إن إيرادات النفط تدخل الاقتصاد أساساً كسيولة نقدية وعليه، فإن تأثيرها على الأنشطة الاقتصادية إنما ينتج أساساً من كونها ثروة وطنية، فإن السيولة النقدية للصادرات النفطية تدخل اقتصاد المملكة ضمن ما يطلق عليه الاقتصاديون " النقد المتداول مضافاً إليه احتياطيات البنوك " أي العملة المتداولة ( المحلية والأجنبية) فالصادرات النفطية هي عمله صعبة، على شكل عملات أجنبية وذهب، يدخل الاقتصاد من الخارج. وهي ليست " أموال ضعيفة " كالأموال التي تأتي من نظام الاحتياط المصرفي الحديث من خلال موازنة عملة البلد، ولهذا يسميها الاقتصاديون " أموالاً عالية القوة ".
لذا تقضي أنظمة مؤسسة النقد العربي السعودي ( البنك المركزي ) بأن يكون كل ريال تصدره المؤسسة مدعوماً بقيمته من عملة أجنبية ( دولار أمريكي ) أو ذهب. وهكذا فإن الصادرات النفطية هي من حيث المبدأ القاعدة الأساسية مثل الريالات الموجودة في البلاد. ولكن لا تدخل كل إيرادات الصادرات النفطية الاقتصاد المحلي.فقد يتم إنفاق بعضها أو استثماره في الخارج ومثل هذا الجزء من الإيرادات لا يؤثر على العملة المحلية هذا أولاً، وثانياً أن الإيرادات النفطية التي تدخلها الحكومة من الخارج لا تعد ضمن السيولة النقدية في البلاد إلا إذا قامت الدولة بإنفاقها محلياً وقد أشارت مؤسسة النقد في تقاريرها السنوية هذه إلى الأموال بـ " صافي المصروفات المحلية للدولة " (وهو عبارة عن المصروفات المحلية مطروحاً منها الإيرادات المحلية).
كما تمكن الأموال عالية القوة النظام المصرفي في خلق المزيد من الأموال في نظام الاحتياط المصرفي الحديث، فعندما تودع الحكومة ريالاً من إيرادات صادراتها النفطية لدى البنك المركزي وهو مؤسسة النقد يكون لدى المؤسسة ما قيمته ريالاً من العملة الأجنبية، ويضاف ريال لحساب الحكومة لدى المؤسسة وعندما تقوم الحكومة بإنفاق ذلك الريال فإنه يدخل الاقتصاد المحلي كريال واحد من العملة بيد من يتلقاه. وعند قيام الحكومة بإنفاق المال. يقوم متلقي الريال بدورة بإيداع الريال في حسابه المصرفي لدى البنك (أ) قبل إنفاقه. ويكون لدى البنك (أ) الآن ريال واحد من العملة يدعم ريالاً واحد من الودائع الجديدة. وهنا تبدأ العملية السحرية للنظام المصرفي الحديث في خلق الأموال.
وعليه فإن البنك (أ) يستطيع بموجب نظام الاحتياطي المصرفي الحديث إقراض جزء من الأموال لديه إلى عملاء آخرين، المبلغ الزائد عما تطلب مؤسسة النقد من البنوك استبقاءه كاحتياطيات. وتطلب المؤسسة من البنوك المحلية الاحتفاظ بما معدلة 7% كاحتياطي لكل الودائع في حسابات احتياطية لدى المؤسسة. وللبنك (أ) الحرية فـي إقراض حتى 93% مـن أي ريـال يتلقاه. أي يقرض 0.93 ريال وإيداع 0.07 ريال في حساباته الاحتياطية لدى مؤسسة النقد.
وعملياً قد لا يستطيع البنك (أ) إقراض كامل 0.93 ريال لعدة أسباب : كقلة الطلب على القروض ، رغبة البنك فـي الإقـراض والمحافظة علـى نسب معقولة للقروض من الودائع . وتظهر التغيرات التي تطرأ على الميزانية العمومية لمؤسسة النقد وللبنك (أ) ففي ميزانية المؤسسة تنخفض المطلوبات لديها بمبلغ 0.07 ريال في كل ريال ( تعتبر العملة في ناحية المطلوبات في ميزانية البنك المركزي) في الوقت الذي ترتفع مطلوباتها فيما يختص بحساب الاحتياطي للبنك (أ) بمبلغ 0.07 ريال.
أما بالنسبة للميزانية العمومية للبنك (أ) فنجد في جانب الموجودات قرضاً جديداً بقيمة 0.93 ريال (93 هلله) وزيادة مقابلة في ودائع المقترض ( العميل 2) لدى البنك (أ) بقيمة 0.93 ريال.
كما ينخفض جانب الموجودات في ميزانية البنك (أ) بقيمة 0.07ريال مع ارتفاع قيمة الحساب الاحتياطي للبنك لدى مؤسسة النقد بقيمة 0.07 ريال ، ليصل إجمالي الأموال الجديدة التي تم خلقها إلى 1.93 ريال ، مبلغ الودائع الجديدة (1.0 ريال + 0.93 ريال) أما العميل الآخر ، الذي استلم القرض من البنك (أ) فسيقوم على الأغلب بسحب القرض من البنك أو إنفاقه ، مما سيؤول بالنقود إلى متلقي آخر، والذي يقوم بدورة بإيداعها بنكاً آخر هو البنك (ب) وهذا البنك (ب) لديه من العملة ما يزيد عن متطلبات احتياطياته ، مما يمكنه من إقراضها لعميل آخر ويقوم البنك (ب) بإقراض 93% مما تلقاه من أموال، أي 0.86 ريال إلى عميل جديد. وفي نفس الوقت ينشئ ودائع جديدة بالمبلغ الذي تلقاه ويقوم بإيداع 0.07 ريال في حساب احتياطية لدى مؤسسة النقد وبهذا الخطوة يصل إجمالي مبلغ الأموال الجديدة 2.79 ريال . الاقتصاديون يدعون هذا النوع من الإقراض المستمر بلا توقف بـ "عملية المضاعف النقدي" فهي تستطيع نظرياً الاستمرار حتى يتم استهلاك كل ريال إضافي جديد تنفقه الحكومة، سواء على شكلا احتياطي لدى مؤسسة النقد أو على شكل عملة نقدية.