي الأسهم الرئيسيين، كما كان الحال عند قيام بنك "الإمارات دبي الوطني". وفي الوقت نفسه، إن البنوك الاستثمارية الإقليمية قد تطلب التنويع والاندماج مع بنوك التجزئة.