شكرا على الموضوع المتفائل جدا وإن كانت لي وجهة نظر أخرى ... اسمحوا لي بعرضها لنثري هذا الموضوع القيم وأرجو أن تتسع صدوركم للرأي الآخر عسى أن نتدارك الأخطار قبل وقوعها:
=====
اصطف جمع كبير من بدو الجزيرة في طابور طويل؛ كلٌ يحمل قنينة منتظرا دوره لشراء بضعة سنتيمترات من الوقود الحيوي ليشعل به فتيل لمبة يتيمة تضيء خيمته المظلمة. بعضهم تقطع خفه من السير راجلا في الصحراء القاحلة. ومنهم من جاء على بعير ضامر قد أعياه التعب، وأكثرهم جاء على أتان هزيل ملأ المكان بنهيق وشهيق. يعلو وجوههم شحوب وصفرة وتكسو أبدانهم النحيلة قليل من ثياب رثة بالية.
طقطق عجوز برأسه ثم نطق بكلمات حزينة:
"منذ مائة عام كانت الجزيرة تصدر 15 مليون برميل نفط يوميا لهؤلاء الأعاجم... واليوم هذا حالنا"
نهره شابٌ أبتر قائلا:
"اترك الماضي ياشيخ، خلينا في حالنا، لا تتكلم في السياسة، لا تغضب علينا المندوب السامي".
تذكر الشيخ كيف هجم الأعاجم على دار ذلك الشاب وبتروا يده لتركيبها لأحد جنودهم المصابين - فأمسك عن الكلام. وانهمرت دموعه فجأة لما مر بخاطره كيف خطفوا ابنه الوحيد وذهبوا به -دون رجعة - ليعمدوه في كنيسة القديس بولس التي أقاموها على أنقاض مسجد المدينة. وكيف يجبروه دائما على تسليم محصوله الزراعي ليصنعوا منه الوقود الحيوي ويبقى صغاره جوعى وحماره ضامرا يقتاتون على حشيش الأرض أو ما أخفاه عن أعين الأعاجم. تنهد في ألم، وأخرج زفرة كلها ندم ... هامسا: "ليتنا أطعنا بن لادن".
قطع صخب المكان صوت أجش بلكنة أعجمية معلنا أن سعر لتر الوقود الحيوي اليوم مليون دولار أمريكي ولا تقبل العملات المحلية.
هنا انقطع أمل أكثر الحضور في تحقيق مأربه فانفض قافلا بخفي حنين عازما على النوم مبكرا ولو في دمس الظلام خير من ذل الطوابير وإهانة الأعاجم. خاصة بعد أن منعتهم السلطات من إشعال الحطب بحجة الحفاظ على البيئة.
كتبه د. محمد حافظ
الأربعاء 18 يونيو 2008 08:22 ص
المفضلات