لقد بدأ لفظ "غسيل الأموال money laundering كمصطلح وكظاهرة إجرامية في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة ما بين 1920م إلى 1930م، حيث استخدم رجال الأمن الأمريكيون هذا اللفظ للدلالة على ما كانت تقوم به عصابات المافيا في شراء للمشروعات والمحلات بـ"أمول قذرةDirty Money ذات مصدر غير مشروع ومن ثم خلطها برؤوس أموال وأرباح تلك المشروعات لإخفاء مصدرها عن أعين السلطات الرقابية.. وقد ارتبطت عملية غسل الأموال كظاهرة إجرامية بالجريمة المنظمة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى ثم تزايدت وتوسعت في القرن العشرين . إلا أن هذه الظاهرة الإجرامية لم تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية فقط وإنما انتشرت في كثير من الدول خاصة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. بالإضافة إلى أنها انتشرت بشكل واسع في أمريكا اللاتينية نتيجةلانتشار تجارة المخدرات وعمليات المافيا المنظمة في تلك الدول. لذا أصبحت هذه العبارة تستخدم بشكل واسع في عالم المال والاقتصاد وخاصة بواسطة العديد من الأجهزة التشريعية والتنفيذية.
ويمكن تعريف عملية غسيل الأموال "بأنها عملية إخفاء المصدر غير المشروع التي اكتسبت منه الأموال المراد غسلها"، وهي ليست جريمة عادية يمكن ارتكابها بصورة عشوائية أو غير مدروسة كالعديد من الجرائم الأخرى، بل هي جريمة تحتاج إلى شبكات منظمة تمتهن الإجرام ذات قدرة عالية في التنسيق والتخطيط والانتشار في كافة أنحاء العالم.. تتكون هذه الشبكات من مؤسسات وأفراد محترفين ذات هيكل بالغ الدقة والتعقيد.
وقد يساعد انتشارها بهذه الكيفية اندماج وتوحد أسواق المال في شكل تجمع عالمي، فقد استفادت عصابات الإجرام من خلال مؤسساتها في الحدود المتفرقة ومناطق التجارة الحرة، والتحويلات الإلكترونية وبطاقات السحب والإيداع والتحويل للإخفاء الفوري لمصادر الأموال في خلال العديد من العمليات المصرفية في غسل المليارات المتصلة بأموال الجريمة والمخدرات.
إلا أن هناك تباين بين الدول وعدم اتفاق بينها على إيجاد تعريف موضوعي وموحد لعبارة ”غسيل الأموال" و"المال القذر". فالبعض اقتصر في تعريفاته على تعريف تلك الأموال القذرة بما يشمل فقط تلك الأموال المستمدة فقط من الأنشطة غير الشرعية للإجرام المنظم دون أن تشمل تلك المستمدة من جرائم أخرى كجرائم الرشوة والفساد المالي والوظيفي سواء كان المحلي منه أو الدولي..
وللتوسع في تعريف غسل الأموال، بأن "غسيل الأموال يعني وجود أموال قذرة يراد تنظيفها أو تبييضها أوغسلها من أدرأتها".
وبالرغم من أن جرائم المخدرات تعتبر هي المصدر الأول للأموال إلا أنها ليست الوحيدة ، بل أنها تشمل الاتجار بالأسلحة والدعارة وتزييف النقود كما تشمل الأنشطة المستحدثة منها تجارة الأعضاء البشرية والعمالة المهاجرة وجرائم دفن النفايات الذرية. وعلى ذلك فان الهدف من عمليةغسيل الأموال بطبيعة الحال هو إدخال النقود في النظام المصرفي بحيث يتلاشى تبعاً لذلك تبينها أو الكشف عن مصدرها الحقيقي وبطريقة تجعل من الممكن عندئذ استخدامها لأية أغراض أخرى وكأنها أموال مكتسبة من مصادر مشروعة.
كما هناك الكثير من أنواع الأنشطة غير المشروعة المولدة للأموال القذرة ومنها:
· الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية.
· الاتجار في الأسلحة· الاتجار في الإنسان:
ويندرج تحت ذلك بيع الأطفال والأعضاء البشرية والدعارة.
· الاتجار بالوظيفة العامة:
يدخل ضمن ذلك الفساد السياسي والمالي والإداري والذي يولد أمولاً قذرة وذلك من خلال الاستغلال غير المشروع للوظيفة العامة لتحقيق المكسب الشخصي، أو ويدخل ضمن ذلك الرشاوى التي تدفع للمسئولين في الصفقات التجارية التابعة للدولة وعادة تدفع هذه الرشاوى في حساباتهم بالبنوك الأجنبية.
وهناك مراحل لغسل الأموال القذرة وهي :
1 - الإيداع أو الإحلال:
وهي العملية الأولى التي يبدأ فيها غاسل الأموال بالتخلص من الوسيلة النقدية المتحصل عليها من النشاط الإجرامي. بإيداعها في المصارف بصورة لا تدعو إلى الاشتباه وفي الخطوة الثانية يقوم بنقلها وتحويلها خارج الحدود الإقليمية.
2 - التغطية أو الفصل :بعد دخول الأموال القذرة إلى القنوات المصرفية يقوم غاسل الأموال بفصلها أو عزلها عن مصدرها غير المشروع عن طريق نقلها بين عدة حسابات .
3 – الإدماج :
يقوم غاسل الأموال بدمج أو مزج الأموال غير الشرعية في الاقتصاد وجعلها أموال مستمدة من مصادر مشروعة ويعتبر الدمج المرحلة النهائية والأخيرة من مراحل غسل الأموال.
وعلية أن كل مايؤثر على توزيع الدخل والتأثير على النمو الاقتصادي وتلويث المعاملات التجارية المشروعة بأخرى غير مشروعة تندرج تحت مسمى غسيل الأموال .