لقد بدأت عملية سوق الاسهم السعودية اعتبارا من عام 1403هـ عندما صدر الأمر السامي الكريم رقم "8/1230" وتاريخ 1403/7/11هـ بحصر تداول الأسهم عن طريق البنوك المحلية، وتشكيل لجنة وزارية مكونة من وزير المالية والاقتصاد الوطني ووزير التجارة ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي وذلك للاشراف على تطوير السوق ورسم السياسات المتعلقة به، ووضع الانظمة والتعليمات والضوابط المنظمة له والتي تكفل قيامه بدور اساسي وحيوي في الاقتصاد الوطني.

وقد شكلت اللجنة الوزارية لجنة اشراف مكونة من الوكلاء المختصين من الجهات الحكومية الثلاث وأوكلت لها مهام مراقبة تطبيق التعليمات والقواعد الصادرة بذلك من اللجنة الوزارية ووضع المقترحات والتوصيات المتعلقة بتطوير السوق وتحسين كفاءة عمليات شراء وبيع الاسهم.

كما تميزت عمليات تطوير سوق الاسهم في المملكة بخصوصيتها واسلوبها حيث تمت بشكل تدريجي لاستيعاب كل مرحلة من مراحل التطوير بشكل جيد بالنسبة للاطراف المشاركة في عمليات السوق "مستثمرون، شركات مساهمة، بنوك" وقد رأت الجهات الاشرافية الحكومية القائمة على تطوير السوق ان يتم التطبيق بشكل مدروس ومتأن ويأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال ويلبي بنفس الوقت حاجات المستثمرين المحليين.

ونتيجة لما ورد في الأمر السامي الكريم المشار إليه بقصر اعمال الوساطة بالأسهم على البنوك المحلية فقد بدأت البنوك تمارس مهامها في هذا المجال بعد ذلك مباشرة حيث شكلت هذه المرحلة اللبنة الأولى لتنظيم السوق ووضع الأسس السليمة له. كما تم تخصيص وحدات تداول مركزية في البنوك وتم تدريب الموظفين القائمين على هذه الوحدات لتقديم خدمات الوساطة بالإسهم وفق أحدث وأكفأ الاساليب. وقد رأت اللجنة الوزارية ان البنوك أقدر على القيام بهذه المهمة لكونها مؤسسات تخضع لاشراف الدولة مباشرة ممثلة بمؤسسة النقد، كما تخضع للرقابة والمتابعة المستمرة من قبلها، كما انها تعتبر مؤسسات ذات كيان يضمن لها الاستقرار والاستمرار في خدمة عملائها تحت مختلف الظروف.

ونظراً لتوفر الامكانات المادية والتقنية ووسائل الاتصال لدى البنوك وتراكم خبراتها في مجال تقديم خدمات شراء وبيع الاسهم وانتشار فروعها في مختلف مناطق المملكة لتكون قريبة من المواطنين، وكذلك ربط مراكزها الرئيسية مع فروعها المنتشرة بشبكة الحاسب الآلي، ونظرا للطبيعة الجغرافية للمملكة واتساع رقعتها، فقد قامت مؤسسة النقد العربي السعودي وضمن الخطة الشاملة التي اعتمدتها لتطوير الخدمات البنكية بمكننة عمليات شراء وبيع الاسهم المحلية في النصف الثاني من عام 1990م حيث أصبحت عمليات تداول الأسهم وتسويتها وتحويل ونقل ملكيتها تتم بطريقة اليكترونية عن طريق ربط وحدات التداول المركزية بالبنوك بالحاسب الآلي المركزي بمؤسسة النقد، وقد اعتمد النظام الآلي على افضل التقنيات المستخدمة في هذا المجال من أجل تقديم أسرع وأكفأ الطرق الحديثة في التداول الاليكتروني.

هذا وقد جاء النظام الآلي لتداول الأسهم السعودية ليواكب الاتجاه السائد عالميا في هذا المجال حيث ان معظم اسواق الأوراق المالية في العالم تحولت من الاسواق التقليدية إلى اسواق اليكترونية تتم فيها عمليات التداول والتسويات بطريقة اليكترونية بعد ان تخلت تلك الاسواق عن وجودها في مكان واحد وكذلك تخليها عن قاعات التداول التقليدية التي كانت سائدة في تلك الدول لسنوات طويلة. ولقد اختطت المملكة السير في هذا الاتجاه ومواكبة الدول المتقدمة في هذا المجال نظرا للمزايا العديدة التي اصبحت توفرها التقنية لتسيير عمل هذه الاسواق من حيث اختصار الوقت والجهد والسرعة في الانجاز، والسهولة في التعامل، حيث انعكس ذلك كله على غالبية المستثمرين بالمملكة وقد ساعد ذلك انتشار أكثر من "1200" فرع للبنوك في مختلف المناطق تقدم "400" فرع منها معلومات عن أسعار التداول أولاً بأول بالاضافة إلى أكثر من "350" فرعا تقدم خدمات ادخال أوامر الشراء والبيع آليا، وقد أدى ذلك إلى تقديم خدمات شراء وبيع الاسهم بكفاءة إلى مختلف المناطق وإلى مختلف المتعاملين دون استثناء أو تمييز.

لقد اثبتت التجربة العملية في مختلف دول العالم ان عملية مكننة التداول كانت مجدية وناجحة وقد قللت من المخاطر والأخطاء وحدت من عمليات التلاعب. كما أظهرت الأسواق اليكترونية انها اسرع وأكثر دقة وكفاءة في تنفيذ الصفقات وتسويتها ونقل ملكيتها بحيث انعكس ذلك كله على الفئات المختلفة للمستثمرين.

ونتيجة ذلك فقد أصبح سوق الأسهم السعودي أول سوق اليكتروني في منطقة الشرق الأوسط وأصبحت عملية تنفيذ الصفقة تتم في لحظات، كما اصبحت التسويات تتم في نفس اليوم.

واستكمالا للتحسينات والتطويرات التي تم ادخالها على سوق الأسهم في المملكة خلال السنوات السابقة والتي تمثلت في تطوير نظام تداول الأسهم السعودية الإليكتروني الذي حقق نجاحا متميزا من حيث سرعة وكفاءة عمليات التداول والتسويات والتقاص وتسجيل الملكية، فقد واصلت الجهات الاشرافية المختصة بالمملكة في ادخال مزيد من التحسينات والتنظيمات عليه بهدف تدعيم سوق رأس المال وتنظيمه واستكمال البنية التحتية والتنظيمية له ليواكب الاسواق المالية الدولية المتطورة.

وفي هذا المجال تم اتخاذ العديد من الخطوات والاجراءات التحسينية الهامة لتدعيم سوق رأس المال وزيادة شفافيته وكفاءته، ومن بين أهم هذه الاجراءات والتحسينات ما يلي:

- الانتهاء من دراسة هيكل سوق رأس المال بالمملكة بالتعاون من البنك الدولي وقد تم التوصل إلى مقترحات وتوصيات تتعلق بالهيكل التنظيمي والاشرافي للسوق ووضع الإطار العام للقواعد والأنظمة التشريعية المتعلقة بالسوق من أجل اقرارها وتطبيقها.

- اقرار وتطبيق مبادىء وتعليمات الافصاح والتي توضح ضوابط تداول رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة والمديرين التنفيذيين فيها والتصريح عن المعلومات والاحداث والتغيرات الهامة التي من شأنها التأثير على سعر سهم الشركة. اضافة للضوابط المتعلقة بتداول المستثمرين والوسطاء، ومنع استغلال المعلومات الداخلية وذلك بهدف توفير الحماية للمستثمرين وتوفير الشفافية وسلامة وعدالة التعامل لكافة المتعاملين دون تمييز.

- تجزئة القيمة الاسمية لأسهم الشركات المساهمة من "100" ريال سعودي إلى "50" ريالا سعوديا. وقد كان الهدف من تطبيق هذا الاجراء هو زيادة سيولة وكفاءة وعمق السوق نتيجة زيادة عدد المعروض من الأسهم وتوحيد القيم الاسمية لأسهم جميع الشركات المساهمة، وقد حقق هذا الإجراء نتائج جيدة وملموسة انعكست على السوق وعلى حجم التداول فيه.

إقرار وتطبيق شروط ومتطلبات إدراج اسهم الشركات المساهمة في النظام الآلي لتداول الاسهم السعودية وذلك بهدف زيادة شفافية السوق وتوفير معلومات هامة ومنتظمة عن الشركات المساهمة للمستثمرين من اجل تشجيع وحث هؤلاء المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بناء على معلومات منشورة وواضحة وفي أوقات محددة.

- تطبيق الضوابط المتعلقة بالسماح لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي بتملك وتداول الاسهم السعودية. حيث قامت المملكة بوضع الضوابط التي تسمح لمواطني دول الخليج بتداول الاسهم السعودية من خلال البنوك المحلية وذلك تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء السعودي القاضي بالموافقة على تطبيق قرار المجلس الاعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن القواعد الموحدة لتملك مواطني دول المجلس لاسهم الشركات المساهمة بالدول الاعضاء وتداولها وقد تم تعميم هذه الضوابط على البنوك السعودية المحلية للشروع في تطبيقها.

- صدور ضوابط تحويل الشركات الى شركات مساهمة. فقد اصدر معالي وزير التجارة ضوابط تنظم تحويل الشركات الى شركات مساهمة وبين هذا القرار الإجراءات العملية لهذا التحويل وذلك نظراً لاهمية تحويل الشركات والمكانة التي اصبحت تحتلها في تعزيز قدرات الاقتصاد الوطني وخاصة في المرحلة القادمة التي ستشهد فيها الاسواق مزيداً من التحديات والمنافسة، لذلك فإن وضع ضوابط لهذا التحويل من شأنه ضمان حقوق المساهمين وتشجيع الشركات للتحول إلى شركات مساهمة تؤهلها لقدرات أكبر وتمكنها من التوسع والنمو وتعبئة رؤوس الأموال.

- تعديل انظمة وإجراءات صناديق الاستثمار بالاسهم المحلية بما يتلائم مع تطور سوق الاسهم وزيادة أحجام التداول فيه، واعطاء مزيد من المرونة لإدارات صناديق الاستثمار بالاسهم المحلية لزيادة وتنويع استثماراتها، وتطوير الخدمات التي تقدمها البنوك في مجال الاسهم، وتشجيع الاستثمار المؤسسي.

- إلزام الشركات المساهمة بنشر التقرير المالي للربع الرابع من السنة المالية اسوة بالتقارير المالية الربعية الأخرى، وتعرض الشركات التي لا تلتزم بهذا النشر إلى تعليق التداول بأسهمها وذلك بهدف توفير معلومات صحيحة ومستمرة عن الشركات المساهمة على مدار العام ليطلع عليها المستثمرون بشكل متواصل.

- السماح للاجانب بالاستثمار في سوق الاسهم السعودية من خلال قيام أحد البنوك المحلية بانشاء صندوق استثماري مغلق مخصص للاستثمار في سوق الاسهم السعودية يتيح للاجانب تملك وحدات فيه، وقد تم إدراج هذا الصندوق في بورصة لندن، ويهدف هذا الإجراء إلى فتح السوق بشكل تدريجي لاستقطاب الاستثمار الاجنبي وتعريف المستثمر الاجنبي بالبيئة والفرص الاقتصادية المتاحة في المملكة.

- إدراج سوق الاسهم السعودي ضمن مؤشر الاسواق الناشئة التي تشرف عليه مؤسسة التمويل الدولية (IFC). ويعتبر انضمام المملكة إلى مؤشر مؤسسة التمويل الدولية اعترافا بأهمية سوق الاسهم السعودية ومكانته ولا سيما ان هذا السوق احتل مركزا متقدما ضمن قائمة الاسواق الناشئة المدرجة في قاعدة بيانات المؤسسة من خلال عدة مؤشرات أهمها القيمة السوقية، والمعدل اليومي لقيمة الاسهم المتداولة، اضافة إلى مؤشر نسبة السعر إلى الربح السنوي (PE/R).

- نشر أسعار ومعلومات الاسهم السعودية من خلال نظام (ESIS WEB) إلى المستثمرين عن طريق البنوك المحلية، بحيث أصبح بإمكان المستثمرين الحصول على مثل هذه الخدمة والاشتراك بها مقابل رسم شهري للاطلاع على أسعار الأسهم السعودية والاخبار المعلنة والمنشورة عن الشركات ومتابعة هذه الاسعار والمعلومات من اجل زيادة شفافية السوق وضمان سلامة التعامل لكافة المستثمرين في مختلف مناطق المملكة.

- تعديل وحدة التغير في السعر إلى أجزاء الريال بحيث أصبح يتم التداول بالريال ومضاعفاته واجزاء الريال ( 25هللة، 50هللة، 75هللة).

- تحديث بث مؤشر أسعار الاسهم السعودية ليصبح آنيا بحيث يتغير هذا المؤشر آلياً بعد تنفيذ كل صفقة في النظام الآلي. كما تم تعديل سنة الاساس له ليصبح (1000) نقطة بدلاً من (100) نقطة.

نظام "تداول"

دشن نظام "تداول" في سوق الاسهم السعودية وبدا العمل به تداول اعتباراً من السادس من اكتوبر 2001م ومن أهم ما يتميز به النظام: التحول من إشعارات الملكية إلى الحسابات الإلكترونية للاسهم، التسوية الآنية ونقل الملكية مباشرة عند التنفيذ، توفير معلومات السوق والشركات عبر موقع تداول على شبكة "انترنت"، الربط المباشر لانظمة البنوك مما اتاح للبنوك تقديم خدمات متقدمة مثل التداول عبر شبكة "انترنت"، وإضافة أنواع وأوامر جديدة مماثلة للاسواق العالمية، واثبت نظام تداول نجاحه منذ التطبيق بشهادة الارقام القياسية لمعدلات الزيادة في حجم ومبالغ التداول.

صحيفة الرياض السعودية