قررت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة في ظلّ الاضطراب المالي العالمي إدخال تدابير وقائية لتعزيز الثقة في النظام المصرفي ومعالجة القيود الأخيرة المفروضة على السيولة. منها :
ضمان الحكومة للودائع المصرفية: تماشياً مع الجهود العالمية المبذولة لإعادة الثقة إلى النظام المالي العالمي، أعلنت الحكومة في شهر أكتوبر الماضي أنّها سوف تضمن الودائع في المصارف المحلية والأجنبية العاملة في البلاد لمدة ثلاث سنوات. ووفقاً للتقارير الصحفية ، فإنّ مسألة الضمان هذه ستشمل عمليات الإقراض بين المصارف العاملة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة . بالإضافة إلى ذلك ، أعلنت الحكومة أنّ وزارة المالية ستقوم بضخ مبلغ إضافي قدره 19 مليار دولار في القطاع المصرفي المحلي للتشجيع على الإقراض. تأتي هذه الخطوات في أعقاب إنشاء تسهيلات قروض طارئة من قبل البنك المركزي في بداية أكتوبر الماضي بقيمة 13.6 مليار دولار، واتخاذ تدابير جديدة لتسهيل الحصول على تمويل من البنك المركزي.
التشدد في السيولة المحلية: على الرغم من أن القلق يتمحور حول ارتفاع معدل القروض إلى الودائع . في وقت انعكس فيه اتجاه تدفقات "الأموال الساخنة" إلى أسواق الائتمان . لذا تشكّل هذه النقطة عاملاً مهماً حيث أنّ المصارف زادته قروضها مقابل الودائع ، في حين إن الحد الأقصى المحدد من قبل البنك المركزي لنسبة القروض إلى الودائع هو 100 بالمائة . و في ظلّ هذه الظروف، باتت عمليّة مواصلة المصارف تقديم الائتمان محدودة ، في حين أنّ الطلب على الأموال لا يزال قوياً.
الإجراءات الحكومية الداعمة: إنّ الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات سوف تساعد على التخفيف من قيود البنك وعلى دعم نمو الائتمان المحلي وبصفة خاصة، فإنّ إيداع الحكومة لمبالغ كبيرة في المصارف المحلية سيساعد على تعويض عمليات السحب الأخيرة لكميات من "الأموال الساخنة" التي تدفقت أصلا مراهنة على رفع سعر الصرف. وفي ظلّ غياب الإحصاءات الرسمية حول هذه التدفقات، يقدرّ أن تكون قيمة الودائع الأجنبية 57 مليار دولار.
كما ينبغي أن يعزز غطاء دعم الحكومة للمصارف الثقة في القطاع المالي في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تظهر بوادر تخفيف القيود عن السيولة. من جهتها، وضعت أسعار الفائدة بين المصارف حداً لارتفاعها بالإضافة إلى ذلك لا يزال القلق قائم حول تباطؤ القطاع العقاري، وتأثر إمارة دبي من خلال الشركات التي تمتلكها الدولة. وقد قدرت شركة موديز مؤخراً أن تصل خصوم الحكومة إلى 47.6 مليار دولار، أي ما يعادل 103 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لدبي. وتشير الدلائل إلى أنّ المؤسسات التي تملكها الحكومة ستواجه صعوبةً في الحصول على التمويل للمشاريع الكبرى وتمديد فترة القروض المُستحقّة في عام 2009، وذلك نظراً لشدّة الاضطرابات التي تفتك بالأسواق المالية العالمية. وتنعكس هذه الاهتمامات في ارتفاع تكلفة التأمين ضد العجز عن سداد قروض الائتمان للمؤسسات التي تملكها إمارة دبي، والتي تظهر انتشاراً ملحوظا لمعدلات سوق مقايضة العجز عن سداد قروض الائتمان السيادية في أبو ظبي .
ولكن سوف تبقى أسواق الأسهم في حالة صعبة، في وقت سجّلت مؤشرات أبو ظبي ودبي تراجع كبير يشير هذا التراجع إلى إمكانيّة تعرّض المصارف الحائزة على استثمارات في الأسهم إلى خسائر تجاريّة، مما يزيد من حدّة التوتر على صعيد القطاع. وعلى الرغم من الدعم الحكومي، من المحتمل أن تتسبب القيود على السيولة، والقلق الدائر حول قيمة الأصول من صعوبة وضع المصارف في العام 2009. وتشير هذه التطورات إلى احتمال تدخّل السلطات في ظلّ تردي الأوضاع إلى درجة مفرطة، ومساعدة المصارف على تلبية عمليات التمويل المحلية.